عرض مشاركة واحدة
قديم 01-16-2016, 07:41 PM
المشاركة 52
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
قمرٌ مقدسي يشرق في غابات الزيتون

شعر : عبد الرحمن فرحانه

صلاح أبو قينص قمر مقدسي بلغ الـ(27) عاماً سقط شهيداً في انتفاضة الأقصى ولم يمض على زواجه سوى 40 يوماً ، ليلة استشهاده قام الليل ودعا ربه أن يرزقه الصبر على ملاقاة الأعداء وأن يمنحه الشهادة ، حمل سلاحه الرشاش عيار 500 وودّع أصحابه وأعطى ساعة يده ومحفظته لزميله وأوصاه أن يوصلها لأهله إن هو استشهد . تقول والدته : (صلاح كان بطل في الانتفاضة وطارد اليهود لسنوات طويلة والحمد لله أنه مات واقفا مدافعا عن وطنه ولم يمت متخاذلا متفرجا على أطفال شعبه وهم يتساقطون برصاص الاحتلال .. ) ويقول والده : (لقد أتى إلينا لزيارتنا لمدة ساعة واحدة قبل يوم استشهاده ليودعنا ويسلم علي وعلى إخوانه ليذهب الى ساحة المعركة مفترق الشهداء ليحقق أمنيته هناك) . أمّا عروسه (أسماء) التي لم تختف آثار الحناء عن كفيها بعد فتقول (قبل أن يترك البيت وضع في يدي رسالة وطلب مني أن أسامحه ووعدني أنه سيأتي في اليوم التالي لزيارتي والاطمئنان عني ولكني عندما فتحت الرسالة وقرأت ما فيها من كلمات وداع علمتُ أنه سيذهب ولن يعود لأنه باع نفسه لله ولن أراه إلا مخضبا بدمه بدل حناء زفافه ، وأيقنت أنه سيقاوم حتى يستشهد وفعلا في اليوم التالي وبنفس الموعد أوتي كما أراد ) وتضيف قائلة : (كنت عروسا لصلاح ولكني الآن زوجة الشهيد صلاح ويكفيني فخرا أني زوجه)

وهذه القصيدة كلمات على لسانها :

أحجار الصوّانِ

وخيوط (الطرحةِ) والكفنِ

أشياءُ تحكي عن قدري

لن أبكي عينيك الباسمتين

لن ترحل عن ذاكرتي

وستبقى مثل الحرف على شفتي

تنساب حنيناً في لغتي

لن أنسى كيف امتزجتْ ..

حناء العُرسْ ..

ودماؤك في عطري

من جرحك تولد أمجادي

تَتكدّس أحلامي

كي ترسم خارطة الوطنِ

قمرٌ كنتْ ..

أشْرقتَ بغاب الزيتونِ

فتوهّجَ شوق الأرض لأجدادي

لسروجٍ تعرفها خيل الفتحِ

لعزائم ترقى سفح الحلمْ

وزنوداً تكسر قيد الضيمْ

وشفاه تتلو آيَ القرآنِ

لا .. لن أبكيكْ

وسيبقى ملح دموعي

ليطهّر أدران الجرحِ

ويهزّ تلابيب الخوف العربي

من يزرع فيكم جذر الصمت

من يسكب ثلجاً قطبياً ..

فوق الغضب المخزومي

لا .. لن أبكيكْ

لن ترهبني

ألوانٌ في الكفنِ

سأظلّ عروساً حتى الموتْ

وقلائد خطبتنا

ستحدّث سمع مشائخنا

وسترسم خارطة الجرحِ

في كلّ وجوه المنبطحينْ

في حضن القيصر .. والعفنِ

قدري كنتْ ..

كالسكر يسكن أحشاء البرقوقِ

كسنابل خضراء ..

تشكو حدّ المنجلْ

مثل الزيتزنة في الطورِ

كالموج يقاتل صمت الشطآنِ

لا .. لن أبكيكْ

فالطرحة والكفن

شيئان هما قدري

وهما مجدي

شرفي

أصوات النبض بشرياني

وخيوط الطرحة لا تغريني

ودماؤك .. لا

لن ترهبني

وسأحشو باروداً ..

في مكحلتي

أمّا عطري

عبق المسك من الجرحِ

في جرحك خارطتي أكبر

من غزة حتى أسوار الصينِ

من أمواج المتوسط في يافا

حتى محراب السجدةِ ..

في صحراء خراسانِ

في جرحك أحلامي تكبرْ

وتعاند في كِبْرٍ ..

وجع الحزنِ

وأصابع أطفال الأقصى

ستظل تعانق أحجار القدسِ

كي ترجمهم ..

حجراً .. حجراً

قرداً .. قرداً .. حتى القبرِ

لا .. لن أنساكْ

يا زهرة أحلامي

منقوشُ اسمك في قلبي

بين الجدران ونبض الشّريانِ

يتردّد في زغرودة أمّي

مكتوبٌ في دفتر أحزاني

بحروفٍ من نورِ

لا .. لن أنساكْ

سأخبّأُ حقدي في مشطي

في ليل جدائل شعري

سيظل حنيني يسكنني

يتخلّلني

كمساماتٍ في جلدي

وَكَلوْنِ عُيوني

إنْ جفَّ الجرحْ

وتآكل عن كفي ..

لون الحنّاءِ

فستبقى نقشاً في كبدي

وشهيداً يسرح في الخلدِ