عرض مشاركة واحدة
قديم 11-15-2011, 07:30 PM
المشاركة 7
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أهلا بالإخوة ,
وأهلا بالأخت الفضلي سارة الودعانى ..
التى عودتنا دوما على الأسئلة والقضايا الجادة ..
والواقع أنه موضوع حوار الأديان , أو ما يسمى بهذا الاسم , كان واضحا جليا فيما أعتقد على نحو ما بينه العلماء فى حينه ..
ولكن من بعض التعليقات على الموضوع اكتشفت أن هناك خلطا كبيرا يخص هذه المؤامرة الغربية ..

حوار الأديان أيها السادة بدعة ابتدعتها الإدارة الأمريكية والإسرائيلية بعد أن تزايدت حدة انتقاد عنصرية إدارة بوش تجاه المسلمين وبعهد ثبوت حقيقة مؤامرة 11 سبتمبر والحرب الصليبية التى تم شنها بسببها فى مزاعم الحرب على الإرهاب ,
ومؤتمرات حوار الأديان لمن لا يعلم كانت هى الجبهة الفكرية لهذه الحرب ,
فكما أن الحرب على المسلمين اتخذت طابع القتال الساخن , كان لابد لها من أن تتخذ الطابع الفكرى لتحقيق كافة أهدافها وأولها زيادة تغريب المسلمين عن الإسلام .
ولهذا فمن ساند وشجع تلك الدعوة وحضر مؤتمراتها كانوا هم علماء الدين الرسميون ( عملاء الأنظمة الديكتاتورية فى الوطن العربي ) واستجاب هؤلاء العلماء لضغط حكوماتهم وساندت تلك الحكومات حرب الولايات المتحدة الفكرية على الدين الإسلامى مثلما ساندوا من قبل حربها الساخنة ضد بلاد المسلمين فى العراق وفلسطين وأفغانستان وغيرها ..
وهدف هذه الحرب الفكرية هدف بسيط وواضح هو تغريب المسلمين عن الإسلام ودفعهم دفعا لمزيد من التخلى عن الدين الإسلامى واعتباره من كماليات الحياة وأنه لا يمثل عائقا أو سببا للإختلاف !
ولأن الغرب يغرق فى أديانه وملله المحرفة , وعنده استعداد دائم للتخلى عن أى شيئ بها لتحقيق نصر مرحلى فقد رحبوا بهذه الدعوة على أمل أن يتنازل المسلمون عن ثوابتهم الدينية ويستجيبون لدعوات الغرب فى حذف وإبطال آيات القرآن الكريم التى تحض على كراهية النصاري واليهود المحاربين للإسلام , والقبول بإسرائيل ضمن مجتمع الشرق الأوسط الجديد , وإنهاء التعليم الدينى فى مصر والجزيرة واليمن وغلق جامعاته , والإكتفاء بدراسة العلوم الإنسانية باعتبارها هى مفتاح التقارب !
وكل هذه المؤامرات أيها السادة مصداقا لقول الله عز وجل
[وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ] {البقرة:120}

وهذا الأمر هو الذى طلبته الحكومة الأمريكية صراحة فى عهد بوش الإبن من حكومات الدول العربية وبشكل رسمى معلن وموثق ,
واستجابت الحكومات العربية ـ وهو أمر متوقع ـ لهذه الضغوط ونفذت بعضها بالفعل فتم حذف معظم المناهج الدينية فى عهد مبارك بمصر وبحضور مباركة شيخ الأزهر السابق محمد طنطاوى والمفتى الحالى ـ مفتى مبارك على جمعه ـ وبإشراف وزير التعليم فى حكومة ما قبل الثورة أحمد زكى بدر ,
وتم استبدال منهج التربية الدينية بمنهج مدنى باسم مادة الأخلاق !
وعلى نفس النهج سارت بقية الدول العربية تحت زعم محاربة فكر التطرف والمقصود به فكر الإسلام والسنة ,
وفى الأزهر أشرف طنطاوى على إنهاء الدراسة بالطريقة الأزهرية القديمة القائمة على دراسة المذاهب من كتبها الأصلية والأصولية ـ وهو الأمر الذى أعادته الثورة من جديد ـ وتم استبدال المواد الفقهية الثقيلة الغنية بالمعارف الإسلامية بمواد أخرى مبسطة تبسيطا شديد الإختلال !
هذا بخلاف اعتبار مواد الدين الإسلامى مواد غير معتبرة بالمجموع الدراسي للطالب إلى غير ذلك من سياسات الإحتلال البريطانى فى القرن الماضي والسياسة الأمريكية فى احتلالها العصري الجديد بقواتها لبلاد الإسلام والمسلمين , والهدف كله يدور بوجه كاذب زائف باسم حوار الأديان والقصد أن يتساوى الإسلام بغيره من الملل الزائغة واعتبار الجميع أديان متفقة فى القيمة والإعتبار !!
وهو الأمر الذى يكرس تلك النظرة فى عيون الطلبة الصغار والشباب الغرير الذى سيخرج عما قريب لا يعرف نواقض الوضوء فضلا على عدم معرفته بالفارق بين شهادة التوحيد وبين ملل اليهود والنصاري التى لا تمت لليهودية والمسيحية بصلة من أى نوع بعد أن حرفها الأحبار والرهبان عبر القرون ,
ولهذا ..
فلفظ حوار الأديان نفسه لا يجوز بأى حال , لأن هناك دين واحد فقط يستحق مسمى الدين وهو الإسلام والباقي مخترعات ما أنزل الله بها نبيا ولا رسولا
هذا هو الأمر باختصار ..

ونأتى الآن للإجابة على أسئلة الأخت سارة الودعانى من خلال تعليق الأستاذ الفاضل محمد عبد الرازق عمران وهو التعليق الذى احتوى فى اجاباته على عدم معرفة بأبعاد الموضوع فضلا على خلط شديد بينه وبين مسميات أخرى على نحو ما سنرى ..
وأرجو أن يعذرنى أستاذ محمد على ذلك ولكن التعقيب على كلامه ضرورى ومهم فى هذا الموضوع الحساس .. لما له من أبعاد خطيرة للغاية على ثقافتنا ...

تقول أخى الفاضل :
ما أعرفه هو أن ( حوار الأديان ) يقصد به وعلى وجه التقريب ( علم الأديان المقارن ) .. وهو علم يستهدف توضيح أوجه الإختلاف والإتفاق بين الديانات المختلفة لتبيان مدى تكاملها وبشكل خاص تلك التي نحن مأمورون بالإيمان والتصديق بها ( اليهودية / المسيحية / الإسلام )


وهذا خلط شديد من عدة أوجه ..
الأول : أن علم مقارنة الأديان هو أحد فروع علم أصول الفقه , أى أنه مجال علمى بحت معروف منذ أسس الإمام الشافعى رحمه الله علم أصول الفقه , ويختص بالمقارنة بين معالجة الإسلام وشريعته لأمور العقيدة والفقه وبين تشريع من سبقنا , أما حوار الأديان فهذا مصطلح سياسي بحت شرحنا أبعاده فيما سبق ,
الثانى : أن علم مقارنة الأديان ليس هدفه بيان التكامل بين الأديان المختلفة , وليس هذا مقبولا فى الإسلام من أى وجه لأن الدين عند الله واحد لا يتكامل مع شريعة دون شريعة وهو قائم على عقيدة التوحيد , أما الشرائع فتختلف حسب اختلاف الأمم والرسالات ..
أما لفظ دين فلا يجوز أن نصف به ملل اليهود والنصاري ولا أى ملة أخرى بعد نزول الإسلام
لأن لفظ دين اقتصر بعد نزول الإسلام على دين الإسلام وحده فقط لا غير بقول الله عز وجل ..
[وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ] {آل عمران:85}
وكل ما عدا الإسلام من الرسالات السابقة تم نسخها وتحولت إلى ملل وطوائف لا تمت للمسيحية واليهودية بصلة من أى نوع , فلفظ دين مقصور حصرا على الإسلام منذ نزوله وهو ما أكدناه فى أكثر من موضع سابق عندما رددت على د. نبيل فاروق وبينت كيف أن أنبياء الرسالات السابقة أنفسهم لو كانوا على قيد الحياة لاتبعوا محمدا عليه الصلاة والسلام ولنسخت شرائعهم كلها بشريعة الإسلام , هذا فرضا أن شريعة الملل السابقة لا تزال موجودة وهى غير موجودة قطعا لأن اليهود والنصاري الموجودين حاليا لا علاقة لهم بموسي وعيسي بل هم يعبدون ما أتى به رهبانهم وأحبارهم
الثالث : أنك تضع مسألة الإيمان بالرسالات السابقة فى غير موضعها ,
فالإيمان بموسي وعيسي عليهم السلام ليس معناه الإيمان بوجود يهود ونصاري يتبعونهم فى هذا العصر فهؤلاء على دين محرف ولو أخذنا بقولك لكان معنى هذا أن لفظ حوار الأديان يجوز استخدامه ويجوز لنا أن نتحاور مع اليهود والنصاري الحاليين باعتبارهم أصحاب رسالة سماوية صحيحة وليست محرفة , وهذه كارثة طبعا ..
فنحن المسلمين وحدنا أولى الناس بموسي وعيسي ومحمد عليهم السلام وبسائر أنبيائه ورسله الذين كفر بهم قومهم وآمن بهم المسلمون وهم من سيأتون شهودا على هؤلاء الأقوام فى مواجهة رسلهم عندما ينكر أقوام الأنبياء أن الرسل بلغوا الرسالة , فيستشهد الأنبياء جميعا بأمة محمد عليه الصلاة والسلام فيشهدون لهم .. وهذا مصداقا لقوله تعالى
[وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ] {البقرة:143}

* الأديان لا تنحرف عن مسارها .. وإنما هي تتكامل فيما بينها .. وربما التي تنحرف عن المسار هي المذاهب والملل الأخرى الغير معنية بتصديقنا وإيماننا كأديان سماوية منزّلة .


نعم الأديان لا تنحرف ولكن ليس معنى هذا أنها بقيت على حالها , بل بدلها قومها وحرفوها .. فلم تصبح هى الرسالات التى أرسلها الله عز وجل
ومن ثم ..
عرفنا ما هى طبيعة موضوع ومؤامرة حوار الأديان وأهدافها وكيف أنها لفظ حديث ضمن سلسلة الألفاظ البراقة التى تستخدم لخداع العالم الإسلامى مثل الليبرالية والحوار مع الآخر والتكامل , ومن الغريب ألا ينتبه مثقفونا إلى أن مطلقي هذه الدعوات أنفسهم هم اول من حمل ناصية الإرهاب والحرب المسلحة ورفضوا الحوار ..

وقد انتهى الحوار حول الدين الحق بالمباهلة التى باهل فيها النبي عليه الصلاة والسلام نصاري نجران فرفضوها وهربوا من الحق ..
والحوار الوحيد المسموح به الآن مع أهل الملل الأخرى هو الحوار من أجل دعوتهم للإسلام وبيان فساد عقيدتهم المحرفة , أما دعوتهم للتكامل ما بين الأديان فمعناها ببساطة أن يحذف ويتنازل كل طرف عن بعض معتقداته تجاه المعتقد الآخر ..
والغرب هانت عليه عقيدته منذ زمن وباعها تكسبا بالمصالح ,
فكما جاء بولس وحرف النصرانية وقال بأن المسيح إله حتى يقنع قيصر روما باتباع المسيحية , لأن القيصر رفض أن يتبع بشريا , جاء البابا السابق وأصدر صك غفران لتبرئة اليهود من صلب عيسي , وهى العقيدة التى تعتبر من أساسيات النصارى وتنازل عنها البابا فى سبيل التقارب مع اليهود
فهل منكم يا معشر المسلمين من عنده استعداد لإبطال العمل بآيات القرآن التى تحض على محاربة اليهود والنصاري من أهل الحرب على الإسلام ؟!
نترك الإجابة لقلوبكم قبل عقولكم ..
واتقوا الله فى أنفسكم وفيما تكتبون .. لا سيما وقد رأينا مدى ضحالة مستوى الثقافة الدينية الضرورية عند بعض المثقفين مثل بلال فضل ونبيل فاروق فوجدناهم يجادلون فيما أثبته القرآن من كفر اليهود والنصاري
وهو الأمر الذى ما تخيلنا أنفسنا نحتاج لمناقشته وإثباته بعد أربعة عشر قرنا من نزول الوحى واكتماله على النبي عليه الصلاة والسلام