4) و هل تحتاجين إلى كل هذا كي تقابليني و أحتاج كل هذا الوقت كي أنتظر قدومك ؟ باغت هذا السؤال أذن مادلين و هي تهم بفتح باب غرفة الأستاذ ماهر حسين و في رد فعل متوتر التفتت بسرعة لمصدر الصوت و كادت أن تسقط على صدره لولا أنها تذكرت العاملين الذين يتابعون الموقف بانتباه شديد كمتابعتهم أحداث مباراة مهمة و حامية الوطيس فوكزها ماهر بصورة غير ملحوظة بفحوى معناه أن امسكي أعصابك قليلا سندلف للداخل حالا و مد يده من خلف ظهرها و أدار رتاج الباب و غمز لها بعينه فانسحبت بهدوء إلى الداخل و عين ماهر تدور في المكان كله و لكنها كانت تزيد في التركيز على ليلى و كأنه قد عرف ما يجول بخاطرها من معارك . أغلق الباب من خلفه بعدما دخول قدمه مباشرة و كأنه ينتظر اللقاء منذ فترة و مع إغلاق الباب بدأ حوار من نوع آخر حوار ساخن جدا و لكن ليس في الغرفة . لقد كان الحوار هناك .. هناك .. في عقل ليلى . بمجرد أن أغلق ماهر الباب ارتمت ليلى على الكرسي الموجود خلفها و كان لهذا السقوط صوت عالي أدى إلى التفات الجميع تجاهها و مما دفع عم علي جريا ناحيتها مرددا في صوت مسموع .. اسم الله عليكي يا ست ليلى خير خير في ايه ؟؟؟؟ ردت عليه ليلى مبتسمه و هي تعدل من هيأتها .. لا شيء يا عم على الحقني بكوب لمون بارد فالجو حار جدا و أريد أن أهدأ و أروي عطشي بشدة . بالفعل كانت ليلى في حالة فوران عقل تتعارك مع الأسئلة التي تتقافز أمامها كالجندي في الساحة و الذي يأبى أن تصل إليه ضربة سيف واحده و هي تجري لاهثة خلفه حتى تنال منه . تعجب عم علي من طلبها حتى أنه غمم قائلا : لمون ؟؟؟ انتي متأكده يا ست ليلى .. متأكده أجيب لك لمون ؟؟؟ قالت له : نعم و لم العجب أريد كوب من اللمون .. فاستدار الرجل و هو يسأل نفسه و يضرب كفا بكف من طلبها و كأنها قد طلبت شيء غير متواجد في الدنيا . استعادت ليلى نفسها في سرعة و إن كانت عينها ما زالت متعلقة بالباب القريب الموصد أمامها و أذنها تريد أن تتنصل من مكانها و تجري مسرعة لتنصت إلى ما يدور هنا خلف هذا الباب الزجاجي الصغير .و لكن بمنتهى القوة و الشكيمة رمت كل ذلك في بواطن عقلها و التفتت إلى عملها و هي تردد .. و مالي مهتمة جدا بذلك !! هي امرأة جميلة بل شديدة الجمال و كل من هنا يهتم بها فأكيد هي ذات شأن كبير في الشركة و لها عمل مع ماهر . أكيد هي كذلك . !! رمت ليلى بهذه الإجابة لتقنع نفسها مؤقتا بما يحدث و بدأت في ترتيب أوراق العمل اليومي و إذا بملف موجود أمامها جعلها تقفز في سرعة و هي تقول : لم لم ألتفت له من البداية ؟؟؟ هذا هو المفتاح ؟ لا غيره و على عجل انسلت من خلف المكتب في هدوء شديد و هي تقصد وجهتها التي قررتها . اتخذت ليلى اتجاه مكتب الأستاذ سعيد ( صاحب الأسنان الصفراء ) مدير شئون العاملين و دخلت مكتبه في سرعة و هي مبتسمه بطريقة لافته للنظر قائلة : صباح الخير يا أستاذ سعيد . كيف حالك اليوم في هذا الجو الحار جدا فرد عليها الأستاذ سعيد و هو مشغول بالفحص لملف ما أمامه . صباح الخير يا ليلى أهلا بيكي اقتربي هل أعطلك عن عمل أستاذي ؟ قالتها و هي تقترب في هدوء لا أبدا أبدا فأنا كنت أهم بالبحث عنكِ لأني أريد منك بعض الأوراق . قالها و هو يرفع رأسه بعين فاحصة لها في هدوء نعم أعلم ذلك فهذا هو الملف الذي طلبته مني أمس و قد أتممت العمل به و جئت أقدمه لك لمراجعته . ووضعت الملف على المكتب . هنا وقف الأستاذ سعيد و نظر لليلى نظرة غير مفهومة و باغتها بسؤال لم تتوقعه بالمرة . اقترب الأستاذ سعيد من دولاب الملفات الخاص بالعاملين و أخرج ملف آخر و منه كانت هناك ورقة بارزة أخرجها و رماها لليلى و هو يسألها : ما طبيعة علاقتك بالأستاذ ماهر .؟؟ انفجر العرق من كل أجزاء وجه ليلى و سقط من جبينها كالمطر في يناير بسرعة كبيرة جدا و هي تتناول الورقة . كانت لا ترى الورقة و لا ما بها و لكن ما أربكها هو هذا السؤال . نعم هذا السؤال الغير متوقع بالمرة . رفعت ليلى رأسها للأستاذ سعيد في هدوء بابتسامه صفراء كما أسنانه و قالت له : هو رئيسي في العمل لا أكثر . فرد عليها سعيد في سرعة مزيدا : و جارك أيضا يا آنسة أليس كذلك ؟؟ ازداد ارتباك ليلى و ظهر في نبرة صوتها هذا الارتباك و هي ترد عليه : ماذا تقصد يا أستاذ من هذا ؟ قال لها بابتسامة تحمل في داخلها مكر الثعلي و خبث الذئب : لا شيء يا صغيرة لا شيء اقرأي قرار تعيينك و تعديله الذي تم الآن و جهزي نفسك لمكانك الجديد . و انفجر بضحكة و هو يردد . يا لها من دنيا تعطي بلا حدود . استدارت ليلى لتذهب لمكانها بعد هذه الظحكة و هذا الموقف و لكن الأستاذ سعيد ناداها و كأنه يفيقها آنسة ليلى .. آنسة ليلى .. قرار تعيينك يجب توقيعه الآن . خذيه و أتمي قراءته و وقعيه بالعلم و .... سكت الأستاذ سعيد لحظة و كأنها يلحق بكلمة كادت تغادر فمه عنوة و استدركها بكلمة أخرى حين قال لها . و أهلا بك في شركتنا . أهلا و سهلا و مرحبا . غادرت ليلى المكتب و خلفها الكثير من التساؤلات التي تلاحقها كملاحقة الأطفال لأمهاتها و كل الإجابات موجودة في هذه الورقة التي تحملها و لكنها غير قادرة على النظر فيها . و حين خروجها من المكتب قصدت اتجاه مكتبها فوجدت عم علي ينتظرها و في يده كوب اللمون . نعم كوب اللمون ( في وقته بالفعل ) و أسرعت الخطو تجاه عم علي و مدت يدها في سرعة إلى الكوب و رفعته في حركة أسرع لفمها و مع هذه الحركة بالظبط . ارتج المكان كله بلا استثناء نعم زلزال حدث في المكان زلزال قوي الدرجة . ضحكة مستهترة صدرت من خلف الباب الموصد ضحكة من ضحكات المرأة مادلين و زاد من شدة الضحكة ضحكة أكثر شدة من ماهر نعم من ماهر . انتهى الجزء الرابع .