عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2020, 09:48 AM
المشاركة 2530
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال

.... أَشْأَمُ مِنْ مَنْشِمَ ....


ويقال " أَشْأَمُ مِن عِطْرِ مَنْشَمَ "
وقد اختلف الرواة في لفظ هذا الاسم ، ومعناه ، وفي
اشتقاقه ، وفي سبب المثل .
فأما اختلاف لفظه فإنه يقال : مَنْشِم ، ومَنْشَم ، ومَشْأَم .
وأما اختلاف معناه فإن أبا عمرو بن العَلَاء زعم أن المَنْشِمَ
الشرُّ بعينه ، وزعم آخرون أنه شيء يكون في سُنْبُل
العطر ، يسميه العطارون قرون السنبل ، وهو سم ساعة ،
قالوا : وهو البيش ، وقال بعضهم : إن المنشم ثمرة سوداء
منتنة ، وزعم قوم أن منشم اسم امرأة .
وأما اختلاف اشتقاقه فقالوا : إن مَنْشِم اسمٌ موضوعٌ كسائر
الأسماء والأعلام ، وقال آخرون : مَنْشَم اسمٌ وفعلٌ جعلا
اسماً واحداً ، وكان الأصل مَنْ شَمَّ ، فحذفوا الميم الثانية من
شَمَّ ، وجعلوا الأولى حرف إعراب ، وقال آخرون : هو
من نشم إذا بدأ ، يقال " نشم في كذا " إذا أخذ فيه ، يقال
ذلك في الشر دون الخير ، وفي الحديث " لما نشم الناسُ في
عثمان " أي طعنوا فيه ؛ فأما مَنْ رواه مَشْأَم فإنه يجعله اسماً
مشتقاً من الشؤم .
وأما اختلاف سبب المثل فإنما هو في قول مَنْ زعم أن
مَنْشِم اسم امرأة ، وهو أن بعضَهم يقول : كانت مَنْشِم
عطارةً تبيع الطيب ، فكانوا إذا قَصَدُوا الحربَ غَمَسُوا
أيديَهم في طيبها وتحالفوا عليه بأن يستميتوا في تلك الحرب ،
ولا يُوَلُّوا أو يُقْتَلُوا ، فكانوا إذا دخلوا الحربَ بطيب تلك
المرأة يقول الناس : قد دَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمَ ، فلما كثر منهم
هذا القول سار مثلاً ، فممن تمثل به زهير بن أبي سلمى حيث
يقول :

تَدَارَكْتُمَا عَبْساً وذُبْيَانَ بَعْدَمَا
تَفَانَوْا ودَقُّوا بَينَهُمْ عِطْرَ مَنْشِمِ


وزعم بعضهم أن مَنْشِم كانت امرأة تبيع الحَنُوط ، وإنما سموا
حنوطها عطراً في قولهم " قد دَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمَ " لأنهم
أرادوا طيبَ الموتى ، وزعم الذين قالوا : إن اشتقاق هذا
الاسم إنما هو عطر مَنْ شَمَّ ، أنها كانت امرأة يقال لها "خفرة"
تبيع الطيب ، فورد بعضُ أحياء العرب عليها ، فأخذوا طيبها
وفَضَحُوها ، فلحقها قومُها ، ووضعوا السيفَ في أولئك وقالوا :
اقتلوا من شَمَّ ، أي من شَمَّ من طيبها ، وزعم آخرون أنه سار
هذا المثلُ في يوم حَلِيمة أعني قولهم " قد دَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمَ "
قالوا : ويومُ حليمة هو اليوم الذي سار به المثل فقيل " ما يَوْمُ
حَلِيمةَ بِسِرٍّ " لأن فيه كانت الحرب بين الحارث بن أبي شمر
ملك الشام ، وبين المنذر بن المنذر بن امرئ القيس ملك
العراق ، وإنما أضيف هذا اليوم إلى حليمة لأنها أخرجت إلى
المعركة مَرَاكِنَ من الطيب ، فكانت تُطَيِّبُ به الداخلين في
الحربِ ، فقاتلوا من أجل ذلك حتى تفانوا ، وزعم آخرون أن
منشم امرأة كان دخل بها زوجُها ، فنافرته ، فدقَّ أنفَهَا بِفِهْرٍ ،
فخرجت إلى أهلها مُدَمَّاة ، فقيل لها : بئس ما عَطَّرك به
زوجُك ، فذهبت مثلاً .
وقال ابن السكيت : العربُ تكني عن الحرب بثلاثة أشياء :
أحدها : عِطْرُ مَنْشِم ، والثاني : ثَوْبُ مُحَارب ، والثالث :
برد فاخر ، ثم حكى في تفسير عطر منشم قولَ الأصمعي ،
وقال في " ثَوْب محارب " إنه كان رجلاً من قيس عَيْلَان يتخذ
الدروع ، والدّرعُ ثوبُ الحربِ ، وكان مَنْ أراد أن يشهد حرباً
اشترى درعاً ، وأما " برد فاخر " فإنه كان رجلاً من تميم ،
وكان أول من لبس البرد المَوْشِيَّ فيهم ، وهو أيضاً كناية عن
الدرع ، فصار جميعُ ذلك كنايةً عن الحرب .