عرض مشاركة واحدة
قديم 01-22-2013, 01:37 PM
المشاركة 890
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ... سر الروعة في - (4 - الحرب في بر مصريوسف القعيد مصر- يوسف القعيد


-تمتاز الرواية بالأسلوب الرائع و لغة يوسف القعيد في سرد الأحداث
-كتب (يوسف القعيد) هذه الرواية بطريقة الراوي العليم...فكل فصل من فصول الرواية يرويه احد أبطال الرواية ففصل يرويه العمدة و آخر يرويه الغفير و ثالث يرويه (مصري) و.......هكذا.
-الرواية تنطق بالفقر و المعاناة و الظلم و الجبروت و استغلال النفوذ الذي يبرزه الكاتب بشدة بعد استشهاد (مصري) في حرب اكتوبر و انكشاف القصة كلها لدى المسئولين و كيف تم (التعتيم) على القضية بعد أن استغل العمدة سلطاته و نفوذه فهي تنتمي الى المدرسة الواقعية اذا.
- أتقن القعيد البناءالنفسي للشخصيات ، ويهتم بالتفاصيل إلى حد أن المتلقي يقتنع بمررات كل شخصية في الانحراف عن الصواب.
- كتب روايته بالأسلوب الساخر. وما يجعل النص ساخرا هي تلك التناقضات التي يلمحها المتلقي بين أقوال الشخصيات وأفعالها، والمفارقات التي تسم مسارها ، فالمتلقي يقرن بين وضعيات سردية تارة، ويربط بين أقوال الشخصيات وسياقاتها سواء النصية منها أو الخارجية تارة أخرى ، ليتخذ مسافة بين ما تقدمه الشخصية، وما ينوي الكاتب الضمني- باعتباره المسؤول عن اطروحة الرواية- إيصاله الى المتلقي . ويكون لاستراتيجية السرد في هذا النص دور كبير في إقصاء السخرية اللفضية وتثمين السخرية الموقفية.
- إن مايلفت النظر في رواية الحرب في بر مصر هو موت السارد، سواء كان سارد اعارفا بكل شيء ،وباسطا هيمنته وسيطرته على الشخصيات مستعملا ضمير الغائب الذي يزكي هذه الهيمنة، أم سارد ا بضمير المتكلم. لا تقدم الرواية بذلك من خلال" وعي سردي مركزي يعرف كل شيئ ويتحرك في كل الفضاءات، فلا وجود لعين شاملة " .

- تتبنى معظم الشخصيات استراتيجية تهدف إلى اتخاذ نبرة جادة اثناء الحكي، مما يوحي بأن كل ما ترويه الشخصية صحيح لا يقبل الشك ولا المزاح .وتنتفي بذلك نية إحداث الأثر الساخر التي هي أساس السخرية اللفظية.

- لقد عودتنا النصوص الواقعية على الاحتفاء بالوصف وخلق تنويعاته ، لكن رواية الحرب في بر مصر تشذ عن هذه القاعدة ،لأن ما يهم فيها ليس المظهر الخارجي للشخصيات والأشياء ، و إنما أقوالها وأفعالها وما تحققه من امتداد دلالي،ومن هنا ، يكون توظيف السخرية الموقفية أكثر درامية وتأثيرا من السخرية اللفظية.

- إن المقاطع التي تعتمد الوصف الكاريكاتوري قليلة جدا. إذ تركز الرواية على أقوال الشخصيات وأفعالها . وهي أفعال توحي على المستوى الظاهر بتيمات إيجابية تسم الشخصية.

- إن عدم تخصيص الشخصية باسم وصفات محددة ، يؤكد أن هدف الرواية ليس هجاء الأشخاص وإنما النماذج من خلال ما تأتيه من أقوال وأفعال مفارقة تفضح بشاعة الواقع وقبحه ، في عالم كرنفالي كل مافيه صار مقلوبا ، كما أن "النموذج على خلاف النسخة المفردة ، مطاطي وقابل لأن يستوعب ما يعود إلى آلاف الشخصيات ، كما يبدو ذلك في المعيش الواقعي.

- يبدو أن هناك علاقة جدلية بين السخرية كآلية واستراتيجية ،والنص الروائي وبنيته .

- إننا امام بناء يتقاطع وبناء الحكاية، حيث البطل يجابه دوما نقصا، يحاول إصلاحه ، كما انه يمر بحالات تدهور وتحسن، ويخوض تجارب وامتحانات لينتصر في النهاية .

- بناء على ذلك ، تستثمر السخرية الموقفية كآلية تحافظ على انسجام البعد الروائي.

- رواية " الحرب في بر مصر" نصا غير منته بتعبير ايكو ، لأنها لا تقول كل شيء، نصا مفتوحا على إمكانات سردية متعددة، ونصا متعدد الأصوات كما يرى باختين ، إذ تتيح السخرية الموقفية تبين صوت ووجهة نظر مغايرة ، صوت الكاتب الضمني الذي يدين ،ب ناء على هذه الاستراتيجية ، القيم الزائفة والمنحطة، والمؤسسات التي تحميها،مضمنا النص آليات مختلفة تسهم في استثمار تعدد صوتي .

- القراءة المتأنية للرواية تجعلنا نتبين أن الاسولب السهل الذي كتبت فيه الرواية مجرد خدعة ناتجة عن حنكة الكاتب ،وتمرسه بالكتابة والهم السياسي والثقافي لبلده" واستيعابه حركية المجتمع في نماذجه الاجتماعية والنفسية المتنوعة ،وتكثيفها في حالات مخصوصة تعيد صياغة المعيش ضمن عالم مخيالي يستمد عناصره من الصياغة لا من الوقائع الفعلية " وعبر الكاتب عن ذلك بتقنية عالية تبعده عن الخطابات الجاهزة وهي السخرية إذ مكنته من تصريف الوقائع الموصوفة وتحويلها الى حدث هو عصب البناء الروائي وهيكله .

- استطاع بواسطتها أن يرقى بالحدث الذي قد يبدو عاديا وعابرا في عالم صار يقتل كل القيم الجميلة ،ويسحق الضمائر الحرة ، إلى مستوى إبداعي ناقش من خلاله سياقا سوسيوثقافيا عرفته مصر، بل كان يستشرف المستقبل لأن الرواية ،وهي توظف السخرية، لم تسخر فقط بالقيم والنماذج، وإنما أيضا بالاختيارات السياسية واقترحت الحلول التي ربما في فترة سابقة كانت تبدو من المستحيلات ، نظرا لتربع سادة القرار في معبد السلطة. وهي حلول نستنتجها بشكل إيحائي انطلاقا من العنوان: الحرب في بر مصر " .