عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2013, 10:14 PM
المشاركة 3
أحمد الورّاق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
أستاذ أحمد الوراق
إطلالة جميلة و موضوع شيق فشكرا لك.
حصر الدين في الخلق هذا يحتاج إلي دليل_بارك الله فيك_ فقد ثبت في القرآن و السنة من اتصف بخلال و أخلاق غير محبوبة و لكنه من سادات الناس في الإسلام.
فلقد وجد من أوائل المسلمين من فرَّ يوم الزحف و من أفشى أسرارا حربية و من زنى و من سرق و من قذف المحصنات .... و مع هذا لم ينعتهم القرآن لا بالكفر و لا النفاق.
و لا يخفى على كريم اطلاعكم أن هناك أخلاق جبلية كالبخل و الجبن و حدة الطبع ،و .......... و هي أخلاق ذميمة
فهل يخرج بها المسلم من الديانة لأنها ولد بها، و هل يدخل الدين الكريم و الشجاع لأنه اتصف بالصفات الحميدة دون أن يسلك سبيل المؤمنين؟

أهلاً بك.. وشكراً لمشاركتك أخي الكريم..

ليست القضية قضية يدخل إلى الدين أو يخرج منه، فالدين ليس مبنى أحد يدخل وآخر يخرج، وليس الدين هوية وطنية أو قومية، وليست الحكاية أنه من وقع في سوء الخلق صار كافراً، فسوء الخلق من الذنوب، والذنوب ليس كلها لا تخرج عن الإسلام، ولا يوجد أحد كامل.

أنا أتكلم عن مفهوم كلمة الدين فأخبرني عن مفهومها في الكتاب والسنة، وقدم لي الأصل والدليل، ولا تقل أنه أفعال وأقوال معلومة في أوقات معلومة، فهذه تحتاج إلى تصنيف فصنفها.

وانظر ماذا قال القرآن عن الأمم السابقة فمنهم المطففين ومنهم الشاذين وقاطعي الطريق...الخ، وفي الحديث (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) وفي حديث آخر (سئل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يسرق المؤمن؟ قال نعم، هل يزني المؤمن؟ قال نعم، هل يكذب المؤمن؟ قال لا) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما بعثت لأتمم مكام الأخلاق) كل هذه نصوص، والله يقول: {اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} أي من لم يكن مع الصادقين فهو ليس مؤمناً، والصدق أبو الأخلاق، لكن قد يقع من المؤمن هفوات تدخل في قوله تعالى {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}، قد يكذب في السلوك ويندم لكن لا يكذب في النية والهدف العام وإلا كان منافقاً.

الأخلاق أساسية ولهدف عام، وهناك أخلاق إجرائية ، فالمؤمن لا يكون مؤمناً إلا أن يكون صادقاً بأهدافه العليا ومحباً للخير والفضيلة، لكنه قد يخطئ وقد ينسى وهذا من الأخلاق الإجرائية، قال تعالى {يوم تبلى السرائر} .

ثم إن صفات المؤمنين المذكورة في القرآن أخلاقية مع الخالق والمخلوقين، أنت تنظر إلى الأخلاق مع المخلوقين فقط، بينما الأخلاق تكون مع الخالق أيضاً، حينها تفهم أن الدين كله أخلاق، قال تعالى { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ ...} الخشوع أخلاق مع الله، التصدق هنا أخلاق مع الناس، وهكذا في بقية الأعمال الصالحة. وما أكثر آيات {الذين آمنوا وعملوا الصالحات} فالصالحات لا شك في أخلاقيتها، لا يوجد عمل صالح غير أخلاقي، وإذا كنت تدعي ذلك حينها يكون كلامك صحيحاً.

ثم لا يوجد أناس مولودون جبلة بسوء أخلاقهم ، أنت تتكلم بلا دليل، قال تعالى {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً} وقال: {من يعمل سوءاً يجز به} وقال: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن} إذا قلت أن سوء الأخلاق جبلة خرجت إلى الجبرية، والجبرية تنافي الامتحان، والله خلقنا ليمتحننا ولا يمتحننا بشئ لا نستطيعه، تستطيع أن تكون بخيلاً وتستطيع أن تكون كريماً، لا يوجد شيء اسمه أخلاق جبلية قال رسول الله: (أنا زعيم بيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) وهذا يفيد أن الخلق يمكن تحسينه لمن شاء أن يستقيم، ولو لم تكن الاستقامة ممكنة لما خيرنا الله فيها وجعلها تحت مشيئتنا.

هل ذكر القرآن الكافرين بدون أن يذكر فساد أخلاقهم مع الناس ومع الله؟ ألم يصفهم في حقه بالمكذبين؟ {وجحدوا بها...} فهل الجحود من الأخلاق الحسنة؟ ألم يصفهم بعدم الشكر؟ أليس عدم الشكر من الأخلاق السيئة؟ ألم يصفهم بالفجرة؟ وهل الفجور من الأخلاق الحسنة؟ ألم يصفهم بالتكبر والخيلاء؟ وهل هي من الأخلاق الحسنة؟ ألم يصفهم بالشرك؟ وهل يشرَك مع الله شيء من خلقه إلا ظلم؟ أليس الظلم من سوء الأخلاق؟ أليس ادعاء الغيب بلا علم من التكبر وسوء الأخلاق؟ هذه أخلاقهم مع الله جعلتهم كافرين وانظر أخلاقهم مع الناس: يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ويأكلون التراث أكلاً لماً ويمنعون الماعون ويعتدون ويظلمون ويطغون ويعيثون في الأرض فسادا ويمنعون الخير...الخ، أليست هذه أخلاق سيئة مع الناس؟

ثم أليس عكس سوء الأخلاق مع الله والناس يعني الشاكرين والمطيعين والموحدين والمتصدقين على الناس والعادلين مع الناس والذين يمشون على الأرض هوناً ولا يريدون علوا في الأرض ولا فساداً..؟

انتهى الإشكال.. هذا هو دينك دين أخلاق مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات، فحتى البيئة داخلة في الدين؛ لأن اله نهى عن الإفساد بالأرض وأمر بالإصلاح.
هذه أدلتي من القرآن وما أكثرها، فأين أدلتك على أن الإسلام ليس دين أخلاق؟ ولا تنس إذا قلت أن الإسلام ليس دين أخلاق ينصرف الذهن إلى ضده، فهل يرضيك وصف الدين بهذا ويجعلك معجباً بدينك؟ طبعاً لا، إذن أرجو أن تغير فهمك عن الإسلام إلى المفهوم الذي ينز به القرآن ويطفح به وليس إلى كلامي، وهذا هو الأحسن والأجمل ولأجله صرنا مسلمين لا لأجل الفخر ولا التسلط على الناس.

ثم إن المسألة ليست مسألة مصطلحات، فمصطلح "أخلاق" لم يتكرس إلا حديثاً كصفة جامعة للسلوك، المهم هو المفهوم والمضمون. كلمة خلق مثل كلمة جبلة أو صفة أو عادة أو طبع، فتستطيع أن تقول جبلة حسنة وجبلة سيئة ، وتستطيع أن تقول عادة حسنة وعادة سيئة أو طبع حسن وطبع سيئ..

ورسول الله نموذج للمسلم قال عنه ربه {وإنك لعلى خلق عظيم} وهي تجمع كل أفعال الرسول وصفاته بما فيه صلاته وصفاته وتعامله مع الله والناس...الخ.
نتيجة تطبيق الإسلام الحقيقي هي الخلق العظيم ، لهذا قال تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف} المعروف:حسن الأخلاق، {وتنهون عن المنكر} المنكر: سوء الأخلاق.

وشكراً لك ..