عرض مشاركة واحدة
قديم 08-14-2010, 02:25 PM
المشاركة 33
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عَبْد الرَّحْمَن الدَّاخِل

الأمير الفَذّ

(731-788): مؤسس الدولة الأموية في الأندلس الملقب بصقر قريش. هو ابن معاوية بن هشام. ولد في دمشق مات ابوه وهو صغير فتربي في بيت الخلافه. هرب إلى فلسطين ثم أفريقيا بعد استيلاء العباسيين على الخلافة وملاحقتهم لأمراء الأمويين. حصل على تأييد قبائل البربر في المغرب، وبدأ بالسعي إلى حكم الأندلس التي كانت تعيش خلافات بين اليمنيين والمضريين. كاتب أمراء الأندلس فوعدوا بتأييده، ونزل في المنكّب بالأندلس عام 755، وتوجه إلى إشبيلية حيث لقي الترحيب. حارب حاكم البلاد يوسف الفهري وانتصر عليه، ثم دخل قرطبة ونودي به أميراً سنة 756، فدشن بذلك عهد الدولة الأموية في الأندلس الذي استمر حتى 1031. استمر حكمه ثلاثين عاماً قضاها في توطيد أركان حكمه وإخماد الثورات التي قامت ضده، كما حارب شارلمان ملك فرنسا وانتصر عليه. ترك لابنه هشام دولة قوية وخلف آثاراً معمارية عظيمة أهمها جامع قرطبة.

ملَك من السماء، أم ماذا هو؟! لن نذهب بعيدًا، وسنترك الحديث عنه إلى ابن حيّان الأندلسي، ولنعي ما يقوله عنه، يقول ابن حيان مستعرضًا بعضًا من صفات عَبْد الرَّحْمَن الدَّاخِل، كان عَبْد الرَّحْمَن الدَّاخِل راجح العقل، راسخ الحلم، واسع العلم، ثاقب الفهم، كثير الحزم، نافذ العزم، بريئًا من العجز، سريع النهضة، متصل الحركة، لا يخلد إلى راحة، ولا يسكن إلى دعة، بعيد الغور، شديد الحدّة، قليل الطمأنينة، بليغًا مفوّهًا، شاعرًا محسنًا، سمحًا سخيًا، طلق اللسان، وكان قد أعطي هيبة من وليّه وعدوّه، وكان يحضر الجنائز ويصلي عليها، ويصلي بالناس الجمع والأعياد إذا كان حاضرًا، ويخطب على المنبر، ويعود المرضى. انتهى كلامه - رحمه الله .

شخصية تُشخِص الأبصار وتبهر العقول، فمع رجاحة عقله وسعة علمه كان لا ينفرد برأيه، فإذا اجتمعت الشورى على رأي كان نافذ العزم في تطبيقه - رحمه الله -، ومع شدته وحزمه وجهاده وقوته كان - رحمه الله - شاعرًا محسنًا رقيقًا مرهف المشاعر. ومع هيبته عند أعدائه وأوليائه إلا أنه كان يتبسط مع الرعية، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويصلي بهم ومعهم، ومع كونه شديد الحذر قليل الطمأنينه، فلم يمنعه ذلك من معاملة الناس والاختلاط بهم ودون حرّاس، حتى خاطبه المقربون في ذلك وأشاروا عليه ألا يخرج في أوساط الناس حتى لا يتبسطوا معه، ولكن كيف يمتنع عن شعبه وهو المحبوب بينهم والمقرّب إلى قلوبهم؟! ولقد صدق من قال حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر. فكان له حقًا أن يأتي إلى هذه البلاد وحيدًا مطاردًا مطلوب الرأس، تجري وراءه قوى الأرض جميعا، فعباسيون في المشرق، وخوارج في المغرب، ومن بعدهم نصارى في الشمال، وثورات في الداخل، ثم يقوم وسط هذه الأجواء بتأسيس هذا البنيان القوي، وهذه الدولة الإسلامية ذات المجد التليد.