عرض مشاركة واحدة
قديم 09-18-2015, 10:26 PM
المشاركة 1384
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ... عبد العزيز مشري



من مقال بقلم علي الدميني /

- تلتقي " البنى الأساسية " للروايات الثلاث المنشورة في هذا المجلد، حول ما يمكن وصفه بمحور " التناص الحياتي " بين السارد وسردياته ، فيتبدى لنا تماهي الروائي مع حياته في أعلى ذرى تشابكها، من خلال شفافية المكاشفة والتدفق العفوي لسرد الحدث، ورسم المكان والشخصيات ، بحميمية لافتة.

- ف "الوسمية "، كأول تجربة روائية للكاتب ، تتسم بوجدانية العلاقة بين الكاتب وموضوع نصه، بما يحفزه على رسمها لغويا وفق " لغة المعيش اليومي " في مجتمع القرى ، التي كانت تشكل " تعاونيات " حياتية طبيعية ، تحكمها وتتجلى عبرها جماليات ومدلولات العلاقات البشرية في أي مجتمع قروي بسيط، يعيش على إنتاج معرفته بذاته، وإنتاج خيراته لنفسه، وإقامة علاقاته المتوازنة بين أفراده، ومع المحيط المجاور.

- ولذا يغدو توظيف " لغة المعيش اليومي" – التي سكّ مصطلحها هنا الدكتور معجب الزهراني – كتعبير عن رغبة عاطفية دفينة، في إيجاد معادل فني قادر على الاحتفاظ بالذكرى "الإنسان / المكان" من خلال تكريس البلاغة الخاصة لتلك اللغة اليومية البسيطة، في كتابة النص.

- وهذا المنحى المختلف هو ما جعل رواية " الوسمية "تأخذ موقعها في الحقل الروائي المحلي والعربي ( اتفاقا و افتراقا) منذ البدء.

- أما رواية " في عشق حتى " فإنها نص إبداعي ، تتشاكل فيه " عذرية عشق قيس وليلى " ولذة الحرمان الذي عاشاه ، مع تأملات العلامة الفقيه " ابن حزم " لحالات الافتتان والتوله في طوق الحمامة"، لتفصح جذور تلك الأمثولات العاطفية عن أشباهها المعاصرة في افتتان العاشق بمعشوقته، فكرةً كانت ، أو حلماً، أو امرأة ، عبر تجليات عشق الروائي ل "حتى" !

- وحين نصل إلى الرواية الثالثة "المغزول " فإننا سنقرأ حالة أخرى من إبداع الذات لكتابة حياتها في عمل مختلف، يواجه فيه الروائي موته، بل ويذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في رؤية " ما بعد الموت" ، لنمضي معه في هذا النص لمعايشة أشد لحظات الألم ،وفقدان الوعي ، ولقاء الموت وما بعده، ومن ثم عود ة الروائي إلى الحياة، محملاً بنقض تراجيديات الأساطير والواقع التي يحملها الإنسان في حياته.

- ولعل من الصدف العجيبة والدالة أيضاً، أن يعيش " عبد العزيز مشري " هذه التجربة ويكتبها روائيا ً في نفس الفترة التي عايش فيها شاعرنا العظيم " محمود درويش" تجربة " مواجهة الموت "، وإبداعه لملحمته الشعرية المتفردة "جدارية محمود درويش" في عام 1999م!!

- بهذا المجلد الثالث من" الأعمال الكاملة " للراحل الباقي " عبد العزيز مشري" يسعى " أصدقاء الإبداع – أصدقاء عبد العزيز مشري" لتقديم أعماله الخصبة ، والمتعددة الاهتمامات والسمات الإبداعية ، إلى قرائه والمهتمين بإعادة التأمل فيها وقراءتها نقدياً، ليبقى صوته الإنساني والوطني حياً كما يستحق ، في سيرته العطرة، وفي غيابه الحي وحضوره بيننا.

- وتبقى كلمات للتاريخ ،ولذكرى الراحل ، ورغباته، تستدعي منا الإشارة إلى أننا قد أجرينا بعض التعديلات الطفيفة على عبارات من رواية " الوسمية " ، و رواية "المغزول" ، تقديراً للضوابط الاجتماعية ( التي نعرف أن سقف حرية التعبير الإبداعي في المملكة ، قد تجاوزها، ولكن!!!) ، آملين – بحنان خالص – أن يسامحنا " عبد العزيز" على ما قمنا به من اجتهاد!!علي الدميني