عرض مشاركة واحدة
قديم 07-13-2021, 08:29 PM
المشاركة 5032
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
2852

.... قَدْ حِيلَ بَينَ العَيرِ وَالنَّزوَانِ ....

أولُ من قَال ذلك صَخْر بن عَمْرو أخو الخنساء.
قَال ثعلب‏:‏ غزا صَخر بن عمرو بني أسد بن خُزَيمة، فاكتَسَحَ
إبلهم، فجاءهم الصَّرِيخ فركبوا فالتقوا بذات الأثل، فَطَعَنَ أبو
ثَوْر الأسديُّ صَخْرًا طعنةً في جَنْبه، وأفلت الخيل فلم يُقْعَصْ
مكانَه وجَوِيَ منها، فمرض حَوْلًا حتى ملَّه أهلُهُ، فسمع امرَأة
تقول لامرأته سَلمى‏:‏ كيف بَعْلُكِ‏؟‏ فَقَالت‏:‏ لا حَيٌّ فُيُرْجَى ولا
مَيْتٌ فيُنْعى، لقد لقينا منه الأمرين، فَقَال صخر*أرَى أمَّ صَخْرٍ
لاَ تَملُّ عِيَادَتي* وفي رواية أخرى‏:‏ فمرضَ زمانا حتى مَلَّته امرأته،
وكان يكرمها، فمرّ بها رجلٌ وهي قائمة وكانت ذات خَلْقَ
وإدراك، فَقَال لها‏:‏ يباعُ الكَفَل‏؟‏ فَقَالت‏:‏ نعم عما قليل، وكان
ذلك يَسْمَعُهُ صخر، فَقَال‏:‏ أما والله لئن قَدَرْتُ لأقدِّمَنَّك قبلي،
ثم قَال لها‏:‏ نَاوِلينِي السيف أنظر إليه هل تُقِلُّه يدي، فناولته
فإذا هو لا يٌقِلُّه، فَقَال:

أرى أمَّ صَخْرٍ لا تَمَلُّ عِيَادَتِي
وَمَلَّتْ سُلَيمَى مَضْجَعِي وَمَكَانِي

فأيُّ امْرئٍ سَاوَى بأمٍّ حَلِيلَةً
فَلَا عَاشَ إلَّا فِي شَقًا وَهَوَانِ

أُهُمُّ بِأمرِ الحَزْمِ لَوْ أسْتَطِيعُهُ
وقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرِ والنَّزَوَانِ

وَمَا كُنتُ أَخْشَى أن أكُونَ جَنَازَةً
عَلَيْكِ وَ مَنْ يَغْتَرُّ بِالحَدْثَانِ

فَلَلْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ كأنَّها
مُعَرَّسُ يَعْسُوبٍ بِرَأْسِ سنَانِ

لَعَمْرِي لَقَدْ نَبَّهْتِ مَنْ كَانَ نَائِمًا
وأسْمَعْتِ مَنْ كَانِتْ لَهُ أُذُنَانِ

قَال أبو عبيدة‏:‏ فلما طال به البَلَاء، وقد نَتَأت قطعة من
جنبه مثل اللبد في موضع الطعنة قيل له: لو قطعتها
لرَجَونا أن تَبْرأ، فقال: شأنَكم، وأشفق عليه قومٌ فَنَهَوه،
فأبى، فأخذوا شَفْرَة فَقَطَعوا ذلك الموضع، فيئس من
نفسه، فقال:

أجَارَتَنَا إنَّ الحُتُوفَ تَنُوبُ
عَلَى النَّاسِ كُلَّ المُخْطَئينُ تُصِيبُ

أَجَارَتَنَا إنَّ تَسأَلِينِي فَإنَّني
مُقِيمٌ لَعَمْرِي مَا أَقَامَ عَسِيبُ

كَأنِّي وَقَدْ أدْنَوا لحِزٍّ شِفَارَهُم
مِنَ الصَّبْرِ دَامِي الصَّفْحَتَيْنِ نَكِيبُ


ثم مات، فدفن إلى جنب عَسِيب، وهو جَبَل يقرب من
المدينة، وقبره معلم هناك.