عرض مشاركة واحدة
قديم 08-24-2013, 12:49 PM
المشاركة 7
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نموذج من ادب السجون
============
تراتيل لآلامها’ لرشيدة الشارني: على أجنحة الألم لا خارج القضبان
مسعودة بوبكر August 23, 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إذا كان البعض يؤمن بالانفصال بين السّرد ‘ باعتباره فنّا ونشاطا قوليا وتخييليا ‘لعبا’ كما يقول بعض الفلاسفة وبين الواقع وقضاياه والتاريخ واكراهاته والمستقبل ومحاولات استشرافه’ (1) فإنّ الكثير من الأعمال الأدبية التي استلهمت الواقع واستقرأت أبعاده واستدرّت لبّ وقائعه استطاعت بقدرة فنيّة راقية أن تتصدّر سدّة المدوّنات التي آمن أصحابها أنّ الكتابة فضلا عن كونها خلقا فنيّا هي قضيّة، قضيّة الإنسان عبر المكان والزّمان في كلّ مراتب المعاناة.. وما رواية ‘تراتيل لآلامها’ للكاتبة التونسية رشيدة الشارني (2) إلا نموذجا على ذلك.
من العتبة الأولى يتهيّأ القارئ لرحلة في مفاصل الألم يستوقفه وجه امرأة سادر في ألم تشي به خطوط الوجه، تصرخ ملامحه بحدّة الوجع الذي تكتمه الشّفاه وتطبق عليه في كبرياء وصبر معلن.. بين لونين داكن وباهت خجول عند البرزخين يظهر خط أحمر يتقاطع مع الخطوط الرّفيعة السوداء التي تسوّ ر الوجه… تشرق الأحرف سوداء غليظة في الجانب المضيء مثل صرخة تعبر من عتمة الأحشاء إلى ضوء الوعي… حروف تحول إلى نغمة حزينة قادمة من عمق الذات المدركة للألم والضعف… منذ اهتدت حنجرة الإنسان إلى الآهة والأنين فرتّل أوجاعه بكل الإيقاعات وأنشدها في ملمّاته على مقام شجيّ في أصوات مقرئي الكلم المقدّس تواكب الطقوس العبادتية بكل أشكالها وانتماءاتها تختلف إيقاعاتها ونغماتها وتتفق في مهابتها وتقديس النفوس لها مذ عرف الإنسان الألم الجوّاني واحتاج للتعبير عنه في تجلّياته الروحيّة… منذ الأزمنة السّحيقة وهو بين يدي القوى الغيبية بين كينونته الضّعيفة وإشراقة روحه تهفو إلى ظلال الخالق الأعظم.
‘تراتيل لآلامها’ عنوان يسري في رواق السّمع بصدى ترانيم خافتة هي صوت الرّوح المكلومة. نغمات ليست كالنغمات تكتسي من القداسة إهابا جللا…وهي في العنوان تراتيل موصوفة بوجهتها: ‘لآلامها’ تبدو بمقام قربان يهدى على شرف آلام موصولة بضمير المؤنث الغائب. ولسائل أن يسأل من تكون صاحبة ‘الهاء’؟ وسرعان ما يدرك أنّها على قدر من القداسة والمهابة ولا شك حين تبلغ عتبة الإهداء:
‘ إلى روح أمي
إلى أمّهات الشهداء ومساجين الرأي
سنوات الجمر’
الأم والشّهيد والرأي والسجن والموت والنضال، هي ذي إذن المفاتيح المعلنة لهذا النص الروائي بامتياز والصادر سنة 2011 والحائز جائزة الكريديف في السرد سنة 2012.
تنطلق الرواية من المقبرة حيث تقف الراوية دنيا الحاج لتنتقي مكانا لجثمان أمّها، مكانا يليق بالراحلة، خليق بضمّ رفات امرأة استثنائيّة ستسعى الراوية في إبراز ذلك من خلال صفحات تأبينيّة تراوح بين حرقة الحاضر ورواح الذّاكرة الخصبة… نصّ تأبيني بامتياز تحفره الكاتبة في صخر الوجع ومرارة الواقع لتنطلق عبره حفيّة بالحياة والصّراع، رافعة لواء التحدي والانتصار للرأي الحرّ.
‘ بين سنديانة ونخلة عثرت على مكان قبرك’..
هكذا تستهل الكاتبة تراتيلها، فندرك أنّ الفقيدة عملاقة هي الأخرى بما ستكشف عليه مفاصل الأحداث.
ينغلق القبر على الرّاحلة خضراء.. لتظلّ ذكريات حياتها خضراء نضرة مشرقة في صدر ابنتها دنيا الحاج ذكرى غير باهتة فيها من القوة والإيحاء والرمز والحكمة والصبر الكثير… ذكريات تتوزع وتتخلل النص التأبينيّ الطّويل الذي تختمه الكاتبة بما سعت إليه دنيا الحاج من مواصلة الانتصار للرأي الحر والصراع من أجله، كلّفها ذلك ما كلّفها والحرص على أن تجعل الراحلة تنعم بالهدوء في قبرها بالسعي لأن يغادر أخوها السّجن… شقيقها الذي يقبع خلف القضبان من أجل جهره برأي مخالف لسدنة السياسة … شقيقها الذي كان حلقة شائكة في سلسلة عذابات عاشتها خضراء. فلا تذر بابا تطرقه بين المحامين والجمعيات الإنسانية.. بل لا تتوانى في الالتجاء إلى صديق قديم (توفيق العايب) في وزارة الداخلية. تخرّج قاضيا وهي لا تزال طالبة بالسنة الثانية كان من المدافعين في صفوف الطلاب ‘على حق الشعوب في العيش الكريم وعن حرية الرأي وحرية المعتقد ومنددا بالرئاسة مدى الحياة….فوجئت باسمه يتردّد في نشرة أخبار الساعة السابعة صباحا وهي في سرا الريح كواحد من أهم الشخصيات التي أسندت لها مهام مرمووقة في البلاد ‘ص135 فيصدمها الواقع وتكتشف أنّ صديقها قد غيّر انتماءه الحزبي وصارا عضوا في الحزب الحاكم ويصارحها من موقعه أنّ ‘ لا مجال لتحقيق هذا الطلب، هناك أوامر صارمة بشأن هؤلاء السجناء’ وتنتهي المقابلة بعد أن يميل الحوار إلى مواجهة إلى إيقاف دنيا الحاج وسجنها هي الأخرى.
تهرّب الرّاوية / دنيا الحاج صورة الأم من طبقات التراب حيث غيّبتها طقوس جنائزيّة، إلى صورة امرأة مات جسدها لكن روحها ثابتة ووهجها يشحن الرّوح، ومن خلفهما الكاتبة التي تخلّد صورة امرأة استثنائية بوجود استثنائي عبر الكتابة والتخليد الفنّي.. امرأة صبورة تواجه قدرها بكبرياء وهي المنحدرة من جذع صلب لقبيلة عاشت بين صخور الجبال مثل نسورها، واجهت ضيم المحتل عبر العصور بشجاعة فتوارثت عرق الاصرار والمواجهة وأورثته، وما القابع في السجن وما دنيا الحاج إلا صورة عن العرق الثوري الدسّاس.. تعيش المرأة ظروف اعتقال ابنها الذي استله البوليس من بين أهله… تهاتف ابنتها المدرّسة بقرية سرا الريح الريفيّة من أقصى الشمال الغربي التونسي:
‘ دنيا، اعتقلوا غيثا يا بنيتي، داهموا البيت وأخرجوه من الحمام، الأوغاد لم ينتظروا حتى يرتيدي ثيابه ويضع حذاءه، قادوه وهو ملفوف بالبشكير وشعره يتقاطر ماء وألقوا به وسط سيارة الباقا مع كلابهم الشرسة التي أحاطت بالبيت وأغلقت الشارع، ياليعتي يا بنيتي ناري شاعلة وأنت ساكنة ‘سرا الريح’ ص 67
من خلال معاناة خضراء تزيح الكاتبة الستار عن صورة المرأة التي تصبح وتمسي وقلبها معلّق في الطريق إلى السجن، حيث يقبع خلف القضبان بعض أهلها، إما زوج أو ابن أو شقيق أو قريب أو حبيب… المرأة حمّالة الوجع، مكلومة الكبد..لتتجلّى مآسي كثيرات يعشن خارج القضبان صحيح، ولكن في الوقت نفسه داخل قضبان أشرّ وأمرّ لسجن كبير من اللاحول واللاقوة… العجز عن افتكاك الأسير وتنامي الخوف على التنكيل بالتعذيب الجسدي والقهر النفسي، من الانتظار الطويل المضني تحت عين الحرّاس وفي أروقة المحاكم وتحت رحمة الربّ. لا ينعمن بنوم ولا بطيب لقمة ولا بانفراج خاطر. تكون الأمّ غالبا أشدّهن معاناة .. ليس مثلها معاناة، تقضم من كبدها ما طلعت شمس لم يشهدها السجين… يصبح الألم المكتوم والصبر داء ينخر العظم شيئا فشيئا، تعمل قوارضه في الخفاء لتعلّ الجسد، وتدنيه من قبره.
تقول الكاتبة على لسان دنيا الحاج ص 93:
‘ أتأمّل أمي القابعة على مقعد حذو نافذة قاعة الانتظار وقد لوّحت الشمس سحنتها التي تفحمّت حتى صارت بلون القرنفل المحروق، أعمد إلى الحديث معها ولكنها لا تردّ بكلمة تسبح عيناي في غيهب روحها ن كأنّ نارا خبت في جوفها وراحت تنهشها من الدّاخل، أحملق فيها بمرارة متأمّلة حزنها الوحشيّ وأبكي في صمت لحالها…’
تحتلّ رواية ‘تراتيل لآلامها’ مكانة ضمن ما يشار إليه بأدب السّجون مع اختلاف في الطّرح، حيث اهتمت بعض الروايات السيرذاتية التي صدرت في تونس هذه السنوات الثلاث الأخيرة، بطرح معاناة السجين إبّان فترة اعتقاله وما لحقه من عذاب نفسي وجسدي، ومعاناة تمدّ مخالبها في الخفاء بتفاصيل ضاربة في البشاعة تفضح الوجه الكريه للسلطة وضريبة الاختلاف… نصوص وإن اختلفت درجات مكانتها من الحبكة الأدبية والصياغة الفنيّة، هي من الأهميّة بمكان، سجلت عبر الكتابة وثيقة تاريخية لمعاناة الإنسان التي ما كانت تحبّر لتعرّي عن المستور البشع لولا الثورة وسقوط جدرا الصمت، فكانت شهادة حيّة، وإدانة صارخة لسياسة قوامها الخداع والقهر. نصوص كتبها أصحابها عن ذواتهم داخل قضبان السجن. في حين تعرّضت رشيدة الشارني في روايتها هذه إلى وضع أهل السجناء…وضع من يعيش المأساة خارج أسوار السجن، وخصّت منهم النّساء، فمن غيرهن.. تصيبهن المآسي في مقتل؟ تبتلع المعارك بكل أنواعها رجالهن، يكفي استعراض تاريخ الحروب ليشهد بذلك وضع الأرامل والثكالى والأيتام (تتلقّى مسؤوليتهن المرأة بالمقام الأوّل) فضلا عمّا تتعرّض له المرأة من مهانة الأسر وانتهاك العرض. ولذلك ورد إهداء هذا العمل الأدبي إلى أمّهات الشهداء وسجناء الرأي.. كلمسة تعاطف ووفاء.
دنيا الحاج امرأة عاشت تجربة اعتقال شقيقها وعذاب أمها خضراء التي نخر عظمها وروحها البكاء على ابنها وفقده ومعاناتها اليومية حين تزوره وحين تفكّر في ما قد يحيق به حتّى أودى بها ذلك إلى القبر. عرفت معنى أن يقبض على المرء وتسلب منه حريته وعاشت سورة الرّعبـ وهي المرأة ـ من ألوان العذاب الخاصة بالمرأة في السجون ويتجلى ذلك في السؤال الحارق الذي يراودها حيث تقول ص 150 :
‘..هل يصبح جسدي ذات يوم حقلا لعبث الآخرين؟ أتذكر ما روته لنا خضراء عن المناضلة الجزائرية جميلة بةحيرد وما قرأته وأنا صبية من تفاصيل مرعبة عن أساليب تعذيبها في كتاب بالفرنسية للكاتبة جيزيل حليمي فيشتدّ جزعي وأتساءل إن كان جسدي يتحمّل مثل ذلك العذاب المروّع′
تبدأ دنيا الحاج الصراع وهي التي انقطعت عن دراستها الجامعية لتتولى تدريس الأطفال في القرى النائية تحمل رسالة الأنبياء في إيصال الحكمة، والمبشرين في الدعوة إلى درب الله، تكشط الجهل عن العقول الصغيرة وتعلمهم الحرف والكلمة ليتزوّدوا بالعلم، يدفعها إيمان بأن لا شيء يقهر الظلم سوى العلم والمعرفة والعقل فهي القيم البنّاءة المنتصرة دائما ـ وإن طال طريقها ـ على الظلمات. تحتار أن تدرس في قرية جبلية نائية لنشر العلم، معلنة حربها ضدّ الجهل فما استفحل حكم ظالم إلاّ حيث سري الجهل. تقول الراوية بضمير خضراء الرّاحلة تستحث ابنتها الغارقة في الوجع:
‘ انهضي يا غائرة الرّوح،
اقلعي أوتادك المشدودة إلى الجبال وهيّا إلى معترك الحياة،
هذا زمن محمول على كفّ النّار ولا وقت للاسترخاء الآن’
وتستجيب دنيا الحاج للنداء ‘ تقول ص 69:
‘يتلاطم الغضب في دمي وتتصارع الأصوات في رأسي يسكنني إحساس مارد وجبّار بالحركة والانعتاق، أدحرج سكون الأيّام خلفي وأعلو صهوة الرّيح، أعدوا عبر التلال تطاردني استغاثة خضراء، تعدو معي السحب والجبال والأطيار والصنوبر والفرنان، تتقافز ضلوعي وتتسرب نيران خفيّة من جميع حواسي، يتنهّد الهواء من بين شقوق الأشجار ويلسع وجهي، أشعر بقوّة أشياء غريبة كامنة فيّ.. آه ، من قال إنني آويت إلى الصّمت ونسيت الوطن وانتهيت إلى العدم؟’
لوحة من مونولوق داخلي يصف حالة فارقة من اعتمالات الاصرار على المواجهة، يخطّها الوعي باللحظة التاريخية التي تبدأ من مأساة فرد اختار أن يكون مختلفا برأيه في مواجهة آلة قمع… مواجهة على غاية من الخطورة، صدام هو الحلقة الأولى في نضال الشعوب عبر الأرض.
تستعيد دنيا الحاج من مأساة أمها قواها التي هزّها الفقدان، فقدان الأم بالموت وفقدان الشقيق بالاعتقال وفقدان الاطمئنان في العائلة، حيث الوالد شيخ هدّته النوائب وحيث الإخوة تتجاذبهم طرق العيش والقناعات، صورة صادقة من المجتمع وإيحاء بتفاوت نسب الوعي لدى المجموعة، ممّا يؤكّد لدنيا الحاج ثقل رسالتها كمدرّسة، وكشقيقة السّجين، وكفرد مثقف واع بات يقف على الضفة المقابلة للتيار الجماعي.
‘تراتيل لآلامها’ مشاهد متفرقة لواقع مجتمع عربيّ يرزح تحت واقع سياسي تداعت سلبياته على معيش الناس… تمازجت عبرها أحداث مختلفة من تاريخ الناس البسطاء وخصائص الأماكن التي عاشوا فيها وميزاتهم الثقافية وتطلعاتهم ونسب وعيهم بارهاصات الواقع، كواقعة قبائل بني خمير مع الباي المتواطئ مع المستعمر الفرنسي الذي نكّل بالعزّل ولم يسلم من جوره حتى الأجنة في بطون الأمهات، حدّثت دنيا الحاج أسوة بشهرزاد الحكاية عن مقاتلي جبال برقو، عن الرعاة والفلاّحين ومبادئهم، عن امرأة عشقت الغناء وفرّت إلى الحاضرة لتنخرط ضمن الرشيدية فلحقها رجل القبيلة ليعيدها إلى القرية ويحبسها في زريبة الغنم فكرهت نفسها الضيم وانتحرت في قاع الوادي، لم تنس شهرزاد الحكاية أن تشير إلى مآسي الرّازحين تحت الاحتلال حيث تذكر جريمة القتل المجاني الظالم في شخص الطفل محمد الدرة .. وقائع مختلفة من دنيا النّاس، عبر مشاهد حُبكت بوعي روح مثقفة برتها النوائب، ويراع مبدعة سقط الحدّ الفاصل بينها ككاتبة وبين الرّاوية/السّاردة… ليتأكّد سلطان التجربة الذاتية على عالم التخييل الفنّي… في سياق سردي توسّلت فيه الكاتبة بامتياز خصيصة الفلاش باك، إلى جانب المونولوق والحوار، على محمل لغوي لا تعقيد فيه ينساب طيّعا لصياغة الأفكار، طيّعا سلسا عند عديد اللوحات حيث الوصف الدّقيق للمشاهد الخارجية ولاهتزازات النّفس، وتطوّر حالات الذّات حيال القرار الحاسم ‘ تقول دنيا الحاج ص 69 :
‘…. كأني أخرج من شرنقتي وألج قلب الحياة ، كأن ريحا أخذت تستيقظ بداخلي وتنفخ أسرارها في ناي القلب وتحيي شراييني …. ينطفئ وهج الشمس ويزحف الغيم حثيثا إلى قلب السّماء أفرغ بئر أعماقي من آخر مفردات التوحد والعزلة وأشق عباب الغاب ممتلئة بشيء من الصفاء الكئيب ‘
مما يلفت النظر في هذا النص توحّد الذّات الحائرة بالطّبيعة وعناصرها بدءا بالأمكنة.. الموطن الأصلي لخضراء …مقبرة الأهل.. غابات الشمال حيث قرية سرا الريح الذي انتقلت إليه دنيا للتدريس..مشاهد تعيدنا إلى أمهات الكتب العالمية التي تعرّفنا عليها في عتبات الدراسة وأثّرت في كياناتنا رومانسيتها، وسمت الأدب الإنساني بطابعها، وخدمت قضايا الإنسان بامتياز.
تحتفي الكاتبة بالأرض والتربة والريح كأنما تريد أن تعيد المخلوق إلى أمّه الطبيعة ليولد من رحمها من جديد وقد تخلّص من تشوهات العالم الممسوخ بالزّيف والظلم والجهل… علّه ينهض إنسانا جديدا مشحونا بقوّة تعيد للحياة توازنها حين تهتزّ أركان الظلم والقهر.
‘تراتيل لآلامها’ رواية استهلتها رشيدة الشارني بدمعة وداع مأتمية على روح خضراء الأم التي ترمز باسمها وتفاصيل حياتها ومعاناتها ما أسّس هذا النص الإبداعي، والذي ختمته صاحبته بانفراج وفسحة أمل حين غادرت دنيا الحاج ظلمة السجن إلى الشارع حيث اغتسلت بالضوء واستشرفت برؤيتها لغرابيب يتقاتلون عند أشجار شارع الحبيب بورقيبة من العاصمة ذلك الذي سيشهد أكبر مظاهرة عرفها يوم 14 جانفي 2011 وحيث يهمس لها تمثال ابن خلدون في آخر الشارع:
خضراء يا لون تونس
ليل الغرابيب قصير
وكل العمر
أرخص من دمعتك

‘ قاصة وروائية من تونس

(1) ‘ السرد وأسئلة الكينونة’ للدكتور حاتم التهامي الفطناسي/ كتاب دبي الثقافية /77 فبراير 2013
(2) كاتبة تونسية من أسرة التعليم. صدرت لها مجموعتان قصصيتان ‘الحياة على حافة الدنيا ‘سنة 1997 حازت جائزة الكريديف و’صهيل الأسئلة’ الحائزة جائزة ‘إبداعات المرأة العربية بالشارقة ‘ ثم روايتها ‘تراتيل لآلامها’ سنة 2011 الحائزة بدورها على جائزة الكريديف