عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2016, 03:54 AM
المشاركة 12
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

قال الشاب : ولكن أليس غريبا أن تبرئهم من العمالة الواضحة وتقصرها على القيادات فقط دون الأتباع , وتقول بأنهم مؤمنون بالضلال ولهذا يظنون أنهم على حق !
قال الكاتب :
من الحماقات الكبري التى نرتكبها جميعا أننا نخلط بين الأشخاص والأقوال , والعلمانيون والإرهابيون وأذناب التشيع عندما يفعلون ذلك , فهم يفعلونه لأنهم على باطل وينتهجون معنا الكذب والافتراء للتشويه , وبالمثل يقوم بعض الأطراف باستحلال اختراع التهم لهم , مع أننا لا نحتاج أصلا للافتراء لأنهم يرتكبون من المصائب ما يغنينا عن ذلك , فضلا على أن ديننا ينهانا عن الافتراء والظلم حتى للظالمين , فنحن لسنا مثلهم
بالإضافة أننى ــ كمسلم ــ المفترض ألا يعنينى من أشخاصهم شيئ أصلا , فلا توجد علاقة شخصية أو نفع شخصي أو ضرر شخصي أصابنا منهم بل الضرر كان عاما وجارفا للمجتمع سواء كان من العلمانيين أو الإرهابيين , وبالتالى فمشكلتنا ليست مع ذواتهم , ولهذا فلو أن أحدهم تراجع عما يفعل فلن يكن له منا إلا احترام هذا التراجع ,
إنما يعنينا الأفكار التى يروجونها ضد الدين والوطن والتاريخ ..
وهذا هو منهج أهل السنة من علمائنا القدامى , فأحدهم قيل له أنه يشتد فى نقد كتب الفيلسوف الصوفي محيي الدين بن عربي , فما يدريه أن ابن عربي ربما كان فى أعلى الجنان الآن ؟!
فرد العالم ردا مفحما , حين قال ما مؤداه :
( وما يعنينى من شأن ابن عربي نفسه سواء كان عند الله فى منزلة الأنبياء أم فى منزلة إبليس , أنا يعنينى فقط كتبه التى تركها , وأفكاره التى نشرها فى حياته , وربما كان قد تاب وتبرأ منها , ولا أحد يدرى ذلك , لكن الناس لم تعرف بتراجعه ــ على فرض وجود التراجع ــ وبالتالى فنحن لا نملك إلا نقد هذه الأفكار وبيان كفرياتها لأنها منتشرة بين الناس , )

كما أن هناك دليلا من تاريخ أهل السنة يوضح لك كم كانوا منصفين ,
فالإمام أبي الحسن الأشعري الذى ابتكر مذهب الأشاعرة فى العقيدة , هذا الرجل له تجربة فريدة فى تاريخ الفكر والعلم , فهو الرجل الوحيد الذى ابتكر مذهبا وتبعه كثير من الناس , ثم تاب عن هذا المذهب وتبرأ منه تماما وعلانية ,
ومع هذا رفض أتباعه تراجعه , واستمروا حتى يومنا هذا يقولون بأنهم أشاعرة على المنهج الأشعري ويرفضون قول أهل السنة من أن زعيم الأشعرية تراجع عن أفكاره علانية وسجلها فى آخر كتاب له هو ( الإبانة عن أصول الديانة ) ويقولون بأن هذا الكتاب مدسوس عليه ! , فلو كان أهل السنة يلفقون الكتب للناس كما يفعل المبتدعة , فلماذا لم يفعلوا هذا مع كافة رؤساء أهل البدع , فيزوروا لزعماء المعتزلة وزعماء الشيعة والخوارج , وغيرهم !!
فليس الافتراء من عادة أهل السنة ولهذا أنصفوا الأشعري وقبلوا تراجعه , ولم يهاجموه بعدها أبدا بل اقتصروا على مهاجمة الأفكار الأشعرية التى تمسك بها أتباعه
وبالمثل فى عصرنا الحاضر ,
نهاجم كتب طه حسين رغم أن هناك إشاعة غير موثقة تقول بأنه تاب عن كتاب الشعر الجاهلى وبقية كتبه , ونحن لا نعرف ذلك ونتمنى حدوثه , لكن العلماء مضطرون لمهاجمة كتبه لأن العلمانيين نشروها على نطاق واسع ويصرّون عليها , فماذا نفعل ؟!
بل إن علماء السنة كتبوا وحذروا من الافتراء على أهل البدع تحت تأثير الغضب مما يفعلون , وذلك عندما لاحظوا أن بعض العلماء يزيد من التشنيع وترويج الاتهامات بلا سند أو قرينة , واشترطوا توافر القرائن للاتهام , وهذا الإنصاف منهج متكامل لدى أهل السنة , ولكن أهل البدع يضطرون اضطرارا للافتراء لأنهم لم يجدوا طريقا غير ذلك للطعن ,
وهناك فارق أشد أهمية ..
فأهل البدع يتحالفون مع بعضهم البعض على السنة , ولا يتبرءون من أى جريمة يقع فيها أحدهم بل يناصرونه فى الحق والباطل , ولهذا قامت قيامة العلمانيين فى مصر للدفاع عن طه حسين ونصر أبو زيد رغم أن هؤلاء لم يقتصروا على الطعن بالدين بل ارتكبوا جريمة علمية متكاملة الأركان , إما بسرقة أفكار المستشرقين وانتحالها كما فعل طه حسين "[1]" , وإما بالوقوع فى الجهل الفادح كما فعل نصر أبو زيد "[2]"
بينما أهل السنة هم أنفسهم من أفردوا الكتب والخطب والمحاضرات فى الرد على بعضهم البعض فى أى أخطاء , بل إن الردود كانت فى بعض الأحيان تتسم بالشدة والغلظة إن كان الخطأ كبيرا ومؤثرا , والعالم الذى ارتكبه عالم كبير يتبعه الناس , ولهذا تجد فى التاريخ مصنفات شهيرة من العلماء ضد الآراء الخاطئة مليئة بالردود العنيفة ولكن مهما بلغ عنفها فهى لا تتجاوز إلى السب الشخصي أو التجريح أو الإسقاط الكلى للعالم للمخطئ
وتاريخ أهل السنة فى الحيادية تغص به الكتب ,
ويثير أبلغ آيات الإعجاب , فلم يمنعهم حتى الاختلاف المذهبي من إنصاف مخالفيهم لو كان من ظلمهم هم أتباعهم أصلا , فتخيل درجة الحيادية ؟!
فمثلا الإمام ابن الجوزى عندما صنف كتابه فى الموضوعات , واتهم بعض أحاديث مسند الإمام أحمد ابن حنبل بأنها موضوعة , ولم ينجح ابن حنبل فى كشفها , قال هذا الكلام رغم أنه ــ أى ابن الجوزى ــ حنبلي المذهب ,
فمن رد عليه ..؟!
الذى قام بالرد عليه وتصدى للدفاع عن مسند ابن حنبل كان هو الإمام ابن حجر العسقلانى رغم أنه شافعى المذهب , فكتب كتابه ( القول المسدد فى الذب عن المسند )
وتطبيقا لتلك المبادئ ,,
فلا يعنينا إن كان إبراهيم عيسي أو غيره يكتبون ذلك عن طريق تحريض غيرهم لهم , أو بسبب مكاسب مادية من أطراف معادية , أو يكتبون ذلك عن اقتناع بالباطل والغرور بالرأى , فكلها سيان , المهم أنهم ارتكبوا الطعن ولا زالوا مصرين عليه

قال الشاب : يبدو أن الموضوع أكبر مما تصورت ..
أكمل الكاتب :
لهذا فليس مطلوبا ممن يتصدى للدفاع عن السنة أو التاريخ أن يشغل نفسه كثيرا بدوافع المهاجمين , إلا لعلة واحدة فقط وهى تصنيف المهاجمين لرؤية من يستحق الرد ومن لا يستحق ,
فالمأجور لأداء دور ما فى مهاجمة السنة فى مقابل أيا كان نوعه أو لمجرد الشهرة , وفى نفس الوقت هو نفسه غير مقتنع بهذه المهاجمة , فهذا لا يستحق حتى ذكر اسمه , لأن يقوم بدور الكومبارس ليس إلا , أى أنه لا يقوم بذلك تحقيقا لرسالة أو نصرة لفكرة معينة فهذا يكفي فقط كشف جهله الذريع وبيان أنه لا يعرف حتى طريقة الهجوم وبالتالى فمن مضيعة الوقت أن نشغل أنفسنا بتعقبه بل يجب أن نعود بالرد على ولاة أمره ودافعى أجره فمن العبث أن نعطى لهؤلاء الشراذم قيمة وحالهم ظاهر لكل مـتأمل ,
وعليه فالرد يكون على من دعمه وأرسله
والنوع الثانى هو الذى يقوم بالدور ابتداء بسبب هدف يسعى إليه , وهذا الهدف إما نصرة الفكر المعادى للسنة اقتناعا به أو نصرته لمجرد الكيد فى أهل السنة وغالبا ما يكون قد وقع لهذا الشخص مع بعض أهل السنة فى خصومة أو أخذ انطباعا معينا عنهم فهذا النوع تدفعه كراهية السنة وأهلها للتعاون ضد كل من يهاجمها
ومواجهة هذا النوع تكون بمحاولة نقاش الشخص نفسه , أو بيان خطورة ما يفعل ومحاولة جره من مستنقع الشبهات , فإن عجزنا اكتفينا برصد تناقضاته والرد على شبهاته لأنه للأسف يفعل ما يفعله اقتناعا بالعدوان ,
والذين يردون على إبراهيم عيسي عن طريق كشف تناقضاته وحسب , هؤلاء أجدى وأوقع فى الرد من الذين ينجرون خلف الشبهات التى يطرحها , لأن الاهتمام بالشبهات له شرط جوهرى وهو أن تكون الشبهات لها قيمة واقعية على الأقل , أى أنها يمكن أن تضل الناس ,
أما إن كان طارح الشبهات من عينة الكذابين والملفقين فيكفينا هنا بيان كذبه المتعمد للناس وتدليسه على كتب التراث بأدلة متوافرة ومتضافرة تبين أن كذبه هنا متعمد ومتكرر وليس سهوا أو خطأ لا, وبالتالى لا نهتم بشيئ يطرحه بعد ذلك ولو ظل لألف عام يشنع على أهل السنة ,
أما إن كان من عينة إبراهيم عيسي ومن سار على دربه , فهنا لا نهتم بما يطرحه بقدر ما نهتم بالتركيز على أسلوبه نفسه ,
نظرا لضحالة مستوى الشبهات التى يطرحها ــ هذا إن جاز تسميتها بالشبهات أساسا ــ فالذى يتأمل نشاطه فى الشهور الأخيرة يعتقد يقينا أن إبراهيم عيسي يخرج على الهواء دون أى إعداد مسبق لما يقول ويفتى بكل ما يجول ما بخاطره ويقفز على لسانه وكأن عقله لا سيطرة له على جوارحه !
والغريب أنه دوما ما يظهر منتفخا بالغرور زاعقا وصارخا ومطالبا للناس بأن تقرأ وتفتح الكتب حتى أن المُشاهد للأسلوب العنترى الواثق الذى يتبعه يظن بالفعل أنه على حق !!!
مع أن عباراته وشبهاته التى يطرحها لا يمكنها أن تصدر عن رجل فتح المصحف نفسه فى حياته ولو لمرة واحدة هذا فضلا عن كتب علوم الشريعة وإلا بالله عليك أخبرنى كيف يمكن أن يخرج عيسي وبمنتهى الجرأة يقول أنه لا وجود للفظ ومفهوم الشريعة الإسلامية لا فى القرآن ولا فى السنة ؟!!! "[3]" ,
وذات مرة يخرج فيقول بأن الحجاب لا أصل له فى الشريعة ولا القرآن , فانظر إلى غباء الإستدلال حيث ذهب إلى المفهوم العامى لكلمة ( الحجاب ) وأنزله على المفهوم الفصيح فى القرآن بمعنى الساتر غافلا عن أن حدود عورة المرأة ووجوب ستر شعرها لم يأت فى القرآن بمعنى الحجاب الدارج فى العامية وإنما جاء بصيغة الأمر بستر العورة
وفى أحد عناوين صحيفته الجديدة يخرج بعنوان أن النبي عليه السلام لم يكن سنيا !! ,
ولست أدرى من أى مدمن مخدرات استقي هذه العبارة ؟! وكيف لم ينبهه داعموه أن هذه العبارة الكاشفة عن حقد دفين لكل ما يمت للسنة بصلة , هى عبارة فى الأصل تمثل فضيحة له فكيف ينتسب صاحب السنة إلى سنته بينما العكس هو الصحيح , وهل يمكن لأحد أن يقول مثلا أن الشافعى لم يكن شافعيا أو ابن حنبل لم يكن حنبليا
!!
ومرة أخرى يخرج فيقول بأن من يزعم أن فى الإسلام ثوابت هو متجمد ولا يعرف عن الإسلام شيئا ولا وجود لقاعدة معلوم من الدين بالضرورة !!
وأنا لا أكاد أفهم كيف يمكن أن يتفوه عاقل بمثل هذا الكلام ؟!
فلو لم يكن فى الإسلام ثوابت فماذا نسمى أركان الإيمان وأركان الإسلام الخمسة والفرائض , هل نسميها متغيرات تخضع للتطوير والتحديث ؟!
وهل يمكن أن يأتى فى هذا الزمن الغريب من ينادى بتطوير وتعديل شهادة التوحيد أو ينكر وجود الوحى أو وجوب الموت على كل حى , أو البعث والحساب !!
وهل يمكن لعاقل يحترم نفسه أو يحترم حتى مشاهديه , أن ينفي وجود الثوابت فى أى مجال من مجالات الحياة , حتى فى مجال الأخلاق والفضائل !
لهذا قلت إن كلام إبراهيم عيسي لا يحتاج إلى علماء أو باحثين فى الفكر الإسلامى للرد عليه بل هو بحاجة إلى طبيب نفسي متخصص ليحاول معالجته من الهلاوس السمعية والبصرية التى يتفوه بها كلما ظهر على شاشة قناته أو امتشق قلما فى صحيفته ,
وبالمناسبة أنا هنا لا أسبه أو أنتقص منه ,
فوالله إنى أتكلم عن واقع حقيقي فالغرور عند إبراهيم عيسي بلغ حد المرض النفسي وعقدة العظمة , بالإضافة إلى أن هذه العقدة أنتجت لديه تناقضات صارخة جعلت حتى عوام الناس من المشاهدين تدرك أن الرجل مصاب بالفصام يعيش كل يوم بشخصية وقناعات تختلف كل ساعة !
قال الشاب متحسرا :
عندما تابعنا إبراهيم عيسي منذ الإصدار الثانى للدستور فى عام 2004 م , كان سر انبهارنا به هو تصورنا أنه ذو مبدأ وثوابت أخلاقية ومهنية لا تتراجع , وحقيقة لا أدرى ماذا أصابه بعد الثورة , فما كان يكتبه قبل الثورة وبعد الثورة خلال حكم المجلس العسكري لا يمكن أن يتناسب مع ما كتبه فى الفترة التى امتدت من حكم الإخوان حتى فترة الإطاحة بهم ! حتى أننا صنعنا له فيديو ساخر نقارن فيه بين تحولاته العجيبة ونفسر هذه التحولات بأن كائنات فضائية خطفت إبراهيم عيسي الأصلي وجاءت بآخر ينتحل شكله ولكن بقناعات مضادة ..
أكمل الكاتب :
ولكن ينبغي ملاحظة أننا لا ننكر على أى إنسان أن يغير مواقفه وقناعاته طبقا لما يتوافر له من معلومات جديدة أو مراجعة خطأ بشرط أن يعلن تراجعه وأسبابه ومبرراته , كما أن هذا التغيير يجب أن يظل فى حدود المتغيرات أما تغيير الثوابت فهذا هو النفاق بعينه أو على الأقل هو اضطراب نفسي لا شك فيه , وإلا فكيف يمكن لعاقل أن يصدق أن كتابات إبراهيم عيسي قبل الثورة التى تم نشرها وتوثيقها فى كتب متتابعة هى ( اذهب إلى فرعون ) و ( لدى أقوال أخرى ) و ( شهادتى عن مبارك وعصره ومصره ) ثم كتاب ( تاريخ المستقبل ) , هذه الكتب إذا وضعتها جنبا إلى جنب مع كتابه ( ألوان يناير ) الصادر بعد الثورة ستضرب كفا بكف !
وليت الأمر اقتصر على هذا بل إنك لو أمسكت بكتاب ( ألوان يناير ) والذى يعالج فيه فترة حكم المجلس العسكري ووضعته إلى جوار مقالاته فى جريدة التحرير وبرامجه المختلفة فى الفترة من منتصف عام 2012 وحتى فترة ما بعد ثورة 30 يونيو , لن تجد أبدا أى علاقة بين هذه المقالات وبعضها , ولا يمكن لأى متأمل محايد أن يقول بأن هذه المقالات هى لشخص واحد !
ولا أدرى حقيقة لماذا يفعل إبراهيم عيسي بنفسه ما يفعل , فهو لا يضر أحدا بجرائمه تلك إلا نفسه , وأجيال الشباب التى صنعت منه نجما وعملاقا صحفيا كانت هى نفس الأجيال التى أسقطته اليوم ومحت عنه كل فضيلة بعد أن تعامل مع شباب الثورة بمنطق الشيطان
( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنى برئ منك إنى أخاف الله رب العالمين )
وهذا بالضبط ما فعله عيسي مع حركة 6 ابريل , فقد كانت الحركة فى بداياتها وطنية خالصة ولا علاقة لها بمنظمات الغرب ولا أنشطتها , وبعد الثورة وانتشار أمرهم استقطبتهم الأذرع الإعلامية والسياسية الغربية وكررت معهم لعبتها الأثيرة بأن جعلتهم نجوما فى الفضاء الإعلامى العالمى ,
وبحسب رواية أحمد ماهر ــ مؤسس الحركة ــ كان إبراهيم عيسي يشجعه على قبول التمويل الأجنبي رغم خشية المهندس الشاب من عواقب ذلك , وأخذ إبراهيم عيسي يقنعه بمختلف الوسائل أن من حقه الحصول على تمويل خارجى أسوة بالحكومة المصرية التى تأخذ هذه المعونات ! ,
وعضّد إبراهيم عيسي كلماته بعدة مقالات قبل وبعد الثورة تسخر من اعتبار التمويل الأجنبي مصدر شبهة أو مصدر اتهام بالخيانة بل بالغ كعادته فى التطرف إلى اعتبار الإستقواء بالخارج سياسيا هو من قبيل النضال المشروع ضد نظام مبارك ! ,
وبعد ثورة يونيو وفور إلقاء القبض على أحمد ماهر وشلته تبرأ منهم إبراهيم عيسي واتهمهم بأنهم شباب غرير بلا رؤية ومُـخترقون , ثم قال فى بساطة مدهشة بأن ثورة يناير أصبحت صنما يعبده أصحاب الهوى , وأن هؤلاء الشباب يمتازون بالسذاجة المطلقة عندما ينتقدون الجيش , رغم أن إبراهيم عيسي نفسه كان أول من قدح زناد هذا النقد أيام المجلس العسكري !!!
وبالطبع لا يمكننا أن نعيب على ماهر وشلته من أن يشدوا شعورهم أو يقطعوا شرايينهم من هذا التحول الخرافي
!

وإبراهيم عيسي فى مقالاته القديمة التى كانت تحترق بالسخرية من حكاية الضربة الجوية لمبارك حتى أنه قال ( ليت مبارك ضربنا نحن بالضربة الجوية وذهب ليحكم إسرائيل ثلاثين عاما ) , كان هو نفسه إبراهيم عيسي الذى أخذ يكيل المدائح لمبارك بعد ذلك باعتباره أحد أبطال أكتوبر وصاحب الضربة الجوية وأن هذه حقيقة شاء من شاء وأبي من أبي !!!
أما النكتة التى أضحكت مصر كلها على إبراهيم عيسي فهى قصة محاكمة القرن ,
فعيسي كان هو صاحب البلاغ الرئيسي الذى يتهم مبارك والداخلية بقتل المتظاهرين فى الثورة , وهذا معناه ــ بالنسبة لمن يفهم ألف باء قانون ــ أن صاحب البلاغ متيقن من صحة اتهامه بغض النظر عن ثبوت الإتهام بعد ذلك أمام المحكمة من عدمه , لكن الفيصل هنا هو قناعة صاحب البلاغ بصحة الإتهام وإلا لما جاز له أن يتقدم به أصلا
وتم الحكم على مبارك بالمؤبد هو وحبيب العادلى ثم تمت إعادة محاكمته وتم استدعاء إبراهيم عيسي للشهادة مجددا ليفجع الجميع بنفي رؤيته لأحداث قتل المتظاهرين , وينفي التهمة عن الداخلية تماما , وهذا معناه نفيها عن مبارك بطبيعة الحال , ثم خرج فى الإعلام هائجا مائجا يبرر ذلك بأنه لا يقبل أن يشهد الزور وأنه نطق بما رآه ولو أن أحدا غيره رأى الشرطة تقتل المتظاهرين فعليه بالشهادة !!!
وبالقطع لنا أن نمسك السماء بأيدينا ونحن نتساءل كيف تقدمت أنت نفسك بالبلاغ واضحا وصريحا فى اتهام الداخلية ومبارك بقتل المتظاهرين ؟!!
فإن كنت لم تر بنفسك حوادث القتل كما تدعى , فهذا معناه أنك كنت تفترى على الداخلية ومبارك لا سيما وأن شهادتك الأولى جاءت بحكم المؤبد للمتهمين , وإن كنت رأيت الحوادث فكيف نفيت هذا فى إعادة المحاكمة ,
فإبراهيم عيسي فى الحالتين شاهد زور لا محالة , بغض النظر عن صحة اتهام مبارك والداخلية بقتل المتظاهرين من عدمه
وأنا لا أريد أن أسرد كمية التناقضات التى تتسع لمجلدات فيكفينا هذه النماذج لنعلم أننا أمام شخص قتلته ذاته وانسحقت شعبيته وسقط من أعين الناس فعليا , وممارساته الأخيرة تجاه الشريعة وعلومها والأزهر ورجاله هى مجرد فصول فى رواية نهايته التى يكتبها لنفسه

تساءل الشاب :
ولكن لماذا يدعمه الشيعة ــ إن صح دعمهم ــ وهو بالفعل من خلال استطلاع موقف الناس منه على شبكات التواصل أصبح فعليا غير مؤثر ..
قال الكاتب مبتسما :
هناك مقولة شهيرة للإمام جعفر الصادق عن الشيعة المنتسبين إليه قالها بعدما رأى حالهم , أن الحماقة من صفاتهم الأثيرة , وأنا هنا لا أعنى العوام منهم , فعوامهم مثل عوام أهل البدع معذورون بالجهل أو التأويل ومن الممكن التماس العذر لهم فى هذه القناعات الغريبة التى يعتقدونها باعتبار أنهم ورثوها معرفيا عن آبائهم وأجدادهم ,,
أما المراجع والقادة والمخططون فهؤلاء لا عذر لهم قطعا لأنهم دخلوا إلى الحوزات وتعلموا فيها وشاهدوا بأعينهم حقيقة دين الشيعة "[4]" , ولهذا فكل منهم يقبل بدوره من الناحية الدنيوية البحتة نظرا لأن المراجع والحوزات تسيطر على أموال الدولة الإيرانية تماما بل وعلى سياستها الخارجية أيضا وفق نظام ولاية الفقيه , هذا فضلا على سيطرتهم التامة على أتباعهم بكل ما يقتضيه هذا من تحصيل وافر للأموال التى يدفعها عوام الشيعة لمراجعهم تحت باب ( الخُمس ) وبالتالى فالدولة الإيرانية الآن لا تنشر التشيع بهدف نشر دينها الخاص أو حتى وفق رؤية الشيعة القدامى للتشيع , فأمر الدين خارج نطاق اهتمامهم الذى ينصب على النفوذ والسيطرة على الحكم فى المنطقة بأكملها , وبالتالى لن يستطيعوا تفعيل هذه السيطرة بغير تفعيل المد الشيعى لأن طبيعة دين الشيعة ذاته قائمة على الطاعة العمياء من الأتباع ,
والمرجع أو العالم الذى يفكر فى أن يغرد خارج السرب أو يستيقظ ضميره فيحاول البوح بما يراه , فمصيره معروف ويتراوح بين القتل والإعتقال إلا لو نجح فى الهروب , وقد هرب بعض الرموز المؤثرين من هذه الدوامة وكتبوا محاولين التصحيح مثل موسي الموسوى وآية الله برقعى والمفكر على شريعتى وأحمد الكاتب ولكن المرجعيات لم تتركهم بالطبع وتعقبت كتبهم وشخصياتهم بالتشهير والإسقاط
ونظرا لأن المراجع تمتلك تحت يديها دولة كاملة هائلة الموارد مثل إيران , فلهذا هم يتوسعون بكافة سبل الإغراء لمواجهة دول السُنة بالذات فى مصر والسعودية , ونفوذهم فى الخليج والهلال الخصيب له ما يبرره لأن هذه المناطق بطبيعتها كان للشيعة فيها وجود تاريخى كما أنها تتميز بتعدد الأعراق والقبليات والعصبيات ,
أما مصر فالأمر مختلف جذريا ..
وقد تعددت محاولاتهم كما قلنا فى العصر الحديث ولم تنجح من بداية القرن العشرين وحتى اليوم , ورغم أنهم تمكنوا من اختراق بعض المؤسسات والطرق الصوفية إلا أن هذه الإختراقات بلا جدوى والسبب فى ذلك هو الغباء المنظم الذى تتميز به خططهم ,
فمصر بلد ذات عرق واحد والمواطنون فيها ــ باعتبارها أقدم دولة فى التاريخ ــ ينظرون للحكومات على أنها مُـعامل الإستقرار وبالتالى لا وجود للعصبيات هنا , كما أن مصر تتميز بميزة متفردة شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء , وهذه الميزة هى التى أثنت عليها نصوص القرآن والسنة وأقوال العلماء , وجلبت لمصر مودة ومحبة كافة العرب والمسلمين , ألا وهى التميز بالإنتماء الفطرى للدين منذ نزول إدريس عليه السلام وحتى دخول الإسلام لمصر ,
وبالقطع ليس معنى هذا أن هذه الميزة صفة لصيقة بالمصريين وحدهم بل هى عامة على سائر بلاد المسلمين , ولكن التميز الذى أعنيه هو الطبيعة الخاصة فى مصر وتاريخها مع التدين
ومقولة أن الشعب المصري متدين بطبعه ــ وهى المقولة التى يسخر منها بعض المصريين الآن ــ ليست مقولة خيالية , ولكن هؤلاء الناقدين لم ينتبهوا لدلالتها , فليس معنى أن الشعب المصري متدين بالفطرة أنه شعب من الملائكة أو أن التدين معناه الإلتزام والبعد عن الفواحش من الشعب بأكمله !!
ليس هذا هو المقصود ..
إنما المقصود أنه رغم أن التدين الفطرى منتشر بين العوام , إلا أن مفهوم الإنتماء للدين موجود حتى بالنسبة لمن يتورطون فى الفواحش والمعاصي , وأعنى به أنهم يحترمون التدين الحقيقي الصادق البعيد عن النفاق , وأعماق الناس هنا فيها غيرة حقيقية على الثوابت الدينية , ولهذا لا يقبلون على أولادهم غير ذلك حتى لو كان الآباء أنفسهم مـُـقصّرون ,
وهذه الصفة بالتحديد هى التى أثارت جنون العلمانية ودعاة التغريب فهم منذ قرن كامل يحاولون تغيير قناعات العوام وبث روح الفوضي تحت مسمى التحرر ومع ذلك لم ينجحوا وظل الناس ينظرون باحتقار لأصحاب المعاصي مهما امتلكوا ناصية الشهرة والإعلام وظلوا أيضا ينظرون بعين التقدير لأى متدين حقيقي مهما كان فقيرا أو مضطهدا , وهذا السبب نفسه هو الذى دعا المصريين لإسقاط الإخوان بعد اكتشاف نفاقهم وتجارتهم بالدين , ولو كان الإخوان صادقون فى ذلك وشعر منهم الشعب بهذا ما أمكن لأحد أن يثير الشعب ضدهم أبدا
ومنذ دخل الفتح الإسلامى بقيادة عمرو بن العاص تجذّرت أصول الفكر السنى فى مصر حتى بين العوام فضلا عن العلماء عبر الأجيال , والصحابة وآل البيت معا مصهورين فى بوتقة واحدة فى قلب كل مصري ولهذا عجزت دولة العبيديين عن نشر التشيع الإسماعيلي فى مصر رغم استخدامهم القهر والإرهاب ,
ولكن الدولة الصفوية فى إيران نجحت فى ذلك وحولت إيران من معقل لأهل السنة إلى دولة شيعية نسبيا بسبب وجود الأعراق المتعددة فى بلاد فارس , وبسبب وجود القومية الفارسية التى تعادى الإسلام بشدة بعد انهيار دولتهم بسهولة لم يتوقعها أحد أمام جيوش المسلمين , فلم يصمدوا مثلما صمدت الإمبراطورية الرومانية
وبالمناسبة ..
ليس الذى يمنع المد الشيعى فى مصر هو وقوف الأزهر وأصحاب النشاط السلفي فى مواجهتهم , فالأزهر وائتلاف الصحب والآل الذى يقوده مجموعة من خيرة شباب الباحثين يمثل فقط رأس الحربة , أما المانع الرئيسي فهو الشعب نفسه , وقد ظهر هذا بوضوح تام فى ردة فعل العوام على محاولات البهائية والشيعة إعلان شعائرهم بعد أن استشعروا القوة , فتدخلت جماهير الناس العادية ومنعوهم بالقوة المفرطة ..
قال الشاب :
هل معنى هذا أن الشيعة الموجودين فى مصر غير مؤثرين أيضا رغم الدعم الهائل الذى يمتلكونه ؟!
أجاب الكاتب ضاحكا :
ربما تندهش لو قلت لك أنه حتى المتشيعون المصريون أنفسهم لا يخدمون التشيع عن قناعة كما يتصور الإيرانيون , وأكاد أقسم أن معظم المتشيعين المصريين لو سقط الشيعة فى إيران وتوقف الدعم الخارجى لهم لنفض هؤلاء أيديهم من الشيعة والتشيع نهائيا , وقد ظهر هذا واضحا فى مجموعة من المنتسبين للتشيع حين قاموا بالإستيلاء على مبالغ طائلة تحت بند نشر التشيع وفروا بها ..
وحتى هؤلاء الذين استلموا الأموال الطائلة بغرض الإنفاق على مراكز بحثية للشيعة ومكاتب لزواج المتعة ومكاتب أخرى تحت زعم البحث العلمى فيها مرتبات منتظمة لمن ينضم إليهم ,
كل هذه الأنشطة لا يعلم الإيرانيون أنها أنشطة شبه صورية , وأن الشيعة المصريين نصابون محترفون يأخذون الدعم الهائل وينشئون به المكاتب المبهرجة ذرا للرماد فى العيون ويبعثون بإحصائيات خرافية عن انتشار التشيع فى مصر بينما الحقيقة على أرض الواقع تقول بالعكس تماما ! ,
بمعنى أنهم يتعاملون بالنظرية العامية الشهيرة فى مصر ( ريـّــح الزبون !! )
وما يثير الضحك حقا أن بعض المراجع فى إيران ولبنان مقتنعون بصدق الإحصائيات الوهمية ويحلمون باليوم الذى يصبح الشيعة فى مصر بالملايين !
وأجهزة الأمن المصرية تعلم هذه الحقيقة علم اليقين ولهذا السبب فهى تتركهم وغيرهم لمعرفتها التامة بحدودهم , كما أن نشاط المخابرات الإيرانية فى مصر مرصود رصدا تاما , ولكن بدون أى إعلان انطلاقا من السياسة الأمنية التى لا تـُــفجر القضايا الكبري إلا إذا خرجت عن حدود السيطرة , أما إن ظل الحال كما هو وظل الشيعة فى مصر تحت مجهر الرقابة والسيطرة فلا بأس من منحهم حرية محدودة للحركة بل وللتمويل أيضا حتى تأتى اللحظة المناسبة وساعتها سيلاقون نفس مصير الإخوان , فالغباء صفة مشتركة بين الجانبين

الهوامش :
[1]ـ سطا طه حسين على أفكار المستشرق اليهودى مرجليوث فى كتابه الشعر الجاهلى وكشف هذه السرقات محقق التراث الشهير محمود شاكر وكذلك الرافعى فى رده على طه حسين
[2]ــ وقع نصر أبو زيد فى جهالات لا يمكن قبولها حتى من طالب بكلية الآداب وذلك عندما هاجم الإمام الشافعى مدعيا أنه نافق دولة بنى أمية بعد أن أغروه بالمناصب رغم أن دولة بنى أمية سقطت قبل مولد الشافعى أصلا بخمسة عشر عاما كاملة !!
[3]ــ أنا إلى الآن لا أستطيع فهم مقصود عيسي من جزمه على عدم وجود مصطلح شريعة إسلامية , والغرابة ليست فقط فى وجود المصطلح ( شرعة وشريعة وشرع ) فى القرآن والسنة , بل الغرابة فى أن النفي ذاته يتصادم حتى مع المنطق إذ كيف يمكن تخيل وجود دين بدون شريعة ووجود قانون بلا تقنين , وماذا نسمى العبادات وقوانين المعاملات هل هى معدومة مثلا أو غير وجودة أم أن هذا الموهوم يعتبرها مجرد خواطر !! ؟!
[4]ــ لمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة كتاب ( سفراء جهنم ــ الجزء الأول ) ـ للكاتب ـ موقع صيد الفوائد