عرض مشاركة واحدة
قديم 08-23-2011, 04:08 AM
المشاركة 11
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
واليكم هذه الدراسة الجميله للشاعر والناقد فيصل عبد الوهاب منقوله عن النت عن قصة روبنسون كروزو:

دانيال ديفو ورواية التشرد
دانيال ديفو ورواية التشرد " البيكارسك"
دراسة نقدية عن روايتي " روبنسون كروزو " و " مول فلاندرز "

فيصل عبد الوهاب

كتب دانيال ديفو روايتين من روايات التشرد "البيكارسك" وهما "روبنسون كروزو" و "مول فلاندرز". وتحاول هذه الدراسة ان تقدم لمحة عن طبيعة رواية التشرد وتظهر الفرق بين هاتين الروايتين وعلاقتهما بالنظام الانكليزي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
يعتبر دانيال ديفو رمزاً كبيراً بين كتاب الرواية ومؤسساً لعدد من المجلات الادبية. اتخذ ديفو الادب والصحافة مهنة له وحصل على مركزه الذي يشغله في كل تاريخ حقيقي للرواية كرائد اذا لم يكن كمؤسس فعلي للرواية الانكليزية 1. كان ابنا لمعارض سياسي لذلك درس في كلية معارضة للسلطة في ستوك نيوينغتن. عمل في السياسة كعميل حكومي لكلا الحزبين " الويغ " و " التوري " مع بعض الارتياب في كونه كان يعمل لكليهما في الوقت نفسه. كان ديفو مفكراََ ومخترعاََ ومفلساََ ورحالة وصحفياً 2.
كتب ديفو الكثير من الكراسات والرسائل والكتيبات في موضوعات مختلفة، ولكن بعض النقاد يرى انه قد منح الرواية اصالتها 3. ان كتابه الاول "الريفيو" 1704م – 1713م قد أُعتبر كنقطة تحول في تاريخ الصحافة والمجلات الادبية. وقد كان نتاجه " شبح المسزفيل " عملاً خيالياً اعتمد على نتائج ابحاثه. وعندما بلغ ديفو الستين من عمره نشر رائعته " روبنسون كروزو " سنة 1719م. ثم تشجع لنشر العديد من الروايات والكتابات الاخرى مثل "الكابتن سنغلتن" 1720م؛ "مول فلاندرز" 1722م؛ "الكولونيل جاك" 1722م؛ "صحيفة سنة الطاغوت" 1722م؛ و "روكسانا" 1724م. وقد ضمن افكاره حول الرواية بشكل واضح في "صحيفة سنة الطاعون".
ان جذر كلمة "بيكاريسك" هو الكلمة الاسبانية "بيكارو". ان هذا النوع من الكتابة هو عبارة عن قصة حياة متشرد ذي طبيعة طيبة؛ عن مغامر ذكي ومسلٍ من طبقة اجتماعية واطئة والذي يشق طريقه بالاحتيال والغش اكثر من الاحتراف النزيه 4. فهو يبدأ حياته بالمهن المتدنية كخادم فيستدر العطف وينزلق بسهولة من مهنة الى اخرى ويرتكب بعض الجرائم احياناً.
تكون الحبكة سائبة في رواية التشرد حيث يسرد المتشرد نفسه احداث مغامراته على الطريق. ان الرواية الاسبانية "لازاريو دي تورمس" (1554م) هي الرواية الاولى من هذا النوع، والتي تعد الاكثر شعبية والتي اضفت على هذا النوع اسمه. اما الرواية الانكليزية الاولى من هذا النوع فهي رواية "المسافر التعيس الحظ؛ او قصة حياة جاك ولتون" (1594م) لمؤلفها توماس ناش. اما الرواية الاخيرة من هذا النوع فهي رواية توماس مان "اعتراف فيلكس كرول".
ان العنوان الكامل لرواية "روبنسون كروزو" هو "حياة البحار روبنسون كروزو ومغامراته الغريبة في يورك"، والشخصية الحقيقية لبطل هذه الرواية هو الكسندر سيلكيرك. وقد كان في رحلة بحرية مع زملائه البحارة الى البرازيل، ولكنه عندما نشب نزاع بينه وبين زميله سترادلنغ، الذي اصبح قبطاناً بعد موت القبطان الحقيقي، وتزايد هذا النزاع فقد قرر ان ينزل زميله على ساحل جزيرة خوان فيرناندز مع ممتلكاته الشخصية واشيائه الضرورية وعاش هناك وحيداً لمدة اربع سنوات ونصف (1704م – 1707م) ثم التقطته سفينة ما واعادته الى انكلترة.
وقد ذكر جاي إن. بوكوك سببين عن اهمية هذه الرواية والتي عدها معجزة ادبية :
1. قوة الحقائق فيها والكمية الهائلة من التفاصيل التافهة والتي جعلت الحياة فيها اكثر حيوية.
2. تأثيره على الاجيال بحيث ان الكتاب هو الاول والاخير وهو التبرير السامي للفردية.
وهذه الفردية جعلت ايان وات في كتابه "ظهور الرواية" يكتب فصلا بعنوان ( روبنسون كروزو، الفردية والرواية ) لتفسير النظام السياسي للمجتمع الانكليزي وانعكاساته على الرواية 5. وقد اورد نظريات روسو ولوك عن العقد الاجتماعي ليقرر ان الدافع الاقتصادي والتوقير الغريزي لمسك الدفاتر وقانون العقد الاجتماعي هي القضايا الوحيدة على الاطلاق التي يكون فيها روبنسون كروزو رمزا للعمليات التي ترافقت مع ظهور الفردية الاقتصادية. وهذه الفردية الاقتصادية تمنع كروزو من الاهتمام بروابطه العائلية سواء كان كأبن او كزوج. ولم يكن كروزو مجرد أَفـّاق في رواية تشرد ولكنه يشعر انه ليس مرتبطا ببلاده بروابط عاطفية ولا بأي منها تجاه عائلته ولكنه كان مقتنعاً بالناس مهما كانت جنسياتهم والمؤهلين لعقد صفقات معهم.
لذلك فان بامكان الفرد ان يقول ان كروزو يمثل رمزا للاستعمارية البريطانية بعد فترة الاكتشافات الجغرافية وخاصة تلك المتعلقة بدول العالم الثالث. وتبرز مصداقية هذه الفكرة من الجزيرة البدائية التي تحتاج الى ان تُكتَشف وتتطور لتصل الى الحضارة الانكليزية بواسطة الرجل الانكليزي. وان اكلة لحوم البشر البدائيين يمثلون هؤلاء السكان المتوحشين من العالم الثالث وفق وجهة النظر الاوروبية. وقد تأكدت هذه الفكرة بالعلاقة المتمثلة بين كروزو "السيد" وفرايدي او ( جمعة ) "الخادم" او "العبد" والذي اعطاه سيده الاسم وعلّمه ما يريد سيده ان يتعلم. ان هذا الترميز السياسي ربما يناقض الدروس الاخلاقية لديفو والذي قدّم بها بعض اعماله مثل "مدرس العائلة" ولكن مثلما يقول وات : كانت رواياته لا تعكس النظرية ولكن التطبيق.
يتفق العديد من النقاد على ان "مول فلاندرز" تختلف عن رواية التشرد المثالية. جي. أي. ايتكن في تقديمه للرواية وتحليله للمقدمة التي كتبها المؤلف نفسه، قال ان هناك تماثل سطحي لروايات التشرد القديمة من مدرسة هيد "المتشرد الانكليزي" 6. كذلك فان ايان وات، الذي يختلف في تعامله مع هذا النوع من الرواية واسباب هذه الظاهرة، قال ان المتشرد لا يشعر بالندم على اعماله الخاطئة كما فعلت مول فلاندرز وان الاختلاف بين رواية " مول فلاندرز " ورواية التشرد هو ايضاً نتيجة لتغير اجتماعي معين يرتبط مباشرة بظهور النزعة الفردية. وقد قال ايان وات ان ديفو قد صوّر شخصياته في رواية التشرد كضحايا للظروف الاجتماعية ولكن هذا ليس صحيحا، على الاقل بالنسبة لمقدمة ديفو لروايته عندما قال ان البطلة تتظاهر بالندم والضعة. ولم يتوصل ديفو في مقدمته الى الاسباب التي تجعل بطلته ترتكب الجرائم. فقد ادان تلك الاعمال الاجرامية فقط طبقاً لمعتقداته الاجتماعية واوضح ان النظام الاجتماعي بأكمله مسؤول عن تلك الجرائم. ذلك النظام الاجتماعي الذي يميل للتغيير نحو الرأسمالية، يدفع الافراد لارتكاب الجرائم لكي يحفظوا أنفسهم من غائلة الجوع كما يقول ايتكن.
من هذا نستنتج ان دانيال ديفو لم يكن مهتما برواية التشرد النمطية وخاصة في روايته "مول فلاندرز"، حيث شهدت بطلتها التغيير في المجتمع الانكليزي نحو الفردية الاقتصادية. ولم يتعامل ديفو مع هذا العنصر من عناصر التغيير ولكن روايته تعكس هذه الحقيقة. لقد كانت شخصياته ضحايا للنظام الاجتماعي الانكليزي ولكنه في نظريته اعتبرهم كآكلي لحوم البشر.
ان رواية " روبنسون كروزو " تعكس النزعة الاستعمارية الانكليزية المتنامية خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر ولذلك فأنها ليست مجرد رواية تشرد بل انها تختلف عن ذلك في هذا المنظور. ويمكن اعتبارها كترميز سياسي للنزعة الاستعمارية الاوروبية.


المصادر
1. تيلو تسون جي. و آخرون الأدب الإنكليزي في القرن الثامن عشر، الولايات المتحدة 1969.
2. ايفور ايفانز التاريخ الموجز للادب الانكليزي، ميدل سيكس 1976.
3. جاي. إن. بوكوك روبنسون كروزو لدانيال ديفو، لندن 1966.
4. كالفن إس. براون رفيق القاريء في الادب العالمي، نيويورك 1973.
5. ايان وات ظهور الرواية لندن 1957.
6. جي. أي. ايتكن مول فلاندرز لدانيال ديفو لندن 1963
=======
اهمية الرواية:
- قوة الحقائق فيها والكمية الهائلة من التفاصيل التافهة والتي جعلت الحياة فيها اكثر حيوية.
- تأثيره على الاجيال بحيث ان الكتاب هو الاول والاخير وهو التبرير السامي للفردية
- ان هذا النوع من الكتابة هو عبارة عن قصة حياة متشرد ذي طبيعة طيبة؛ عن مغامر ذكي ومسلٍ من طبقة اجتماعية واطئة والذي يشق طريقه بالاحتيال والغش اكثر من الاحتراف النزيه 4. فهو يبدأ حياته بالمهن المتدنية كخادم فيستدر العطف وينزلق بسهولة من مهنة الى اخرى ويرتكب بعض الجرائم احياناً.
- تكون الحبكة سائبة في رواية التشرد حيث يسرد المتشرد نفسه احداث مغامراته على الطريق.