عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
4677
 
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب

اوسمتي


أحمد فؤاد صوفي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,731

+التقييم
0.31

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6386
01-15-2011, 11:55 PM
المشاركة 1
01-15-2011, 11:55 PM
المشاركة 1
افتراضي ++ لن أظلم أولادي أبداً ++
+ قصة على ثلاثة فصول +





++ لن أظلم أولادي أبداً ++




* الفصــل الأول *


* الألم والذكرى *



بدا ضوء الفجر وهو ينتشر رويداَ رويداَ ليوقظ المدينة من غفوتها اليومية ، وبدأت العصافير بالزقزقة الفرحة وهي على رؤوس الأشجار المتناثرة ، و كأنها تنتظر أشعة الشمس كي تتحرر من الظلمة ، وتطير باحثة عن رزق يوم جديد. اعتدلت نادية لتجلس في الكرسي المواجه لنافذة الغرفة ، وتفتح الستارة لترقب بزوغ الشمس ، وقد قرّ قرارها بشكل نهائي على ما يجب عليها أن تفعله.
لقد سهرت الليل بطوله وهي تتقلب وتفكر بما آل إليه حالها ، واستعرضت شريط حياتها وذكرياتها و كأن أمامها مسلسل تلفزيوني طويل ، فقد عاشت في بيت أهلها مدللة معززة ، و قام والدها بغرز مبادئ العمل والالتزام في نفسها مذ أن كانت صغيرة ، أما والدتها فقد قامت بتلقينها مبادئ الأخلاق والإيثار وحب الخير، فنشأت على حب الناس والثقة بهم ، ولم تعرف يوماَ معنى الكراهية أو الخيانة ، بل كانت بعيدة كل البعد عن المساوئ والرديء من الأمور.
كبرت الصغيرة واجتازت مراحلها الدراسية بتفوق ملحوظ ، ووصلت إلى الجامعة بسهولة ويسر ، ودرست المادة التي تهواها وهي علم الاجتماع، و في السنة الأخيرة وقبيل تخرجها تقدم لخطبتها شاب ابن عائلة صديقة ،عريس لا ينقصه شيء سمعته عالية،مستواه المادي ممتاز ولديه البيت والسيارة ، بالإضافة إلى جمال شكله وحسن سمعته ، وهو حلم لأية فتاة . .
وافقت نادية وقبلت بالخطبة قبل التخرج ، ثم حصلت على شهادتها و أكملت مع خطيبها تجهيز البيت وتزوجا، كانا مثالاَ لأية عائلة ناجحة ، وأكمل اللّه نعمه عليهما فرزقهما ببنت وولدين كانوا قرة عين لوالديهما. .
أما زوجها عادل فلم يكن نجاحه في عمله بأقل من نجاحه في بيته ، فقد بدأ عمله بعد تخرجه بمساعدة والده ، ثمّ اعتمد على نفسه ، وأصبح مالكاً لشركة كبيرة راسخة في السوق ، ولديه الكثير من الموظفين والموظفات ، والتزم في عمله التزاماً جادّاً ، وعمل بإخلاص كامل أهلّه لتكوين موقع اجتماعي رفيع ، و ثروة كبيرة خلال فترة قصيرة . .
في يومٍ من الأيام أعلن أحد المحلات الشهيرة عن برنامج تسويق ضخم ومسابقات ومكافآت ، رغبت نادية أن تزور ذلك المحل فذهبت وتفرجت مع صديقاتها وأعجبها نوع جديد من العطور كان غالي الثمن وله رائحة جديدة مميزة ، ولكنها تركت موضوع شرائه لمناسبة أخرى . .
بعد نهاية يوم العمل عاد عادل زوج نادية إلى بيته محملاً بأغراض وهدايا لأولاده ، وكان هذا دأبه في كل حين ، غير ملابسه ، وجلس في الصالة مع أولاده أمام التلفاز ، توجهت نادية لترتيب ملابس زوجها وتعليقها في الخزانة كالعادة ولكنهاعندما دخلت الغرفة،وجدتها عابقة بعطر فواح جميل ، وتحركت ذاكرتها ، فهذا العطر ليس من مجموعتها ، وبعد ثوانٍ قليلة تذكرت بأنه نفس العطر الذي أعجبها منذ أيام مضت ، ولم يدر في خلدها أي تفسيرٍ لذلك ، ومرّ اليوم عاديـــــاَ لا يقطع سعادته شيء. .
بعد يومين فقط ، صدمتها ثانية نفس الرائحة تفوح من ثياب زوجها ، هنا بدأ الفضول ينهش صدرها، وهي لم تتعود على شعور الشك ، ولا يمكن أن تشعر تجاه زوجها بأي شعور كريه أو شكّ مقيت ، ولكن هذه الرائحة ، نفس الرائحة كل مرة، من أين تأتي؟!..
حاولت أن تتناسَى ذلك ، ولكن الرائحة لازمت ملابس زوجها ، ولم تنفك عنها أبداً ، حتى حين كان يغير ملابسه بملابس جديدة ، كانت الرائحة تتشبث بها بعد يومين على الأكثر. .
وصار هذا الموضوع،الشغل الشاغل لنادية ، تفكر فيه اليوم كله و تسهر الليل وهي لا تفكر إلا بسؤال واحد!..من أين تأتي هذه الرائحة؟!..وما هو مصدرها؟!..
وتحركت فتنة الشك ، وخصوصاً بعد أن زارتها إحدى صديقاتها وكان في نظراتها أشياء غريبة لم ترضَ أن تفصح عنها ، وكأنها تعرف شيئاً لا تستطيع أن تبوح به. .
بعد أيام يكون قد مضى على زواجها ثمانية عشر عاماً بالتمام والكمال ، لم ينغص حياتها شيء خلالها ، أيعقل أن تنهشها الوساوس تجاه زوجها ،أقرب الناس إليها؟..أيعقل أن تسرّ لأيٍّ كان من أهلها أو صديقاتها بما يعتمل في قلبها؟!..وماذا سيقولون عنها؟!..
وكيف سيشعر أولادها، لوكان شكها كاذباً؟!
مرت أيام طويلة ، وصراع الشك يتزايد في قلبها ، حتى انتصر شكها على يقينها ، وقررت أن تتصرف وحدها،وأن لا تخبر أحداً عما تنتوي فعله . .
في اليوم التالي ، وفي الساعة العاشرة صباحاً ، ركبت سيارتها و ذهبت صوب شركة زوجها ، وصلتها ولم تجد سيارته مكانها ، اتصلت بالسكرتيرة الخاصة ، غيرت صوتها، وسألت عنه على أنها ممثلة تجارية لشركة كبيرة، وتحتاج لمعرفة أوقات تواجد زوجها كمدير عام كي تحضر لمقابلته، فجاءها الجواب أنه يتواجد صباحاً من الثامنة إلى العاشرة و من الثانية عشرة إلى الثالثة بعد الظهر!.. ودار في خلدها ألف سؤال وسؤال ، هذا الوقت الفاصل من العاشرة وحتى الثانية عشرة يومياً أين يقضيه؟!..إنه لم يذكر خلال تلك السنوات الطويلة أي شيء أو تفسير لذلك!..هي لا تعرف غير أنه متواجد بشكل دائم في الشركة..
طغت الهواجس على تفكيرها ، وعادت إلى بيتها و أولادها ، وقد بدأ الهم بالتسرب إلى نفسها . .



* يتبع *