الموضوع: سحابة سوداء !
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
9

المشاهدات
4764
 
علي بن حسن الزهراني
أديب وإعلامي سعودي

اوسمتي


علي بن حسن الزهراني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,762

+التقييم
0.33

تاريخ التسجيل
Jul 2009

الاقامة
الرياض - السعودية

رقم العضوية
7494
02-28-2011, 10:23 PM
المشاركة 1
02-28-2011, 10:23 PM
المشاركة 1
افتراضي سحابة سوداء !
كيف أبدأ؟!
ماذا أقول؟!
هل أبتر الكلام، وأمزق الحروف، وأقتل السحاب، وأستبيح المطر؟!
هي كذلك !
إنها ترقد في سريرها الأبيض لونا فقط ! وهو أسود قاتم، مُرّ، ممل، سئمتْ منه، وربما هو كذلك..
جلستُ إلى جانبه المتحرك، وجانبها مشلول لا يتحرك !
حدثني طويلا عن معاناتها، ولوعتها، ودموعها، واشتياقها إلى رؤية السماء، والسحاب، والمطر، والناس، ووجوهنا التي ظلتْ زمنا تفتقدها بعد كل زيارة عابرة، باهتة، لا طعم، لا لون، ولا رائحة.. تنظر إلى ملامحنا في خوف ووجل أن تكون قد تغيرت، أرهقت، أو أصابها مكروه.. تخشى على أطرافنا من النقص، وطرفها ناقص !.. باتت تتفقدنا.. تدعو لنا.. تحبنا.. تبكي علينا..!!
آه منك أيها السرير الأسود إلا من بياض خديها وقلبها، والغرفة المظلمة إلا من نور وجنتيها وابتسامتها المخنوقة عندما تدعو لنا بسعة الرزق والبركة في المال والزوجة والولد..
" راضية عنك يا ولدي"..
قالتها وهي تبكي عجزها، وحسرتها، وطول الانتظار، وبعد الانتظار، وضعف الحيلة والحال..
أرجوك لا تبك يا أماه.. توقفي أيتها الدموع.. كوني بردا وسلاما على قلبها المكسور من ألم العجز، وانتظار الربيع.. كل الفصول..
أدميت قلبي يا أماه..
أقسم لك أن السماء هي السماء، والمطر هو المطر، والناس هم الناس، وملامحنا هي صورة من ملامحك؛ بل أنت أجمل !
أقسم لك أن سواد السماء "إشاعة" نقلها المغرضون إلى مسامعك وصدقوها، والغبار أول المطر فقط !
الأرض هي الأرض، وأقدام الناس هي من أزعج سكونها، وهدوءها، ورصانة عقلها الذي يزن الأرض نفسها..!
أماه.. يا أماه..
لا تبك على جناحك المكسور في الدنيا، فهو سيحلق بك في الجنة التي مازالت تحت قدميك النحيلتين.. قدماك تحتهما الجنة يا أماه فادعكي برائحة الجنة وجوهنا، وملامحنا، والناس، والأرض والمطر..
ضميني إلى صدرك كما كنت طفلا بالأمس، ضميني إلى الصدر الذي تمردت عليه اليوم عندما كبرت.. أصبحتُ متلهفا إلى رؤيتك أكثر من ذي قبل، وكأني سأموت بين يديك، فأنا أحس بمنيّتي تقترب مني.. فلا تخافي، ولا تجزعي، ولا تبك عليّ؛ بل ادعِ لي يا أماه.. لأنني أحبك.. أحبك.. ولدي يحبك.. زوجتي تحبك.. وجوهنا وملامحنا تحبك..

أبو أسامة


زحمة وجوه وعابرين!