عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
19

المشاهدات
8047
 
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6


ناريمان الشريف will become famous soon enoughناريمان الشريف will become famous soon enough

    غير موجود

المشاركات
25,777

+التقييم
4.65

تاريخ التسجيل
Feb 2009

الاقامة

رقم العضوية
6405
09-03-2010, 03:40 PM
المشاركة 1
09-03-2010, 03:40 PM
المشاركة 1
افتراضي أشهد عدل القرار !!
أشهد عدل القرار!!



ابتدأ يوم آخر من العمل , هذا اليوم مختلف,
فالجميع قلق بشأن قرارات ادارة الشركة , اليوم ستعلن الترقيات , الجميع يتهافت على باب المدير العام يستنشيء الاخبار,
كل واحد من الموظفين صغاراً وكباراً يعتقد بأنه واحد من أولئك الذين لهم الحق المبين في الترقية.
أبو محمد.. ذهب الى مكتبه كعادته, ينكفيء خلفه , يحمل قرطلاً مليئاً بالأوراق التي يستخدمها في إنجاز عمله والتي اعتاد أن يحملها معه لاكمال بعض حسابات الشركة في بيته.
فهو يعمل فيها منذ عشرين عاما من غير كلل او ملل ,
الكل يستضيء برأيه ويستنير بخبرته,
لم يبخل يوماً بمساعدة قد يطلبها منه أحد ,
يقدس العمل واهل لحمل المسؤولية ,
يؤمن بأحقية الشركة بكل دقيقة خلال فترة دوامه فيها ,
لا تهمه نفسه بقدر ما تهمه المصلحة يتياسر في امر نفسه وصحته ,
لا يرحم عقله من الاجابة على الاستفسارات التي يطرحها عليه الموظفون الجدد في نهاية كل عام عند اجراء الحسابات الختامية للشركة , وكثيرا ما يقوم بانجاز اعمال غيره

هكذا تعود الموظفون على رؤية ابي محمد , لقد بات معراجاً يتصّعده الكثيرون للوصول الى القمة ,
وبعضهم يفترص الهـُنيهات من أجل مصالحه الشخصية ,
ومع كل هذا , فهو غير مرغوب فيه , لانه كنود, صادق, جريء , لا يتقن مهنة التملق ,
بل لا يستطيع تمثيله في أكثر المواقف حاجة إليه ,
كان أبو محمد ولا يزال سلسبيلاً إذا ابتعدت عنه,
لكنه كالمِعضد يقطع اوصال من يتعدى عليه.

لحظات حرجة تمر , الدقائق تعبر جلدات على رؤوس من يتوقعون الترقيات وشهادات التقدير والعلاوات,
الكل يحس بانه سنيّ ستنهال عليه بعد قليل بشائر الوجاهة ,
بعضهم يرفل بلخا يتخطى المكاتب والاوراق ويغتال الوقت بمطالعة صحيفة او شرب القهوة,
والبعض الاخر يفتـّت الساعة بنقاش حاد يقنع من حوله باخلاصه, والسيناريوهات التي تجري كلها كأنها دلالات المسؤولية للموظفين حديثي الترقية.

أما أبو محمد , فرجل واثق بنفسه , واثق بعدالة الإدارة هذه المرة , فلقد اعتاد الصمت كل سنة إزاء قرارات الترقية السابقة ,
حيث كان يلتمس للادارة العذر فيبحث في شخصيته عن ثغرات
لا تؤهله للحصول على أي منصب أعلى مما هو فيه.
أما هذه المرة فالأمر يختلف, حيث مميزات الرجل الناجح التي تعلنها مثابرته وإخلاصه تؤكد فوزه بلا منازع,
فهو أكبرهم سناً , وعلامات الإخلاص بادية على وجهه
وتعلن عنها انحناءة ظهره وصحته التي كانت ثمناً لهذا الاخلاص.
ومع هذا يُؤْثر الصمت ولا يحاول أن يُظهر للآخرين بانه من المنتظرين للترقية.
شارف اليوم على الانتهاء , وفي نهاية الدوام
وإذ بالمدير يدعو الى اجتماع طارىء ليعلن عن جملة القرارات التي خرجت بها الادارة ,
دلف الموظفون من مكاتبهم إلى قاعة الاجتماعات
يتعثرون بعضهم ببعض يهيئون أنفسهم للاستماع إلى القرارات..
وسرعان ما كشف عن المخبوء الذي طال انتظاره .
وجوه مكدودة في إحدى الزوايا , ترفس الاوراق يمنة ويسرى , ووجوه أخرى مفعمة بالفرحة ,
ولم يُمنح أبو محمد شيئاً .

راح أبو محمد يرمق القاتل بنظرة عتاب تذكره بواجبه المقدّس
نحو المخلصين لكنه لم يتذكر ولم يع النظرة .
أُعطبت فرحة أبي محمد المكتومة والتي لم يعلن عنها انفا , واخترمت أحلامه ,
رفع رأسه وصاح في وجه المدير:
يا سارق عمرى لك الله ايها الظالم .
بعدها الفى ابو محمد نفسه معزولا ,
وقد اهترأ الجسد من كثرة الانهماك في العمل ,
اهتزت مبادئه التي طالما افتخر بها , وأرضعها لأولاده ,
واستوضح بأنها هي السبب في عدم ترقيته,
لأنه لم يحسن يوماً الرياء وراح ينوص عن مكتب المدير
مهرولاً يقدم استقالته بهذه الكلمات

( أستقيل .. وأشهد عدل القرار)





مع تحياتي ... ناريمان