عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2011, 10:09 PM
المشاركة 15
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
[justify]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الشكر للزميلة غنية صاحبة القضية ..
وللشقيق الزهرانى على دعوته الكريمة ..

أما بالنسبة لقضية وسائل العالم الإفتراضي فما أثارته الشقيقة غنية أمر صحيح تماما , وخطورته بالفعل خطورة واقعة وواقعية ومع الأسف الشديد لا نضعها فى موضعها اللائق بها من الإهتمام , بل إن أغلب الأسر غالبتا ما يجدون ارتياحا لها باعتبارها تعفيهم من صداع الأبناء ! وآخرون يظنونها مبعثا للفخر باعتبارها دليلا على النبوغ !
وكل هذا حسن بلا جدال ..
لكن من قال أن حسنه معناه ترك الحبل على الغارب بالطريقة التى نشهدها فى المجتمع ؟!!
وقد تبدت مظاهر الخطورة فى أكثر من جانب منها ..
أولا : الإدمان الحقيقي لشبكة الإنترنت حتى يكاد مستخدمها ـ بالذات صغار السن ـ يستغنى عن صداقاته ورفاقه بل وحتى عن أسرته ـ فيقضي الساعات الطوال أمام الشاشة لا يهتز
ثانيا : تسرب ما يمكن أن نسميه أخلاقيات العالم الإفتراضي إلى نفوس الشباب وكما نشاهد جميعا ظاهرة استخدام الأسماء المستعارة وانتحال جنس آخر فى بعض الأحيان وإدمان الدعابات الثقيلة فى أحيان أخرى والشغف الشديد بالرقابة على الآخرين كل هذه الأمور التى قد تبدو بسيطة تساهم فى خلق شخصية مشوهة للمستخدم باعتبار أن استخدامه للشبكة يبدأ فى سنين البناء لا سنوات النضج
ثالثا : التوافر الهائل لكل أنواع المعلومات تسبب فى كارثة ثقافية كبري عانينا ولا زلنا نعانى منها ـ ككتاب ـ فقد قل الشغف بطلب العلم بأصوله المتبعة وأصبحت سهولة الحصول على المعلومة دافعا ضخما لرفض الإقبال على العلم باعتبار أن المعلومات جميعها متوافرة بالشبكة !
مما ساهم على نحو خطير فى إهمال العلم وقيمته وطرق تلقيه .
رابعا : وهى مبنية على ثالثا , حيث أدى توافر كافة أنواع المعلومات إلى ما يشبه الإستغناء عن المتخصصين فى كل مجال !
فأصبح المستخدم الشاب يستهين بالعلماء المتخصصين ويحسب أنه استغنى عنهم بمعلومات الشبكة فى تصور أحمق بالطبع لقيمة العلم والعلماء حيث أن العلم ليس فى الكتب , ولا يمكن أن يكون الكتاب وحده معلما , وإلا لما احتاج الناس للعلماء والكتب متوافرة تحت كل يد ,
فالأهم فى كل مجال هم المتخصصون الذين يعرفون الغث من السمين ويملكون التفرقة بين ما هو صحيح وما هو ملتبس ,
وقد تبدى هذا بوضوح شديد فى مجال المعلومات الدينية حيث تصدى لها كل أحد وأصبح العلماء الكبار ذوى القيمة العالية يجدون استهانة ومناقشات سخيفة وتافهة من شباب فى سن أحفادهم يتعاملون معهم معاملة الند للند ويرفضون الفهم الصحيح لمجرد الإعتداد بالرأى وحسب

ولاحظوا أننى هنا لم أتطرق إطلاقا للاستخدام السلبي للشبكة بالبحث عن المواقع المنحرفة بأنواعها بل شرحت فقط سلبيات الاستخدام الإيجابي وما يمكن أن يؤثر به سلبا على عقلية المستخدم الشاب ,
وصغر السن هو المشكلة الحقيقية لأن دخول الشاب فى مقتبل العمر لعوالم الشبكة أشبه بطالب العلم الصغير الذى لا زال فى بداية الطريق , وبدأ أول ما بدأ بكتب الخلاف بين العلماء قبل حتى أن يؤسس لنفسه الأصول الثابتة التى تقيه شر الزيغ والفتن ..

والمشكلة هنا مشكلة اجتماعية وأسرية ..
ودور الأسرة لن يقتصر فقط على التربية الأخلاقية السليمة التى قد تقي الشاب من استخدام النت فى الإنحراف الخلقي , بل لابد معها وبالتوازى من تربية فكرية تقيه الإنحراف الفكرى الذى قد تسبب فيه جحافل المعلومات من كل من هب ودب دون وجود أدنى ضابط أو رابط للنشر على الإنترنت مما جعل الملحدين وأضرابهم يجدون فى النت مرتعا خصبا لتشكيك الشباب الغر فى عقائدهم على نحو ما نرى فى كل يوم ..

وقديما ..
كانت التربية الفكرية السليمة نادرة وليست مطلوبة إلا للشاب الموهوب الذى يمكن أن يشكل عجينة عبقرية فى المستقبل , أما الآن فقد أصبحت ضرورة بكل ما في الكلمة من معنى , ضرورة تجبر كل أب أو أم ـ إن كان حريصا حقا على عقل ولده ـ أن يتأهل هو أولا كأب بالتربية الفكرية السليمة وأعنى بها معرفة أبعاد العقيدة السليمة وعدد لا بأس به من شبهات الإنحراف الفكرى والرد عليها , وبعدها يحرص على أن يكون جاهزا لأى استفسار من أبنائه وهو متمالك لأعصابه مهما بلغ شطط الأسئلة ,
لأن تعصب الأب وغضبة سيكون الطريق الذهبي لكى يسلك الإبن مسالك النت حيث يجد الحرية فيما يقول ويكتب ..

والله المستعان
[/justify]