عرض مشاركة واحدة
قديم 01-21-2020, 04:37 AM
المشاركة 133
العنود العلي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: O موسوعة القصص القصيرة o
مشهَد قصيرٌ جدًا ؛ عُنوانه " لا شيء " *


- توتُّر !
هذا ما راحت أنفاسه تتمتم به طيلة الوقت ، كلُّ أفراد هذه العائلة يدورون في غرفة المعيشة جيئةً و ذهابًا ، حقًا إن هذا الجو يوتّره و يسبب له صداعًا حادًا !
إنه يشعر كما لو أنّه مجرم قد التفتّ على عنقه مشنقة العدالة ، أيُّ عدالة ؟ لا ، لا ، هذا ليس تعبيرًا يصف حاله الآن بشكل جيَّد .

" آه "
أصدر صوتَ تنهيدته القصيرة بتعب أخيرًا ، تمنّى لو أنَّه يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك ، لكنه غير قادرٍ حتى على الذهاب إلى غرفته في صمت ، داعب
نفسه بشيء من سخرية :
- لابأس ، الأمر ليس و كأنه جديدٌ علي .
فجأة ، توقفت الحركة ، كل شيء أصبح يثرثر بدل ذلك ، إنه يسمعُها في كل مكان ، بجانبه ، فوق رأسه ، أمامه ، خلفه !

- " يا لهذا الإزعاج ! "
شتم في نفسه جملة عائلته بهذه الكلمة كثيرًا ، بل الأصح عدد مراتٍ لا تُحصى ، لو أنهم فقط يتركونه يعيش بخير دون إجراء اجتماعات عاجلة في كل مرة
يطرأ على حياته الصحية تغييرًا ، أو يتفوه فيه طبيبه المخضرم بكلمة سخيفة كالعادة .
تبدّت في نفسه رغبة قديمة ، لو أنه كان يبصر دون أن يسمع ، أما كان ليكون الوضع أفضل ؟ على الأقل لن يضطرّ إلى سماع كل هذه المهازل ، لن يضطر
إلى كره ذاته الضعيفة البالية كل ثانية ، على الأقل كان ليكون إنسانًا آخر .
أصدر تنهيدة صغيرة مجددًا ، لكن هذه المرة بصوتٍ أعلى :

- " آه "
كأن صوته كان مسموعًا هذه المرة !
يبدو أنهم قد تيقظوا لتعبه و ملله ، لقد توقفت الثرثرة ، لم يعد لها أدنى أثر ، إنَّمــالم َيشعر أن الكل أصبح ينظر إليه !؟
تحدَّث مجددًا فجأة :
- حقًا ، أنا تعبت ، هلَّا أحدٌ يخاف الله فيوصلني إلى سريري .

وحيدة كالقمر