عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-2013, 01:15 PM
المشاركة 389
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عناصر الروعة في رواية رقم 1 ـ دون كيشوت، للمؤلف ميغيل دي سيرفانتس

- اهتم توماس مان أيضا بالتغلغل في ورش عمل الكاتب الإسپاني بغية اكتشاف «حيله وألاعيبه» ورغبة منه في معاينة الأنساق السردية التي وظفها والتي وجد بعضها موازيا للعديد من الأنساق التي استعملها في كتاباته.

- لقد أثار انتباهه بصفة خاصة كيفية معالجة سرفانتس لمخلوقه الفكاهي والحزين في نفس الوقت، حيث لاحظ نموه الإشكالي على امتداد الحكي، وكيف يغدو في خاتمة المطاف «شخصية رمزية ذات بعد إنساني معاصر».

- تنبه توماس مان كذلك إلى ما اعتـُبر من طرف العديد من النقاد «أخطاء سردية» أو «هنات ناتجة عن السهو»، لكنه ردّ ذلك إلى كون المعايير السردية في عهد سرفانتس كانت متراخية ومختلفة عن المعايير الصارمة المستعملة لدى الروائيين المعاصرين.

- اشار توماس مان إلى تعاطف المؤلف بصورة إنسانية مع شخصياته، بل وتضامنه معهم، ولم يتردد في التعبير عن استغرابه من قساوة «دونكيشوت»، مشيرا إلى أن بطل الرواية يتلقى من أصناف العقاب الجسدي المتكرر أضعاف ما تلقاه لوسيوس في قصة «الحمار الذهبي» لأبوليه.

- بيد أن ما يبرر تلك القساوة، في اعتقاده، هو ما أسماه «سادية السخرية» التي كانت أحد العيوب الاجتماعية السائدة في القرن السابع عشر، عصر الكاتب الإسباني.

- إن من شأن هذه الملاحظة أن تذكرنا بما تنبه إليه فلاديمير نابوكوف أيضا في دروسه المكرسة لرواية سرفانتس (هارفارد 1951 – 1952) حيث اعتبر الكتاب «موسوعة للقسوة والعنف المجاني».

- أدلى توماس مان بملاحظات بالغة الحصافة حول المحاكاة الساخرة والشخصية الروائية متسائلا عن الوشائج الخفية التي تصل معيش سرفانتس بتخييل روايته، وعلاقة كل ذلك بالثقافة الشطارية.

- ويمكن القول بأن مفهوم السخرية شكل محور اهتمام الكاتب الألماني منذ روايته «الجبل السحري»، وأنه سبق له أن عرفها في مقالته «غوته وتولستوي» بكونها «تقاطب بين نقيضين يؤدي إلى حصول انسجام غير متوقع».

- وفي خطابه الذي ألقاه بسالزبورغ سنة 1952 تحت عنوان «الفنان والمجتمع» أبرز توماس مان أن الفن « إذا كان يدفع الناس تلقائيا إلى السخرية، فإن الأمر لا يتعلق بسخرية حادة وهجائية، وإنما بوعي مرح تنتفي فيه الكراهية ليحل محلها إحساس عميق بالتحرر».