عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
5321
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
02-09-2014, 12:21 AM
المشاركة 1
02-09-2014, 12:21 AM
المشاركة 1
افتراضي نص موصوم بجنون الإبداع
قلما نجد المهيب من النصوص ، نص يفك عقال التأثر و يسمح للوجدان بتقديم رقصاته العفوية البريئة ، نص يفتح عينيك على الأدب و المتعة الممزوجة بسكرة العشق اللغوي ، نص يتلبس الذوق حتى يصبح الذوق بعينه و يصيبك بعدوى الجنون الأدبي ، نص فيه مس سحري يرتقي بالذائقة الأدبية لتبلغ سدرة البلاغة و منتهى الحياكة الشعرية ، نص تتماهى معه أحلامك الإبداية .
لو سألني سائل هل في ذاكرتك نصوص بهذه المواصفات ، لقلت ربما أجد بعضها ، و لعل أول نص سيشرئب عنقه من الذاكرة قبل غيره هو les trouvères de la liberté لكاتبه jean charles varennes و ربما جاء بعده نص حافل بالحركة لكاتبه alexandre dumas ; و عنوانه vingt ans après و بعدهما تصعد روائع honoré de balzac مثل : le père goriot و eugénie grandet ، و ربما تظل كتابات guy de maupassant الأكثر جنونا سواء في قصصه أو رواياته ، و سأخذ من بينها une vie ، حين يبحر بك المبدع عبر سرد خرافي مستعملا لغة حية تتناغم مفرداتها متعاضدة من أجل بناء صرح دلالي شامخ ، حين يتحول المشهد إلبسيط إلى لوحة أخاذة مدهشة ، هنا العبقرية الإبداعية .
لم يكن موضوعي أن أكتب عن هؤلاء جميعهم ، لكن ما أثار الذاكرة و نفض عن مخزونها غبار النسيان ، هو نص يبلغ من الروعة ما أثارته في نفسي كل تلك الروايات التي يتاميز أغلبها بالطول ، لكن هذا النص الذي أيقظ تلك النصوص هو : ليل .. و أنا .. و عازف السكسفون لمبدعته إيمان الدرع .
صدفة وجدت هذا النص التحفة في موقع إليكتروني ، فداعب روحي فهممت به لولا أن تذاركني النوم فأنجاني من جنون يحمله بين طياته كاد يعصف بحلقات تركيزي المتناثرة هنا و هناك . العزف عموما يزعزع تلك التوزنات التي تبنيها النفس لإخفاء جنونها أمام الملأ ، فلكم أن تروا كل أشكال الرقص فهي ثورة ما على المألوف و انتفاضة على ذلك النمط الرتيب للحركة تذكيها المقامات و تتخلص الذات من تلك الحالة الجنونية بالحركة الصاخبة المصاحبة للإيقاع الموغل في التعسف ، لكن عندما تكون المعزوفة بلا إيقاع و تستفرد التقاسيم وحدها بالذات يتصلب الجسد في جمود و تهيم الروح صاخبة ، تضطرب فيها الفصول ، تلك التموجات الموسيقية يزداد تأثيرها كلما كان العزف على آلة هوائية ، لأن النفخ فيه ملامسة للروح أكثر ، وتعبيره أعمق من تعبيرات انتقال الأصابع على الأوتار .
نص قصير يدعو لهذه المأذبة الأدبية الشهية الليل بحمولة القاسية حيث الظلمة و السكن إلى النفس ، والشتاء بأمطاره و رياحه و اضطراب الطبيعة و برودة الطقس التي تثير برودة المشاعر ، يوازنها الكاتب بدفء المدفأة و معزوفة الساكسوفون .
نص غارق في الإحساس ، ناقل للغربة ، مليء بالحيرة ، نص يحمل كل أثقال الوطن والتخلف و القلق المشروع والحب ، يخمرها فتخرج النغمات حاملة لهذا الزخم فتموج الروح سابحة عبر الأخطاء والآمال و الحقيقة غير قادرة على التحرر .
تمنيت أن أضع النص هنا لأنه أكثر تعبيرا ، وأبلغ دلالة ، لكن تبقى النصوص خالصة لأصحابها و لحواملها.

وإلى مقال آخر .
تحيتي