عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
11

المشاهدات
4430
 
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية

ريما ريماوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
801

+التقييم
0.17

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
الأردن.

رقم العضوية
10476
10-07-2011, 01:08 PM
المشاركة 1
10-07-2011, 01:08 PM
المشاركة 1
افتراضي صمود امراة .. بقلم: ريما ريماوي
صمود امرأة



- ماذا تقول..؟ هل فقدت ولدي الوحيد..؟

حملته حزنا على حزن، أدخره ليكون بهجة أيامي القادمه وسلوى أحزاني الدفينه،
أحزان الفقد التي ما أخطأت دربي يوما، أمي يوم مولدي ثم أبيه الذي لم أهنأ معه ولم يعلم حتى
أنني أحمل ابنه بأحشائي، عندما رحل شابا لم يمض معي سوى شهرين،

والآن فقدت حتى أملي الوحيد الباقي.
آه يا يا حبيبي لمن تتركني...؟

ابتعدوا عني أرجوكم، لا أريد أحدا قربي... دعوني وحدي أجتر أحزاني.


كانت الصدمة قوية فبكت وأبكت، وعزلت نفسها عن الجميع تجتر الحزن وذكرى باسل الذي كان ومنذ نعومة أظفاره يمضي الوقت مع صديقه أحمد ابن الجيران الذي يقاربه في العمر، يدرسان في صف واحد بالمدرسة. وكذلك التحقا بنفس الجامعة في كليتين مختلفتين، كان باسل الهادئ الأكثر اجتهادا والتزاما، أما أحمد فيضج بعنفوان الشباب وتهوره. ثائرا جسورا لا يهاب شيئا.

ولكم حاولت ثنيه عن انضمامه للثورة مع أحمد الذي غدا من قادتها حينما قامت على الحاكم الجائر... لكنه أبى الانصياع. ودبت الحمية فيه أثناء إحدى المظاهرات محاولا التصدي لإحدى المدرعات المصفحة بجسده الأعزل فدهسته وفارق الحياة...

استمرت معتكفة ترجو الموت أن يضمها إليه، لا تأكل ولا تشرب إلاّ ما يقيم أودها، بعدها جاء أحمد طالبا رؤيتها فسمحت له. دخل عندها يواسيها راكعا عند قدميها يقبل يديها الاثنتين، حدثها بأرق العبارات قائلا:

- تأكدي يا أمي أنه الآن مع الخالدين من الشهداء والأبرار. وأنا لن أتركك أو أتخلى عنك أبدا. وأدعو الله مخلصا أن يصبرنا معا على فراق غالينا المؤلم لكلينا.

ثم بدأ يعرض شريطا من خلال ال ( دي في دي ) الموصول بجهاز التلفاز، لمشاهد حقيقية تخص المظاهرات القائمة ضد الحاكم الجائر منذ ثلاثين سنة، والشعب تحت طائلة الاضطهاد والظلم والفقر والتعسف.

في البدء أطرقت برأسها فلفت نظرها صوت المتظاهرين يرددون اسم باسل، فابتدأت تتابع الجمهور يحمل صورأ متعددة له، بعضها وهو يواجه المصفحة في لحظاته الأخيرة. وأخرى وهو طفل يبتسم سعيدا يضج بالحياة والأمل...

فجأة انقشعت الغشاوة من أمام عينيها وعاودتا تشعان بالحياة والفرح..

" يا الله.. ! لقد أصبح ابنها الشهيد رمزا للثورة والتحدي والبطولة...!"

بعدها أشارت لأحمد بانتظارها خارجا. واغتسلت وقامت للصلاة. ثم ارتدت ملابس الخروج وطلبت منه أن يصحبها إلى هناك حيث المظاهرات.

في الميدان حملت صورة ابنها الشهيد، تهتف بصوت تقشعر له الأبدان:

- باسل الحرية ... باسل الشهادة ...

الشهداء أهلنا إما نسترجع حقهم وإما نموت مثلهم..

فتحمس الجمهور، يردد من ورائها ويهز الميدان هزا:

- باسل ... باسل ... بالروح بالدم نفديك ياشهيد..

واستيقظت من غيبوبة طويلة أوقعت نفسها طواعيّة فيها منذ وفاة زوجها، وكان جل هدفها حمايته، متناسية أن الموت حق، والتضحية بالنفس من أعظم ما يمكن تقديمه لأجل الوطن.


موت الشهيد البطولي أيقظها. وولاؤها لوطنها جعلها تحمل مشعل الثورة ولن يذهب دم باسل هدرا!