عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
1

المشاهدات
3083
 
عزت فائق ابوالرُب
من آل منابر ثقافية

عزت فائق ابوالرُب is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
38

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
فلسطين - جنين

رقم العضوية
10453
10-03-2011, 11:35 PM
المشاركة 1
10-03-2011, 11:35 PM
المشاركة 1
Wink أستاذنا أبو جهاد
لم تفارق صورته ذهني منذ ذلك اليوم ، أراه ماثلاً أمامي في الطابور الصباحي ، ببدلته الزرقاء الغامقة ، وقميصه الأبيض ، وربطة عنقه الحمراء ، مشرق الوجه متهلل القسمات ، يرحب بالتلاميذ الجدد من أبناء الصف الأول، يصافح واحداً ، ويبتسم لآخر ، ويسأل عن أب هذا ، وجدة ذاك ، وعنزة فلان ، وحصان علاّن ، يضاحك المعبس والمقطِّب الجبين .
أمضى وقتاً طويلاً بينهم حتّى هدأت الأنفاس ، وتلاشى الخوف والقلق في عيونهم، فاسترخت الوجوه المشدودة ، وعادت الوداعة تزيِّن الوجوه من جديد . وقف ثانيةً أمامنا ، وبصوته الأجش الرخيم ، قال : أهلاً وسهلاً بطلاب الصف الأول ، وأشار بيده ، فرددّنا خلفه ثلاث مرات مرحبين بالطلاب الجدد ، وتبعها تصفيق حاد.
اتجهنا إلى غرفة صفِّنا ، وسار هو أمام طلاب الصف الأول إلى الغرفة ذاتها. وعلى مقاعد خشبيةٍ طويلةٍ ، أجلسهم ثلاثةً ثلاثة ، الأقصرَ فالأطول، وعلى اللوح الأسود الطويل ، كتب كلُّ عامٍ وأنتم بخير ، وأهلاً وسهلاً بكم في العام الدراسي الجديد . وذهب غير بعيدٍ خلفَ الخزائنِ التي تفصلُ صفنا عن جناح المعلمين ، وعاد برزمٍ من الدفاتر والأقلام والمحايات والبرايات المساطر ، ووضعها على الطاولة أمامنا.أخذ يعطي كلَّ واحدٍ منا دفتراً وقلماً ، وقال : هذه هديةٌ مقدمةٌ من أحد تجار القرية ، المحبين للعلم والمشجعين له . وتابع قائلاً : ماذا نقول لمن يصنع معنا معروفاً ؟ فقلنا بصوتٍ واحدٍ : شكراً . فأجاب : أحسنتم . ثمَّ قال مبتسما : الآن تعالَوْا نتعرف على أسماء بعضنا البعض ؛ أنا المعلم محمد طاهر (أبو جهاد) ، وبدؤوا واحداً واحداً يذكرون أسماءهم . فقال : أنتم منذ اليوم طلاب الصف الأول ، وإلى جواركم طلاب الصفين الثاني والثالث. فمن له أخ أو أخت في المدرسة ؟ فقال البعض : أنا . فسأل : من حفظ من أخيه أو أخته شيئاً مما تعلمه في المدرسة ؟ فقال أحدهم : أنا حفظت سورة الفاتحة ، فقرأها ، فأعطاه محاية . وقال آخر : أنا حفظت أنشودة أنا المحبوبة السمرا ، فقرأها وأخذ مسطرة ، وقال ثالث : أنا حفظت من ستي قصة( الطير الخضر الخضر) وحكى لهم الحكاية ، فأعطاه براية . ثمَّ قال: صفقوا لمن قرأ . ومن يأت غداً حافظا شيئاً من القرآن أو النشيد أو الحكايات ، أعطه هديةً من القرطاسية .
والآن استعدوا للعودة إلى البيت . وأخرج علبةً من الحلوى ودعانا أن نتناول قطعةً من السلفانا اللذيذة ، وأن نعود إلى بيوتنا . فانطلقنا نستبق فرحين متشوقين للبيت بعد يومنا الدراسي الأول ، ولكنا كنا متشوقين أيضاً للبقاء مع أستاذنا أبي جهاد.
بقلم عزت فائق أبو الرُّب

ملاحظة فازت القصة باحدى جوائز ناجي نعمان الادبية للعام 2011