عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
6676
 
مؤيد بلاسم
عضو

مؤيد بلاسم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
40

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7608
08-29-2010, 08:16 PM
المشاركة 1
08-29-2010, 08:16 PM
المشاركة 1
افتراضي عقدة الخــواجة.. أزمة المثقف العربي بين التغريب و التاصيل..
عقدة الخواجة ..أزمة المثقف العربي بين التاصيل والتغريب

بقلم ... مؤيد بلاسم العبودي
..
عندما تقترح على مجموعة من المثقفين التغريبيين غرس نخلة من نخيل البصرة ..في اصقاع سيبيريا المنجمدة ، فلا شك انهم سيقذفونك بشتى التهم المعلبة ، أهونها اتهامك بالجنون ، وعندما تبادرهم بسيد الأسئلة : لماذا؟
يسارعون إلى إجابتك قبل أن تكمل سؤالك بمنطق الخبير : لان طبيعة النخل لا تتحمل بيئة جليدية قاسية مثل سيبيريا ..
لكنهم سيحيرون بالتأكيد حينما ترشقهم بسؤال عن كيفية اعتناقهم فكرا مستوردا من البورصات الفكرية للغرب أوالشرق لا تتحملها بيئتنا الثقافية ولا يقبلها مجتمعنا المحافظ (الرجعي) ولا يحارون لك حرفا.. رغم كونهم يحيلوننا ( زرافات ووحدانا)
إلى فئران تجارب لتقليعات النيوليبرالية .. أو الاشتراكية المودرن .. وآخر مستحضرات
( صيدلية) فرانسيس فوكوياما للفكر والتنظير ..
ان واحدة من اكبر المشاكل التي تواجه البناء الفكري لمجتمعنا هي ( عقدة الخواجة ) ايالإحساس بالنقص الثقافي والحضاري المعرفي واجترار فكرة استنساخ النمطالغربي في العيش والتفكير..والتبعية للنموذج الغربي بالمطلق وضياع الهويةوالاتكال بل والتطفل الثقافي على نتاج الاخرين..
وهي عقدة تشبه في اعراضها ومدلولاتها العللية الأمراض الحضارية من حيث أن لها بعدين :
البعد الأول : بعد نفسي ( سيكولوجي) على المستوى العمودي (الشخصي )
و البعد الثاني هو بعد اجتماعي (سوسيولوجي) على المستوى الأفقي (العام ).
ومن مظاهر هذه الحالة – العقدة ، الشعور اللاإرادي بتعظيم وتقليد وإجلال كل ما هو غربي الاسم والمضمونوتفضيله على كل ما هو شرقي اللب والمظهر..
تتصل هذه المشكلة – العقدة بكونها نتاج للسلوك والتفكير الاستهلاكي الرائج في مجتمعاتنا ..
و ترتبط بغريزة أخرى تتمثل في اكتشاف الآخر (الناجح او القوي) ومحاولة تبني مشروعه لحل المشكلات القائمة ( اجعل لنا الها كما لهم الهة) ..
خصوصا وان اغلب مثقفينا يشعرون بحالة من الاغتراب داخل المجتمع .
إن النزعة الاستهلاكية تتجلى في كوننا مجرد مستعملين (users ) في اغلب مجالات إنتاج المعرفة الحديثةومقلدين حتى في أدوات البحث الابستمولوجي .. فضلا عن تطفلنا على عالمالتكنولوجيا الحديثة .. بينما يحتكر الآخر المتقدم كونه ( designer).

كما يمكن ملاحظة ان الهوس الشبابي بتقليعات الملابس الغربية وتسريحات الشعر كاحدالاثار الجانبية لهذه العقدة حتى في مجال الرياضة حيث انقسم شبابنا الىانصار النادي الملكي( ريال مدريد) والكتالوني ( برشلونة).

ومما قيل في ذلك شهادة الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر في كتابه (المنبوذون في الارض) : ( كنا نحضر اولاد رؤوس القبائل واولاد الاشراف والاثرياء والسادة منافريقيا واسيا ونطوف بهم بضعة ايام في امستردام ولندن والنروج وبلجيكاوباريس فتتغير ملابسهم ويلتقطون بعض انماط العلاقات الاجتماعية الجديدةويرتدون السترات والسراويل ويتعلمون منا لغاتنا واساليب رقصنا وركوبعرباتنا وكنا نتدبر لبعضهم احيانا زيجة اوروبية ثم نلقنهم اسلوب الحياة ضمناثاث جديد وطراز جديد من الزينة ، واستهلاك اوروبي جديد وغذاء اوروبي ،كنا نوحي لهم ونلهم في اعماقهم الرغبة في تغريب بلادهم ثم نرسلهم الىبلادهم .. ونقنعهم بان بلادهم المتخلفة لا تتطور الا بتبني نمط العيشالغربي .. وهناك يقتنعون فعلا انهم مفكرون وما هم الا صدى لاصواتنا .. نقولفكرة .. فتتردد بينهم … كأنهم ببغاء)..
نتيجة هذه العقلية المستبطنة للعقدة الثقافية – عقدة الخواجة – والقابلة لكل ما ياتي من هناك اذ يمكننا اعتبارها تجسيدا للمقولة الاستعمارية القديمة ( عبء الرجل الابيض في ادارة و حكم الاخرين وتهذيبهم ) ..
صارالكثير من مفكرينا .. يتفاخر بامركته او فرنسته او برطنته ..( وقد اكتمل نصاب ذلك بعد سقوط صنم الطغاةالاوحد في العراق و ظهور القادة السياسيين - المودرن - متعددي الجنسيات).
وهكذا نجد اليوم الكثير من اساطين التنظير يؤدون فروض التبتل و التبجيل امام افكار ماركس ونيتشة وسارتر وفوكو وجون ديوي و هنتغتون و الفرد دوسوسير وجاك دريدح ..ويتعاملون مع نظرياتهم على انها افكار معصومة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.. وفوق ان تناقش.. لانها ببساطة اتت من عواصم التنوير و مدن العالم الحر… مثل كل السلع الاستهلاكية ( الهمبرغر و البوبكورن و الكوكاكولا والهوت دوغ و الامبيرتيف.. الخ).
بل ان بعض كتابنا يقدس حتى الاخطاء التي انتجهتها تجارب الفكر المعلب بالشعاراتية و ينافح عنها باستقتال منقطع النظير .
في ذات الوقت يتناول المنتج الثقافي – الفكري الشرقي بكل اسلحة الاستخفاف و التهكم اللاذع ..
وعند هؤلاء التغريبيين ( المستغربين) مجرد تحويل اسم المفكر من محمد باقر مثلا الى جون ستيورات مليغير نظرتهم اثر ذلك و يعاملون النص نفس النص بشكل يختلف عن النظرة الاولىكليا رغم كون الفكرة والمضمون واحد.

ومن ابرزالكتاب المرضى بهذه العقدة موسى سلامة وشبلي العيسمي وصادق جلال العظمومنصور حكمت .. وهم كتاب معروفون على النطاق الاقليمي بانهم رواد فكرالتغريب.
واصحاب هذه العقدة، كبارهم وصغارهم ، يتجاهلون نقائص الحضارة الغربية مع علمهم بها، وكأن ايمانهم بتفوق العقل الغربي ونجاح مجتمعه قد بلغ الايمان بقدرته على حل جميعالمشاكل ، او كان التفكير بنقائص هذه الحضارة الغربية في كثير من اوجهها يجب ان يؤجل حتى نصبح جزءا من هذه الحضارة بالفعل، كما يقول د. شكري عياد.
وصدق القائل( قل ان تشبه احدا بقوم الا وأوشك ان يكون منهم )
وللحقيقة يجدر هنا القول، ان الامر لا يستحق ان نتنكر لواقعنا الثقافي والحضاري ، كما يجب الا نستنسخ التاريخ في عودة ماضوية تستحدث مشاكل الماضي لنقف على نصوصه القديمة باذهان متخشبة خالية من اي علامة للمرونة في التعامل مع متغيرات عصرنا الراكض في اتون الثورة المعلوماتية او ما بعد عصر التصنيع و التكنولوجيا، بيد اننا لواردنا العبور الى القرن الحالي بدون ان نكون هامشيين يجب الا نصنع مجتمعاينتمي الى العصور الوسطى تحت مظلة ادعياء الاحياء وسدنة السلفية التقليدية ،كما فعلت طالبان وتفعل النسخة اللادنية المشوهة للاسلام..
اذ ان هناك مساحات ثابتة في الاسلام واخرى متغيرة بحسب الظروف الزمانية والمكانية، يمكن ان تملأ بالاجتهاد القائم على مواكبة روح العصر .
فلا يمكن لاحد ان يحجر على تجارب الاخرين او ممارسة التطهير الفكري وانتاج نسخة اسلامية عن محاكم التفتيش،لان عقيدتنا تعتمد روح الحوار ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) والانفتاح على روح العصر باسلوب حضاري حتى في اسس التربية
( لا تقسروااولادكم على طباعكم فان زمانكم غير زمانهم)، بل ومحاولة الاستفادة من تجارب الاخرين مهما كانت انتماءاتهم ، كما يقول رسول الله صلى الله عليه واله : اطلب العلم ولو في الصين ، وكما يقول امير المؤمنين عليه السلام :الحكمةضالة المؤمن … خذ الحكمة حتى من الفاسق..