عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-2017, 09:02 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الاستاذ عبد الله

تقول " صحيح أن الفلسفة هي المعرفة كما يقال لكنها تجعل العقل مصدراً لكل شيء، وهوالحاكم على كل شيء،وهذا ينافي الشريعة الإسلاميةز"

- الفلسفة هي المعرفة حتما كما يقال وكما تقول انت هنا.

اما القول "فانها تجعل العقل مصدرا لكل شء" فهذا ليس دقيقا حتما، ولو ان الفلسفة تتعارض مع الدين لما انكب العلماء المسلمين في صدر الاسلام على ترجمة فلسفة الاغريق واضافوا عليها كما هو مثبت تارخيا بعد ان حاربتها الكنيسة، وبذلك خدموا كجسر للمعرفة البشرية وانقذوا البشرية من الظلام فحصلت طفرة حضارية ترافقت مع طفرة صناعية وابداعية.

المشكلة تكمن في ان بعض المفكرين او العلماء الملسمين انحرفوا الى اليمين قليلا، وفي الاغلب ان ذلك كان حرصا على الدين ومن اجل تحصين المسلمين ضد الافكار الاجنبية خشية منهم ان ذلك قد يؤدي الى افساد الامة، لكن هذا الموقف فيه غلو ومغالاة واحدث خللا فظيعا وتسبب في النهاية بما نحن فيه من ظلام. ومثل موقفهم تغليب النقل على العقل، لكن ديننا الحنيف رفع من شأن العقل، بل وحثنا على استخدامه.

نفس هذا الصراع حصل قبل الاسلام بثلاثة مائة عام تقريبا. وهذا تاريخ معروف ومدون. اقرأ رواية صوفي مثلا فهي ملخص لتاريخ التطور الفكري الانسان والفلسفي منه خاصة وتجده مشروح هناك بشكل وافي.

الحادثة مذكورة بأن رهبان الديانة المسحية اختلفوا فيما يخص الاخذ بالعقل او بالنقل، من بين اشاء اخرى طبعا، وكان ذلك في مؤتمر نيقية حوالي 325 ميلادي. وتغلب اللاهوتيين الذين يأخذون بالنقل على الذين يمجدون العقل ايضا. واعتبروا الذين ينادون بالعقل زنادقة واعدموهم في ساحة المكان الذي كانوا يجتمعون فيه.

وبعدها سقطت المسيحية في الغلو والتطرف واللاهوتية وادى ذلك الى سقوط اوروبا في عصر الظلام، بعد ان سيطر اللاهوتين على الامور واصبحت الكنيسة المتطرفة المغالة اللاعقلانية تدير الامور وتؤثر في كل نواحي الحياة خاصة النظام التعلمي.

وهنا جاء المنقذ وهم الفلاسفة المسليمن الذين اعادوا للعقل مجده، لكن برز من بين علماء الامة (حوالي العام 1000 ميلادي اي بعد حوال 350 سنة) من تطرف على شاكلة ما جرى في الكنسية، فكفر الفلاسفة.

هذه المرحلة كانت فاصلة في تاريخ البشرية. كان للعلماء المسليمن الذين انحرفوا الى اليمين الغلبة، فسيطر الفكر اللاهوتي اذا جاز التعبير( اي الذي يأخذ بالنقل وينفى العقل) ومن هناك بدأ انهيار الحضارة الاسلامية ودخلنا في عصر الظلام وما نزال وهنا اعاد التاريخ نفسه فجرى لنا ما جرى للكنيسة.

ولكن، وهذه حقائق تاريخة، اخذت اوروبا وخاصة نظامها التعليمي وجامعاتها في ايطاليا وفرنسا فكر الفلاسفة المسلمين المتنور ( الكندي وابن رشد وغيرهم من فلاسفة الاندلس ومفكريها)، فتخصلت اوروبا من الظلام تدرجيا وجاء عصر النهضة رغم ان نفوذ الكنسية ظل قائما ومقاوما لكل فكر وتقدم وعقل كما حصل مع جاليلو في القرن السادس عشر الذي قال بعد ان اخترع منظار بأن الشمس هي مركز الكون وان الارض هي التي تدور حولها، وعنده دليل علمي قطعي على ذلك، لكن الكنسية حاكمته و اجبرته على التراجع عن اقواله، لتعود بعد اربعة قرون للاعترف بأنها اخطأت في حقه وتكرمه، وقصة لكنها تدور لكنها تدور معروفة للجميع.

ونحن وللاسف ف المقابل سقطنا في الظلام عندما تأثرنا بفكر وطريقة اللاهوتين والصوفيين المسيحيين ، ولن تقوم لنا قائمة ما دمنا نسفه الفلاسفة ولا نأخذ بالعقل كما نأخذ بالنقل وكما امرنا ديننا الحنيف في اكثر من موضع.

وهذه ليست سفسطة ولا زندقة ولكنها من تعاليم الدين واساسياته. ولو اجريت بحثا، وانت باحث ممتاز وتعرف كيف تجري البحوث، عن "دور العقل في الدين الاسلامي" ستجد بان الانسان لا يكتمل ايمانه ودينه الا اذا اخذ بالعقل ورفع من شأنه.

يقول الشيخ راتب النابلسي ان القران الكريم فيه اكثر من الف اية تحث الانسان على استخدم العقل وله مداخلات طويلة في ذلك....فكيف لنا ان نتجاهل هذا كله ونقول للناس لا تفكروا؟؟!! لا تستخدموا عقولكم؟؟!!

ان امة لا تمجد العقل وتأخذ به هي امة غارقة في ظلام لا نهاية له الا بنور العقول ...والفلاسفة هم المصابيح التي تنير للامة دروبها.