الموضوع: قصة عربي (2)
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2013, 12:08 PM
المشاركة 2
حامد الشريف
كاتب وناقد سعـودي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

قصة عربي 2
[justify]
يحمل جرح جده وحزن أبيه وخوف جيله من الظلمة، يكره طعم الخبز المرّ والبدلات الزرقاء أو السوداء أو الخضراء، تعددت الهراوات واليد التي تضرب واحدة، يعاند تلك الزرقة البنفسجية تحت عينه والسباب الداكن الذي يلوكه سخطاً بين الشفاه، يموت على رصيف الوطن مرات ومرات، ويحيى في قلبه مدفوناً تحت أنقاض سنين من الفساد، يغضب على غير موعد، يغضب على حين غرّة.. يفجر خمود التمرّد الذي دخل السبات منذ عهد الاستعمار الكلاسيكي، يعشق بعد عذابات مريرة من التقلب على جمر الجوع والعطش والبرد والضيم.. الفوضى والصراخ والتكسير وقلب الكراسي وكسر أرجلها، ما عاد هو أو علّه بات أخيراً هو...
عارياً اليوم في الشوارع يركض كاشفاً عورات الانضباط والنظام، منذ متى كان خجلاً من جسده منذ متى تعايش مع كساء الاستعباد..؟ ما عاد يذكر.. علّها استطالة السنين المنسوجة بأنواع من القهر أو هو الخبز المعجون بالدموع والدم، مازال حزيناً يدفع لكرامته لحماً بشرياً يقتطعه من أعضاء أخيه وابنه وابنته وأمه وزوجته و..و..و..
عارياً لنفسه أمام مرآة رفض النظر إليها في زمن مضى حيناً وصيروها في ذلك الزمان حين فكّر النظر إليها شظايا أحاييناً يعرف كل تلك الندبات والثغور والاقتطاعات كم سيبكي بعد، ماذا سيخسر أكثر، أيجوع الإنسان جوعاً غير الجوع أيعطش الإنسان ما يشبه العطش أتهان الكرامة أكثر مما أهينت تساءل وتساءل... ما عاد يريد انتعال جوعه ولا اكتساء صبره، ما عاد يريد تجرع كبريائه كلقمة مرّة
تقول أمّه يكفي وليت الذي كان ما كان .. ليتنا نأكله أسوداً وعفناً لتبقى سالماً... يتحسس حزنه وجرحه يبحث في كرهه لهذا الوطن عن حبه له يبحث لفصل الضحك المبكي في نفسه عن بعض ابتسامة ... يقول بكل بساطة تعبت وتباً.
حمل على غير كل ما كتب التاريخ حاسوباً وشبكة، سيحرق ما تبقى من روما... ويعيث فساد البيزنطيين والوندال، سيحمل مع الدمار والسلاح راية مطالب شرعية.. سيبكي ويموت ويكتب تاريخاً جديداً في بحثه عن سطور خالية من الكذب، هو اليوم أكثر منه أمس، هو اليوم الرجل الجريح القلب والكرامة، رجل ما عادت تنفعه المسكنات.. رجل استسلم لوعيه.. عربي يكتب قصته الأخرى وهو مؤمن بأنّ زمن ياجوج وماجوج يسبق زمن المهدي المنتظر.
[/justify]
[justify]
لا زلت متابعاً بشغفٍ لهذا العربي الذي ينسجُ قصتهُ بإبداعٍ .
لا زلت مستمتعاً بهذا التمازج اللفظي الرائع وهو يصنع لنا كعكة لذيذة من أدب القصة القصيرة .
لا زلت موقناً أن المشاعر والأحاسيس يمكن إنزالها على الورق ومزجها مع الأحداث والوقائع حتى نصنع قالباً من الحلوة نشتمه قبل التهامه ونتذوقه قبل أن نراه .
لا زلت أرى أمامي قامة أدبية سامقة تمتلك أنامل تصنع كل ذلك بمهارة لا يتقنها إلا الكبار .
ما أجمل أن نوظف إبداعاتنا لصنع تاريخ مشرف لنا .
ما أجمل أن تُمزج هذه الواقعية بكتابة فارهة تُزاوج بين الحقيقة والخيال .
كل ذلك نتاجك الأكثر من رائع الذي عنوانه ( قصة عربي 2 )
تحياتي وتقديري لقلمك الوهاج ... حامد الشريف
[/justify]

صفحتي على تويتر
H_motafael@