عرض مشاركة واحدة
قديم 02-11-2017, 02:24 PM
المشاركة 40
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
تابع..قراءة في قصة " عودة متأخرة " للقاصة صفاء الشويات...
إذا هو حتما اسلوب قصصي جميل سخر كل ادوات السرد القصصي الجميل لكن ... هناك ما أثر سلبا على النص في تصوري وقلل من أثره على نفس المتلقي وهو تحديدا الفذلكة اللغوية والتي نجدها في أكثر من موقع في النص فمثلا...

على الرغم ان في استخدام عبارة "شجرة ملعونة" فيه تناص مع الآية الكريمة (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً) الإسراء 60، وبذلك يغني النص لما يرتبط بهذه الآية من معاني وقدسية وأثر دني وهو أسلوب ناجع في إعطاء قيمة إضافية للكلمات والعبارات المستخدمة ويثري النص، الا ان الحديث عن ظل شجرة خطايا ملعونة ومقارنة الدهشة التي سبقت الحدث بظل تلك الشجرة الملعونة، يجعل النص غير منطقي وغير واقعي ...فهل للشجرة الملعونة ظل؟ ثم ما الغرض من استخدام كلمة الدهشة هنا؟ ولماذا دهشة؟ لماذا لم يكن مثلا شعور مبطن بالألم والحزن يسيطر على الانسان منذرا بوقوع كارثه تلوح في الأفق؟ دون ان يكون للإنسان قدرة على التحكم في ذلك الشعور! اما الدهشة فهل فعلا موقعها هنا مناسب؟ المهم انني كمتلقي أجد في هذه العبارة فذلكة لغوية او محاولة لسوق عبارة رنانة ليس لها غرض حقيقي ولا تساهم في تهيئة المتلقي لما سيجري بعدها...

كذلك عبارة يقول المتحدث في النص" عندما تمطر سوف تزهر في جسدي أشجار الياسمين وتطير في قلبي النوارس، و أحلق ثم أتهادى فوق سطح أمنيتي فتصير حقيقة ألمسها بيدي"، فما الغرض من هذه العبارة سوى الفذلكة اللغوية؟

ربما ظنت الكاتبة انها باستخدام كلمات رنانة تحشد فيها أكبر كم من حروف الهمس سيكون له أثر إيجابي على رسم المشهد وعقل المتلقي، لكني اراها كمتلقي جملة معترضة لا طائل منها سوى الفذلكة اللغوية، ولو انها جميلة في معانيها...

ثم ما معنى الكلمات احلق ثم أتهادى فوق سطح امنتي؟ وكيف تصير حقيقة لمسها المتحدث بيده؟ أرى بان هذه العبارة مجرد حشو لغوي لا طائل منه ولا غرض، بل هو يشتت المتلقي وكأن الحديث يأخذ فجأة منحا اخر غير المقصود في النص والذي يرتبط بحدث عودة الابن المتأخرة لان الام تموت؟ فأي امنية هذه المقصودة هنا؟

أتصور على الكاتب بشكل عام ان يمنع نفسه من الانجرار او الانجراف في استخدام عبارات رنانة لا تخدم الحدث وتطويره نحو النهاية المدوية كرئاسة منطلقة الى هدفها حتى ولو كانت الكلمات رنانة وجميلة لها وقع هائل على النفس...

أيضا استخدام عبارة " سأقطف من بين شفتي أمي قبلة بعد قليل " اظنها غير مستساغة ولو تم استبدال كلمة شفتي امي بيد امي لكان الوقع أعظم...فلا اظن اننا نتحدث عن قبله من شفاه الام حتى لو كان المتحدث انثى؟!

وفي عبارة " سوف أحتضنها حتى لا أميز بين ضلوعي وضلوعها بعد " حتما مبالغة غير مستساغة...ولا بد ان هناك طريقة أخرى للتعبير فيها عن مدى الشوق على الرغم ان المتحدث باختياره قد غاب عن والدته خمسة عشر سنة...هنا لو ان الغياب كان قصريا مثلا بأن وضعته القاصة في السجن كل تلك المدة لربما تقبل المتلقي الوصف والمبالغة اما وقد اختار هو ان يغيب عنها كل تلك المدة بمحض ارادته الى ان أصبح حالها كما تصف القاصة فكيف لي كمتلقي ان اصدقه؟! وهذا يعتبر فذلكة لغوية توثر سلبا على النص حتما بسبب غياب المصداقية...