عرض مشاركة واحدة
قديم 08-15-2012, 02:26 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
صفات شخصية اليتيم كما هي موصوفة في رواية موسم الهجرة الى الشمال:

طبعا في الرواية شخصيتان رئيسيتان الأولى شخصية الراوي، والذي لا يتم ذكر اسم له، والذي يعود من السفر إلى بلدته مسقط رأسه والمكان الذي عاش فيه طفولته ومطلع شبابه، عند منحنى النيل في السودان، بعد غياب سبع سنوات ليلتقي مع أهله (ومنهم أباه وأمه) وعشيرته وأهل بلده، وهناك يلتقي مع شخص غريب عن البلدة وصفه لأهله على انه رجل ربعة القامة، وسيم، في نحو الخمسين، شعر رأسه كثيف مبيض ليس له لحية وشاربه اصغر من شوارب الرجال في البلد.

ويتبين لنا لاحقا بأن ذلك الشخص هو ( مصطفى سعيد ) وهو ليس من أبناء البلد، وهو كما وصفه والد الراوي، "غريب جاء إلى تلك البلدة منذ خمس سنوات حيث اشترى مزرعة وبنى بيتا وتزوج بنت احد سكان القرية. وانه رجل في حاله ولا يعرف أهل القرية عنه الكثير".

هذا الوصف أثار فضول الراوي وأصبح سر مصطفى سعيد شغله الشاغل. خاصة أن جميع السكان: المزارع وكبير السن وصغير السن، والمرأة، سألوه اسأله فضولية عن أوروبا والحياة فيها لكن الوحيد الذي لم يسأله كان ذلك الرجل الغامض الغريب مصطفى سعيد، مما كرس فضول الراوي وجعله يتعلق أكثر في معرفة سره على الرغم أن عودته إلى البلدة بعد عدة سنوات جعلته ينشغل عنه لبعض الوقت.

لكن مصطفى وسره عاد ليندفع إلى ذهن الراوي، فسأل عنه جده المعمر والخبير في قضايا النسب لكنه اخبره جده بأنه لا يعرف عنه شيئا سوى انه من نواحي الخرطوم وانه جاء إلى تلك البلدة قبل خمس سنوات ليشتر ارض ويتزوج.

ومرت أيام حتى بادر مصطفى بزيارة الراوي في منزله محضرا معه هدية من ثمر الحقل ومبديا رغبته في التعرف إلى الراوي. ومن خلال هذا اللقاء الأولي يقوم الراوي على تعريفنا بشخصية مصطفى حيث يصفه على انه:

" رجل وسيم دون شك، جبهته عريضة رحبة، وحاجباه متباعدان، يقومان أهله فوق عينيه، ورأسه بشعره الغزير الاسيب متناسق تماما مع رقبته وكتفه، وانفه حاد ، منخاراه مليئان بالعشر. ولما رفع وجهه أثناء الحديث ، نظرت إلى فمه وعينيته، فأحسست بالمزيج الغريب من القوة والضعف في وجه الرجل. كان فمه رخوا، وكانت عيناه ناعستين، تجعلان وجهه أقرب إلى الجمال منه إلى الوسامة، ويتحدث بهدوء لكن صوته واضح قاطع. حين يسكن وجهه يقوى وحين يضحك يغلب الضعف على القوة".

في ذلك اللقاء وبعد حديث قصير دار بين الاثنين ازدحمت الأسئلة حول مصطفى في رأس الراوي، مثل : من أين هو؟ ولماذا استقر في هذا البلد؟ وما هي قصته؟ وما لبث أن سأله عن مدى صحة انه من الخرطووم كما قال له جده؟

ويخبرنا الراوي هنا بأن مصطفى فوجئ من سؤاله وتعكر ما بين عينيه، لكنه سرعان ما عاد إلى هدوئه، ويضيف الراوي واصفا شخصية مصطفى :

"إنني رأت الطيف الساحر يحوم حول عينيه، تماما كما رأيته أول يوم".

ويضيف الراوي "ولما أوصلته للباب قال لي وهو يودعني، والطيف الساحرأكثر وضوحا حول عينيه".

ونجد أن هذا الوصف، إنما هو لسمة من سمات الشخصية الرئيسية في الرواية ( مصطفى ) وهو تحديدا، الطيف الساحر حول عينيه، يمثل إحدى سمات شخصية اليتيم حيث يتبين لنا لاحقا وكما يخبرنا الراوي بأن مصطفى عاش يتيما.

وعلى الرغم من لقاء آخر جمع الراوي به في منزل مصطفى ظل سر شخصية مصطفى عميقا بل وازداد انشغال الراوي به وكان نتيجة اللقاء الثاني بأن عرف وحسب ما قاله صديق الراوي محجوب بأن مصطفى "رجل عميق".

تعددت اللقاءات ومرت الأيام وفي اجتماع للجنة البلدة استخلص الراوي بأن مصطفى لا بد:
"أن الرجل من عجينة أخرى وانه أحقهم برئاسة اللجنة"، وهي صفه أخرى من صفات شخصية مصطفى.

وفي جلسة انس أخرى شرب فيها الحضور الخمر دهش الراوي حينما سمع مصطفى "يتلو شعرا انجليزيا بصوت واضح ونطق سليم"، وبعد الكأس الخامس الذي شربه مصطفى حدث تغير في شخصيته يصفه الراوي بما يلي:

" أقول لكم، لو أن عفريتا انشقت عنه الأرض فجأة، ووقف أمامي، عيناه تقدحان اللهب، لما ذعرت أكثر مما ذعرت. وخامرني، بغته شعور فظيع، شيء مثل الكابوس، كأننا نحن الرجال المجتمعين في تلك الغرفة لم نكن حقيقة، إنما وهما من الأوهام".

إلى حد أن هذه الحالة أثارت الراوي وجعلته يقفز فوق الرجل ليسأله ما هذا الذي تقول؟ وهو يقصد القصيدة باللغة الانجليزية؟ فما كان من مصطفى إلا أن دفعه بعنف بيده:

"ودفعني بعنف بيده، ثم هب واقفا، وخرج من الغرفة في خطوات ثابتة مرفوع الرأس، كأنه شيء ميكانيكي".

وعلى الرغم من لقاء آخر تم في الحقل في اليوم التالي لكن الأفكار حول شخصية مصطفى ظلت تدور في رأس الراوي وعرف أن وراءه قصة أو شيئا لا يود أن يبوح به. فمن أين جاء بتلك اللغة الانجليزية؟! واشتد شوق الراوي لمعرفة حقيقة هذا الرجل الذي اسمه مصطفى سعيد.

لم يطل انتظاره فقد جاءه مصطفى في عيشة اليوم التالي وطلب منه أن يحدثه على انفراد وفعلا التقيا في اليوم التالي وأخيرا بدأ مصطفى يتحدث ويصف الراوي تلك اللحظة:

" وأخيرا بدأ مصطفى يتحدث، ورأيت الطيف الساحر حول عينيه أوضح من أي وقت رأيته فيه. شيء محسوس، كأنه لمع البرق".

ويمكننا إذا أن نلخص صفات اليتيم التي تعرفنا عليها حتى الآن وقبل أن يقول لنا الراوي بأن مصطفى عاش يتيما وهي كما يلي :
- وسيم .
- في وجهه مزيج غريب من القوة والضعف.
- فم رخو، وعيناه ناعستين.
- وجهه أقرب إلى الجمال منه إلى الوسامة.
- يتحدث بهدوء لكن صوته واضح قاطع.
- حين يسكن وجهه يقوى، وحين يضحك يغلب الضعف على القوة.
- يحوم طيف ساحر حول عينيه أحيانا يكون أكثر وضوحا.
- رجل عميق وغامض.
- تراه وكأنه من عجينة أخرى .
- لديه مقومات للرئاسة.
- قد يبدو في لحظات مثل عفريت انشقت عنه الأرض فجأة، عيناه تقدحان اللهب.
- يمكن أن يتصرف بعنف ويتحرك خطوات ثابتة مرفوع الرأس، كأنه شيء ميكانيكي.
- أحيانا يبدو السحر حول عينيه كأنه لمع البرق.


يتبع،،