عرض مشاركة واحدة
قديم 05-11-2012, 03:25 PM
المشاركة 557
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
كتبهاالخير شوار ، في 29 يوليو 2007 الساعة: 17:19 م


حوار مع الروائي الجزائري رشيد بوجدرة:
في فرنسا كنت دوما مراقبا من طرف الشرطة

أنا ضد المصالحة حتى الموت·


في هذا الحوار الذي أجري مع الكاتب الجزائري الشهير رشيد بوجدرة يتحدث بجرأة كبيرة عن مجمل تجربته في الكتابة ومواقفه السياسية والكثير من القضايا ذات الصلة، وقد أجري في شهر أوت 2005 قبيل الاستفتاء حول قانون السلم والمصالحة في الجزائر التي أبدى بشأنها موقفا مغايرا:

حاوره: الخير شوار
لنبدأ من البداية.. من رواية "التطليق" الصادرة سنة 1969 بالفرنسية، التي تبدأ بتكسير "طابوهي" الدين والجنس (زنا المحارم)، وتنتهي بتكسير طابو السياسة من خلال الاستنطاق البوليسي، هل كنت واعيا بذلك حتى تحقق النجاح من العمل الأول؟
طبعا كنت واعيا بذلك، وكنت مناضلا سياسيا قبل أن أنطلق في الكتابة، وخاصة فيما يتعلق بطابو المرأة، وقضية الجنس، والسياسة والدين، ولكن بطريقة واعية، لم أكسر تلك الطابوهات في ذلك العمل الأول من أجل الشهرة أو للنجاح، لم أفعل ذلك.. كانت هناك أمور متغلغلة في كشخص خاصة أثناء مرحلة الطفولة ومن المراهقة، فقد جاء الأمر عفويا، لم أختلق شيئا من ذلك.

ذكرت مرة أنك أثناء لحظة الكتابة الأولى لم تكن تقصد كتابة رواية، بقدر ما قصدت تأليف كتاب، يتناول "سلطة الأب"، كيف تحولت تلك "الدراسة" إلى رواية؟
نعم حول قضية الرجل والمرأة، ومسألة إقطاعية الرجل، أنا خريج الفلسفة والرياضيات، كان ليشغف بالكتابة، وكتبت سنة 1965 تلك المجموعة الشعرية، وقضية الأب بالنسبة إليّ هي الهاجسي المركزي، العقدة المركزية، ولم أقصد أبي الشخصي فحسب، وإنما الأب كسلطة بصفة عامة، لقد عشت تلك أمور، ومن خلال المناخ الإقطاعي الأبوي في البيت كانت علاقات زنا المحارم طبيعية، وكتبتها لأني عشتها رغم أنفي، أنا أغتصبت (بضم الألف) من طرق نساء منهن زوجة أبي، وأختي، فلم استعمل ذلك من أجل الإثارة، وإنما هو الواقع، وكل ما عملته هو أني وضعتها في قالب تقني روائي وفق ما أسمه "عقاقيري".. لم تأت محرجة أو جارحة، وإنما في قالب شعري.

على ذكر "التطليق"، بعدها كتبت حوالي عشرين رواية، ولكن أسمك ما زال مرتبطا لحد الآن بتلك الرواية الأولى، هل نقول أن "التطليق" جنت عليك؟
لم تجن علي، فمن خلالها اكتسبت شهرة فائقة، وإلى الآن هي الرواية الأكثر المقروئية، فقد صدر منها لحد الآن باللغة الفرنسية مليون نسخة ككتاب جيب، وقضية رواية "التطليق" هي المعروفة عند بوجدوة أمر مرتبط بجيل معين، هناك من لا يعرف إلا "التطليق"، ولكن هناك أجيال أخرى، جيل يعرف "التفكك" مثلا، أو "المرث"، أو "معركة الزقاق"، أو "ألف وعام من الحنين" هذا بالنسبة لجيلكم، أما الجيل الأول فمازال مرتبطا بـ "التطليق" لحد الآن، وبعضهم لم يقرأ الأعمال الأخرى، وفي رأيي الشخصي "التفكك" الرواية الأولى التي كتبتها بالعربية، أحسن من "التطليق" بكثير، و"المرث" بالنسبة لي هي الأحسن على الإطلاق، والرواية الأخيرة جاءت بالعربية مع "معركة الزقاق" صدفة.
فالقارئ حر، والناقد حر في اختيار الرواية التي تعجبه، فربطي "التطليق" دون غيرها، هو فعلا بالنسبة لجيل معين.

نعود إلى طابو السياسة الحاضر في متنك الروائي بقوة منذ البداية، هل يمكن أن نقول بأنك روائي سياسي؟
أبدا.. أنا أرفض هذا، وأنا ضد الرواية السياسية، فقد أكل عليها الدهر وشرب، وانتهت منذ زمان، الذيعندي هو توظيف للسياسة من خلال التاريخ كحيلة حتى أتجنب الدخول في السياسة المباشرة.

في "معركة الزقاق"، و"ألف وعام من الحين" مثلا؟
نعم.. من خلال التاريخ، من خلال "ابن خلدون" مثلا، أو بعض المؤرخين الآخرين، وحتى بداياتي بالفرنسية "التطليق" و"الرعن" فيها أشياء من السياسة مثلا قضية اضطهاد فرنسا، للشعب الجزائري في أواخر القرن التاسع عشر، فأنا أرفض هذا التضييق، وفي الأخير الناقد حر فيما يقول.

هناك كتاب يعتبر استثناء في مسيرتك، فبعد الحضور السياسي من خلال التناص، كتبت في السياسة مباشرة "فيس الحقد"، في بداية التسعينات وهو كتاب "هجائي" إن صح التعبير في بداية الأحداث والأزمة الدموية المعروفة، هل كنت تتوقع ساعتها ما حدث فيما بعد؟
*عندما كتبت "فيس الحقد" كان مسلسل الإرهاب قد بدأ، وصراحة لم أكن أتوقع ما حدث بالفعل بعد ذلك من دماء وأحداث مأساوية، وحتى عند بداية الإرهاب، توقعت أن ينتهي في غضون سنة أو سنتين على الأكثر، وقد أخطأنا في ذلك بكل صراحة، وقد توقعت مع بعض الأصدقاء، أن الجيش سيتمكن من حل الأزمة بسرعة، كلنا أخطأنا…

بعدها عشت في المنفى…
(مقاطعا).. لم أعش في المنفى، فهي مجرد إشاعات… كنت في المنفى الداخلي هنا في الجزائر متخفيا، أعيش في شبه سرية، وعندي شهادات وحجج، وصور وأفلام.

يقال أن بوجدرة كان يظهر بلحية، وشوارب مستعارة؟
في بعض الأحيان بشوارب مستعارة، وفي أحيان أخرى بشوارب حقيقية.. طورت اللحية، ولبست الباروكة والقميص.

كيف تستعيد تلك الذكريات الآن؟
هي موجودة في رواياتي، في "حادثة اغتيال ياماها" التي ستصدر بالعربية عن دار البرزخ، وأعود لأؤكد أني لم أهاجر أبدا، كنت أسافر مثلا كنت منذ شهر في إيطاليا، ودخلت منذ أسبوع فقط، وعندما كنت أسافر أبقى مثلا هناك عشرين يوما، أختفي قليلا، وعند سفري إلى أوروبا أو أمريكا كنت دائمافي حماية الشرطة.

كنت معرضا لتهديد مباشر؟
نعم.. في فرنسا مثلا، كانت الشرطة تنتظرني في المطار، وأبقى تحت رقابة الشرطة حتى العودة إلى البلاد، وقد كنت مسلحا.. ولنا شبكتنا التابعة للباكس وقتها، وقد نظمنا أنفسنا، وواسيني شاهد على ذلك.. لقد عشت سنة كاملة في شقة بموريتي، وسنة أخرى في منزل أحمد راشدي الذي كان في باريس، عشت في فيلته في "الجزائر الشاطئ"، سكنت تقريبا في 36 بيت في تلك الفترة، ولم أعش في الغربة، هذه إشاعات مغرضة.

أعلنت مواقفك السياسية بكل صراحة خاصة أثناء إلغاء المسار الانتخابي، من خلال كتاب "فيس الحقد"، ومن خلال التصريحات السياسية، ولكن الناس حاليا لا يعرفون موقفك من العملية السلمية الجارية حاليا، الوئام المدني، ثم مسألة العفو الشامل؟
نعم.. لم أتحدث في الموضوع، لأنه لم يطرح عليّ السؤال بخصوص هذه القضية، فأنا فقط أنتظر حتى يخرج القانون، ويأتي الاستفتاء.. ساعتها سيكون لي موقفي، وسأتظاهر، مثلما تظاهر 800 ألف إسباني ضد منظمة "إيتا"، ضد هذه المصالحة، أنا شخصيا ضدها حد الموت، الرئيس يقول أن هناك 200 ألف ضحية، وأعتقد أن الرقم مبالغ فيه، كيف يحدث كل الذي حدث من تقتيل وتذبيح وغير ذلك، ثم يأتي اليوم العفو الشامل هكذا؟ على الأقل نقول "عفو" أما أن يكون "شاملا" فلا، ثم أن زروال قام بالعفو، بدأ بالعفو…

قانون الرحمة؟
* نعم "قانون الرحمة"، ولكن العفو الشامل معناه "مهما فعلت فأنت معفى عنك"، مواقفي في هذا الموضوع لم تتغير، وأنا شخصيا أترقب حتى يخرج النص.. نص الاستفتاء، أو أن يصدر كتاب حول القانون، وعندما أقرؤه سأقرر، وعلى العموم فمن الناحية المبدئية أنا ضد.

نقلت الصحافة أنك التقيت بالشاعر عيسى لحيلح الذي كان في الجيش الإسلامي للإنقاذ..
أبدا مجرد إشاعات.

أنت تشتغل في نصوصك، على ما تسميه "تناص" مع نصوص تراثية، ويحضر الجاحظ بقوة في متونك، ما هيحكايتك مع هذا الرجل؟
لي قصة مع كل التراث.

الجاحظ خاصة؟
أولا أنا مبهور بالجاحظ، حتى من الناحية الرمزية، أنت تعرف كيف مات الجاحظ، سقطت عليه خزانة من الكتب.

ووظفت ذلك بشكل كاريكاتوري في رواية "ألف وعام من الحنين".
بالضبط، واستعملت الجاحظ كذلك في "الحلزون العنيد"، من خلال كتاب "الحيوان"، واستعملت كذلك ابن خلدون، وقد يكون هذا الأخير هو الأكثر حضورا في رواياتي، من خلال "تاريخه" لأن تحليله للتاريخ رائع فيه حداثة، والتصوف خاصة ابن عربي، والسهروري والحلاج، وغيرهم.

بخصوص ابن خلدون ألا ترى أن هذا الأخير متناقض في نظرياته وتطبيقاتها، وبمعنى آخر هو "رجعي" بطريقة ما، في المقدمة عقلاني، وفي "كتاب العبر" عكس ذلك تماما؟
هذا علميا صحيح، لأن ابن خلدون انتهى، قاضيا للقضاة في مصر، وكتب "كتاب العبر" وهو قاضي القضاة، فمن الممكن أنه أثناء ذلك كان في موقف حرج.

مايمسـى بـ "واجب التحفظ"؟
بالضبط، وما يبهرني في ابن خلدون هو المدخل (المقدمة).

في سياق متنك الروائي.. تبقى رواية "ألف وعام من الحنين" متميزة، كيف نضجت تلك التجربة، وهل يمكن أن نضعها ضمن مدرسة "الواقعية السحرية" التي كانت موضة في ذلك الوقت مع ماريكيز مثلا؟
الواقعية السحرية" كانت موضة قبل ماركيز، الواقعية السحرية هي "ألف ليلة وليلة"، ونحن تربينا على "ألف ليلة وليلة"، ورضعناها من ثدي الأم، فلا علاقة لـ "ألف وعام من الحنين"، بـ "مائة عام من العزلة" لماركيز، ما عدى التشابه في العناوين بصراحة.
"ألف وعام من الحنين" هي رواية الشخصية الجزائرية التي تفقد حتى اسمها من خلال الاستعمار، وهناك شخص جزائري اسمه عديم اللقب (SNP)، "محمد عديم اللقب" أو "محمد SNP"، فعندما كنت صغيرا في المدرسة الابتدائية في قسنطينة، رأيت شخصا اسمه مصطفى SNP(عديم اللقب)، وقد استغربت الأمر، واعتبرته عيبا، وخجلت من أبي لأسأله عن سر "SNP" خاصة حرف "P" الذي لا وجود له في اللغة العربية، وفهمت الأمر عندما كان عمري ثماني سنوات، وقد أفهمني أبي أن الاستعمار انتزع الأملاك من الناس، من القبائل التي تمتلك الأرض، انتزع من القبيلة اسمها من أجل انتزاع أراضيها، ويبقى أفراد القبيلة (SNP)"عديم اللقب"، فأين هي العلاقة بين عائلة "بوينديا" التي كتب عنها ماركيز، بروايتي (ألف وعام من الحنين)، في رواية ماركيز كولونيل يريد أخذ الحكم، وتحدث انقلابات وحروب، لا توجد أي علاقة بين الروايتين.
"ألف وعام من الحنين" هي قراءتي في "ألف ليلة وليلة"، وماركيز هو الذي أخذ "الواقعية السحرية" من ألف ليلة وليلة، نحن فقد فطرنا على ذلك الكتاب ونحن صغار، لا نقرأ وإنما كنا نسمعها شفاها.
وقد جاءتني الفكرة مع فيلم "وقائع سنين الجمر" لمحمد لخضر حامينة، وأدخلت أحداث تصوير الفيلم في الرواية، لقد قمت بقراءة في السلطة السياسية العربية الإسلامية منذ البداية بعد وفاة الرسول، إلى الانقلابات والاغتيالات التي جاءت فيما بعد إلى التاريخ المعاصر، هذا هو "ألف وعام من الحنين"، فأين هو التشابه؟

ما سر اختيارك للمنامة اسما للمدينة، خاصة وهي موجودة (عاصمة البحرين)، هل جلب لك ذلك مشكلات؟
لا.. لا.. تلك الرواية نجحت في الخليج، وربما بسبب "المنامة"، عندما ترجمها مرزاق بقطاش إلى العربية.
أنا لم أفكر في "منامتهم"، كنت أقصد "فرندة" ولم أسمها، فقلت لتكن "المنامة"، وهي لباس النوم، وجاءت كذلك من المنام، ولعبت على تلك المعاني.

لكن "فرندة" لا توجد على "طريق الحرير" محور الرواية؟
أنا مع رأي محمود درويش عند مقارنته للرواية بالشعر، الرواية عكس الشعر قادرة على استيعاب كل الأشياء، حتى العلوم، مثلما استعملت ذلك في رواية "الحلزون العنيد" مثلا، وحتى العلوم الدقيقة في "معركة الزقاق"، هناك معادلة جبرية كاملة.

في "ألف وعام من الحنين" هناك بحار عربي هو أحمد بن ماجد، صديق المكتشف "فاسكو دي غاما"، صورته بطريقة كاريكاتورية، ووصفته بالشعرور، ألم تظلمه؟
* هو كقائد بحرية عظيم، هو أعظم من فاسكو دي غاما، لاكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح؟..نعم هو من دله على ذلك، لكن المسكين شطبوا اسمه من التاريخ.

أصبحSNP؟
نعم.. SNP (ضاحكا)، ولكن في نفس الوقت أحمد بن ماجد كان شعرورا، كان يحب أن يعرف كشاعر، كان يجب عليه الاهتمام بالبحرية، لأنه كان عبقريا، لكنه اهتم بالشعر، ولم ينجح فيه، إنه لوم لطيف لأن شخصية ابن ماجد تعجبني كثيرا، ففيها نكهة خاصة، بحار كبير يهتم بالشعر، وليست له قدرة على الإبداع فيه.

القارئ المعرب يجد صعوبة كبيرة في رواياتك المكتوبة بالعربية مباشرة، التي تستعمل فيها لغة حوشية قاموسية على عكس الروايات المفرنسة التي هي أكثر سلامة؟
لا أظن ذلك، حتى لغتي الفرنسية هي قاموسية، أنا عندي قاموس خاص، المفرنسون الذين قرأوني قالوا لي أنه لكي نقرأ "التطليق" أو "الرعن"، يجب علينا أن نستعمل القاموس كل مرة، والأمر نفسه ينطبق على كتاباتي باللغة العربية، لقد قالوا بأن زوجتي تكتب لي بالفرنسية، وماذا عن العربية، اعتقد أن قطتي تقوم بذلك (يضحك).

بمناسبة الحديث عن الرواية المكتوبة بالعربية، كيف تقرأ الرواية الجزائرية المعربة مقارنة بنظيرتها المفرنسة؟
صراحة، وبدون شوفينية، الرواية وحتى الشعر المكتوب بالعربية أحسن بكثير من المكتوب بالفرنسية، هناك فرق شاسع بينهما.
الرواية المكتوبة بالفرنسية، عند الكتاب المعروفين بوعلام صنصال مثلا، رواية سياسية محضة، عند رشيد ميموني كانت رواية سياسية محضة كذلك، لقد لمتهم على ذلك، قلت لهم: أنتم مازلتم تكتبون الرواية السياسية التي انتهت معبداية القرن العشرين.
لكنهم كتبوا ما كتبوا رغم أنهم كتاب كبار يمتلكون لغة قوية، وخاصة بوعلام صنصال. ورشيد ميموني لما توفي أحتفي به، ونحن عندنا فكرة الميت، التي هي فكرة تطيرية في الحقيقة.
صنصال أفضل بكثير من ميموني، هذه أمور ليست معروفة، لقد قرأتهما معا، صنصال يمتلك أسلوبا جميلا.

وياسمينة خضرا؟
لا.. لا.. رشيد ميموني أفضل من ياسمينة خضرا، ما يكتبه ياسمينة خضرا رواية بوليسية، بل ليست حتى رواية بوليسية، هناك روايات بوليسية جميلة، وقد قرأت روايات بوليسية أمريكية وأنجليزية شيء آخر تماما الرواية الجزائرية الجديدة لجيكم أنتم المكتوبة بالعربية أحسن بكثير، أما المكتوبة بالفرنسية، فكأنها موجهة للفرنسيين، للغرب وعادة ما تصدر بفرنسا، وحتى عندما تصدر هنا فيها نوع من الشذوذ ومن البلادة، لأنها ليست مكتوبة من الداخل، كأنها عرض لأشياء، أو كأنها شكاية لفرنسا أو لغيرها، رغموجود بعض الكتاب الوطنيين، أنا لا أعمم، ولكن عموما هذا هو الموجود، الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية أحسن، والشعر أحسن وأحسن، لأنه لا يوجد شعر بالفرنسية في الجزائر الآن، والشعر المكتوب بالعربية دائما كان الأحسن بما فيه الشعر الكلاسيكي.. لقد كانوا يكتبون القصيدة التقليدية ولكن بقوة، نصوص لها قيمتها، بالفرنسية بعد محمد ديب، جون سيناك لا يوجد شعر جيد.

على ذكر محمد ديب لك موقف سلبي منه؟
أعتقد أنه كانت هناك قطيعة بين البلد الأم ومحمد ديب بعد هجرته إلى الشمال، ومن سلبياته أنه كتب ثلاثيته الشمالية، هذا موقعي منه، رغم أنه بالنسبة لي يعتبر مؤسس الرواية الجزائرية، التي لم يؤسسها لا مولود فرعون، ولا مولود معمري، وبالنسبة لي يعتبر من خلال الثلاثية تقليدي.

تقصد الثلاثية الأولى؟
نعم.. لكنه يبقى هو مؤسس الرواية، وهو كاتب كبير، من سلبياته فقد كانت له قطيعة مع الجزائر، لقد تأسفت عليه هو وعلى الجزائر، فالجزائر لا تستحق أن تقاطع بتلك الطريقة، لقد كان متألما من الجزائر وبقي هناك.. خسارة.

يقال أن الكتّاب بالفرنسية، أكثر جرأة، والكاتب المعرب يجد صعوبة في تحطيم أغلال الإرث المرتبط بتاريخ اللغة، إلى أي مدى كان الأمر صادقا معك وأنت تكتب بالعربية وبالفرنسية؟
صراحة، أنا أرى أنه لا يوجد كتّاب بالعربية أو بالفرنسية استغلوا الجنس، أو اللغة أو الدين بجرأة.

والسياسة؟
كل الناس حاليا يستعملون السياسة.. لا يهمنا، لا توجد في نظري رواية مكتوبة بالفرنسية أو بالعربية في العالم العربي فيها جرأة رواياتي.. من كتب بتلك يا ترى؟

محمد شكري مثلا؟
محمد شكري كتب عن تجارب شخصية متعلقة بالشذوذ، ما كتبه ليس برواية إنها مجرد شهادات، رغم جرأته في هذا الموضوع، لم يبدع في كتاباته، أنا أتكلم عن رواية فيها إبداع، كتاباته بسيطة جدا، "الخبز الحافي" مثلاهي مجرد شهادة فيها شذوذ عن الحيوان وفيها لواط، وقد استعملت اللواط مثلا قبله بكثير، في المشرق خاصة الجنس غائب تماما، وحتى عندما يستعمل فبطريقة محتشمة، فالكاتب العربي حتى التقدمي مازال مرتبطا بالكيان التقليدي، ما زال متأخرا، الطيب صالح مثلا استعمل الجنس بطريقة محتشمة، ولكنه كان ضد الحرية الجنسية، المرأة الغربية في روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) مجرد مومس، يقتلها وليذهب ليتطهر في قريته، بالنسبة لي رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" رجعية مائة في المائة، رغم أنها استغلت من طرف التقدميين العرب، لكن أثناء القراءة المعمقة تجدها رجعية، ضد المرأة الغربية، وضد الغرب، وهذه النظرة للأسف موجودة عندنا، فمن العيب أن نقول أن كل النساء الغربيات عاهرات، النساء الغربيات لهن تقاليد، المرأة الغربية منذ 25 إلى 30 سنة أخذت حرية جسدها، ولكنها لا تمنحه إلا عند الحب والعشق، والمومساتوموجودات في العالم أجمع بما في ذلك العالم العربي، بلادنا مملوءة بالمومسات.

هناك رواية بمثابة "موسم إلى الهجرة" معكوس، هي "سباق المسافات الطويلة" للراحل عبد الرحمن منيف، وهي تمثل مغامرة رجل غربي في الشرق الأوسط، كيف قرأتها؟
إنها تتناول الأمور باحتشام، حتى رواية أحلام مستغانمي، أثارت ضجة وعلى أساس أنها رواية جنسية، هي رواية عشقية فقط.

ورواية "يوم الدين" التي صدرت في السنوات الأخيرة للبنانية رشا الأمير؟
نعم لقد قرأتها.. جميلة، لكنها في الأخير تبقى رواية "نسوية" والنساء لا أقول ليست لديهن جرأة، ولكنهن طبيعيا يرفضن الدخول في هذا الموضوع، بطريقة متعجرفة، مثلما هو عندي.

من خلال روايتك التي صدرت منذ سنتين تقريبا "حب كحب سلوى"؟
نعم·· لقد قرأتها، وحتى في "رائحة الكلب" الصادرة في بداية الثمانينات حاليا ما شئت ليس هناك رقابة، جيلالي كتب "رائحة الكلب" عندما كانت الرقابة موجودة، وهناك نسيناه، لقد أخطأنا في حق جيلالي خلاص·· حرام، لقد أتى جيلالي بجديد بالنسبة لجيله، وروايته جميلة جدا من ناحية الأسلوب والموضوع·

ذكرت منذ قليل صداقتك للمخرج أحمد راشدي، فقد سبق لك أن كتبت للسينما في عدة مناسبات (وقائع سنين الجمر، وعلي في بلاد السراب···) وغيرها، هل أفادتك تلك التجربة في الكتابة الروائية؟
صراحة لم تفدتني تلك التجربة، لأن كتابتي الروائية أصلا هي سينمائية، أكتب من منظور ثم من آخر، ثمم من آخر وهكذا، أقدم الأمور بنخسبية، رواية "تميمون" حتى من ناحية تقطيع الرواية كسيناريو موجودة فيها، فقط فيلم "وقائع الجمر" أفادتني لأنني أدخلت تلك التجربة في رواية "ألف وعام من الحنين"، وحتى رواية "ضرية جزاء

قصة "شكال"؟
نعم·· شكال·· هي في حد ذاتها سيناريو·

يفترض أن تحول الى فيلم سينمائي؟
يفترض ذلك وقد مرت الذكرى الخمسين للثورة، ولم يهتم بها أحد للأسف·

بخصوص السينما دائما، لماذا في رأيك توقف تطورها فجأة عندنا؟ بتلك التراجيديا، وهل من سبيل لاعادة بعثها من جديد؟
السبب يعود الى الوضعية السياسية للبلاد، جاءت الأزمة والإرهاب، وانخفضت أسعار البترول عشنا واقعا مؤلما·

لكن أزمة السينما بدأت قبل ذلك؟
أظن أن الظروف السياسية الاقتصادية ساهمت في ذلك، لقد شهدنا انسحاب الدولة م دعم الثقافة، لكن الكتاب لا يتطلب الكثير من الأموال بعكس الفيلم السينمائي الذي يتطلب الكثير من الأموال، فقد نشرت الكثير من الكتب في الثمانينات رغم الأزمة بعكس السينما·
ولكن بصراحة من جهة أخرى لم نرى هلفا للخضر حمينة، وأحمد راشدي عكس الشعر الذي فيه دائما الخلف باستمرار،سينما علواش مثلا موجهة الى الفرنسيين، هو الوحيد الذي بقي يفتح لكنه ضعيف·

هو الآن تحت سلطة الممول؟
نعم مع انسحاب الدولة، ولا يوجد عندنا ممولون واص للسينما، وأثرياء القوم عندنا بخلاء، ولكن سيأتي يوم تكون فيه سينما جزائرية، باخراج جزائري وفي الجزائر، ولا أتكلم عند هؤلاء الذين يعيشون في الخارج، وينتجون أفلامهم هناك·

بعد تجربتك في الكتابة بالعربية التي انطلقت سنة 1982 مع و"التفكك" عدت الى الفرنسية مرة أخرى، هل ستعود الى الكتابة بالعربية من جديد؟
طبعا، الرواية المقبلة ستكون بالعربية·

هل لنا أن نعرف عنها شيئا؟
- هي قيد الكتابة، مازلت في بدايتها، لقد تعبت كثيرا في رواية "يتسيمون" كنت أنقلها في الحقائب كل مرة آتي بمائة نسخة، ونشرت منها ثلاثة آلاف نسخة فقط·

هل وجدت ناشرا بالعربية؟
حاليا لا توجد مشكلة في النشر، الآن دور النشر تتهافت علي، "دار الحكمة"، و"دار القصبة" "ANEP" هذه الأخيرة التي تبقى داري الأساسية، ليست لدي أي مشكلة من هذا الجانب لقد اعطيت كل أعمالي ANEP، وسأعطي روايتي المقبلة لدار أخرى "الحكمة" مثلا التي لها طموح من أجل أشياء جديدة، ومازالت دار ناشئة، والتي تصدر لي عنها "حلزونيات" أثناء المعرض الدولي للكتاب في سبتمبر المقبل·

أليست لك رغبة في العودة الى كتابة "الحلزونيات" من جديد؟
كان بودي ذلك، ولكن ليس هناك طلب من الصحف المعربة·
حاليا أنت تكتب بالفرنسية في "الوطن" مقالا أسبوعيا؟
نعم، وكان بودي أن الكتب بالتوازي بالعربية، ولكني لم أجد منبرا كبيرا، لقد كتبت سابقا في "الثورة الافريقية" بالفرنسية، وفي "الوحدة" و"المساء" بالعربية، كان هناك توازن، وأنا بودي أن استعيد هذا التوازن·