و يتسلَّلُ الجليدُ خلسةً نحوَ أهدابِ أيَّامِنا
يتراكمُ الغبارُ على صفحاتِ قلوبِنا
تنسانا ملامحُنا
و تهجرُنا المواسم
فتتشابهُ كلُّ الفصولِ و الوجوه
شتاءٌ بلا غيمٍ و صيفٌ بلا دفء
ربيعٌ تساقطَتْ أزهارهُ و خريفُ عمرٍ أتى سابقا لأوانِه
تجهَّمت ليالينا و غادرَها نسيمُ اللَّهفة
حتى قبُلاتُنا غدتْ بلا شفاه
و صارَ الوصالُ بينَنا أشبهَ بتأديةِ واجبٍ يوميٍّ تفرضُهُ علينا قيودُ ميثاقٍ غليظٍ يكادُ يتسرَّبُ من بينِ أصابعِنا
حتَّى غدَتْ بسماتُنا شفويَّة
و نظراتُنا بلا أحداق
و سماؤُنا رماديَّة
بدِّدي ضبابَ الغربة
و اكسِري قيودَ الصَّمت
أَشرقي في عينَيّ
تمرَّدي ضدَّ هذا الموت
أجِّجي قلقِي
حاصرينِي بالظُّنونْ
أَشعليني رغبةً و اغمريني رهبة
أَحرقي سنابلَ الأمانِ في روعِي
و دَعيْ نيرانَ الشَّكِّ تكويني
أَغرقيني في بحارِ الخوف
في دوامةِ الأسئلة
زلزلي بنيانَ قلبي
بعثِري نبضي
تدفَّقي كالسَّيلِ في شراييني
فجِّري براكينَ غضبي
أَيقظي خلايا النَّحلِ في دمي
دُسِّيْ تحتَ وسادتي الوساوس
و اترُكي جيوشَ الرَّيبِ تقصفُني بوابلٍ من الأفكار
اجعليني أكلِّمُ نفسي
كوني هاجساً يطاردُني
و نوبةً من الجنونِ تعتريني
أريدُ أن يكونَ حبُّنا جمراً و هذيانا
أن تكونَ صباحاتي جنونا
و مساءاتي جحيما
أن أنامَ حانقاً عليكِ
و أصحوَ مشتاقاً إليكِ
أن تهرُبي منِّي نحوَ صدري
و أن أهجرَ السَّريرَ كي أنامَ في عينيكِ
لا أريدُ هذا الصَّمتَ و الخُذلان
أريدُ أن أضمَّكِ عُنوةً و تقاوميني
و أن أخاصمَكِ فتستجديني بنظرةِ كبرياءٍ
ثوري ضدَّ تسلُّطي
انتفِضي على غطرستي
هاجميني
حاولي أن تخنُقيني
فالحبُّ يا حبيبتي صراعٌ مستمرٌّ
كالفجرِيبزُغُ ثائرا
كالرَّبيعِ يأتي عاصِفاً
كرعشةِ قلبِ مشتاقٍ أسيرْ
كلهفةِ الأرض العطشى إلى يومٍ مطير
الحبُ يا حبيبتي قلقٌ و خوفٌ و اضطرابْ
أنينُ بعدٍ و عذابُ اقترابْ
وجعٌ يمتدُ كسربٍ من حنين
ألمٌ نكابدُهُ ليُسعِدَنا
و يقتلُنا ليحيينا
صرخةٌ تبدِّدُ غيماتِ السُّكون
ريحٌ تبعثرُ أوراقَ الطُّمأنينة
الحبُ أن أتنفس من خلالِ رئتيكِ
و أن تتغلغلي في مساماتي
أن تكوني نوبةً تمزِّقُ خافقي
و أن أكونَ شهقة تجتاحُكِ
أنينا خافتاً تكتُمينه
أن تؤلمَني ملامحُكِ
و تتسامرَ في خلايايَ أشياؤُكِ و تفاصيلُكِ
فأتلظَّى انتظارا
و أتشظَّى اشتياقا
و أنتِ أنتِ من تجمعيني