عرض مشاركة واحدة
قديم 11-26-2012, 09:04 AM
المشاركة 2
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
برسيس


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رقعة سوداء غريبة ملفوفة بطريقة معينة تحتفظ بها عمتي على رف خزانتها بعناية كبيرة تخرج إلى مرأى الجميع عندما تجتمع الجارات و الصديقات في سهرة أو أصبوحة أو " جمعة نسوان".
تفتحها لنراها مطرزة بالتطريز الدمشقي المعروف بالـ "آغاباني" و هو تطريز مميز بخيوط حريرية ملونة و في داخل الرقعة عدد من الصدفات "الودع " و القطع النحاسية الصغيرة ذات الأشكال الجميلة و الغريبة.. نتساءل أليست هذه الو...

ديعات هي التي تستخدمها العرافة "النورية" عندما تطرق الباب و تلح على أن تقرأ الطالع؟ و لا تملك النساء إلا الاستجابة لها تحت ضغط إلحاح الغجرية أو الإلحاح النفسي من ربة البيت لمعرفة طالعها رغم أنها تؤمن أن هذا مجرد " كلام فاضي".
ترد علينا جارتنا أم جمال أن هذه الوديعات ضرورية للعبة و أنهن لا يشبهن الغجرية لأنهن يلعبن للتسلية و لا يؤذين أحدا بتكهنات تثير الشك و الفتن كما تفعل العرافة.
الرقعة السوداء فيها عمودين متداخلين و كل منها مقسم إلى عدد متساوي من المستطيلات يتوسطها مربع يسمى مطبخ و التي يحالفها" الدست "و البنج" و "الشكة" كثيرا تطبّخ قبل التي يكون حليفها "الدْواء".
و في أماكن الفراغات من الرقعة طرزت عبارات مقتبسة من أغاني للسيدة أم كلثوم مثل " أنت عمري " و " أمل حياتي" و " جددت حبك ليه" ...و هذا يعود في الحقيقة إلى أن غالبية من يمارسن اللعبة يستمعن إلى أغاني " الست " أثناءها .. و يشربن القهوة المحمصة و الممزوجة بكثير من الهيل .
جاراتنا كن يجتمعن في سهرة يوم الاثنين في أحد بيوت الحارة و طبعا البرسيس هو سيد الجلسة النسائية و ينقسمن إلى فريقين مكون من لاعبتين في كل فريق ..كانت جارتنا أم عبدو ماهرة في " التحريم" وهي كلمة تعني الغش لذلك كانت كل واحدة منهن حريصة على أن تكون أم عبدو في فريقها لأنها ستفوز حتما و كانت النهاية المعتادة مشاجرة خفيفة لأن فريق أم عبدو دوما متهم بأنه ربح عن طريق الغش !
لكن هذه المشاجرة تنتهي بجلسة صلح على الكنافة النابلسية أو الأرز بالحليب أو كرات النارنج بجوز الهند و أغنية دمشقية قديمة
و مع أن اللعبة نسائية بحتة إلا أن بعض الرجال تستهويهم اللعبة كنوع من التغيير عن الألعاب الرجالية كطاولة الزهر و الشطرنج و الداما و قد كان أحد رجال عائلتنا مغرما بهذه اللعبة و دوما يمنى بخسارة ساحقة لكنه يعزوها دوما إلى أن الحظ حليف النساء اللواتي يبارينه و في إحدى المرات حالفه الحظ فقال أن السبب ذكاؤه و دهاؤه !!