الموضوع
:
أفضل مئة رواية عربية – سر الروعة فيها؟؟؟!!!- دراسة بحثية.
عرض مشاركة واحدة
12-24-2011, 11:59 AM
المشاركة
183
ايوب صابر
مراقب عام سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Sep 2009
رقم العضوية :
7857
المشاركات:
12,766
تابع ..بعيدا عن الاستشراق
هكذا كشفت نصية (بندر شاه) الجامعة عن أن العلاقة التي نسجها ذلك النص السردي مع طبقة النصوص المنتمية إلى الجنس الروائي, كثفت خصائصه الأجناسية وأثرت دلالاته...أليس كذلك?
-
يسعدني كثيرًا اهتمامك بـ(بندر شاه) لأنني أعتقد - في تقديري
المتواضع - أن في (بندر شاه) شيئا جديرا بالنظر, وفيها ما يؤكد ما ذهبت إليه من
اشتغالي كعالم أثري, ففي (بندر شاه) هذا المكان خلطت بين الأسطورة والحلم, الواقع
والتاريخ, فأريد أن أفهم لماذا هذا المكان? وما خصائصه, وأنا أتقصى أيضًا في قضية
العلاقة بالسلطة, لأن بندر شاه - كما تعلمين - بندر المدينة, وإشكالية الحلم
,
والمشكلة بالنسبة لنا هي المدينة بمعناها الواسع كيف تدار? وكيف تحكم?, وليس
المدينة ذات الأبنية الشامخة, وذلك بالرغم من أن الوجوديين يرون أن منزلة الفرد في
المدينة تجسم المنزلة البشرية, وأن فضاء المدنية يغذي شعور الإنسان بالغربة ويعمّق
اقتناعه بعبثية الحياة, وقد ترجمت ذلك في موسم الهجرة إلى الشمال, على لسان الراوي
حين رجع من المدينة إلى القرية وهو يقول: (ونظرت خلال النافذة إلى النخلة القائمة
في فناء دارنا, فعلمت أن الحياة لاتزال بخير...أنظر إلى جذعها القوي, المعتدل, وإلى
عروقها الضاربة في الأرض, وإلى الجريد الأخضر المتهدل فوق قامتها, فأحسّ
بالطمأنينة, أحس أنني لست ريشة في مهب الريح) ولكنني قبل تلك النخلة, مخلوق له أصل
,
له جذور, له هدف
.
الطيب صالح, لم يبحث في التراث السردي عن لغة سردية يعبّر بها عن أفكار سياسية مقموعة, وإنما نحا ذلك المنحى ليحسّ التعمّق في المسائل, وانشغال البطل الروائي بهذه الهموم السياسية تعبير واضح عن انشغالك أنت شخصيًا بها...فهل ترى ذلك صحيحًا?
-
هذا سؤال صعب جدًا, والكاتب لا يخرج عن جلده حينما يكتب, وهذا في
الهوية السودانية, صحيح أنني أعبّر عن أفكاري في قالب روائي الله أعلم, بمعنى أنني
لا أتعمّد أن أناقش أفكارًا سياسية, والسياسة نفسها أصبحت مفهومًا واسعًا مثل
الثقافة, فكل شيء تدخل فيه السياسة, يعني هموم الإنسان العادي فيه سياسة, لكن أنا
أقصد في مكان ما من السودان هو مزيج من الواقع والخيال, أنا أريد أن أستكشفه, وأظن
دون ادّعاء أنني من أوائل الذين قالوا إن الكاتب كأنه عالم أثري يبدأ (بكومة من
التراب) ثم يظل يحفر... ويلم الأشياء بعضها من بعض و(يطلع) ببعض النتائج أحيانًا
ويترك الأفكار مفتوحة, وفقًا لبراعته
.
هناك من يقول إنك أشرت في أحاديث مصاحبة لـ (بندر شاه) إلى تأثر هذا النص بالحادثة أو (الواقعة), والأسطورة والخطاب الصوفي, وحرصت على التنبيه إلى البعد الرمزي في ذلك.. هل تتفق مع هذا الرأي?
-
صحيح أنني نبهت لبعض الرمز, لأن الرمز مهم, ولأن الأدب في نهاية
الأمر مجاز, ولأنني أستخدم مساحة واسعة في الزمان لابد من استقدام الرمز, ومنذ
البداية, منذ كتبت قصة قصيرة اسمها (ود حامد) أجدني من خصائص عملي أنني أنزع إلى
خلق أسطورة دائمًا, وأحوّل الواقع إلى أسطورة, وأمزج بقدر ما أستطيع بين الواقع
والأسطورة
.
وهل ذلك يعني أن استخدامك للأسطورة يعفيك من رفض الواقع كما هو, أم هي حال كشف أكثر للواقع?
-
لا...أنا لا أحاول أن أتحاشى الحرج, حتى فيما كتبته بأسلوبي هذا فيه
حرج - كما تعلمين - في موسم الهجرة إلى الشمال, هذا أسلوب وهذه طريقة في النظر إلى
الأشياء
.
ربما هذا يتضح جليّا في (بندر شاه) حيث توسل الراوي بمرويات تراثية شعبية انفتح فيها المعقول على اللامعقول, وامتزجت فيها الحقيقة بالخيال...صحيح?
-
كما ذكرت لك, هذا أسلوبي في الكتابة, وحتى لو قلنا إننا نظرنا
لواقعنا أو على الأقل واقع هذا المكان الذي أتحدث عنه, هذا المكان الماضي والحاضر
والمستقبل, الواقع والحلم, كل الأمور مخلوطة في حياة الناس, الحياة الكاملة تعني أن
الناس يعيشون وهم يحملون كل هذه المكونات
.
والغريب في الأمر أن الذين يزعمون بأنهم يكتبون أدبًا واقعيًا يدخلون
أنفسهم في (ورطة) لأن الكاتب في هذه الحال مضطر لأن يهمل جميع هذه العناصر, ويأخذ
الواقع الذي يراه, ويصبح الواقع عبارة عن (قرافة) أو مقابر, بالمناسبة طريقة كتابتي
وكتابة جمال الغيطاني, كتابة جميلة جدًا, وفي هذا المعنى أظن نحن أقرب للواقع من
الذين يزعمون أنهم واقعيون
.
(بندر شاه), قمت بتجذيرها في التراث, وعضدت بها مسيرة الرواية العربية على درب التأصيل, هل ترى أن هذا الاتجاه كان له دخل في تعتيم خطابها وحجب قيمتها الحقيقية?
-
لا أظن بأي حال...وهذا عمل لم يكتمل بعد, والنقاد تحاشوها لأنها
تحتاج إلى جهد أكبر في الدراسة, وهذا غير مهم بالنسبة لنا, لأن الأعمال مرهونة
أصلاً بأوقاتها, ويمكن في المستقبل يرى البعض أن (بندر شاه) أهم من (موسم
الهجرة
).
الحق أن هناك أكاديميين اهتموا بشكل خاص بـ(بندر شاه) فقد قام د. فوزي الزمرلي (بجامعة منوبة) في تونس بمقاربة الرواية مقاربة شعرية ليقف على علاقاتها بالنصوص المنتمية إلى الجنس الروائي, ومن ناحية أخرى بالنصوص التراثية.
وقال: (إن الطيب صالح أقام نص (بندر شاه) ليرصد واقع المجتمع السوداني إثر اتصاله بالغرب, ونظرًا لاتساع فضاء ذلك الجنس الأدبي, فقد قام بتوظيف شتى أنماط التعبير من دون أن يخرج بذلك عن حدود جنسه الخاص)....ألا يعد ذلك اهتمامًا أكاديميًا?
-
هذا كلام جميل جدًا, إذا كنت فعلت كل هذا, وهذه قضيتنا, فلو نعمل
إشارة إلى هذه الطريقة أو سياسة بهذه الطريقة ونطور الاقتصاد أيضًآ فسنكون قمنا بحل
مشكلتنا
.
اختلف النقّاد كثيرًا حول أعمالك, فقد كتب رجاء النقاش في نقده لـ(موسم الهجرة إلى الشمال): (إن الرواية تعالج المشكلة الرئيسية التي عالجها من قبل عدد من كبار الكتّاب العرب, إنها المشكلة نفسها التي عبّر عنها توفيق الحكيم في روايته (عصفور من الشرق), وعبّر عنها بعد ذلك يحيى حقي في روايته (قنديل أم هاشم) وعبّر عنها الروائي اللبناني سهيل إدريس في روايته (الحي اللاتيني) وأقصد بذلك, مشكلة الصراع بين الشرق والغرب, وكيف تواجه الشعوب الجديدة هذه المشكلة).كيف ترى ذلك?
-
أولاً أحترم رؤية الأستاذ رجاء النقاش لأن الناقد من حقه أن ينظر
كيفما يشاء, وهذه الحرية مكفولة للكاتب المبدع وللناقد أبضًا
.
أما بالنسبة لرأي د.يوسف نور عوض عن (موسم الهجرة) فأنا لا أزعم لنفسي
هذا - لكن هي عمل مختلف حقيقة إذا صدق - وربما جاء هذا الاختلاف عن عمل أساتذة
أجلاّء لأنهم كتبوا في مرحلة مختلفة من طبيعة الصراع مع الغرب حيث كان الصراع وقتها
في ذروته, فقد كانت هناك حرب الاستقلال في الجزائر, وفي مصر صدام عنيف جدًا مع
الغرب, وقضية فلسطين, لذا كان من المستحيل أن أكتب كما كتب يحيى حقي, وتوفيق
الحكيم, أو سهيل إدريس, فربما رؤيتي نفسها اختلفت في النظر إلى المسألة كلها, فربما
ما رأيته إذا لم نقل إنه صراع, فهو مواجهة, وهم أقاموا علاقة رومانسية إلى حد
كبير
.
ثم إنني من السودان - وهم عرب من حوض البحر المتوسط, وهذه المنطقة
تعاني نوعًا من الالتباس, فقد يخيل لبعض العرب في هذه المنطقة أنهم أوربيون, لأنهم
من هذه المنطقة قريبون من اليونان, ونحن لا ندّعي هذه الحكاية, فنحن واضحون وحريصون
ومختلفون, وأنا كتبت بهذا الإحساس, إلى جانب أنني عشت في لندن سنوات أطول, وتعمّقت
في حياتهم أكثر من هؤلاء الأساتذة (من واقع الغربة
رد مع الإقتباس