الموضوع: يَدُ المَوْت
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2011, 07:50 PM
المشاركة 27
محمد نجيب بلحاج حسين
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
[tabletext="width:90%;border:4px double green;"]
أخي الفاضل عبده

سلام الله عليك ورحمته وبركاته

أستسمحك أولا في مواصلة السباحة في هذا البحر الغزير من المعاني السامية
وسأعود لردك إن شاء الله...
على أني أريدك أن تعرف وأن تتأكد أني لا أنصب نفسي مدافعا عن أخي تركي
فأنا لا أعرفه إلا كما أعرفك ، عبر العالم الرقمي...
ولكني أسعد بقراءة شعره لما أجد فيه من أسلوب متميز...
ومن نفس إنساني متحرر...
وأقرأ له دون تصنيف مسبق ، وأنظر لكل قصيدة من قصائده على أنها
منفصلة عنه وعن القصائد التي سبقتها...
وأقرأ ، وأنا أبحث عن مواطن الجمال وعن مقومات الإبداع ...
أعتبر في قراءتي للقصيدة أنها وحدة بذاتها ، لها كيان وروح ...

هي وليدة لحظات تأمل وتدبر ، هي عصارة فكر ومشاعر...
هي جزء من الشاعر كفلذة الكبد ...
تستحق مني حنوا ورعاية واهتماما ...

ثم أقرأ وأنا أحاول استحضار لحظة الكتابة والبحث عن الأسباب
التي جعلت الشاعر يطلقها من آلامه وآماله...

أتمثل ما يعتمل في نفسه من مشاعر وأحاول أن أقارنها بما يدور في الكون من
أحداث لأكتشف أبعادها ... وأتعمق في تلميحاتها ...

لست مختصا في النقد ، بل في تذوق معالم الإبداع ...
أنا من هواة ترصيف الكلام وتكثيفه ليصير في أبدع شكل
فيؤثر في القارئ وفي السامع ويرسخ في الذهن وفي الوجدان...

وأجد أن الشاعر الفاضل تركي عبد الغني يمتلك كل هذه المهارات
فيجعل من الشعر قضية ، ويعالج مشاكل العصر ، ويعلن موقفه
بكل وضوح وجمال عبر أشعار في غاية الروعة والبهاء...

فَوَضَعْتِني في غَيْرِ أمْكِنَتي
وَقَتَلْتِني بِرَصاص حُرّاسي


مازال يعاتب اليد الشريرة للموت ويضعها أمام مسؤولياتها
فهي تتسبب له في مآسي التمييز العنصري البغيض ،
وهو صاحب الشعَر الأسود ، العربي المتهم بنشر الإرهاب...
وهي تجعله مهاجرا مطاردا من أهله ومن أعدائه...

وهي التي تجعل من حراس الأمن في كل أقطارنا قتلة لإخوانهم
في إشارة لمن يطلقون رصاص الدفاع عن الوطن على أفراد نفس هذا الوطن...
مفارقة غريبة يا أخي عبده ...

تصور أننا ندفع الضرائب ليكتنز الطغاة نصفها ويشترون بالنصف الثاني
أسلحة لقتل الشعوب ...
ألا يستحق هذا الأمر أن يتوقف عنده الشعراء؟
حراسنا يعملون فينا وعاول الموت الزؤام...
يالها من كارثة مرعبة...



وَضَحِكْتِ حينَ أَمَتِّ ضِحكَتَهُ
وَبَكَيْتِ حينَ أَقَمْتُ أعراسي


نكاية وشماتة رخيصة
يد الموت الشريرة تضحك حين تتجمد الضحكات على الوجوه ...
وتبكي حين تقام الأفراح والزيجات...
ما أبشع هذا الحقد ...
كل أهل التطرف من هذا الجانب أو ذاك يسعدون برؤية الدماء في الجانب المقابل
ويرتوون بسحق الأرواح وبتدمير أكثر ما يمكن من الأملاك والأرزاق وكل أشكال الحياة الآمنة




ما ضَرَّ قَلْبَكِ لَوْ أَقَمْتُ لَهُ
في مَسْجِدِ التّحريرِ قُدّاسي

.
.

صُلْبانُهُ وَأهِلّتي وَقَفَتْ
تَبْكي مَآذِنَهُ وَأَجْراسي

هنا يتفضل شاعرنا ببسط الحل الذي يراه
هنا تأتي صورة ميدان التحرير حيث تقام صلاة الجمعة في نفس المكان الذي يقام فيه قداس الأحد...
حيث يتلاحم المواطنون وتهب كل فئات الشعب ضد الطغيان والقهر...
ما الضرر في ذلك ، ولنا في أسلافنا الفاتحين الأسوة الحسنة...
لماذا لا نتبادل الإحترام والتقدير بدلا عن العنف والموت والدمار؟
يا شيطان الفتنة القاتلة، لماذا لا تقبل أن نعيش في كنف السلام؟
ماذا يغيظك في أن نختلف؟ وفي أن يحترم أحدنا خصوصيات الآخر؟
بأي حق تسلب الحياة التي وهبها الله للبشر ؟

وتمتزج الدموع في البيت قبل الأخير
فتبكي الصلبان على المآذن
وتبكي الأهلة على الأجراس

القتل العمد لم تشرعه أية ديانة
والإعتداء منبوذ من الجميع
فلماذا نقتل ونعتدي؟

ويختتم المبدع ببيت القصيد واسمح لي بأن أفرد له مداخلة قادمة

تحياتي
[/tabletext]