عرض مشاركة واحدة
قديم 06-26-2019, 02:56 PM
المشاركة 6
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء السادس (متفكك)
63- حارس

هو يكره وظيفته, هو يكره الحر, هو يكره أنه يجب عليه أن يقف أمام التشوب شوب لساعات حارسا الباب, يحرص ألا يدخل أو يخرج أى شخص غير مصرح له.
كان لديه أحلام فى منزل الولايه أن يبدأ عمل مع أصدقائه, لكن لا أحد يقرض مال بدايه مشرع لأولاد منازل الولايه.!
حتى بعدما غير كنيته من وارد إلى مولارد.. اسم أغنى عائله فى المدينه.. لم يقدر على خداع أى أحد. فكما يبدو, نصف الأولاد من منزل ولايته أخذوا نفس الاسم حين رحلوا.. معتقدين أن بإمكانهم التذاكى على العالم.
فى النهايه, لم يتذاكى سوى على نفسه. أفضل ما أمكنه فعله هو إيجاد سلسله من الوظائف الغير مشبعه فى السنه التى خرج منها من منزل الولايه..أخرها كان حارس فى مخيم حصاد.

على السطح, بدأت الفرقه مجموعتها للظهيرة.على الأقل يساعد هذا على إمرار الوقت أسرع قليلا.

يقترب متفككان, ويصعدا السلالم نحوه.لا يرافقهم حراس, وكلاهما يحمل أطباق مغطاه بورق ألومونيوم.
لا يحب الحارس منظرهم. الولد أصلع و الفتاه آسيويه.
“ماذا تريدان؟ ليس من المفترض أن تكونا هنا.”
“أُخبرنا أن نعطى هذا للفرقه” يبدوان متوتران و مراوغان. هذا ليس جديدا. كل المتفككون يُصبحون متوترون قرب التشوب شوب.. و بالنسبه للحارس فكل المتفككين يبدون مراوغون.

ينظر الحارس تحت ورق الألومونيوم. دجاج مشوى. بطاطس مهروسه.
هم بالفعل يرسلوا طعام للفرقه فوق من حين لآخر, لكن غالبا يكون العمال من يحملوا الطعام, ليس المتفككين:” اعتقدت أنهم تناولوا الغذاء للتو.”
“أعتقد لا” يقول الأصلع. يبدو أنه يُفضل التواجد فى أى مكان فى العالم على الوقوف أمام التشوب شوب, لذا يقرر الحارس أن يماطلهم, ويجعلهم يقفون هناك أطول.
“على أن أبلغ عن هذا” يقول.ويُخرج هاتفه ويكلم المكتب الرئيسى. يحصل على اشاره مشغوله. نموذجى..يتسائل الحارس أيهم سيوقعه فى مشاكل أكبر.. تركهم يُدخلون الطعام, أم إبعادهم لو كانوا بالفعل مرسلون من الإداره. ينظر للطبق الذى فى يد الفتاه:” دعينى أر هذا” و يزيل الورقه ويأخذ أكبر صدر فرخه.” ادخلا من الباب الزجاجى, والسلالم على يساركم. لو رأيتكم تذهبا لأى مكان سوي أعلى السلالم ,سآتى لهناك و سأخدركما بسرعه حتى لن تدركا من أصابكما.”

ما أن أصبحا فى الداخل, أصبحا بعيدان عن الأنظار, بعيدان عن العقل.
هو لا يعرف أنه بالرغم من ذهابهم لمكان السُلم, إلا إنهم لم يحضروا الطعام للفرقه أبدا.. تخلصا من الأطباق وحسب.

وهو لم يلاحظ الضمادات الصغيره الدائريه على راحه يدهم.
___________________________________
64-كونر

كونر ينظر من نافذه المهجع, مُحطما..
ليف موجود هنا فى هابى جاك. كيفيه وصوله لهنا لا تهم, كل ما يهم أن الآن ليف سيتم تفكيكه.
كل شئ كان سدى..
إحساس كونر بالخيانه يجعله يشعر أن جزء منه بالفعل تم تقطيعه وأخذه للسوق.
“كونر لاستر؟”
يلتفت ليرى حارسان فى المدخل.
حوله, أغلب الأولاد غادروا الوحده لنشاطهم الظهيرى. والأفراد اللذين بقوا يأخذوا نظره سريعه للحراس, ولكونر.. ثم ينظروا بعيدا.. شاغلون أنفسهم بأى شئ يبعدهم عن هذا الأمر.
“أجل. ماذا تريدون؟”
“حضوركم مطلوب فى عيادة الحصاد,” يقول الحارس الأول.
الحارس الأخر لا يتكلم. فقط يمضغ علكه.

انطباع كونر الأول أن هذا لا يمكن أن يكون ما يبدو عليه. ربما ريسا أرسلتهم.. ربما تريد أن تعزف له شيئا.. فى النهايه,بعد وجودها فى الفرقه فهى أكثر تأثيرا من المتفكك العادى, أليست كذلك؟
“عيادة الحصاد,” يردد كونر.” لأى سبب؟”
“حسنا, لنقل فقط أنك ستغادر هابى جاك اليوم.”
يمضغ,يمضغ, الحارس الأخر.
“أغادر؟”
“هيا يا بنى, هل علينا أن نقولها لك صراحة؟.. أنت مشكله هنا. أولاد كثيرون جدا يتطلعوا إليك, وهذا ليس شئ جيدا أبدا فى مخيم حصاد. لذا قررت الإداره أن تهتم بالمشكلة.”
يتقدما نحو كونر, ويرفعاه من ذراعيه.
“لا! لا! لا يمكنكم فعل هذا.”
“بإمكاننا, وسنفعل. إنها وظيفتنا.. وسواء صعبتها أو سهلتها, لن يهم. فوظيفتنا تنجز فى كلتا الحالتين.”

ينظر كونر للأولاد الآخرين كما لو أنهم سيساعدوه, لكنهم لا يفعلوا.
” إلى اللقاء يا كونر” يقول أحدهم ... لكنه حتى لا ينظر نحو كونر.
الحارس الماضغ للعلكه يبدو أكثر تعاطفا, مما يعنى أنه يمكن وجود طريقه للتأثير به... ينظر كونر له متضرعا. مما يجعله يوقف المضغ للحظه.
يفكر الحارس للحظه ويقول:” لدى صديق يبحث عن عينان بنيتان, بسبب أن صديقته لا تحب التى يملكها. هو شاب محترم.. بإمكان حالك أن يكون أكثر سوءا.”
“ماذا!!”
“نحن أحيانا نقوم بالمطالبه بالأجزاء و ماشابه,” يقول:” أحد مميزات الوظيفه. على أيه حال, كل ما أقوله هو أن بإمكانى توفير لك بعض راحه البال. ستعرف أن عيناك لن تذهب لشخص وضيع أو عديم الأهمية؟”
يضحك الحارس الآخر,” راحه بال. نكته جيده. حسنا, وقت الرحيل”,ويسحبا كونر للأمام.
يحاول أن يعد نفسه, لكن كيف تعد نفسك لشئ كهذا؟
ربما ما يقولنه صحيح. ربما هو ليس موت.
ربما هو فقط انتقال لشكل حياة آخر.
قد يكون جيد, ألا يمكن؟ ألا يمكن؟

يحاول تخيل ما شعور السجين أن يؤخذ لإعدامه. هل يقاوموا؟
كونر بحاول تخيل نفسه يركل ويصرخ فى طريقه للتشوب شوب, لكن ما ستكون جدوى ذلك؟
لو وقته على الأرض ككونر لاستر ينتهى, إذا ربما عليه أن يُحسن استخدام الوقت ,عليه أن يسمح لنفسه بإمضاء لحظاته الأخيرة فى تقدير الشخص الذى كان عليه.
لا! الشخص الذى مازال علية!
عليه أن يُقدر أنفاسه الأخيرة المتحركه داخل و خارج رئتيه بينما تلك الرئتان مازالا تحت سيطرته .. عليه أن يشعر بالشد و الرخى فى عضلاته بينما يتحرك, وعليه أن يرى أكبر قدر من المناظر فى هابى جاك بعينيه ويخزنهم فى عقله.
“ابعدا أيديكم عنى, سأسير وحدى” يأمر الحراس, ولحظيا يحررانه, ربما متفاجئون من السلطه فى صوته.!
يلف كتفيه و يطقطق عنقه, ويسير أماما.
الخطوه الأولى هى الأصعب, لكن من تلك اللحظه يقرر أنه لن يهرب أو يتلكأ.
لن يرتجف ولن يقاتل.
سيأخذ تلك المشيه الأخيره فى حياته بخطوات ثابته..

وبعد بضعه أسابيع من الآن, شخصا ما فى مكان ما, سيُبقى فى عقله ذكرى أن هذا الرجل الشاب, أيا من كان ..قد واجه تفككه بكرامة وكبرياء ..
__________________________________
65-مصفقون

من بإمكانه قول ماذا يدور فى عقل مصفق فى اللحظات السابقه لفعلهم الشرير؟ لاشك أن أيا ما كانت تلك الأفكار, هى أكاذيب. مع ذلك, ككل الضلالات الخطيرة, فالأكاذيب التى يخبرها المصفقون لأنفسهم ترتدى رداء تنكرى مغر.

للمصفقين اللذين تم إقناعهم أن أفعالهم ستُرضى الرب.. فكذبتهم مكتسيه أرواب مقدسه ولديها أذرع ممدوده واعده بجائزه لن تأتى أبدا.

للمصفقين اللذين يعتقدون أن أفعالهم بطريقه ما ستحدث تغيرا فى العالم.. فكذبتهم متنكرة كجمهور ينظر لهم من المستقبل, مبتسما فى امتنان لما فعلوه.

للمصفقين اللذين يسعون فقط لمشاركه بؤسهم الشخصى مع العالم .. فكذبتهم هى صوره لنفسهم متحررون من آلامهم بشهودهم لآلام الآخرين.

و بالنسبه للمصفقين اللذين يحركهم الانتقام, فكذبتهم هى ميزان العدل, متساو الكفتين, أخيرا فى اتزان.

إنه فقط حين يأتى المصفق بيديه معا حتى تكشف الكذبه عن نفسها, متخليه عن المصفق فى تلك اللحظه الأخيرة حتى يخرج من هذا العالم وحيدا تماما, بدون أى شئ حتى كالكذبه لترافقه نحو النسيان.
أو ترافقها..

الطريق الذى أحضر ماى لهذا المكان فى حياتها كان ملئ بالغضب وخيبه الأمل. نقطه انكسارها كان فينسينت. كان الفتى الذى لم يعلمه أحد. كان فتى قابلته و وقعت فى حبه فى مستودع منذ أكثر من شهر. كان فتى مات فى منتصف الجو, محشورا فى صندوق مع أربعه أولاد أخرين اختنقوا بثانى أكسيد الكربون من تنفسهم.
لا يبدو أنه قد لاحظ اختفائه أحد, وبالتأكيد لم يهتم أحد.. لا أحد سوى ماى, التى وجدت توأم روحها,وفقدته فى ذاك اليوم الذى وصلت به للمقبرة.

الملام كان العالم, , لكن حين رأت فى الخفاء ذهبيون الأدميرال الخمسه يدفنون فينسينت و الأخرين, استطاعت إعطاء أوجه لغضبها.
فالذهبيون لم يدفنوا فينسنت باحترام لكن بتدنيس. أطلقوا النكات وضحكوا. غطوا الأولاد الميتون الخمسه بالتراب فى عدم اكتراث كما تغطى القطط غائطها.
ماى لم تشعر قط بمثل هذا الغيظ.

ما أن صادقها كليفر, أخبرته بما رأت,ووافق أن يكون الانتقام فى الاعتبار. كانت فكره كليفر أن يقتل الذهبيين. كان بلاين من خدرهم و أحضرهم لطائره الفيديكس .. لكنها كانت ماى من أغلقت فتحه الصندوق. كان رائعا لها أن القتل قد يكون بسهوله غلق باب.!

بعد ذلك, لم يعد هناك عوده لماى. تم إعداد سريرها, كل ما تبقى لها هى أن ترقد فيه. هى تعرف أن اليوم سيكون اليوم الذى تصعد فيه وتذهب لراحتها.

ما إن أصبحوا بداخل التشوب شوب, تجد غرفه تخزين مليئه بالقفازات الطبية والحقن وأدوات لامعه لا تستطيع معرفتها. هى تعرف أن بلاين فى مكان ما فى الجناح الشمالى للمبنى, تتوقع أن ليف فى مكانه أيضا, واقفا على رصيف التحميل خلف التشوب شوب.. على الأقل تلك هى الخطه. إنها الآن الواحده بالظبط.
الوقت لفعل هذا.

تدخل ماى لغرفه التخزين وتغلق الباب. وتنتظر. ستفعل ذلك, لكن ليس بعد.. دع أحد الأخرين يبدأ أولا.. هى ترفض أن تكون الأولى.

***

ينتظر بلاين فى ممر مهجور بالطابق الثانى. تلك المنطقه من التشوب شوب يبدو أنها لا تستخدم. لقد قرر ألا يستخدم مفجراته, المفجرات للضعاف. أما لمصفق محترف, فتصفيقه واحده قويه تكفى لإحداث الأمر, حتى بدون مفجرات.. ويريد بلاين أن يصدق أنه محترف, كما كان أخوه.

يقف فى نهايه الممر, الأقدام مفتوحه باتساع الكتفين, يقفز على أصابع قدمه كلاعب تنس ينتظر رد الكرة.
صحيح .. لكنه لن يذهب أولا.

***

ليف قد أقنع الطبيب النفسى أنه مسترخى بشكل لائق. إنه الأداء التمثيلى الأفضل فى حياته, لأن قلبه يتسارع ويوجد أدرينالين كثير جدا يغمر دمه ..حتى أنه خائف من أن ينفجر تلقائيا.
“لماذا لا تعود لمنزل الأعشار؟” يقترح الطبيب,” اقض بعض الوقت فى التعرف على الأولاد الأخرين. ابذل جهد يا ليف.. ستكون سعيدا أنك فعلت.”
“نعم. نعم, سأفعل ذلك. شكرا لك. أنا أشعر بتحسن الآن.”
“جيد.”
يشير المستشار للكهنه ويقف الجميع.
إنها الواحده وأربع دقائق... يريد ليف أن يهرع من الباب, لكنه يعرف أن هذا سيكلفه فقط جلسه علاج أخرى.
يغادر المكتب مع الكاهنين, اللذان يثرثران حول مكانه فى منظومه الأشياء و محاسن العشور. فقط بينما يخرج ليف حتى يصبح على درايه بالهرج.
الأولاد يجرون بعيدا عن أنشطتهم نحو الحدائق بين المهاجع و التشوب شوب.
هل انفجر بلاين وماى بالفعل. هو لم يسمع أى انفجارات.
لا هذا شئ آخر.

“إنه هارب آكرون” يسمع واحد من الفتيه يصيح,” سيتم تفكيكه!”
هنا حيث يلمح ليف كونر. هو فى منتصف السجاده الحمراء, يسير مع حارسان خلفه تماما. تجمع الأولاد فى الحدائق العشبيه, لكن جميعهم يبقون على مسافتهم بينما يصل أولاد أكثر... يُصَبوا من المهاجع ومن صاله الطعام... من كل مكان.

توقفت الفرقه عن العزف فى منتصف لحن. عازفه الأورج.. فتاه.. تندب لمنظر كونر على طريق الأحجار الحمراء.. ينظر لها كونر,و يقف للحظه, ويرسل لها قُبله قبل أن يكمل. يستطيع ليف سماع بكائها.

الآن, الحراس و العاملون و المستشارون يتجمعوا على الساحه فى ذعر, فى محاوله لقياده هذا التكتل المتطاير من الأولاد نحو أماكنهم, لكن لن يرحل أحد.
الأولاد تقف هناك فقط... ربما ليس بإمكانهم إيقاف هذا, لكن بإمكانهم شهادته. بإمكانهم التواجد هناك بينما يخطو كونر خارجا من تلك الحياة.
“لنسمعها لهارب آكرون!” يصيح أحد الفتيه,“لنسمعها لكونر!”.. ويبدأ بالتصفيق.

قليلا و كل جمهور الأولاد يصفق ويهتف لكونر بينما يخطو على السجاده الحمراء.

هتافات..
تصفيق.
ماى وبلاين!
فجأه يُدرك ليف ما على وشك الحدوث.
لا يستطيع أن يدع كونر يدخل لهناك! ليس الآن! عليه أن يوقفه.
يبتعد ليف عن الكهنه. كونر على مقربه من سلمات التشوب شوب.
يسرع ليف بين الأولاد, لكن ليس بإمكانه دفع طريق عبرهم. لو فعل, هو يعرف أنه سينفجر.
عليه أن يكون سريعا, لكن عليه أن يحذر.. وكونه حذر يبطئه.
“كونر!” يصرخ, لكن الهتافات حوله صخبه للغايه. والآن بدأت الفرقه فى العزف مجددا. هم يعزفون النشيد الوطنى, تماما كما يفعلون فى جنازات الأمريكان العظام.

الحراس و العاملون ليس بإمكانهم إيقاف هذا.هم يحاولوا لكن لا يقدروا... وهم مشغولون للغايه فى السيطره على الحشد حتى تركوا ليف يتسلل نحو السجاده الحمراء.
الآن لديه طريق سالك لكونر, الذى بدأ فى صعود الدرجات. يصرخ ليف باسمه مجددا, لكن كونر لازال لا يسمعه. بالرغم من إسراع ليف نحو الطريق, مازال على بعد عشرون يارده حين فُتحت الأبواب الزجاجيه و دخل كونر مع الحراس.
“لا! كونر! لا!”

لكن الأبواب تغلق. كونر بداخل التشوب شوب. لكنه لن يتفكك, سوف يموت. تماما ككل الأشخاص بالداخل... و لإتمام فشل ليف, ينظر لأعلى أخيرا نحو السطح ليُلاقى نظره عازفه الأورج التى تنظر نحوه.
إنها ريسا.
كيف بإمكانه أن يكون بهذا الغباء؟ كان عليه أن يعرف أنها هى من الطريقه التى انتحبت بها, ومن القبله التى طيرها لها كونر.

يقف ليف هنا,
متحجر من انعدام التصديق...
و من ثم يأتى العالم لنهايته.

***

بلاين مازال يقف فى نهايه الرواق, منتظر أن يبدأ شخصا آخر .
“يااه! من أنت. ماذا تفعل هنا؟” يصرخ حارس لبلاين.
“ابق بعيدا!” يقول بلاين,”ابق بعيدا وإلا!”
يسحب الحارس مسدس التخدير ويتكلم فى الراديو:” لدى متفكك هارب فى الأعلى هنا. أحتاج الدعم!”
“أنا أحذرك” يقول بلاين.
لكن الحارس يعرف تماما كيف يتعامل مع متفكك هارب فى التشوب شوب.. يصوب مسدس التخدير نحو فخذ بلاين الأيسر ,ويطلق.
“لا!”

لكنه متأخر جدا. قوه الرصاصه المخدره أكثر تأثيرا من أى مُفجر.
يتحول بلاين و الحارس لحظيا لرماد حين تحترق السته ليترات من السائل المتفجر العائم فى جسد بلاين.

***

تسمع ماى الانفجار. يهز عرفه التخزين بأسرها كزلزال.
لا تفكر فى الأمر.
لا تستطيع.
ليس بعد الآن.
تنظر للمفجرات على راحه يدها.
هذا من أجل فينسنت.
هذا من أجل والديها, اللذان وقعا أمر التفكيك.
هذا من أجل العالم كله.

تصفق مره,
لا شئ.
تصفق مرتين,
لاشئ.
تصفق للمره الثالثه,
الثالثه ثابته ...

***

اللحظه التى ترى فيها ريسا ليف واقفا بالأسفل, على السجاده الحمراء, يمزق انفجار الجناح الشمالى من التشوب شوب.وحين تلتفت ترى الجناح بأسره يتداعى,”يا إلهى! يا إلهى!”
“علينا أن نخرج من هنا!” يصرخ دالتون, لكن قبل أن يقوم بحركه, يصدى انفجار ثان أسفلهم, مرسلا أغطيه فتحات التهويه نحو السماء كالصواريخ.
ينهار السطح أسفل أقدامهم كثلج رقيق, و السقف كله ينهار.
تغوص ريسا مع بقيه الفرقه فى العدم, وفى تلك اللحظه كل ما يدور فى خلدها هو كونر, وكيف لم تقدر الفرقه على إكمال لحن وداعه.

***

يقف ليف هناك بينما يًنثر الزجاج فيه. يرى الفرقه تقع بينما ينهار السطح.صرخه تنمو بداخله و تهرب من فمه,صوت غير آدامى ولد من كرب لا يستطيع وصفه.
عالمه قد انتهى حقا. الآن عليه أن ينهى مهمته.

واقفا هناك أمام المبنى المنهار, يسحب الجورب من جيبه. و يتحسسه حتى يجد المفجرات ,يزيل الغطاء ويكشف الماده اللاصقه,ويلصقها فى راحتيه.
يبدوان كندبات, كجِراح المسامير فى يدى المسيح.
مازال يعوى عذابه, يضع يديه أمامه, مستعدا لجعل الألم يذهب بعيدا.
يضع يديه أمامه.
يضع يديه أمامه..
وليس بإمكانه تقريبهم من بعض.
هو يريد ذلك.. هو يحتاج لذلك.. لكنه لا يستطيع.!

اجعل هذا يختفى.أرجوك, فليجعل أحدكم كل هذا ينتهى.
لا يهم كم حاول بشده, لا يهم مدى احتياج عقله لإنهاء هذا هنا و الآن.
فجزء آخر منه.. جزء منه أقوى .. يرفض أن يجعله يصفق يديه معا.
الآن هو فشل حتى فى الفشل ..

يارب, ياربى العزيز, ماذا أفعل. ماذا فعلت؟ كيف وصلت لهنا؟

الحشد, الذى جرى عند صوت الانفجارات, قد رجع.. تجاهلوا ليف, لأنه يوجد شئ آخر لرؤيته.
“انظروا!” يصرخ أحدهم.”انظروا!”
يلتفت ليف ليرى أين يشير الفتى.

يخرج من الأبواب الزجاجيه المحطمه من التشوب شوب ,كونر.
إنه يتعثر.. وجهه ممزق.. فوضى دمويه.
لقد فقد عين.. ذراعه الأيمن مسحوق وشبه مبتور,.. لكنه حى!
“فجر كونر التشوب شوب!” يصيح أحدهم,”لقد فجره وأنقذنا جميعا!”
ومن ثم يندفع حارس للمشهد:”عودوا لمهاجعكم, جميعكم! الآن!”
لا يتحرك أحد.
“ألم تسمعونى؟”
ثم يضرب فتى الحارس بخطافيه يمنى تدير جسد الحارس بأكمله.
يستجيب الحارس بسحبه لمسدس تخديرة والإطلاق على الفتى الذى أهانه.
يذهب الفتى لمدينه الأحلام, لكن يوجد أولاد آخرون, وهم يزيلون المسدس من يد الحارس, ويستخدموه ضده. تماما كما فعل كونر مره.

كلمه أن هارب آكرون قد فجر التشوب شوب تتعرج كالبرق عبر كل متفكك فى هابى جاك, وفى ثوان, يثور العصيان لثوره مكتمله الأركان.
كل فظيع الآن هو إرهاب.
يطلق الحراس, لكن ببساطه يوجد أولاد كثيرون جدا,ورصاصات تخديريه لا تكفى.. فأمام كل فتى يسقط, يوجد فتى آخر لا يسقط.
تم التغلب على الحراس سريعا, وما أن حدث.. بدأت العصابه فى الاندفاع من البوابة الأمامية.

***

ليس لدى كونر أى فهم لهذا الحدث. كل ما يعرفه أنه تم اقتياده للمبنى, ثم حدث شئ ما.. و الآن هو ليس فى المبنى بعد الآن.

وجهه به خطب ما.. إنه يؤلم.. إنه يؤلم بشدة.. لا يستطيع تحريك ذراعة. الأرض احساسها غريب تحت قدميه.. رئتاه تؤلمه.. يكح ويؤلما أكثر.
يترنح نازلا السلالم الآن. يوجد أولاد هنا.. أولاد كثر. متفككون, هذا صحيح, هو متفكك.. جميعهم متفككون.. لكن مغزى هذا يهرب منه سريعا.. الأولاد يهربون, يقاتلون.
ثم تنهار أرجل كونر, وفجأه هو على الأرض ينظر لأعلى نحو الشمس.
يريد النوم. هو يعرف أن هذا ليس مكان جيدا, لكنه يريد ذلك على أيه حال. يشعر بالرطوبه.. يشعر بلزوجه.. هل ينزف أنفه؟

ثم يحوم فوقه ملاك, مكتسيا البياض.
“لا تتحرك” يقول الملاك , يتعرف كونر على صوته.
“مرحبا يا ليف, كيف الأحوال...؟”
“ششش.”
“ذراعى يؤلمنى” يقول كونر بكسل,” هل عضضتنى مجددا؟”
ثم يفعل ليف شيئا غريبا. ينزع قميصه, ويمزق قميصه نصفين..يضغط بنصف القميص على وجه كونر. ما يجعل وجه كونر يؤلم أكثر. يتأوه.. ثم يأخذ ليف النصف الأخر من قميصه و يربطه حول ذراع كونر. يربطه بشدة. هذا يؤلم أيضا.
“هااى... ماذا...”
“لا تحاول أن تتكلم. فقط استرخ.”

يوجد آخرون حوله الآن. هو لا يعرف من هم.. ينظر فتى حاملا مسدس تخدير لليف, ويومئ ليف. ثم يركع الفتى بجوار كونر.
“هذا سيؤلم قليلا” يقول الفتى بالمسدس,” لكنى أعتقد أنك ستحتاجه.”
يصوب بصوره عشوائيه على مناطق عديده من جسد كونر,ثم يستقر على ورك كونر. يسمع كونر صوت الطلقه, ويشعر بألم حاد فى وركه, وبينما تتلاشى رؤيته نحو الظلام يرى ليف يسرع بدون قميص نحو المبنى الذى يُخرج دخان أسود.

“غريب” يقول كونر.. ثم يذهب عقله لمكان هادئ حيث لا يهم أيا من هذا.!