عرض مشاركة واحدة
قديم 06-24-2019, 04:13 AM
المشاركة 4
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء السادس (متفكك)
55-ريسا

تعزف على سطح التشوب شوب, وتنتقل موسيقتها عبر الحقول لآذان أكثر من ألف روح منتظره الذهاب تحت المقصله.
متعه وضع أصابعها مجددا على المفاتيح يمكن مضاهاتها فقط بالرعب الناجم عن معرفه ما يحدث أسفل قدميها.

من موقعها المميز على السطح, تراهم مُحضرون عبر الممر الحجرى الأحمر الذى يسميه الجميع (السجاده الحمراء).
الأولاد اللذين يسيروا على السجاده الحمراء يمسك بهم حراس من جانبيهم, بقبضه محكمه على عضدهم.. قويه لكبحهم, ليست قويه لتكدمهم.

لكن بالرغم من ذلك, دالتون وبقيه فرقته يعزفوا كما أنه لا يهم على الإطلاق.
“كيف بإمكانكم فعل هذا؟” تسأل فى أحد استراحاتهم,” كيف بإمكانكم رؤيتهم يوما بعد يوم داخلين ولا يخرجوا أبدا؟”
“تتعودى على الأمر” يخبرها الطبال, آخذا رشفه من الماء,”سترين.”
“لن أفعل! لا أقدر!”,و تفكر بكونر. هو لا يملك نفس السماح من التفكيك مثلها؟ هو لا يملك أى فرصة,”ليس بإمكانى أن أكون شريكه لما يفعلونه!”

“هاى” ,يقول دالتون .. بعد ان انزعج,”هذا هنا هو البقاء, ونحن نفعل ما علينا فعله لننجو! تم اختيارك لأن بإمكانك العزف, وأنتى جيده. لا تلقى بهذا بعيدا. إما أن تعتادى على الأولاد اللذين يسيرون على السجاده الحمراء وإما ستكونين عليها بنفسك, وسيكون علينا أن نعزف لكى.”

تفهم ريسا الرسالة, لكن لا يعنى هذا أنها يجب أن تعجبها,:”أهذا ما حدث لعازف الأورج الأخير؟” تسأل ريسا ,بإمكانها معرفه أن هذا موضوع يفضلوا ألا يفكروا به. ينظروا لبعضهم, لا أحد يريد أن يجيب على السؤال. ثم تجيب المغنية الرئيسية بينما تحرك شعرها برباطه جأش, كما لو أنه لا يهم :” جاك كان على وشك أن يصبح فى الثامنه عشر, لذا أخذوه قبل اسبوع من عيد ميلاده.”
“هو لم يكن جاك سعيد جدا,” يقول الطبال ويضرب ضربه ريم*.
“أهذا هو؟” تقول ريسا.” هم فقط أخذوة؟!”
“العمل هو العمل”, تقول المغنية الرئيسية,” هم يخسروا أطنان من الأموال لو غدا أحدنا للثامنه عشر, لأنه حينها يتوجب عليهم تحريرنا.”
“مع ذلك لدى خطه”,يقول دالتون, غامزا الآخرين, اللذين من الواضح قد سمعوا هذا مسبقا:” حين أقترب من الثامنه عشر, ويستعدوا ليأتوا لى, سأقفز من على هذا السطح.”
“سوف تقتل نفسك؟”
“آمل ألا أفعل... هو فقط طابقان, لكنى بالتأكيد سأصاب بشده. أترين, هم لا يمكنهم تفكيكى فى تلك الحاله, سيتوجب عليهم الانتظار حتى أُشفى. حينها سأكون فى الثامنه عشر وسيكونو مدمرين!”
يخبط كفه فى كف الطبال, ويضحكا.
ريسا بإمكانها فقط التحديق فى انعدام تصديق.
“شخصيا” تقول المغنية,” أنا أعتمد عليهم فى تخفيض سن البلوع القانونى للسابعه عشر. لو فعلوا, سأذهب للعاملين والمستشارين والأطباء الملعونين. سأبصق مباشره فى وجههم.. ولن يكون بإمكانهم فعل أى شئ سوى تركى أمشى عبر تلك البوابه على قدماى الاثنان.”
ثم عازف الجيتار, الذى لم يقول شيئا طوال الصباح .. يمسك أداته ويقول:” تلك لأجل جاك.. “ ويبدأ فى عزف الكوردات الافتتاحيه لمعزوفه كلاسيكيه منذ قبل الحرب, (لا تخشى الحصّاد*)
ينضم البقيه, عازفين من القلب. وريسا تفعل ما بوسعها لتبقى عيناها بعيدا عن السجاده الحمراء.
______________________________
56-كونر

المهاجع مُقسمه إلى وحدات , يوجد ثلاثون واحد لكل وحده..
ثلاثون سرير فى غرفه طويله رفيعه بنافذه كبيره ضد الكسر لإدخال ضوء النهار المبهج.

بينما يستعد كونر للعشاء يلاحظ أن سريرين فى وحدته تم تجريدهما,والفتيان اللذان ناما فيهما لا يوجد لهم أثر.
الجميع يُلاحظ لكن لا أحد يتكلم,ماعدا فتى واحد يأخذ أحد السريرين لأن سُست سريره منكسره.
“دع مستجد يحصل على واحد مكسور,”يقول.”سأكون مرتاحا فى اسبوعى الأخير.”

كونر لا يستطيع تذكر لا أسامى و لا أوجه الفتيه المفقودين, و هذا يطارده.
اليوم بأكمله يُصبح ثقيل عليه... الطريقه التى يعتقد بها الآخرون أن بإمكانه إنقاذهم ,بينما يُدرك أنه لا يستطيع حتى إنقاذ نفسه.! الطريقه التى يظل الطاقم مترقبا أن يصنع خطأ.
راحته الوحيده فى معرفه أن ريسا آمنه,على الأقل للآن.

رآها بعد الغذاء حين توقف ليراقب الفرقه. كان يبحث عنها فى كل مكان,و كل ذاك الوقت كانت هناك تماما فى مرمى البصر,تعزف من قلبها.
قد أخبرته أنه تعزف البيانو,لكنه لم يُفكر فى الأمر مليا.
إنها رائعه..و الآن, هو يتمنى لو استغرق وقت أكثر للتعرف عليها قبل أن تهرب من الحافله.

حين رأته يراقب فى تلك الظهيره ابتسمت..شيئا بالكاد تفعله.
لكن الابتسامه تم استبدالها سريعا بنظره عالجت الواقع..كانت فوق هناك,و هو كان تحت هنا.

كونر يقضى وقت كبير مع أفكاره فى المهجع..حتى أنه حين ينظر حوله, يُدرك أن الجميع فى وحدته قد غادر للعشاء.
بينما يهم للمغادره,يرى شخصا يترصد بالباب و يقف عنده .. إنه رونالد.
“ليس من المفترض أن تكون هنا” يقول كونر.
“لا,ليس مفترض” يقول رونالد,”لكن فضلا لك,أنا هنا.”
“هذا ليس ما أقصد.لم تم إمساكك خارج وحدتك,ستكون علامه ضدك. سيفككونك أسرع.”
“لطيف منك أن تهتم.”

يتجه كونر للممر,لكن رونالد يحجب طريقه.
و للمره الأولى يلاحظ كونر أنه بالرغم من هيئه رونالد العضليه,هما ليسا مختلفان فى الطول. كونر دائما ما اعتقد أن رونالد أعلى منه.هو ليس كذلك.!

يتهيأ كونر لأيا ما كان الذى حضره له رونالد فى جعبته و يقول,:”لو لديك سبب لمجيئك ,فانتهى منه. غير ذلك,ابتعد لأستطيع الذهاب للعشاء.”

النظره على وجه رونالد سامه للغايه,قد تقضى على وحده بأكملها,:”كان بإمكانى قتلك عشرات المرات.كان على.. لأن حينها لم نكن لنكون هنا.”
“لقد سلمتنا فى المستشفى” يُذكره كونر,”لو لم تفعل ذلك,لم نكن لنكون هنا. جميعنا كنا سنرجع بأمان إلى المقبره.”
“أى مقبره؟ لم يتبقى شئ. لقد حبستنى فى تلك الحاويه و تركتهم يدمروها! كنت سأوقفهم,لكنك لم تعطنى الفرصه!”

“لو كنت هناك,كنت ستجد طريقه لقتل الأدميرال بنفسك. تبا,كنت ستقتل الذهبيون لو لم يكونوا بالفعل أموات! هذا ما أنت عليه! هذا أنت!”

رونالد يصبح هادئ للغايه فجأه,و كونر يعرف أنه قد تعدى حدوده.
“حسنا,لو أنا قاتل,فالوقت إذا ينفذ منى” يقول رونالد:”من الأفضل أن أبدأ بالأمر.”.
يبدأ برمى اللكمات,و كونر سريع فى مفاداتها, لكن سرعان ما يتحول الأمر إلى أكبر من مجرد تفادى.
كونر يشرب من ينبوع غضبه,و يُحرر هجومه الوحشى.

إنه القتال الذى لم يحظيا به فى المستودع. إنه القتال الذى أراده رونالد حين حجز ريسا فى زاويه الحمام.
كلاهما يُشعل قبضته بغضب يكفى العالم بأسره.
يهشموا الحوائط و الأسره, و يضربوا بعضهم بتتابع.
كونر يُدرك أنه ليس كأى قتال خاضه من قبل, و مع أن رونالد لا يملك أى سلاح, فهو لا يحتاج لواحد! ,هو سلاح نفسه.

فبقدر ما يقاتل كونر, رونالد ببساطه أقوى, و بتلاشى قوه كونر تدريجيا, رونالد يمسكه من حلقه و يدفعه نحو الحائط, يده تضغط على القصبه الهوائيه. و كونر يقاوم... لكن قبضه رونالد قويه للغايه.
يضرب بكونر عرض الحائط مره تلو الأخرى,دون أن يفقد قبضته على حلقه.

“تدعونى بالقاتل, لكن أنت المجرم الوحيد هنا!” يصرخ رونالد,” أنا لم آخذ رهينه! أنا لم أطلق على رجل شرطه! و أنا لم أقتل أحد قط! حتى الآن!”, ثم يعصر أصابعه و يُغلق قصبه كونر تماما.

تُصبح مكافحه كونر أضعف بدون أكسجين يُغذى عضلاته.
و يثقل صدره بسبب انعدام الهواء,و تبدأ رؤيته بالاضمحلال حتى لم يعد هناك ما يراه سوى تكشيره رونالد الغاضبه.

هل تفضل الموت ,أم أن تفكك؟... الآن أخيرا يعرف الاجابه.ربما هذا ما أراده. ربما لهذا السبب هو وقف هناك و تحدى رونالد.
لأنه يُفضل أن يُقتل بيد غاضبه على أن يٌفكك بلامبالاه بارده.!

تعتلى رؤيه كونر تمايلات هائجه ... الظلمه تقترب,و يفشل وعيه..لكن فقط لوهله.
لأن فى اللحظه التى ارتطم بها رأسه أرضا, جعلته يستعيد وعيه مجددا..و حين بدأت رؤيته بالوضوح يرى رونالد يقف فوقه.
هو فقط يقف هناك,محدقا.

و لذهول كونر,فإنه يوجد دموع فى عيون رونالد التى يحاول أن يخفيها وراء غضبه, لكنهم مازالوا هناك.
ينظر رونالد لليد التى اوشكت على الأخذ بحياه كونر. لم يكن قادر على المتابعه فى الأمر... ويبدو متفاجئا تماما ككونر.
“اعتبر نفسك محظوظا” يقول رونالد.ثم يرحل بدون كلمه أخرى.

لا يستطيع كونر أن يجزم إن كان رونالد خائب الأمل أم مرتاح لأنه ليس القاتل الذى اعتقده .. لكنه يشك أنه القليل من الأمران.
________________________________________
57-ليف

الأعشار فى مخيم هابى جاك هم مثل ركاب الدرجه الأولى على متن التايتانك.
يوجد أثاث فخم فى منزل العشور.. يوجد مسرح,حمام سباحه,والطعام أفضل من الطعام المنزلى.
بالطبع مصيرهم تماما كال(الفظاع), لكن على الأقل فهم يلاقوه بأسلوب راق.

إنه بعد العشاء,وليف وحده فى غرفه التمارين بمنزل العشور.يقف على جهاز المشى الساكن, لأنه لم يشغله.
و بقديمه حذاء للجرى سميك البطانه. يرتدى حتى زوجان من الجوارب لدعم قدميه أكثر.
لكن,قدميه ليست ما يشغله الآن...إنها يديه.
يقف هناك محملقا بيديه,تائها فى آفاقها. لم يسبق له أن كان قط بهذا الافتتان بالخطوط على راحه يده.

ألا يُفترض بأحداها أن يكون خط الحياه؟
ألا يُفترض بخط حياه العشر أن يتشعب كأغصان الشجره؟
ينظر ليف لدوائر بصماته.
ياله من كابوس للهويه حين يحصل الناس الآخرون على أيدى متفككون.
ماذا تعنى البصمات حين لا تنتمى بالضروره إليك؟!..
لن يحصل أحد على بصمات ليف.هو يعرف تلك الحقيقه.

يوجد العديد من الأنشطه للأعشار, لكن على عكس الفظاع,لا أحد مجبر على المشاركه.
جزء من الإعداد للعشور هو شهر من التقييمات النفسيه و الجسديه حتى قبل حفل العشور,لذا كل العمل قد تم إنجازه فى المنزل,قبل أن يصلوا لهنا.
حقيقى أن هذا ليس مخيم الحصاد الذى اختاره ووالداه, لكنه عُشر...إنه جواز مرور لمدى الحياه يصلح فى أى مكان.

أغلب الأعشار الآخرون فى غرفه التلاوه فى هذا الوقت من المساء,أو فى أى جماعه من جماعات الصلاه.
يوجد قساوسه من كل الإيمانات فى منزل العشور...رهبان, كهنه, خاخامات, ورجال دين .. لأن مبدأ تقديم أفضل من فى القطيع للرب هو تقليد قديم بقدم الدين نفسه.

ليف يحضر كلما كان ضروريا,و فى دراسه الإنجيل هو فقط يقول ما يكفى من الأشياء الصحيحه حتى لا يبدوا مشتبها فيه.
هو أيضا يحافظ على صمته حين يتم تحريف كلام الإنجيل ليُبرر التفكيك,و الأولاد يبدأوا برؤيه وجه الرب فى الأجزاء.

“عمى حصل على قلب عُشر و الآن الناس تقول أن بإمكانه صنع المعجزات.”
“أعرف تلك المرأه التى حصلت على أذن عُشر.سمعت رضيع يبكى على بعد شارع,و أنقذته من حريق!”
“نحن طائفه مقدسه.”
“نحن المن من السماوات.”
“نحن جزء الرب فى كل شخص.”
آمين..

ليف يتلو الصلاوات,محاولا أن يدعها تحوله و ترفعه كما فعلت من قبل, لكن قلبه قد تصلب.!
هو يأمل أن يكون صلب بما يكفى ليكون ماسه بدلا من حجر كريم مفتت...ربما حينها كان سيختار طريق مختلفا.
لكن لمن هو عليه الآن,ولما يشعر به و لا يشعر به, فالطريق صحيح.
و لو لم يكن صحيحا..حسنا, هو لا يهتم بما يكفى ليغيره ..

الأعشار الأخرين يعرفون ان ليف مختلف. لم يروا قط عُشر ضائع, أو حتى واحد مثل الابن المبذر*, قد أعلن عن خطاياه و عاد للجماعة, لكن على الجانب الآخر فالأعشار لا يعرفون العديد مثلهم. أن يكونوا محاصرون بعدد كبير من الأولاد المماثلون لهم تماما يغذى ذاك الشعور بكونهم جماعة مختارة. مع ذلك, ليف خارج تلك الدائرة.

يُبدئ جهاز المشى, حريصا أن تكون خطواته متزنه وأن تقع قدماة بألطف مايمكن.
جهاز المشى هو أحدث ما يوجد.لديه شاشه بخلفيه مُبرمجه. بإمكانك الهروله عبر الغابة, أو الجرى فى ماراثون نيويورك.. بإمكانك حتى المشى على الماء.
تم وصف أنشطه إضافيه لليف حين وصل منذ أسبوع. فى ذاك اليوم الأول, أظهرت تحاليل دمه مستويات عاليه من الترايجليسرايد. هو وائق أن تحاليل دم ماى و بلاين أظهرت نفس المشكله أيضا, بالرغم أن ثلاثتهم تم (إمساكهم) على حده ووصلوا على أيام متفرقة, لذا لا يمكن وضع رابطه بين ثلاثتهم.
“إما أن الأمر وراثى وإما حصلت على حميه غنيه بالدهون” قال الطبيب. يصف حمية قليلة الدهون خلال إقامته فى هابى جاك,ويقترح تمرينات إضافية.

ليف يعرف أنه يوجد سبب آخر لنسبه الترايجليسرايد العالية..هو ليس حقا ترايجليسرايد فى مجرى دمه على الإطلاق, لكنه مركب شبية.. واحد أقل استقرارا بقليل.

يدخل فتى آخر غرفه التمرين. لديه شعر فاخر للغاية,أشقر جدا لدرجه البياض, وعيناه خضراء للغاية, بالتأكيد الأمر يعنى بعض التلاعب الجينى. تلك العينان سيكون سعرها مرتفع.

“مرحبا يا ليف,” ويصعد على جهاز المشى المجاور لليف ويبدأ بالجرى,” ما الجديد؟”
“لاشئ, فقط أجرى,”
يدرك ليف أن الفتى لم يأتى لهنا بإرادته الحرة. فالأعشار ليس من المفترض بهم أن يكونوا وحدهم أبدا. لقد أُرسل هنا ليكون مرافق ليف.
“ضوء الشموع سيبدأ قريبا. هل ستأتى؟”

فى كل أمسية, تُضاء شمعه لكل عُشر سيتفكك فى اليوم التالى. كل الفتيه المكرمون يلقون بخطاب. الجميع يصفق. يجده ليف مقرفا..
”سأكون هناك,” يخبر ليف الفتى.
“هل بدأت العمل على خطابك بعد؟” يسأل الفتى,” لقد أوشكت على الانتهاء من خاصتى.”
“خطابى مازال قطع متفرقه.” يقول ليف, المزحه لا تعبر لعقل الفتى. يُغلق ليف الجهاز. فهذا الفتى لن يتركه وحده مادام هو هنا,وليف لا يريد حقا أن يتكلم معه حول مجد كونك مختار. هو يفضل أن يفكر بهؤلاء اللذين لم يتم الختيارهم, ومحظوظون بما يكفى ليكونوا بعيدون عن مخيم الحصاد... مثل ريسا وكونر, اللذان على حد علمه مازالا فى حمايه المقبرة.
إنها راحه كبيرة أن يعرف أن حياتهما ستستمر حتى بعد ذهابة.

***

يوجد سقيفه قمامه خلف غرفة العشاء لم تعد تستخدم. وجدها ليف الاسبوع الماضى, وقرر أنه المكان المثالى لاجتماعاتهم السرية.
حين يصل تلك الأمسية, ماى كانت تقترب فى المساحه الضيقه, أضحت أكثر و أكثر قلقا كل يوم.”إلى متى سننتظر؟” تسأل.
“لماذا أنتى على عجله؟” يسأل ليف,” سننتظر حتى يصبح الوقت مناسب.”

يسحب بلاين ستة أغلفه ورقيه من جوربة, يفتح واحد ويسحب ضمادة صغيره دائرية.
“لماذا تلك؟” تسأل ماى
“لى لأعلم و لك لتستكشفى.”
“أنت غير ناضج البته!”
دائما ما امتلكت ماى أعصاب ثائرة, خاصه حين يتعلق الأمر ببلاين, لكن اليوم يبدو أنه يوجد ذبذبة أكبر تحت سطح اسلوبها.
” ما الخطب يا ماى؟” يسأل ليف.

تأخذ ماى دقيقه قبل أن تجيب:”لقد رأيت تلك الفتاه اليوم تعزف البيانو على سطح التشوب شوب. أنا أعرفها من المقبره وهى تعرفنى..”
“هذا مستحيل. لو هى من المقبرة فلماذا ستكون هنا؟” يسأل بلاين.
“أنا أعرف ما رأيت..و أعتقد أنه يوجد أولاد آخرون أعرفهم من المقبرة أيضا. ماذا لو تعرفوا علينا؟”
ينظر بلاين وماى لليف كما لو بإمكانه شرح الأمر. فى الواقع هو بإمكانه:”هم بالتأكيد أولاد تم إرسالهم فى مهمه و تم إمساكهم, هذا ما فى الأمر.”
تسترخى ماى,” نعم نعم.. من المؤكد أن هذا هو..”
“لو تعرفوا علينا” يقول بلاين,” بإمكاننا قول أن نفس الشئ حدث لنا.”
“هاك.” يقول ليف,”حُلت المشكلة.”
“جيد,” يقول بلاين,” عوده للأعمال.. إذا.. كنت أفكر أن نبدأ فى اليوم بعد الغد, على حساب أن لدى مباراه كره قدم اليوم الذى يليه, ولا أعتقد أنها ستكون جيده للغاية.”
ثم يُسلم اثنان من الضمادتان لماى و اثنان لليف.
“لماذا نحتاج الضمادات ؟” تسأل ماى.
“اُخبرت أن أعطيكم تلك بعد وصولنا لهنا” ,يُدلى بلاين واحده من أصابعه, كورقه بلون الجلد,” تلك ليست ضمادات.” ويقول, ”تلك مُفجرات.”

***

لم يوجد أشغال فى خط أنابيب ألاسكا قط. فبعد كلٍ,من المتفكك الذى قد يتطوع لمهمه كتلك؟.. المغزى كله كان الحرص على ألا يتطوع أحد سوى ليف وماى وبلاين.

أخذتهم شاحنتهم من المقبرة إلى منزل متهدم, فى حى متهدم حيث الناس المدهوسين من الحياة خططوا لأفعال لا تخطر على بال.
كان ليف مرتعبا من هؤلاء البشر,ومع ذلك فقد شعر بالقرب منهم. لقد فهموا بؤس الخيانه من الحياة. لقد فهموا شعور امتلاك أقل من لاشئ بداخلك. وحين قالوا لليف بمدى أهميته فى مخطط الأشياء, شعر ليف.. لأول مره منذ وقت طويل.. بأهميته الحقيقيه.

كلمه (شر) لم تُستخدم قط من قبل هؤلاء الناس.. ماعدا لوصف الشرور التى قد فعلها بهم العالم .ما كانوا يطلبونه من ليف وماى وبلاين لم يكن شرا.. لا, لا,لا ليس على الإطلاق ,لقد كان تعبير عن كل الأشياء التى شعروا بها بداخله, لقد كان الروح و الطبيعه وتجسيد لكل ما أصبحوا علية. هم لم يكونوا فقط مراسيل, لقد كانوا الرسالة.

هذا ما ملئوا عقل ليف به, وهو لم يكن مختلفا عن المواد المميته التى ملئوا دمه بها. لقد كانت أشياء محّرفه, كانت خاطئه. ومع ذلك فقد ناسبت ليف بسلاسة.

“ليس لدينا قضيه عدا الفوضى” ,كان كليفر مدربهم ,دائما معجب بقول هذا. لكن ما لم يدركه كليفر, حتى عند نهاية حياته, هى أن الفوضى خلفية لقضيه كأى شئ آخر. بإمكانها حتى أن تصبح ديانه لهؤلاء الغير محظوظين ويتم تعميدهم فيها, هؤلاء من يمكن إيجاد سلواهم فقط فى مياهه القذرة.

ليف لا يدرى بمصير كليفر.هو لا يعرف ولا يهتم حتى بكونه أداه تستخدم.
كل ما يعرفه ليف أنه فى يوم قريب سيعانى العالم جزء صغير من الفقد والفراغ و خيبة الأمل المطلقه التى يشعر بها بداخله.

وسيعرفون هذا فى لحظه رفع يديه للتصفيق ...

____________________
الحصاد: جامع الأرواح
ضربه ريم : ضرب الطبله وإطارها بالعصا فى نفس الوقت
الابن المبذر : تعبير عبر عن شخص ضائع عن الطريق ثم تاب ورجع.