الموضوع: الجزء الخامس
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-13-2019, 09:00 AM
المشاركة 4
إمتنان محمود
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: الجزء الخامس

ليس حتى لاحقا فى تلك الليلة حتى يُدرك كونر مدى تغير ليف. كونر يُوقظ فى وقت ما من الليل. يفتح عينه ليجد ضوء كشاف فى وجهه, قريب للغايه لدرجه الوجع.
“يااه, ما هذا؟”
“ششش,” يقول صوت من خلف المصباح,:”أنا ليف.”

ليف مُفترض أن يكون فى طائره الوافدين الجدد, هناك يذهب كل الأولاد حتى يتم تصنيفهم لفرقهم , يوجد أوامر صارمه بألا يخرج أحد فى الليل.
لكن واضحا أن ليف لم يعد ذاك الفتى المقيد بالقواعد.
“ماذا تفعل هنا؟” يقول كونر,:”هل تُدرك مدى الورطه التى قد تكون فيها؟” مازال لا يرى وجه ليف وراء ضوء الكشاف.
“لقد ضربتنى فى الظهيرة,” يقول ليف.
“لقد ضربتك لأننى أدين لك بهذا.”
“أعرف, لقد استحققته, ولذلك لا بأس” يقول ليف,:” لكن إياك أن تضربنى مجددا و إلا ستندم عليها.”
بالرغم أن كونر لا يملك أى نيه لضرب ليف مجددا أبدا, فهو لا يستجيب للإنذارات بصوره جيده,:“سأضربك,” يقول كونر,”إن استحققت الضرب.”
صمت من وراء الكشاف. ثم يقول ليف,:”عادل بما يكفى. لكن من الأفضل لك أن تتأكد أنى أستحقه.”

ينطفئ الضوء ويرحل ليف.
لكن كونر لا يستطيع النوم. كل مُتفكك لديه قصه لا تريد أن تعرفها. يفترض الآن أن ليف يمتلك خاصته.

***

الأدميرال يستدعى كونر بعد يومين , من الواضح أن لديه شيئا بحاجه لتصليح. مقرة هو طائره 747 قديمه كانت تستخدم فى القوات الجويه الرئاسية قبل سنوات من ولاده أى من الأولاد هنا.

تم إزاله المحرك وتم الدهن فوق الختم الرئاسى, لكن مازال بإمكانك رؤيه ظل الشعار تحت الطلاء.

يصعد كونر السلالم بحقيبه من الأدوات,آملا أيا ما كان الأمر,أن يستطيع الدخول و الخروج بسرعه.
تماما ككل الآخرين, فهو يمتلك فضول سقيم ناحيه الرجل, ويتسائل كيف تبدو طائره رئاسيه قديمه من الداخل. لكن الوجود تحت تدقيق الأدميرال يخيفه حد الرعب.

يخطو داخل المقصوره ليجد ولدان يرتبان الأشياء. هم أولاد لا يعرفهم كونر و أصغر منه. اعتقد أن الذهبيون قد يكونوا هنا, لكنهم ليسوا فى مجال الرؤيه. أما بالنسبه للطائرة, فهى لا تقرب الفخامه التى توقعها كونر. المقاعد الجلديه بها تمزقات, السجادة تكاد تكون مهترئه. تبدو أقرب إلى منزل متنقل قديم عن كونها طائره رئاسية.
“أين الأدميرال؟”
يظهر الأدميرال من الخبايا العميقه للطائرة. على الرغم من كون عينى كونر مازالت تتأقلم على الضوء, يستطيع رؤيه أن الأدميرال يحمل سلاحا.
“كونر! أنا سعيد أنك استطعت الوصول.”
يجفل كونر لمنظر السلاح, وبواقع أن الأدميرال يعرفه بالاسم.
“إلام تحتاج هذا؟” يسأل كونر,مشيرا للمسدس.
“فقط أنظفه.”يقول الأدميرال.
يتعجب كونر من سبب وجود الذخيرة فى مسدس كان ينظفه, لكن يقرر أنه من الأفضل ألا يسأل.
يضع الأدميرال المسدس فى درج و يوصده. ثم يُرسل الولدان بعيدا و يغلق المقصوره ورائهم.
هذا هو تماما نوع الموقف الذى أخاف كونر بشده,وباستطاعته الشعور بدفعه من الأدرينالين تبدأ فى التسلل لأصابع يده و قدمه. وعية يتقد.
“أتريدنى أن أصلح شيئا سيدى؟”
“نعم أريد, صانعه القهوه.”
“لماذا فقط لا تأخذ واحده من الطائرات الأخرى؟”
“لأن.” يقول الأدميرال بهدوء,:”أنا أُفضل أن أُصلح هذه الواحدة.”
يرافق كونر عبر الطائرة, التى تبدو أنها أكبر من الداخل عن الخارج,ممتلئه بالكابينات,و غُرف الاجتماعات والمكتبات.
“أتعرف, كثيرا جدا ما يُسمع اسمك”,يقول الأدميرال.
تلك أخبار بالنسبه له, و ليست أخبار للترحيب أيضا,:”لماذا.؟”
“أولا, لأجل الأشياء التى تُصلحها, ثم لأجل القتالات.”

يستشعر كونر بمجئ تأنيب .. صحيح أنه حظى بقتالات هنا أقل من المعتاد, لكن الأدميرال هو رجل ذو احتماليه صفريه,:”آسف بسبب القتالات.”
“لا تكن. أووه,لا يوجد شك أنك مدفع رخو, لكن فى أغلب الأحيان فأنت مُوجه للاتجاه الصحيح.”
“لا أعرف ماذا تعنى, سيدى.”
“مما أراه, فكل قتال تورطت به قد حل مشكله ما أو غيرها. حتى القتالات التى تخسرها. لذا, حتى حينها, أنت تُصلح الأشياء.”
و يعرض لكونر تلك الابتسامه بيضاء الأسنان. ارتعش كونر. يحاول أن يخفيها, لكنه متأكد أن الأدميرال لاحظ.

يصلوا لغرفه طعام صغيره و مطبخ.
“ها نحن ذا,” يقول الأدميرال.
مُعدة القهوه تسكن على الطاوله. إنها جهاز بسيط .. كونر كان على وشك أن يُخرج مفك ليفتح ظهرها حين يلاحظ أنها ليست موصوله بالكهرباء.
و حين يضع المقبس, يضئ النور,و تبدأ فى بقبقه القهوة فى البراد الزجاجى الصغير.

“حسنا, ماذا عن هذا”,يقول الأدميرال, بابتسامه من ابتساماته الرهيبه.
“أنا لست هنا لأجل معدة القهوه, أليس كذلك؟”
“فلتجلس.”
“أُفضل ألا أفعل.”
“مع ذلك,فاجلس.”

هنا حيث يرى كونر الصوره .. يوجد عده صور على الجدار,لكن التى تجذب انتباه كونر بها فتى مبتسم تقريبا فى نفس عمره. الابتسامه تبدو مألوفه,فى الواقع, هى تبدو تماما كابتسامه الأدميرال.
تماما كما قال رونالد!

الآن كونر يريد الهرب, لكن صوت ريسا فى عقله مجددا, يخبره أن يراجع خياراته.
بالتأكيد بإمكانه الهرب, لكن فتح باب المقصوره لن يكون سهلا.
بإمكانه ضرب الأدميرال بأحد أدواته. هذا قد يعطيه الوقت الكافى ليهرب,لكن أين سيذهب؟ بعد المقبره يوجد فقط صحراء ,و صحراء ,و صحراء أكبر. فى النهايه يكتشف أن أفضل خياراته هو كما قال الأدميرال.. (أن يجلس.)
“أنا لا أعجبك, أليس كذلك؟” يسأل الأدميرال.
لا يُلاقى كونر نظرته,:”لقد أنقذت حياتى بإحضارى لهنا...”
“أنت لن تتجنب الإجابه على هذا السؤال ,أنا لا أعجبك أليس كذلك؟”
يرتجف كونر مجددا, و تلك المره كونر لا يحاول حتى أن يخفيها,:”لا يا سيدى, أنت لا تعجبنى.”
“أريد أن أعرف أسبابك.”
يُخرج كونر ضحكة كئيبه كإجابه.
“أنت تعتقد أننى تاجر عبيد” ,يقول الأدميرال,:” و أنى أستخدم هؤلاء المتفككون لمنفعتى الخاصه؟”
“إن كنت تعرف ما سأقول,لماذا تسألنى؟”
“أريدك أن تنظر إلى.”
لكن كونر لا يريد أن يرى عينى الرجل.. أو, بدقه أكبر, لا يريد للأدميرال أن يرى عينيه.
“قلت انظر إلى!”
على مضض, يرفع كونر نظره و يثبته على الأدميرال,:”أنا أنظر.”
“أنا أصدق أنك ولد ذكى.والآن اريدك أن تفكر. فكر!أنا أدميرال ديكتاتور للبحريه الأمريكيه. أتعتقد أننى أحتاج بيع الأطفال لكسب المال؟”
“لا أعلم”
“فكر! هل أهتم بشأن المال و الأشياء المسرفة؟ أنا لا أسكن فى قصر,لا أذهب لأجازات فى جزر استوائية. أقضى وقتى فى هذه الصحراء النتنه, و أعيش فى طائرة متعفنه ثلاثمائه وخمس وستون يوما فى السنه.. لماذا تعتقد أنى أفعل هذا؟”
“أنا لا أعلم!”
“أعتقد أنك تعرف.”

الآن يقف كونر. وبرغم نبره الأدميرال, فهو يهابه بصوره أقل و أقل .. سواء كانت حكمه أو تهور, يُقرر كونر أن يُعطى الأدميرال ما يطلبه,:“أنت تفعله بسبب القوه. أنت تفعله لأنه يخولك أن تحتفظ بمئات الأولاد البؤساء فى راحه يدك ,وتفعله لأن بإمكانك انتقاء و اختيار من سيتم تفكيكه,و أى الأجزاء ستحصل عليها.”

تم مغافله الأدميرال بهذا الكلام وفجأه , أصبح مدافعا,:”ماذا قلت.”
“إنه واضح! كل الندبات.و تلك الأسنان! هى ليست التى وُلدت بها,أليس كذلك؟ لذا,ما هو الذى تريده منى. هل هى عيناى,أم أذنى؟ أو ربما يداى التى تستطيع تصليح الأشياء بجداره.ألهذا السبب أنا هنا؟ هل هو؟”

صوت الأدميرال أصبح كدمدمه وحش ضارِ,:”لقد تعديت حدودك.”
“لا, انت الذى تعدى الحدود” ,الحنق فى عين الأدميرال كفيل بإرعاب كونر, لكن مدفعه قد حُلّ, و تعدى مرحله الإغلاق.
“لقد أتينا لك فى يأس! و ما تفعله بنا , فاحش!”
“لذلك أنا وحش إذا!”
“نعم!”
“و أسنانى هى الدليل.”
“نعم!”
“إذا بإمكانك الحصول عليهم!”
ثم يفعل الأدميرال شيئا أبعد من الخيال. يمد يده داخل فمه و يمسك بفكه, و يُمزق أسنانه من فمه.
عيناه تخترق كونر,بينما يقذف الكتله الورديه الصلبه بيده على الطاوله, حيث تبعثرت لجزئين رهيبين.

يصرخ كونر مصدوما. كلها هناك, صفين من الأسنان البيضاء,طقمان من اللثات الورديه. لكن... لا يوجد دم. لماذا لا يوجد دم؟!,لا يوجد دم فى فم الأدميرال أيضا. وجهه يبدو كما لو أنه انكمش على ذاته.و فمه فقط فوهه مترهله مرنه.
لا يدرى كونر أيهم الأسوأ, وجه الأدميرال, أم الأسنان عديمه الدم!
“اسمهم دينتروس”,يقول الأدميرال.”اعتادت أن تكون شائعه فى الأيام ما قبل التفكيك ,لكن من يريد أسنان مزيفه فى حين بإمكانك الحصول على أسنان حقيقيه بنصف الثمن, مباشره من متفكك صحى؟ اضطررت أن أطلب صناعتهم فى تايلاند. لا أحد يصنعها هنا بعد الآن.”
“ أنا... أنا لا أفهم....” ينظر كونر للأسنان المزيفة ويُحرك رأسه تقريبا لاإراديا نحو صوره الفتى المبتسم.
يتبع الأدميرال نظرته,” هذا”, يقول الأدميرال,”كان ابنى. أسنانه بدت تماما مثل أسنانى فى هذا العمر, لذا صمموا الدينتروس باستخدام سجلات أسنانه.”

إنه مدعاه للراحه أن يسمع تفسير آخر غير الذى قدمه رونالد,:”أنا آسف”.

الأدميرال لا يقبل أو يرفض اعتذار كونر,:”المال الذى أحصل عليه من وضع المتفككين فى أماكن للخدمات يستخدم لإطعام الآخرين المتبقين, و للدفع مقابل المنازل الآمنه و المستودعات التى تبعد المتفككين الهاربين من الشوارع. يدفع مقابل الطائرات التى تحضرهم لهنا, و يرشى أى شخص يحتاج للرشوه حتى ينظر للاتجاه الآخر. بعد كل هذا, المال الذى يتبقى يذهب لجيب كل متفكك فى اليوم الذى يكملوا فيه الثامنه عشر و يتم إرسالهم إلى هذا العالم عديم الرحمة. لذا كما ترى,ربما أكون, طبقا لتعريفك للكلمه, تاجر عبيد...لكنى لست الوحش الذى تخالنى عليه.”

ينظر كونر للأسنان التى مازالت ساكنه هناك,تلمع على الطاولة. يفكر فى حملهم و إعادتهم للأدميرال كمبادرة سلام, لكن يُقرر أن المفهوم ببساطه مُقزز للغايه.
فيدع الأدميرال يفعلها بنفسه.

“هل تصدق الأشياء التى أخبرتك بها اليوم؟” يسأل الأدميرال.
يُفكر كونر فى الأمر, لكن يجد بوصلته مرتبكه, الحقائق و الإشاعات, الوقائع و الأكاذيب, كلها تدور فى عقله بجموح فلا يقدر على معرفه حقيقه أى شئ:”أعتقد ذلك.” يقول كونر.
“أعرف ذلك”,يقول الأدميرال,:” لأنك اليوم سترى أشياء أفظع من أسنان مزيفه لرجل عجوز. أحتاج أن أعرف أن ثقتى بك ليست فى غير محلها.”

***

على بعد نصف ميل, فى الممر أربعه عشر, المساحه اثنان و ثلاثين,تسكن طائرة فيديكس لم يتم تحريكها منذ تم قطرها هنا منذ أكثر من شهر.
جعل الأدميرال كونر يقود له عربه الجولف حتى الطائرة.لكن ليس قبل استعاده المسدس من الخزانة ك(إجراء احترازى).

تحت جناح الميمنه لطائره الفيديكس يوجد خمسه أكوام من التراب مُعلمه بشواهد قبر خشنه.
هؤلاء هم الخمسه اللذين اختنقو فى النقل. وجودهم هنا يجعلها مقبرة بحق.!

الباب للمخزن مفتوح ,ما أن توقفا يقول الأدميرال,:” تسلق للداخل و ابحث عن الصندوق رقم 2933. ثم عد مجددا,و سنتحدث.”
“أنت لن تأتى؟”
“لقد سبقتك.” و يناوله الأدميرال كشاف,:”ستحتاج لهذا.”

يقف كونر على سطح عربه الغولف, يتسلق نحو فتحه مستودع الحموله,و يفتح الكشاف. وفى اللحظه التى يفعل فيها,تأتيه رجفه من ذكرى. يبدو الوضع تماما كما كان منذ شهر. الحاويات المفتوحه وإيحاءات البول.
مشيمة وصولهم ... يمشى أعمق فى الطائرة,و يمر على الحاوية التى كان هو وهايدن وإمبى ودييجو فيها , وأخيرا يجد رقم 2933.
كانت من أوائل الحاويات التى تم تحميلها. بابها مفتوح قليلا. يسحبه كونر ليفتحه كاملا, ويضئ النور بالداخل.

حين يرى ما بالداخل, يصرخ و تلقائيا يترنح للوراء, مرتطما برأسه فى الحاويه التى خلفه.
كان بإمكان الأدميرال تحذيره, لكنه لم يفعل.

حسنا.. حسنا. أنا أعرف ما رأيت للتو, ليس بإمكانى فعل شئ حياله. ولاشئ بالداخل بإمكانه أذيتى. مع هذا, يأخذ وقت ليؤهل نفسه قبل أن ينظر مجددا.

يوجد خمسه أولاد موتى فى الحاوية.
جميعهم فى السابعه عشر من العمر.
يوجد آمب, وجييفز, بجوراهم كيفين وميليندا وراؤول, الأولاد الثلاثه اللذين وزعو المهام فى اليوم الأول لوصولهم.
جميع الذهبيون الخمسة.
لا يوجد أثار للدم, لا جروح. قد يكونوا جميعهم نيام لولا حقيقه أن عينى آمب مفتوحه و تحدق فى اللاشئ.!..
عقل كونر يهوى. هل فعل الأدميرال هذا؟ هل هو مجنون فى النهايه؟ لكن لماذا سيفعل؟ لا, لابد أنه شخص آخر.
حين يخرج كونر إلى النور, كان الأدميرال يُظهر احترامه للأطفال الخمسه المدفونون مسبقا تحت جناح الطائرة. يعدل شواهد القبور و يساوى أكوام التراب.
“لقد اختفوا البارحه. وجدتهم مُغلق عليهم فى الحاويه هذا الصباح” ,يقول له الأدميرال.:”لقد اختنقوا, تماما مثل الخمسه الآخرون. إنه نفس الصندوق.”
“من قد يفعل هذا؟”
“بالفعل, من؟”,يقول الأدميرال. مرضيا بشكل القبور, يلتفت لكونر,:”أيا من كان, فقد قتل أقوى خمس أولاد... مما يعنى أن من فعلوا هذا يريدوا أن يُخِلوا بمنظومه القوة هنا بشكل ممنهج, حتى يستطيعوا الصعود لقمتها بصوره أسرع.”

يوجد فقط متفكك وحيد يعرفه كونر قد يكون قادر على هذا.. لكن حتى مع هذا, فهو يجد صعوبه فى تقبل أن رونالد قد يفعل شيئا بتلك البشاعة..!

“كان من المفترض أن أجدهم”,يقول الأدميرال,:”لقد تركوا عربه الجولف هنا فى هذا الصباح حتى أعرف. لا تفهم الأمر بشكل خاطئ يا كونر, هذا فعل ينم عن الحرب. لقد قاموا بضربه جراحية*. هؤلاء الخمسه كانوا عينى و أذنى بين الأولاد هنا ... الآن, لا أمتلك شيئا.”
يأخذ الأدميرال دقيقه لينظر ناحيه الفتحة المظلمة,:”اليوم, أنت و أنا سنعود هنا لندفنهم.”

يبلع كونر ريقه لمجرد الفكرة.و يتسائل من أغضب فى السماء ليتم اختياره ليكون ملازم الأدميرال الجديد.
“سندفنهم بعيدا”,يقول الأدميرال,:”و لن نخبر أحد أنهم ماتوا. لأنه لو خرجت كلمه عن الأمر, فالجناه سيحظون بانتصارهم الأول. لو بدأ احدهم بالكلام.. و هم سيفعلوا, سنتتبع الإشاعات للطرف المذنب.”
“ثم ماذا؟” يسأل كونر.
“ثم ستتحقق العدالة.. لكن حتى حينها, يجب على هذا أن يكون سرنا.”
___
ضربة جراحية : مصطلح عسكرى يعنى دخول فرقة لأرض العدو لاستهداف أشخاص بعينهم بأقل قدر من الخسائر فى الأرواح و الممتلكات

بينما يقود كونر به عائدا لطائرته, يجعل الأدميرال عمله مع كونر واضحا.” أريد طاقم جديد من العيون و الأذان. شخص يبقينى جنبا إلى جنب مع أحوال الأمور بين المتفككين ,وشخص يتربص بالذئب فى القطيع. أنا أطلب منك فعل هذا لأجلى.”
“إذا تريد منى أن أكون جاسوس؟”
“على أى جانب تكون؟ هل أنت فى صفى أم صف أيا من فعل هذا؟”

الآن كونر يعرف لماذا أحضره الأدميرال هنا و غصبه ليرى هذا بنفسه.فهو شيئا ما أن تسمع, و شيئا آخر تماما أن تكتشف الجثث,يجعل الأمر واضحا بقسوه لكونر أين يجب أن يكمن تحالفه.

“لماذا أنا؟”كان على كونر أن يسأل.
يعطيه الأدميرال ابتسامته ناصعه البياض.”لأنك, يا صديقى.. أقل الشررين.”

***

فى الصباح التالى, أعلن الأدميرال أن الذهبيون تم إرسالهم لتنظيم منازل آمنه جديده. كونر يراقب رونالد لأى تعبير, ربما ابتسامه خفيفه, أو نظره خاطفه لأحد رفاقه. لكن لا يوجد شئ.
لا يُفصح رونالد عن أى شواهد توحى أنه يعرف حقا ما حدث لهم. فى الحقيقه, خلال اعلانات النهار كان يبدو غير مهتم و مشتت, كما لو أنه لا يستطيع الانتظار للانتهاء من يومه. و يوجد سبب وجيه لذلك..
فتدريبات رونالد مع كليفر, طائر الهيليكوبتر, قد ظهرت نتائجها. فخلال الأسابيع المنصرمه تعلم رونالد كيف يطير بالطائرة كمحترف, وحين لا يكون كليفر موجود فهو يعرض رحلات مجانيه لهؤلاء اللذين يعتقد أنهم يستحقوها. هو يقول أن كليفر لا يهتم, لكن الأقرب للصحه, انه فقط لا يعرف.

افترض كونر أن رونالد سيقدم الرحلات لدائره أتباعه المخلصين, لكن لم يكن الأمر هكذا. فرونالد يُكافئ العمل الجيد,حتى من الأولاد اللذين لا يعرفهم .. يُكافئ الولاء لفريقك الخاص, حيث يدع الأولاد يصوتون من يحظى بالفرصه ليطير أنحاء الساحه فى الهيليكوبتر. باختصار,رونالد يتصرف كما لو أنه هو القائد, ليس الأدميرال.

حين يتواجد الأدميرال, يزيف الخضوع, لكن حين يتجمع الآخرون حوله_و دائما ما يوجد أولاد متجمعون حوله_ يتخذ كل فرصه للطعن فى الرجل,:”الأدميرال لا يمكن مسه” سوف يقول.
“هو لا يعرف كيف هو الأمر أن تكون واحد منا.يستحيل أن يفهم من نحن و ما نحتاجه.”
وهو فى جماعات الأولاد قد انتصر بالفعل,يهمس بنظرياته حول أسنان الأدميرال, وندباته,ومخططاته الشيطانيه لهم جميعا..ينشر الخوف و التوجس, مستغلهم فى توحيد أكبر عدد ممكن من الأولاد.

على كونر أن يعض على شفتيه ليُبقى نفسه صامتا حين يسمع رونالد يثرثر..لأنه حين يتحدث دفاعا عن الأدميرال,حينها سيعلم رونالد على أى جهه من الخط يقف كونر.
***

يوجد طائرة استجمام فى المقبرة,بجوار خيمه الاجتماعات, بالداخل يوجد تلفزيونات و أجهزة الكترونية, وتحت أجنحتها يوجد طاولات بلياردو,و جهاز بينبول, وآثاث مريح لحد ما.

اقترح كونر أن يضعوا مرطب للهواء, حتى تظل المنطقه تحت الجناحات إلى حد ما بارده فى حرارة النهار .. لكن ما هو أهم, سيمكنه المشروع من أن يكون كذبابه على الحائط, مستمعا للأحاديث ويصنف الجماعات ويقوم بأعمال تجسسية عامة ,لكن المشكله تكمن أن كونر ليس أبدا ذبابة ,بدلا, فعمله يصبح مركز الاهتمام, يعرض الأولاد مساعدته كما لو أنه توم سوير يطلى سور.
جميعهم يظلوا يرونه كقائد بينما كل ما يريدة هو أن يتم تجاهله.!

هو سعيد أنه لم يخبر أحد أنه المدعى (هارب آكرون). فطبقا للشائعات الحالية, فهارب آكرون قد قضى على اسطول من رجال شرطه الأحداث,و تفوق بذكائه على الحرس الوطنى, وحرر نصف دسته من مخيمات الحصاد.!
هو يملك اهتمام كافى من الفتيه الآخرون بدون الحاجه للمنافسه ضد تلك السمعة.

بينما ينشغل كونر فى تركيب خط المياة, يُبقى رونالد عينه عليه من طاولة البلياردو. أخيرا يضع عصا البلياردو و يأتى له,:“أنت فقط نحله عامله دؤوب, أليس كذلك”,يقول رونالد,بصوت عالى بما يكفى ليسمع كل الأولاد من حوله.
يقف كونر على سلم نقال, يثبت أنابيب الترطيب على الجانب التحتى للجناح. مما يُعطيه رضى أن ينظر لرونالد من أعلى,:”أنا فقط أحاول أن أجعل الحياه أكثر سهوله”,يقول كونر,:”نحن نحتاج مرطب هنا.. لن نريد أن يختنق أحد فى تلك الحرارة.”

يُبقى رونالد وجه البوكر البارد,:” يبدو أنك الفتى الذهبى الجديد للأدميرال, الأن بعد غياب الآخرون” ,و ينظر حوله ليتأكد أنه حظى بانتباه الجميع,:” لقد رأيت أنك ذهبت لطائرته.”

“هو يحتاج لتصليح أشياء, لذا أصلحهم”,يقول كونر,:”هذا كل ما فى الأمر.”
ثم, قبل أن يستطيع رونالد أن يستمر فى استجوابه, يتحدث هايدن من عند طاوله البلياردو.

“كونر ليس الوحيد الذى يصعد لهناك”,يقول هايدن,:”يوجد أولاد يذهبون للداخل و الخارج طوال الوقت... أولاد مع طعام, أولاد ينظفون, و أسمع أنه غدا مهتم بشخص معين يتنفس من فمه ,جميعنا نعرفه و نحبه.”

كل العيون تتجه نحو إمبى,الذى أصبح كأحد ملحقات جهاز البينبول منذ وصوله ,:”ماذا؟”
“لقد صعدت لطائره الأدميرال, ألم تفعل؟” يقول هايدن,:”لا تنكر الأمر.”
“اذا؟”
“أذا, ماذا يريد؟ أنا متأكد أن جميعنا نريد أن نعرف.”
يرتبك إمبى, غير مرتاح كونه فى مركز اهتمام أى شخص,:”هو فقط أراد أن يعرف عن عائلتى و هكذا.”

هذه أخبار جديده على كونر.ربما الأدميرال يبحث عن شخص آخر لمساعدته فى كشف القاتل. حقيقى أن إمبى أقل إثاره للانتباه عن كونر, لكن الذبابه على الحائط لا يجب أن تكون حقا.. ذبابه على الحائط.!

“أنا أعرف ما الأمر,” يقول رونالد,:”هو يريد شعرك.”
“ليس حقيقى!”
“بلى.. شعره يتساقط,صحيح؟ و أنت لديك ممسحه جيده فوق رأسك. الرجل العجوز يريد أن ينزع فروه رأسك, ويرسل بقيتك للتفكيك!”
“اخرس!”

يضحك أغلب الأولاد .. بالطبع هى مزحه,لكن كونر يتسائل كم شخص يعتقد أن رونالد قد يكون على حق. إمبى بالتأكيد يشك بالأمر ,لأنه يبدو نوعا ما متقززا, مما جعل كونر غاضبا.
“هذا صحيح, ازعج إمبى” يقول كونر:”ارِ الجميع مقدار انحطاطك”,و ينزل السلم, مواجها رونالد فى عينيه,:”يااه, هل لاحظت أن آمب ترك مكبر صوته؟ لماذا لا تأخذ مكانه؟ أنت ثرثار, ستكون مثالى له.”

استجابه رونالد تأتى بدون أدنى ابتسامه,:”لم يُطلب منى.”

***