عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2012, 04:30 PM
المشاركة 146
صفاء الأحمد
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
استاذي الفاضل أيوب صابر
استحضرني اللحظة قول جبران خليل جبران : " لا يكسر الشرائع البشرية الا اثنان ، المجنون والعبقري )
لكن السؤال المهم ،
ما الّذي دعا جبران خليل جبران أن يضع العبقري والمجنون في ذات الكفة ليكونا معا سببا في كسر الشرائع البشرية ؟
برأيي الجواب بسيط وهو أنّ العبقري والمجنون كلاهما يدرك الأشياء المألوفة بطريقة خارجة عن العادة أو غير مألوفة.
وشيئان فقط يدعوان الانسان لأن يفكر بطريقة غير مألوفه هما ( الحاجة أو الهوى )

فمثلا العالم ( نيوتن ) عندما سقطت على رأسه التفاحة أخذه هواه لأن يتسائل : " لماذا سقطت التفاحة للأسفل ولم تتخذ مجرى آخر ؟ "
وبدأ يفكر ويبحث بطريقة منطقية حتى توصل الى قانون الجاذبية الأرضية عن طريق سلسلة من الأفكار المنتظمة التي وظف فيها عبقريته.
ربما لو سقطت التفاحة على رأس شخص آخر غير نيوتن ، ربما كان قد أكلها دون أن يبالي بسبب سقوطها للأسفل أو ربما لو سقطت على رأس شخص أكثر عبقرية من نيوتن لخدم البشرية باكتشافات ربما لم يتوصل لها نيوتن من خلال عبقريته.

وأما عن الحاجة التي تدعو الانسان للتفكير بطريقة غير مألوفة فلديك مثلا المخترع الاسكتلندي ( جيمس وات )
الّذي أعطى للعالم إحدى أعظم الآلات في التاريخ (المحرك البخاري المكثف) التي فجرت الثورة الصناعية، ولم يكن وات أول من اخترع الآلة البخارية، فقد سبقته محاولات كثيرة من قبله، لكن تلك الآلات السابقا كانت ضعيفة الجهد بدرجة أنهم كانوا يستخدمونها فقط في ضخ الماء من المناجم.
وأتى جيمس وات ليوظف عبقريته التي فاقت عبقرية سابقيه ليخترع المحرك البخاري المكثف .
مع العلم أن وات كان بخلاف معظم مخترعي ذلك الجيل حيث لم يحظ جيمس بتعليم جامعي، ولكنه كان ذا تطلع خارق واستعداد ميكانيكي.
ويعرف نصف العالم قصته مع عمته التي وبخته قائلة
"لم أر قط ولداً خاملاً مثلك... فإنك لم تنطق بكلمة واحدة طوال هذه الساعة، بل نزعت غطاء تلك الغلاية، ثم أعادته إلى مكانه، ثم أمسكت تارة قلنسوة وتارة ملعقة فضية فوق البخار ملاحظاً كيف يتصاعد من البزبوز، وممسكاً بالقطرات محصياً إياها"
وفي القصة رائحة الأسطورة، ولكن مخطوطاً خلفه جيمس وات بخط يده يصف تجربة فيها
"ثبت الطرف المستقيم لأنبوب على بزبوز غلاية شاي"
وجاء في مخطوطة أخرى: "أخذت أنبوبة زجاجية ملوية وأدخلتها في فم غلاية الشاي، وغمرت الطرف الآخر في ماء بارد"

وهكذا يتبين لنا أن الحاجة والهوى هما سببان أساسيان يدعوان الانسان للتفكير بطريقة مختلفة.

أما عن المجنون فـ يدعوه هواه للتفكير بالأشياء بطريقة غير منطقية ( خارجة عن المألوف الّذي يفكر به العقلاء من البشر )
ومن الأمثلة على ذلك مرض انفصام الشخصية .
ويعتبر مرض انفصام الشخصية من اخطر الأمراض العقلية التي تصيب الإنسان وتسبب له المشاكل التى تدفعه إلي العزلة والانطواء على ذاته ليسبح في أحلام خيالية لا تمت إلى الواقع بصلة.



أدرتُ ظهري للشفق ، وسرت بخطٍ موازٍ للنور ،
و كأنّ المغيب لا يعنيني !!