الموضوع
:
ذَاتْ - نَشْرٌ أوّلٌ لِمَنَابِر ..
عرض مشاركة واحدة
06-06-2014, 02:36 PM
المشاركة
36
جليلة ماجد
كاتبة وأديبـة إماراتيـة
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 3
تاريخ الإنضمام :
Jul 2005
رقم العضوية :
389
المشاركات:
3,016
قصرٌ مِن جليد ::
[tabletext="width:70%;"]
قصرٌ رُخاميّ مُذّهب ..غُرَفٌ واسِعةٌ مُزخْرَفة .. سُلّمٌ طويل يفْصِلُ الطابق العلويّ عن الطابق السُفليّ فتح الابن البكر الباب و صرخ فرحاً ... يا الله !! ياللجمال !! فرد جناحيه و طار و هو يضحك .. سنلعبُ هُنا كثيراً يا أبي .. أليس كذلك ؟؟
:
هزّ الوالد رأسه جذِلا و هو يرى أبناءه يَعُّبُّون الفرحة عَبّاً .. يكادون منها اختناقاً ...
و لَم يفّكر أنّ هذا القصر الكبير سينوح حُزناً على ساكنيه ..و يُكسِّر أرواحَهم ...الواحد تلو الثاني ....
:
-
و ما هذا يا أبي ؟؟
-
غُرفة جلوس ...!
-
و ما هذا يا أبي ؟؟
-
جهاز تكييف ..!
-
و ما هذا يا أبي ؟؟
-
سرير ...!!
-
كُفّي يا [ جليلة ] دعي أباكِ يرينا البيت ..( تصْرُخ فيها الغالية )
-
دعيها يا غالية فبراءتها قاتِلة ...!
:
ذاتِ سنواتٍ ثمان ببراءة بنت الست تركض و تقفز و تصرخ و تضحك للصدى
-
و ما هذا يا أبي ؟؟
-
مزرعة لتلعبي فيها
-
يا سلاااااااااام ( تصرخ بصوت مرتفع )
-
تعالي أريك غرفتك ..
-
حسناً ... حسناً ...
-
ماذا تتوقعين أن يكون لونها ؟؟
-
وردي !!
-
شبيكِ لبيكِ .. بابا يحقق أمانيكِ ...!
-
أغمضي عينيكِ ...
-
ياااااه ... أبي ... غرفة جميلة ..! شكراً ..( ارتمت بين ذراعيه)
-
تستحقين أكثر يا معجزتي الصغيرة ..
سجّاد ناعم وردي يغلل الغرفة بلون حالِمٍ جميل .. ستائر عليها رسومات لتيجان حائط مدهون بلون وردي فاتِح ، و ملصقات لأميرات ديزني متناثرات هُنا و هُناك ...
:
-
لمَ سريرين يا أبي ...
-
معكِ أختكِ [ جميلة] ..
-
هاه ؟؟ لكن ...
-
[ جميلة ] تحبّك يا [ جليلة ]
-
إنّها لا تفعل يا أبي .. تنظرُ إليّ شذراً طوال الوقت .. و تسميني غبيّة ..
-
لذلك وضعتكما في ذاتِ الغرفة ربما تتوصلان لحل مع علاقتكما الغريبة
-
( اغرورقت عيناها بالدموع ) ... أبي ؟؟
-
لا أريد أن أسمع أكثر عن هذا الموضوع .. لو سمحتِ ..لأجلي ..
-
حاضر أبي
-
ارفعي رأسك يا صغيرة أنيري البدر بابتسامتكِ هيا ...!
-
( تبتسمُ بارتجافةٍ في طرف شفتها السفلى )
-
هذه ابنتي الحلوة ..!
:
جلستْ على طرف السرير تفكّر .. جلبت الخادِمة حقيبتها و شرعت ترتب ملابسها في خزانةٍ كبيرة .. سَرَحت في الملابِس .. نعم [ جميلة] تكرهها و تنتظِر خطأها في أي شيء كي تهوّل الأمر و توصله للغالية انتظاراً لِعقاب مؤلِم لها .. تنهّدت و رفعت بصرها
:
-
هذا سريري .. ذاك سريرك يا غبيّة ..
-
حسناً .. كما تريدين ...
-
لا تجلسي عليه .. لا أحب أن يتسخ ..
-
لستُ قذرة ..
-
اصمتي .. أف منكِ لا أدري لِم وضعنا أبي في غرفة واحدة ..
-
اسأليه ..
-
أنا ؟؟ لا .. أبي لا يحبني بل يحبّك أنتِ يا .... يا بسبوسة ( باستهزاء)
-
و أنا أحبه ..( تبدأ دموعها بالانهمار )
-
كُفّي يا غبية ارتدي ملابس النوم و نامي ...
-
سأفعل ما يحلو لي ..
-
اذهبي إلى أبيك دعيه يهدهدك كما يفعل دائماً ..
-
أنا كبيرة و عاقِلة و سأخرج ..
:
تهدج صوتها ... تدافعت الدموع إلى مقائيها شلالاً من نار .. جسدها مشتعِل و التنهيدات تهزّها .. نزلت من الطابِق العلوي مروراً بالصالة إلى خارِج المنزل
اختارت نخلة قصيّة و بكت تحتها حتى تورمت أهدابُها .. سمِعت صراخ الوالِد يناديها مِن بعيد فخرجت مِن مخبئها ..
:
-
أنا هُنا بابا ...
-
أوه ... لا تفعلي هذا يا حبيبتي ...[ و ضمّها إلى صدره ][ أمسَك جديلتها الطويلة و هو يقول] : انظري قد اتسخ شعرك ..
-
أنا آسِفة بابا
-
اششششش اهدئي ...
و قبل أن تشعر غطّت في نومٍ عميق ...
:
-
صباحٌ جميلٌ
-
صباح الخير أبي [ و هي تقبّل رأسه ]
-
تعالي اجلسي و تناولي الفطور
-
أريد الحليب فقط
-
أين [ جميلة ] ؟
-
آتيّة ...
-
و كيف ليلتكما ...
-
أمممم... جيدة ..!
-
طيّب الحمدلله [ جميلة ] .. يا [ جميلة ]...
-
نعم يا أبي
-
تعالي و كُلي شيئاً يا ابنتي السائق ينتظر ...
-
حسناً ...
:
تقف و تتجه إلى الباب .. تفتحه و تتنفّس بعمق و تنظُر جيداً إلى هذا القصر الكبير ... مزرعة بألوانٍ خلابة سرقها الربيع و أسكنها هُنا و رحل ... أرجوحة .. لعبة حِبال .. و الكثير مِن العصافير ..
-
صباح الخير شمس الدين ..!
-
هلا لولو هل أشغل السيارة ؟؟
-
لا ..لا ... سأنظر إلى الحديقة
-
يهزّ رأسه أن نعم .. افعلي ما يطيب لكِ ..
تجلِس على الدرج تتأمّل و لا تلاحِظ أن هْناكَ مَن يراقِبها مِن بعيد و يحصي تحركاتها ... و يبتسِم بخُبثٍ لا تملكه هذه الطاهِرة الصغيرة .
[/tabletext]
عند المطر ..تعلم أن ترفع رأسك ..