عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2010, 04:52 AM
المشاركة 70
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مكتبته

إن مما لا شك فيه ، ولا ريب يعتريه ، أن المكتبات في كل أمة عنوان تقدمها ، ودليل وعيها وتطورها كما أنها تعتبر المعيار الحقيقي ، والميزان الأساسي لمعرفة تقدم تلك الأمم ونهوضها ، إذ هي من أهم ركائز المعرفة ، وأقوى دعامات العلم ، فهي للعالم وطالب العلم- زاد لا ينضب ، ومعين لا يجف ، تتحف القارئ والباحث والطالب والمعلم ورواد العلم والمعرفة بروافد ثرة ، وينابيع متدفقة من الفوائد والمعارف والعلوم .
ومن المعلوم قطعا أن جمع الكتب وإدامة النظر فيها ، والبحث في أغوارها ، والغوص في مكنوناتها وأعماقها من أهم الأسباب المعينة على تحصيل العلم .
قال عبدالله بن المبارك- رحمه الله- : من أحب أن يستفيد فلينظر في كتبه. وقيل له لم لا تجالسنا ، قال أنا أجالس صحابة رسول الله يعني بذلك قراءة حديثهم ومروياتهم ، وما يتعلق بتراجمهم وسيرهم العطرة ، التي يفوح منها عبير الإيمان والصدق ، وريح الإخلاص والمتابعة ، والإقدام في سبيل الرحمن .
ولذا قال المتنبي :
وأعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
وقال الآخر :
نعم المؤانس والرفيق كتاب تخلو به إن ملَّك الأصحاب
لا مفشيا سرا ولا متكبرا وتفاد منه حكمة وصواب
ومن هذا المنطلق المهم في أمره وأساسه ، بل وجنباته . ومنافعه ، كان السلف الصالح- رحمهم الله- يحرصون على إدامة النظر في الكتب والاستفادة منها ، لأنها خزائن العلم ، وكنوز المعرفة وبيت القصيد ، وتمييز الأحكام الشرعية ، وعلى هذا المنوال فإن لسماحة شيخنا- رعاه الله- نفسا أبية همامة طلعة لا تمل من القراءة ، ولا تكل من المطالعة والبحث ، وهذه عاداته ودأبه أنه جعل للكتب وإدمان النظر فيها وقتا خاصا من أوقاته المباركة المعمورة بالعلم والإيمان ، ودائما يكون في هذا الوقت المخصص للقراءة والاطلاع مكبا على سماع العلم والمعرفة ، والاستزادة منها ، لكي يكون له زادا في طريق التعليم ونشر العلم وهذا الوقت المخصص للقراءة أظنه بعد صلاة العشاء من كل يوم .
ومكتبة الشيخ- رعاه الله- مكتبة ضخمة مليئة بنفائس المصادر والمراجع العلمية التي لا يستغني عنها طالب العلم والمعرفة ، حاوية لجميع الفنون العلمية ، فلكل فن قسم خاص به ، فمثلا فن الحديث وعلومه ومصطلحاته له مكان مخصص ، فأولا أمهات الكتب الستة ، ثم المسانيد ثم المعاجم ، ثم الأجزاء الحديثية ، ثم كتب الأحكام الحديثية ، ثم كتب التخاريج ، ثم كتب الرجال وجرحهم وتعديلهم ، ثم كتب الوفيات . . وهلم جرا ، على وفق نظام بديع متسق يبهر الألباب ، ويأخذ بالأبصار ، وقد دخلتها مرات ومرات ، فرأيت فيها العجب . وللشيخ- رعاه الله- خزانة خاصة بنفائس المخطوطات ، تضم بين أروقتها بعض المخطوطات النادرة ، وهذا مما يدل على أنه كثير التثبت في علمه وفقهه في دين الله .

~ ويبقى الأمل ...