عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
18

المشاهدات
6973
 
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة

روان عبد الكريم is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
238

+التقييم
0.04

تاريخ التسجيل
Aug 2009

الاقامة

رقم العضوية
7565
12-19-2011, 10:23 PM
المشاركة 1
12-19-2011, 10:23 PM
المشاركة 1
افتراضي الكتاب الاسود وفصول الحزن

اصعب انواع الحزن هو الذى ياكلك ببطء وتؤدة رويدا رويدا فلا تشعر به.. يصبح جزءا من دماءك .. تتنفسه حتى النهاية

كنت ذاك الشتاء انتظر وانتظر كل ليلة واغفو على صراع مشاعري كالريح تتقلب حينا وتتلاطف حينا بينهما احلامي فى الرحيل احلام تكاد تسمع انينها بداخل القلب لمطر تسمع زخاته العاصفة الثقيلة تصطك بالضلوع..هذا الحزن اودعته كتابي . كل حزن بلون..تألفت واختلطت فاستحالت سوادا.. هذا هو كتابي الاسود..خمسة فصول بخمسة اطفال .. خمسة اطفال بخمسة قبور

خمسة قبور يزرون احلامي... اذهب لهم قبل صلاة العشاء

اوقد لهم كل ليلة الشموع حتى تؤنسهم واقرا لهم القران حتى يطمئنهم

احكى لهم الحكايا .. تؤنسهم وامسد كل قبر بالطيب والمسك بينما يقف ابوك حارسا..

لم يمنعني عنهم يوما قيظ او مطر عاصف او تراب غاضب

وهبهم رحمي الخائب لابن عمى.. خسرت كل حلم بعد عامين او اقل.. صلة الدم او لعنة الدم بيننا افنتهم ولم يبك هو يوما على رحيل اي منهم ولم يفرق اسماءهم بين رحيم ورحيم تاهت صورهم فى مخيلته ..كما تاهت توسلاتي ان يفصم عروة زواجنا او يجد اخرى.

اكتب فى كتابي الاسود فصول ميلادهم ..حتى لا انسى او اتناسى..اكتبها من اجلك انت.

جاء رحيم الاول كفرحة صاخبة..كان لعينيه زرقة البحر ..متقلبا كموجه..لا تعرفين رقته من طغيان عنفوانه ..متمردا على لونى الاسمر ..كسر فرحتي برحيله ليلة ميلاده الثاني ..اتذكره يرفس بقدميه وذراعيه ثم يخمد ..يكسوه لون الموت المخيف.

اما رحيم الثاني فقد طال انتظاري له ثلاث سنوات ..جاء فى اوهن ساعات الليل واخرها يحمل لونى وسكوني وضعفي .. ورحل ايضا فى اوهن ساعات الليل واخرها

و رحيم الثالث اتاني مخاضه قبيل الغروب ..حمل غرابة العالم بداخله..لم يسكن ابدا على فراش ..اتعبني صمته ثم اتعبني صخبه ثم قتلني رحيله لانه عرف انه فوق احتمالي
ظننت انني حينما ورايته التراب استرحت.. لكنه وطن بداخلي الحزن الكبير...وترك بصدري خواء ما بعده خواء

ورحيم الرابع ولد عليلا ثم تعافى حمل معه الامل ثم الالم .. اسكنته بين اللحم والرداء اطعمته حبى .رويته نثرات الندى ..اذكر اولى خطواته على الذرع البكر وهرولته خلف الاوز ثم انكفائه الاخير وقد اكتسى وجهه الذهبي بابتسامة خالطها الدمع والطين دون شفقة

واخر فصولي عن رحيم الخامس ,لم يصل لعامه الثاني ابدا كما اتى هادئا كنسيم الهواء ..رحل فى مسائي الحزين . ولدته فى الربيع العبق برحيق البنفسج الحزين.. كان طفلا هادئا لم يعكر صفو احد ..كنت امسه فيبتسم بدعة ويرفع يديه كعصفور لكن الحياة لم تمنحه سوى عمرا قصيرا ولم تمنحنى عليه سوى الحسرة.

وكنت انت حزني الاخير يا فضية القمر كان لقبلتك طعم الشهد ..غلب جمال كل اخوتك
حتى ان اباك شهق لدى مولدك بعيونك الذهبية المضيئة وشعرك الناري بلون المرجان
اه يا رحمة مازلت اذكر يوم مولدك ..توهج الشمس ..خرير الماء..تغريد الطيور..لهو الرياح والشجر
خطفت قلب ابيك منذ لحظة ميلادك..جئتنى فى خريف العمر يا رحيمتي..بعد ان جف نبع امومتي ويبس صدري واكلني الحزن اكلا ..لكنى عيني لم تغمض على سرك الكبير فلم تحملي علامة الموت بين عينيك كاخوتك ..بل كتب عليك ان تحملي لعنة الدم فى رحمك

ب..فى عامك الثاني بنى لك ابوك قبرا..اخبرني بعيون دامعة:-
صنعت لها قبرا فريدا ..متسعا..

لم يكن اباك بالرجل الذى يبكى ابدا لكنه من اجلك فعل.. اردت ان اخبره يا رحمة لكنى لم اجرؤ
هل قسوة منى ؟..ام اردت ان امنحه شئ من الحزن الذى خبرته

وظل اعواما واعواما ينتظر
وعاما بعد عام يزين القبر وينظفه ويزرع اشجارا حوله تمنحه القدسية وزهورا تمنحه البراءة ..وشموعاً تضئ له ليله وسط قبور اخوتك ..كان يوصيهم برحمته اختهم الصغرى حينما يحين رحيلها
كما اوصيتك انا بهم ان تضئ الشموع وتنثرين العطايا من اجلهم
وكما اعطيتك كتابي الاسود ..تمسكينه وقد تبلل بالدمع ويدك تنير الشموع على القبور الستة ..تمسين بيدك اليافعة القبر السادس حيث ارقد انا وابيك بينما يقف ابن عمك فى امل :-
هل حان الوقت يا رحمة فتغصين فى الم ولعنة الدم بداخلك تطاردك وتجبين بحزن :-
ابدا لن يحن.. وسيكون هذا حزنك الاكبر وحزنى الابدي.



تمت