عرض مشاركة واحدة
قديم 04-10-2012, 04:04 PM
المشاركة 398
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ليلى العثمان: سعيدة بمحاكمتى لأنها دفعتنى لكتابة إبداع جديد

المصدر منتدى القصة العربية
محمد السنوسي الغزالي

القاهرة - العرب اونلاين - أحمد مجدي: بالقطع هى أديبة مثيرة للجدل، والذى يقرأ للأديبة الكويتية ليلى العثمان يشعر على الفور أنه أمام كاتبة موهوبة لديها القدرة على الحكى بأسلوب رشيق، وصياغة فنية جيدة، ومضامين هذه القصص الإنسانية التى تصيغها تعطى صوراً حية لما يجرى فى واقع دنيانا من أحداث، ومن خلال رصد الكاتبة لها تخرج لنا لوحات فنية قادرة على إمتاعنا، وقادرة على أن تجعلنا نفكر فى مغزى هذه الأحداث أنها تعطينا لقطات ومن خلال هذه اللقطات تتضح المعانى التى تريد ليلى العثمان إيصالها للناس بلا مباشرة أو مواعظ، ولأنها كاتبة جريئة ومشاكسة وتعتبر الكتابة سلاحها فقد تعرضت بعض أعمالها للمصادرة والمحاكمة التى صنعت شهرتها الكبيرة على مستوى العالم العربي، فى هذا الحوار تؤكد الكاتبة أنها اضطرت لاختراق مجتمعها المحافظ بسبب ما تعرضت له من عنف فى الطفولة سواء من جانب والدها أو المجتمع الذى تعيش فيه .. فإلى نص الحوار:

بمنابة حضورك الملتقى الثالث للرواية العربية تحت اسم "الرواية والتاريخ" فى رأيك ما مدى العلاقة بينهما؟
اختيار العنوان كان أكثر من رائع لأن الرواية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ، وذلك من ضمن الحكاية فنحن عندما كنا صغار كانت أمهاتنا يجلبن لنا تاريخ الحكايات القديمة المعروفة، ويحرصن على حكايتها لنا، والتاريخ بالنسبة للأدب نوعان إما تأريخ لمكان أو منطقة أو بلد معينة وتأخذ تاريخها الاجتماعى والاقتصادى مع التركيز على الجانب السياسي، وهنا الكاتب يكتب الرواية دون أن يكون هناك تدخل إبداعى من جانبه.. وأن يأخذ الكاتب التاريخ ويستفيد منه ويحاول توظيفه فى عمل روائى بمعنى أن تكون هناك مخيلة للكاتب وصنع شخصيات من وحى خياله يشترط ألا تكون موجودة على أرض الواقع.. ومن هذا الكلام نستطيع استخلاص أن هناك عملاً روائياً يدخل ضمن التاريخ وعملاً تأريخياً بمعنى تأريخه بالسنوات والأزمنة.. وفى شهادتى بالمؤتمر ذكرت جزئية بسيطة عن تاريخ الحياة الاجتماعية والتراث الموجود بدولة الكويت، ولم أقدم أى جزئية سياسية ولهذا ليس هناك اتصال بين التاريخ والرواية.

ومتى يكون التاريخ فى الرواية تزييفاً وتزويراً؟
يوجد فى بعض مجتمعاتنا العربية وبعض الدول المتخلفة تزييف وتزوير فى التاريخ الروائى لأن كل كاتب يكتب التاريخ الخاص بالأنظمة الموجودة فى وقته وعندما يأتى نظام آخر جديد يختلف بشدة عن السابق يمحو كل ما كتبه من قبل ويضع التاريخ الذى يتماشى مع أغراضه وأهوائه، وهذا ما حدث مع الرئيس العراقى السابق صدام حسين عندما قام بإلغاء كل تاريخ العراق القديم وقدم تاريخاً خاصاً به، وكأنه هو الذى خلق التاريخ العراقى كله.. بالإضافة إلى أنه من الممكن حدوث تزوير فى التاريخ من منطلق إذا كانت الدولة تحتوى على أكثر من حزب بمعنى أن كل مؤرخ من هذه الأحزاب سيكتب التاريخ الذى يتماشى مع آرائه وأفكاره بالإضافة إلى أن هناك بعض المؤرخين إذا كتبوا عن منطقة معينة حتى ولو كانت غير التى يعيشون فيها يكتبون عنها من منطلق شخصى ويزوروا فى تاريخها ليرضوا من دفعوهم لهذه الكتابة.

حنين

بعيداً عن المؤتمر.. ما هو سر ارتباطك بالبيئة الكويتية القديمة؟
لدى حنين لا يوصف إلى المدن القديمة بكل تراثها وطقوسها ورائحة أزقتها.. ولا تعلم مدى الحزن الذى يصيبنى وأنا أرى ملامح هذه المدن تتغير مع الزمن، ولعل ارتباطى بالبيئة الكويتية القديمة هو ارتباط بقيم وتقاليد عشتها بكل تفاصيلها وعندما أكتب عن ذلك الماضى فإنما أكتب ذاكرتى عن مجتمع بسيط قبل تعرضه لهذا التحول المفاجئ والتحاقه بركب الحضارة.. لكن تلك النقلة السريعة أفقدت الإنسان الكويتى والخليجى بشكل عام جزءاً أساسياً من إنسانيته وقيمته الأصلية وقد حاولت رصد مظاهر هذه التغيرات التى طالت المجتمع الخليجى ومزقت قيمته القديمة، وقامت بتفتيت كيان الأسرة وأفسدت جيلاً كاملاً من الشباب الذى اعتاد الترف والاندماج بالتجليات السطحية لحضارة لم يسهم بصنعها فى الأساس.. واليوم عندما أقارن بين جيلى والجيل الجديد اكتشف عمق ما حدث بين الجيلين من تطورات وتغيرات سلبية طرأت على هذا الجيل الذى لا يجد ما يحلم به برغم من أنه يمتلك أدوات لم نكن نمتلكها.

عانيت كثيراً مع الرقابة.. فما رأيك فى الوضع الرقابى للمبدع فى الفترة الحالية؟
لدينا فى مجتمعتنا العربية دول تقبل أن تواجهها بحقيقة الأمور سواء التطورات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التى تحدث بداخلها حتى ولو كانت هذه التطورات سلبية.. وأخرى لا تقبل ذلك حتى تخفى الجانب السيء لديها وتستخدم أسلوب تزوير الحقائق لكى تظهر أمام بقية الدول المحيطة بها بصورة مميزة.. وفى فترة الستينات كان هناك حرية كبيرة فى كتابة الفنون الأدبية بدولة الكويت حتى أن الكتاب كانوا ينشرون ما يريدوه لكى يعبروا عن آراءهم وأفكارهم دون أن يجدوا أى معاناة رقابية وكانت معظم هذه الكتابات تعبر عن الظروف الموجودة ووقتها، وفى هذا الوقت كان الوطن العربى يعيش فى زمن أستطيع أن أصفه بأنه عصر النهضة والتنوير بما تواجد فيه من نهضة أدبية وازدهار للحريات بصورة كبيرة وكانت هناك تيارات وشخصيات قومية ساهمت فى تلك النهضة مثل الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر والذى قام بتحويل مصر من عالم الظلومات والعوائق إلى عالم انفتحت فيه الحرية الإبداعية لفن القصة والرواية.. ولكن بعد سنوات الحروب والهزائم التى توالت على وطننا العربى ظهرت بعض الأفاعى الشرسة وأقصد بها الأحزاب السلفية والتى ظهرت وقتها وسيطرت على الإبداعات والحريات بالإضافة إلى أن هذه الهزائم جعلت كل إنسان عربى يهرب إلى ما يجده ملجأ يحميه ولكن الأغلب هربوا إلى الدين استغلوه بشكل خاطئ ومن هنا تصبح الدول تابعة لرقابات تفرض من هذه الجماعات التى دمرت حريات المبدع والفنون الأدبية بشكل عام والدليل ما حدث معى من خلال محاكمتي.


- وهل أثرت عليك تلك المحاكمة من الناحية الشخصية؟
عندما بدأت الدخول فى تلك المحاكمة شعرت بألم وكنت خائفة أن يتأثر أولادى بذلك لكننى عندما علمت أنهم أخذوا المسألة بصورة طبيعية ووقفوا بجانبى برغم من أنهم على درجة كبيرة من التدين رفع ذلك من معنوياتى كثيراً.. أما بخصوصي، فكنت قوية جداً واستطعت تحدى كل الصعوبات التى واجهتها ولم أرضخ لكل طلباتهم التى فرضوها على وبشكل عام أنا سعيدة بتلك المحاكمة لأنها دفعتنى لكتابة إبداع جديد وهو كتاب "المحاكمة" الذى وصفت فيه المعاناة التى تعرضت لها خلال محاكمتي.

- من وجهة نظرك.. هل هناك حدود لحرية المبدع؟
من المفترض ألا تكون هناك أية حدود للأعمال الأدبية وأنا مع أن يكون المبدع حراً فى التعبير عن آرائه وأفكاره يُطرح القضايا التى نعانى منها سواء السياسية أو الاجتماعية وأن تتمتع مجتمعاتنا بالقدر الكافى من الحريات الملائمة لها لكننى أيضاً من جانب آخر أتماشى وراء الحرية الملزمة، ولست مع الكتابة عن الجنس بصورة فاضحة.. وأنا أعرف صديقات كاتبات من مختلف الدول العربية يكتبن بشكل فيه حرية كبيرة لكننى فى بعض الأوقات أشمئز عندما أقرأ لهن فصولاً فى الجنس لأننى ضد العري، وذكر الفضائح الجنسية لمجرد تسويق الروايات.. ونحن ككتاب عرب نرتكز فى أعمالنا على ثلاثة أمور وهى السياسة والدين والجنس ولكن علينا أن نعالجها بشكل محترم وبأسلوب يتماشى مع مجتمعنا العربى وعندما نكتب عن الجنس بشكل خاص يجب أن يكون هناك دافع ومبرر واضح لهذه الكتابة.

- الحاسة السادسة :لماذا تهتمين بذكر الحواس دائماً فى تصريحاتك؟
المبدع عندما يكتب كل حواسه تتحرك معه حتى شم الرائحة لأنه أحياناً يشعر بتواجده فى تلك البيئة التى يكتب عنها وأنه يشم رائحة الأشياء الموجود بها بداخله فيستطيع أن يصفها بالشكل الملائم كل هذا إلى جانب حاسة الذاكرة والحاسة السادسة بمعنى أن الكاتب أثناء كتابته يتنبأ بأشياء من الممكن أن تحدث فى المستقبل ولا تكون موجودة فى الواقع الحالى الذى نعيشه.. وهذا ما حدث معى فى قصة "الجنية" حيث إننى توقعت فيها حدوث الحرب العراقية الإيرانية قبل أن تبدأ وذكرت أن هذه المنطقة سيشب بها حريق ولم يضم أحد قبل هذه الرواية حتى لم يتفهموا لمثل هذه الأمور، وارتكزوا على أننى أتنبأ بالغيب ولم يضعوا فى اعتبارهم أن مثل هذا التنبؤ ما هو إلا تصور منى اتجاه قضية أطرحها من وجهة نظرى الشخصية كما أنهم ابتعدوا تماماً عن جماليات الكتابة المتميزة الموجودة فى هذه القصة.

-لماذا تمثل كتابتك اختراقاً لمجتمع محافظ والذى يعتبره البعض نوعاً من التغريب أو الحرية الزائدة؟
كتاباتى تعتبر متمردة لأنه ليس هناك من يتمرد ولم أجد من يساعدنى فى هذا التمرد خاصة من النساء الكاتبات لشعورهن بالخوف بالإضافة إلى أننى عانيت كثيراً فى رواياتى الأولى "امرأة فى إناء" عام 67 وأخرى بعنوان "يوميات الصبر والحرم" عام 96 لأننى كنت صريحة فى كتابتى اتجاه بعض القضايا والأمور السلبية الموجودة فى مجتمعاتنا العربية.. وبشكل عام الإنسان إذا أراد تحقيق حلم فى مخيلته لا بد أن يضع أمامه المتاعب وليس المتعة والشوق للكتابة.
العنف الأبوي

-اتهموك بأن أبطال قصصك ورواياتك يعيشون حالات كثيرة من العنف.. فما تعليقك؟
أنا دائما أشير إلى العنف فى رواياتى وقصصى نظراً لأنه كان جزءآً من طفولتى لأننى عانيت من العنف الأبوى والمجتمعى وأيضاً النفسى والجسدي.. ومن هذا المنطلق أردت أن أوضح كل ما تعرضت له من عنف والآثار الناتجة عنه سواء الجسد أو الروح.. وفى بعض الأحيان لا بد من ذكر العنف فى الروايات والقصص حتى يستطيع الكاتب الوصول إلى حلول للقضايا والمشكلات المطروحة بالإضافة إلى أن الذكورية الشرقية والتصلب والقهر الموجود فى مجتمعنا العربى لا يجب أن أتجاهله وأوضحته فى معظم كتاباتى لأنى كما قلت عانيت من هذه الأشياء فى طفولتى حتى أننى ذكرت فى روايتى "فتحية تختار موتها" مدى العنف الذى تعرضت له الطفلة من والدتها والذى أدى بها فى النهاية إلى الموت، أوضحت أيضاً كيف من الممكن أن تفكر البنت فى الموت فضلاً عن أن تعيش مع والدتها لشدة قسوتها عليها.

-هل تهتمين بالنقد؟
لا .. لأن النقاد الموجودين الآن على الساحة الأدبية لا يتفهمون المعنى الحقيقى للنقد ولم يدرسوه دراسة علمية وكل ما يفعلوه أنهم يقرأون الكتاب دون أن ينظروا للبعد الفكرى والمضمون الأدبى المقدم فيه وبعدها يبدأون استعراض الكتاب بشكل باهت وسطحى وأنا أحب الناقد الذى يدخل فى الكتابة عن رواياتى ويكون متخصصاً ويعلم تماماً ما يكتبه ولكن للأسف كل الناس فى جميع التخصصات أصبحوا يكتبون انتقادات موجهة لكبار الأدباء دون أن يعلموا سلبيات ما يفعلون وبشكل عام كل اهتمامى أثناء كتابتى لأعمالى الأدبية ينصب على القارئ ليس إلا.

-وماذا عن جائزتك التى تقدميها باسمك؟
تقديمى لجائزة باسمى راودتنى عندما شعرت بمدى التفاعل والنهوض الذى ظهر على الأدباء الشبان بعدما تبنيت رابطة الأدباء ورعاية منتداهم المعروف باسم منتدى المبدعين الجدد فى المجالات الأدبية المختلفة.. والأسباب التى جعلتنى أخصص الجائزة للقصة القصيرة فقط هى أن أصنع نوعاً من التنافس الشريف بين الشباب الواعد وأن أشجع من يكتب القصص القصيرة بشكل متميز وبأسلوب صحيح.. والجائزة قيمتها ثلاثة آلاف دولار تمنح كل سنتين ..وتمثال قام بصنعه أهم نحات عالمى وهو سامى محمد، وأيضاً شهادة تقدير يوجد عليها توقيعي.. وقد حصلت على الجائزة فى شهر ديسمبر الماضى استبرق أحمد وهى شابة كويتية عن مجموعتها القصصية "عذوبة الضوء".

-هل لديك جديد؟
هناك مجموعة قصصية بعنوان "ليلة القهر" سوف تصدر قريبا ورواية أخرى بعنوان "صمت الفراشات" .