عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2021, 11:20 PM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: ما هو أعظم اختراع عرفناه؟!
لماذا؟*


مقالة متينة متانة موضوعها، فالاختراع والابتكار والتجديد والابداع كلها *تصب في خانة الإنسان وجميل مساهمته في هذه البسيطة المعقدة.*

السؤال "لماذا" أرسلني إلى سؤال ليبنتز حيث تساءل: "لماذا هناك شيء بدل اللاشيء؟" هذا السؤال أثار الكثير من المداد رغم أن صاحبه أجاب بقولة الغزالي ليس بالإمكان أفضل مما كان. ولأن هذا السؤال تناوله أيضا هايدغر *ويعتبر إلى حد ما خلاصة فلسفته الوجودية. فالسؤال "لماذا" له هذه الصبغة الوجودية ويتخطاها أيضا إلي المجال المعرفي.

قد يكون لماذا سؤالا مقلقا عند الوجوديين عامة، لكن ما يجعله مغريا أكثر هو تلك السببية التي يحملها، فعندما تسأل "لماذا" فضمنيا تؤمن بالوجود، تؤمن بأنك في وضع معين ولماذا هذه بقدر ما هي سؤال عن علة الوضع كسؤال مرتبط بما هو قبلي تقهقري، فهي في الوقت ذاته حيرة و تعبير عن رغبة في تجاوز الوضع الحالي، وسؤال لماذا، يجعل الإنسان يبحث عن المعرفة، لتجاوز مكمن الخلل.

رغم حيوية اللماذا هذه، التي تعبر عن الانتقال وتسكنها الغائية، وتبحث عن القول الصادق من خلال الاستدلال، فليس هناك ما يجعلها تفوق سؤال الكيف الذي تتولى العلوم التجريبية وحتى الإنسانية الجواب عنه. لذلك يمكن استعادة السؤال الأول، ومعه نرجع للمربع الأول، ماهو أكبر اختراع حققته الانسانية؟ فاستعادة السؤال مكسب حقيقي، وذلك يجعل المعرفة تتقدم الوجود ليس زمنيا وعليا وإلا سقطنا في صلب لماذا التي أسألت الكثير من المداد، بل فقط لكون الوعي يتجدد بالسؤال ويحقق الوعي وجودا حقيقيا، عادة لا أجيب إجابة قاطعة في الأجوبة الفلسفية، لكن الجواب يسهم في تحقق الانتقالات، فلكي تصعد سلما وجب الهبوط عند درجة معينة من الوعي لكي يستطيع الذي يأتي بعدك الانطلاق منها. وهكذا تتحقق تراكمية المعرفة وتدفقها. فالذي يترك المجال بلا جواب كأنه سقط في العدم، ولأننا موجودون وغير معدومين فلنا أن نجيب لنحقق للسؤال معنى. وإلا ما جدوى السؤال إذا لم يحفز على الجواب!

*في رحلة البحث عن الجواب تحتاج إلى شيء يجعلك تعي وتفهم عالمك ووضعك وهذا الشيء لزاما هو أعظم استكشاف، حققه الإنسان، حين نحصر هذا الشيء في لماذا سنكون أمام أجوبة من مثل: العقل، البرهان، العلية. ولا يجحد أحد مساهمة هذه الإجابات في تطور الوعي البشري، لكنها رغم ذلك لا تشكل اللبنة الأساس للوعي ولا تعد وعاء للمعرفة. لو استحضرنا تاريخ المعرفة وجدنا أنها شيء جماعي، حيث ساهمت العديد من الأمم والشعوب والأفراد في تشكلها، لذلك فالاستكشاف جماعي ولو أنه يتحقق في فرد معين، فهناك في الغالب الكثيرون الذين مهدوا للاستكشافات قبل أن تتبلور عند شخص كجواب. هل اقتربت من الجواب طبعا لن يكون جوابي خارقا، وإلا لست إنسانا ينهل من المعرفة كما تقدم نفسها، وساهم فيها الأفراد والجماعات، لذلك أقول إن أعظم استكشاف للإنسان هو اللغة وسأتوقف لكي أتيح للآخرين تطوير الفكرة والتفاعل مع لماذا؟*


تقديري.