عرض مشاركة واحدة
قديم 11-14-2011, 11:50 PM
المشاركة 39
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
والان مع الروعة في رواية :


الزمن الموحش

حيدر حيدر
الزمن الموحش , رواية الاديب السوري حيدر حيدر الصادرة في أوائل السبعينيات بعيد هزيمة حزيران عام 1967، شكلت انطلاقة جديدة للرواية العربية بعد الهزيمة باعتمادها تيار الوعي وتيار الوعي أسلوب يقدّم الشخصيات وأفكارها كما تطرأ في شكلها الواقعي العشوائي وهو تقنية تكشف عن المعاني والإحساسات من دون اعتبار للسياق المنطقي أو التمايز بين مستويات الواقع المختلفة وهو فن في وصف الحياة النفسية الداخلية للشخصيات بطريقة تقلّد حركة التفكير التلقائية التي لا تخضع لمنطق معين ولا لنظام تتابع خاص ,ويُجري المؤلف على هذا التيار عملية اختيار مبدئية واعية، إذ إنه لا يختار من عناصره سوى ما يتفق ومقتضيات روايته من حديث نفسي أو رؤية أو حلم، أو ملاحق، مثل مراثي إرميا أو بعض القصائد النثرية ـ . وقد يستند إلى تداعي الذكريات ثم الحلم في تقنية رصد تيار الوعي عند شخصياته.لم يكن حيدر حيدر في استخدامه تيار الوعي في رواياته مقلّداً رواد هذه النزعة في الغرب، ، بل كانت له سيرته الخاصة التي تطورت فيها هذه النزعة عبر روايات أربع الزمن الموحش، وليمة لأعشاب البحر، مرايا النار، شموس الغجر ففي روايته هذه (الزمن الموحش) يجري السرد بضمير المتكلم، فالراوي / السارد هو الشخصية التي تتحدث عبر تداعي الذكريات ثم الحلم في تقنية رصد تيار الوعي لتجاربها وتجارب الرفاق الآخرين في واقع التسكع والضياع الذي يعيشونه بين التنظير الأيديولوجي والخمر والنساء، حيث يتقاطع الصحو/ المحو: الارتطام بالواقع/ الضياع، الحلم/ انكسار الحلم. ويضع أسلوب تيار الوعي الحدث في المكان الثاني، لأنه يضع تقديم مدركات الشخصية وأفكارها في المقام الأول، وبذلك تتراجع الحبكة إلى المكان الثاني لتتقدم عليها التداعيات ورصد الرؤيا والحلم وتداخل صوت الراوي/ المؤلف مع صوت السارد/ الشخصية. إنها النقلة الأولى في تطور الرواية السورية تمت بعد هزيمة حزيران باستخدام أسلوب تيار الوعي.

==

الزمن الموحش
كتب أيمن قحف
في عام 1973 أصدر الكاتب الكبير حيدر حيدر روايته " الزمن الموحش " ، وبالنسبة لي أقتنيها منذ عام 1985 وأقرؤها بين الفترة والأخرى كاملة أو مقاطع منها وأصنفها بأنها " أهم ما كتب وما سيكتب !!...
في كل مرة أقف احتراماً لهذا الرجل العظيم ، الذي قرأ الواقع والتاريخ والجغرافيا والنفس الإنسانية ..
الرجل الذي يعيش اليوم على شاطئ " الوطى " في حصين البحر يصطاد السمك ويتأمل الدنيا وحيداً من الخلان ..
اليوم فقط أشعر أنا وصلنا حقاً إلى الزمن الذي تحدث عنه حيدر حيدر ، الزمن الموحش.

الزمن الموحش :
.... وكان أن جاء زمان عصيب لم نحسب له حساباً فيما مضى ، زمان تساوى فيه الحب والكراهية ، الابداع والغباء ، الانتهاز والثورة ، وفي ذلك الزمان الفاجع نمت الأعشاب الضارة وراحت تمتص جذور الخصب والحب. زمان شبيه حد المدية، وملايين البشر كانوا يعبرون فوق ذلك الحد ، وكان الكثيرون يخبون نحو الشمس المحرقة ، بينما كان آخرون يغربون باتجاه اللج ، وكانت الذاكرة وحدها المنجى من هلاك محقق ، وفي أي مكان من أرض العبور لو سألت العربي : إلى أين تمضي ؟ لأجابك : مع الريح !
.................................
كنا اثنين الآن ، وبيننا مسافة . انكسرنا إذن. كسراً لا جبر له .
ما عاد لنا غير هذا التابوت الليلي نتحرك فيه ننثر آخر المراثي ، ونرش روائح البخور..
نحن المحمولون اليوم لا الآباء ، النفوس افترسها ذل وانتهاك ، رجها رجها حتى صارت في لون الغرين. هشيم ، مساحة اندلعت فيها حرائق شاسعة عصية على الإطفاء.

راني غضب و غريب في ليل جهم . وأنت هنا . لا راحلاً ولا مقيماً. قائم بين السيف والنطع بعد أن لمع البرق أخيراً، شاطراً قوس قزح إلى ألوانه الأساسية .
تقف على مفترق الدروب الثلاثة : درب السد السائر فيه لن يرد . ودرب الحريق ودرب الغريق . وعليك أن تختار يا علاء الدين !

==
كانت المفاجأة أكثر من سارة لي عندما علمت أن الكبير حيدر حيدر ، رغم صداقته معالبحر وبعده عن الناس والتكنولوجيا ، قد قرأ المقتطفات والتقديم الذي ننشره فيسيريانديز عن "الزمن الموحش" ومقاربته في روايته العظيمة للزمن الحاضر...
ولعلما هو أكبر من المفاجأة هي أن حيدر حيدر نفسه "فوجئ " بما قرأه من أدبه العتيق وكيفينسحب في كثير من تفاصيله على واقعنا المعاش رغم أن الرواية عمرها 38 سنة !
يقوللي الكبير حيدر : أنا عندما أنجز الرواية وتنشر لا أقرؤها أبداً ، ولم أعد لقراءةرواياتي إلا في حالات خاصة مثل الجدل الكبير الذي حصل مؤخراً حول رواية "وليمةلأعشاب البحر " فاضطررت لقراءتها مجدداً.
ويضيف أنّ اتصالات كثيرة أبلغته بماينشره في سيريانديز مما حفّزه ليطلع على النصوص و دهشته هو الآخر لما خطه قلمه منذقرابة أربعة عقود.
أقول لحيدر: كأني أعيش الآن زمنك الموحش؟
يجيب: وأنا مثلكفوجئت بحجم الشبه بين أجواء الرواية وما يجري حالياً وأقدر لك حسن الاختيار، بالفعلإنه زمن موحش...!
وأسأله: هذا مؤشر على حجم وقيمة المثقف المبدع الذي يقرأالحاضر والمستقبل وأنتم ثروتنا الحقيقية، أليس من المعيب أن تمرّ أزمنة يلاحق فيهاالمثقفون وتمنع رواية مثل الزمن الموحش..؟!
يقول حيدر: صحيح، لقد منعت الزمن الموحش مرتين الاولى بعد نشرها بقليل وأتيت إلى وزير الإعلام المرحوم أحمد اسكندرأحمد فقرأها وقال لي: لا أرى فيها ما يوجب منعها فقلت له: أصدر أوامركإذاً...
وبعد سنوات منعت مرة أخرى ولفترة طويلة إلى أن زرت رئيس اتحاد الكتابالعرب علي عقلة عرسان الذي ساعد في السماح بنشرها مجدداً...
ويستطرد حيدر: إن الرقيب يشبه الصياد الذي يتلطى في زاوية مهجورة لينقضّ على فريسته أو يطلق عليهاالنار والرقيب على الثقافة يقوم بنفس الدور فما قيمته إن لم يطلق النارعلينا...!!
أقول لحيدر الكبير: أحاول أن أكون بعقلية علمية ومع ذلك لا يمكنني إلا أن أقول عن الزمن الموحش أنها أفضل ما كتب وما سيكتب في الأدب العربي لأنها ملحمة بكل معنى الكلمة وهي رواية فيها من الشعر والشاعرية الشيء الكثير.
فيقول حيدر: من الضروري على الأديب أن يكون شاعراً فالشعر يمسك بمفاصل الحدث ويصل إلى عمق الأحداث وليس إلى ظاهرها، وكما تعلم فإن الكثير من الأطروحات الأكاديمية أنجزت حولرواياتي وآخرها كانت لطالب من لبنان صنّف فيها الزمن الموحش لأنها تنتمي إلى مابعدالحداثة، واعتبرها حالة مميزة في اللغة والجرأة مستخدماً وصف التطرف، وبالفعل تجرأتأن أهاجم وأتحدث عن الثالوث المحرم: الدين والجنس والسياسة لأخرج برواية حداثية كماوصفها الباحث، وفي الحقيقة أوافق على وصفه لي بالمتطرف وإن لم يكن بمفهوم هذاالزمان، فنحن - كمثقفين - لو لم نكن متطرفين لما وصلنا إلى هنا ولا استطعنا تشريحالعالم والحياة والتقاليد ولما استطعنا مهاجمة المفاهيم البالية المنحطة، التينضربها بهذا التطرف.
وهكذا عندما تلتقي بأناس مثلك سيقولون لك أنك تتحدث باسمهم،وعندما تلتقي بالناس التقليديين فسيتهمونك بخرق التقاليد والمحرمات. وكيف تمضي أيامك ؟
يقول الكبير حيدر حيدر : كما تعلم فإن أبناء جيلي من الأدباء رحل معظمهممن سعد الله ونوس إلى الماغوط وغيرهم ، وعندما أزور دمشق لا ألتقي أحداً فقط أزورابني ، وهنا في حصين البحر ألتقي الكثير من الناس ولا نتحدث أبداً في الأدب بل فيأمور الحياة ويسألونني عن رأيي في قضايا معينة فأجيب ..
أيمن قحف
(سيريانديز)

==
نبذة:
مثل سراب خادع يلمع فوق سهوب بعيدة... سراب يمتد ويمتد، هكذا يبدو الآن ركام حكايات "الزمن الموحش" شفافاً لامعاً، عصياً على اللمس، عصياً ربما على الإدراج، حكايات حيدر حيدر التي أفلتت في غروب يوم كئيب مع شمس دمشقية، تهوي بلا استئذان خلف قمة قاسييون الأجرد لتحكي زمن الفشل العربي... قصص تمتزج بالأسى... باللوعة... بالحزن...