عرض مشاركة واحدة
قديم 01-29-2013, 09:33 PM
المشاركة 4
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي الأديب وليم سومرست موم
وليم سومرست موم -2-

قلت له :هل أنت إنجليزي؟
- بالطبع هل تعتقد أنني أمريكيـًّي . أليس كذلك؟ أؤكد لكَ أنني إنجليزي من قمة رأسي إلى أخمص قدمي!
ولكي يثبت لي أخرج جواز سفره من جيبه بحركة سريعة, وقربه كثيرًا من عيني حتى كاد يلامس طرف أنفي. كان هذا الرجل قصير القامة , أسود الشعر تغطي وجهه سمرة خفيفة. يتكلم الإنجليزية بطلاقة وبأسلوب سلس, وكان لبقاً جداً في كلامه. . كان كل هذا يؤكد لي أني لو فحصت هذا الجواز الذي يقدمه لي بعناية لأدركت أنه ولد بأرض سماؤها صافية , تبعد كثيرًا عن إنجلترا ذاتها. وسادت لحظة من الصمت بددها الرجل يسؤاله :
- ماذا تشرب ؟
فنظرت إليه وقد تملكتني دهشة بالغة , فقد كانت الأوامر تحضر تقديم الخمر في السفن, وكنت متأكداً أن السفينة لا تحمل أيا ً من الخمور. إلا أن السيد "كلادا" لم ينتظر حتى أجيب , وإنما أضاف قائلا على الفور: "ويسكي" بالصودا ؟ .. أم مارتيني؟ ما عليك إلا أن تذكر الاسم فحسب.
وأخرج زجاجة صغيرة من كل جيب من جيوبه , ثم نادى الساقي , وطلب إليه أن يحضر كأسين وبعض الثلج , ثم قال لي بلهجة الواثق المطمئن:
- لا تهتم بالشراب عندي منه الكثير , وإن كان لك أصدقاء في هذه السفينة فأبلغهم أن رفيقك في السفر لديه كافة أنواع الخمور المعروفة في العالم..
لقد كان زميلي ثرثارًا , فقد تحدث كثيراً عن"نيويورك" و "سان فرانسيسكو" , وعن أفلام السينما ونقد المسرحيات , ثم أكثر في كلامه عن السياسة و الحرب. وكنت قد أزحت ورق اللعب جانبـا عندما جلس الرجل أمامي , غير أنه لما بدا حديثه الذي لا يكاد ينتهي وجدت نفسي أعود بحركة آلية إلى أوراقي أنسقها من جديد. وفجأة, سمعت السيد "كلادا" يقول:
- كلا , كلا . الأفضل أن تضع الثلاثة فوق الأربعة !
حقاً أنه ليس هناك ما هو أكثر إزعاجا للمرء من أن يحدثه إنسان بما يجب عليه أن يفعل وهو يلعب لعبة "الصبر" . ولهذا , فقد نحيت أوراق اللعب مرة أخرى , و قررت أن لا أعود إليها إلا بعد انصراف هذا الزميل الفضولي الثرثار . ولكن لشد ما أدهشني أنه أمسك بالورق وهو يقول:
- أتحب أن ترى بعض العاب الورق السحرية ؟
فأجبته قائلا وقد تملكني الغيظ :
- كلا فأنا أكرهها !
- بل سأريك واحدة منها , ولا شك في أنها ستعجبك.
وسرعان ما قرن القول بالعمل , فأراني ثلاثا منها في سرعة البرق ! ولما قلت له إني ذاهب إلى غرفة الطعام لأنتقي مقعدًا مناسبا لي , صاح قائلا في حماس ظاهر :
- لا داعي لأن تتعب نفسك , فقد اخترت لك بنفسي مقعدًا , لأننا نقيم في مقصورة واحدة , فعلينا أن نجلس معـًا إلى مائدة واحدة

يتبع……