عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2011, 10:40 PM
المشاركة 10
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



فلنؤمنْ بحلول الفصل البارد


(ج 3)



سلاماً أيها الليل المعصوم‏


سلاماً أيها الليل، يا من تستبدل عيون ذئاب‏


الصحراء‏


بحُفَر من عظام الإيمان والثقة


وعلى ضفاف أنهارك، ثمة أرواح الصفصاف‏


تشمُّ أرواح الفأس الرؤوم


أنا آتية من عالم تستوي فيه

الأفكار والكلام والأصوات‏


عالم مثل جحر الأفاعي‏


عالم مليء بأصوات أقدام أناس‏


في لحظة تقبيلهم إيّاك‏


ينسجون في أذهانهم حبل إعدامك


سلاماً أيها الليل المعصوم‏


بين النوافذ والرؤية‏


دائماً ثمة فاصلة‏


لِمَ لمْ أنظرْ؟‏


مثل الزمن الذي عبر فيه رجل

من جنب الأشجار الرطبة


لِمَ لمْ أنظر؟‏


كأن أمي بكت تلك الليلة‏


تلك الليلة التي بلغت فيها وجعي‏


وانعقدت النطفة‏


تلك الليلة غدوت عروس عناقيد الأكاسيا‏


تلك الليلة كانت أصفهان

ملأى بإيقاع البلاط الأزرق‏


وهذا الذي كان نصفي عاد إلى نطفتي‏


وأنا أراه في المرآة‏


كالمرآة طاهراً ومضيئاً‏


ناداني‏


فصرت عروس عناقيد الأكاسيا


كأن أمي بكت تلك الليلة‏


ياللضياء العبثي المتلصص

في تلك الكوّة الموصدة‏


لِمَ لمْ أنظر؟‏


كلّ لحظات السعادة تعرف‏


أن يديك ستنهدمان‏


وأنا لمْ أنظر‏


إلى أن انفتحتْ نافذة الساعة‏


وغرّد الكناري الحزين أربع مرات‏


غرد أربع مرات‏


والتقيتُ بتلك المرأة الصغيرة‏


التي كانت عيناها مثل عشين خاويين‏


من السيمرغ - (2)‏


وكانت تروح هازّةً فخذيها‏


كأنها تقود بكارة أحلامي

العظيمة إلى سرير الليل


ترى هل سأمشط ضفائري في الهواء ثانية؟‏


ترى هل سأزرع البنفسج في الحدائق ثانية؟‏


وهل سأضع الشمعدانات في المساء وراء النافذة؟‏


هل سأرقص فوق الكؤوس ثانية؟‏


وهل سيأخذني جرس الباب ـ مرة أخرى ـ

إلى‏ انتظار الصوت‏



(2) السيمرغ: طائر أسطوري معناه بالفارسية الثلاثين طائراً، استخدمه الصوفية رمزاً دالاً على الذات الإلهية، كما (في كتاب منطق الطير) لفريد الدين العطار.‏


يتبع
.
.




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)