عرض مشاركة واحدة
قديم 01-01-2012, 02:24 AM
المشاركة 137
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
.... إحْدَى حُظَيَّاتِ لُقْمَانَ ....

الحُظَيَّة : تصغير الحَظْوَة بفتح حائه ، وهي المرماة* ،
قال أبو عبيد : هي التي لا نَصْل لها .
ولقمان هذا هو : لُقْمَان بن عادٍ ، وحديثه أنه كان بينه
وبين رجلين من عاد ، يقال لهما عمرو وكعب ابنا تِقْن
بن معاوية قتال ، وكانا رَبَّيْ إبل ، وكان لقمان ربَّ غنم
فأعجبت لقمانَ الإبلُ ، فراودهما عنها ، فأبَيَا أن يبيعاه ،
فعمد إلى ألبان غَنَمه من ضأن ومِعْزى وأنافِحَ من أنافح
السَّخْل ، فلما رأيَا ذلك لم يلتفتا إليه ولم يرغبا في ألبان
الغنم ، فلما رأى ذلك لقمان قال : اشْتَرِياها ابْنَيْ تِقْن ،
أقبلَتْ مَيْسا ، وأدبرَتْ هَيْسا ، وملأتَ البيت أَقِطاً وحَيْسا .
اشترِياها ابْنَيْ تِقْن ، إنها الضأن تُجَزُّ جفَالا ، وتُنْتَجُ
رِخَالا ، وتحلب كثَباً ثِقالا . فقالا : لا نشريها يا لُقْمَ ،
إنها الإبل حملْنَ فاتسقْنَ ، وجرَيْنَ فأَعْنَقْنَ ، وبغير ذلك
أفلتن ، يَغْزُرْنَ إذا قطن . فلم يبيعاه الإبل ولم يشريا
الغنم ، فجعل لقمان يُدَاوِرهما ، وكانا يَهابَانِه ، وكان
يلتمس أن يغفلا فيشدّ على الإبل ويَطْرُدها ، فلما كان
ذاتَ يوم أصابا أرنباً وهو يَرْصُدهما رجاء أن يصيبهما
فيذهب بالإبل ، فأخذا صفيحة من الصَّفا ، فجعلها
أحدُهما في يده ، ثم جعل عليها كومةً من تراب قد
أَحْمَيَاهُ فملَّا الأرنب في ذلك التراب فلما أَنْضَجَاها نَفَضَا
عنها التراب فأكلاها ، فقال لقمان : يا ويله أَنِيئةً أكلاها ،
أم الريح أَقْبَلاهَا ، أم بالشِّيح اشتَوَيَاها . ولما رآهما لقمان
لا يغفلان عن إبلهما ، ولم يجد فيهما مطعماً لقيهما ومع
كل واحد منهما جَفير مملوء نَبْلاً وليس معه غير نَبْلَين ،
فخدعهما فقال : ما تصنعان بهذه النبل الكثيرة التي
معكما ؟ إنما هي حَطَب ، فوالله ما أحمل معي غير
نَبْلَين ، فإن لم أُصِبْ بهما فلستُ بمُصيب ، فعمدا إلى
نبلهما فنثَراها غير سهمين ، فعمد إلى النبل فحواها ، ولم
يُصب لقمان منهما بعد ذلك غِرَّة ، وكان فيما يذكرون
لعمرو بن تِقْن امرأة فطلقها ، فتزوجها لقمان ، وكانت
المرأة وهي عند لقمان تكثر أن تقول : لا فَتَىً إلا عمرو ،
وكان ذلك يَغيظ لقمان ، ويسؤه كثرة ذكرها ، فقال لقمان :
لقد أَكْثَرْتِ في عمرو فوالله لأقتلنَّ عمْراً ، فقالت : لا تفعل .
وكانت لابني تِقْن سُمرة يستظلَّان بها حتى ترد إبلهما
فيسقيانها ، فصعدها لقمان ، واتخذ فيها عُشَّاً رجاء أن
يصيب من ابنيْ تِقْن غِرَّة ، فلما وردت الإبل تجرَّد عمرو
وأَكَبَّ على البئر يستقي ، فرماه لقمان من فوقه بسَهْم في
ظهره ، فقال : حَسّ ، إحدى حُظَيَّات لقمان ، فذهب مثلاً ،
ثم أَهْوَى إلى السهم فانتزعه ، فوقع بصره على الشجرة ، فإذا
هو بلقمان ، فقال : انزل ، فنزل ، فقال : اسْتَقِ بهذه الدلو ،
فزعموا أن لقمان لما أراد أن يرفع الدلو حين امتلأتْ نَهَضَ
نهضةً فَضَرَط ، فقال له عمرو : أَضَرَطاً آخِرَ اليوم وقد زال
الظهر ؟ فأرسلها مثلاً . ثم أن عمراً أراد أن يقتل لقمان ،
فتبسَّم لقمان ، فقال عمرو : أَضَاحِكٌ أنْتَ ؟ قال لقمان : ما
أضحك إلا من نفسي ، أما إني نُهِيتُ عما ترى ! فقال :
ومَنْ نهاك ؟ قال : فلانة ، قال عمرو : أَفَلِي عليك أن
وَهَبْتُكَ لها أن تُعْلمها ذلك ؟ قال : نعم ، فخلَّى سبيله ، فأتاها
لقمان فقال : لا فَتىً إلا عمرو ، فقالت : أقد لقيته ؟ قال :
نعم لقيته فكان كذا وكذا ، ثم أَسَرني فأراد قتلي ثم وَهَبني
لك ، قالت : لا فتىً إلا عمرو .
يضرب لمن عُرِف بالشر ، فإذا جاءت هَنَةٌ من جنس أفعاله
قيل : إحْدَى حُظَيَّات لقمان ، أي أنه فَعْلَة من فَعَلاته .

* هي سهمٌ صغير قدر ذراع