عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
4609
 
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي


رقية صالح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,577

+التقييم
0.50

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8808
10-04-2010, 06:52 PM
المشاركة 1
10-04-2010, 06:52 PM
المشاركة 1
افتراضي ألبير كامو Albert Camus 1913 – 1960
ولد الروائي والكاتب المسرحي الفرنسي ألبير كامو في مندوفي بالجزائر في السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1913، لأب فرنسي مزارع، وأم إسبانية. وكان ما يزال رضيعاً لم يتم السنة الأولى من عمره حين قضى والده بشطية قنبلة أثناء الحرب العالمية الأولى. فقررت الأم البقاء في الجزائر، وأخذت تخدم في البيوت المجاورة لتعيل نفسها وابنها، الذي كان شعلة من الذكاء.

اكتشف لويس جرمان، أستاذ كامو في المدرسة الثانوية، أن هذا الشاب يمتلك موهبة في الكتابة، فساعده في الحصول على منحة دراسية ليدخل الجامعة، وهناك التقى بالأستاذ جان غرونيه، الذي أخذ بيده وعمل على توجيهه.

ورغم إصابة كامو بداء السلّ إلا أن ذلك لم يمنعه من مواصلة دراسته في الجامعة، كلية الفلسفة. وفي نفس الوقت كوّن فرقة مسرحية صغيرة كان أكثر أفرادها من عرب الجزائر، وأخرج للمسرح روايات عدة، منها(عهد الاحتقار)، لأندريه مالرو و(الأخوة كامازوف) لدستويفسكي.

نال كامو شهادة الليسانس في الفلسفة، وفاز بدبلوم الدراسات العليا. وكان أثناء دراسته يعمل في مهن متعددة ليعيل نفسه ووالدته. وفي العام 1933 تزوج ثم طلق في العام التالي، وانضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي في العام 1935 ، لكنه عاد وترك الحزب بعد عام من انتمائه إليه. ثم قرّر أن يقوم برحلة كبيرة شملت إسبانيا وإيطاليا والنمسا وتشيكوسلوفاكيا، أنفق فيها كل ما ادّخره من وظائفه المتواضعة.


وعاد إلى الجزائر، البلد المحتل، ليشعر بمدى الشقاء والحرمان الذي يعيش فيه العرب، فشرع يكتب عن جور الاستعمار الفرنسي في جريدة(الجزائر الجمهورية). وشعر أنه ليس في المكان الذي يستطيع أن يحتمل أفكاره ومعتقداته فرحل إلى باريس، وتزوج من جديد.


عمل كامو في باريس سكرتير تحرير جريدة(باريس المساء)، وأتيح له كتابة ما يراه صائباً، وانفتحت أمامه مجالات الثقافة والفن، ومع ذلك كان يشعر بالغربة في مجتمعه، وكان يحن دائماً إلى الجزائر. وحين اندلعت الحرب العالمية الثانية، قرّر أن يقوم بواجبه الوطني، فحاول الانخراط في الجيش، إلا أنه رُفض بسبب سوء حالته الصحية، فعاد ليكتب في جريدة(باريس المساء) ولكن من (كليرمون فران)، إذ أن باريس كانت تعيش جحيم الحرب، وبعد أن اجتاحتها ألمانيا النازية.


وفي العام 1942 أصدر روايته (الغريب) وهي قصة فلسفية عبثية تتناقض تماماً مع مبادئه السياسية العلنية في ذلك الحين. وكانت هذه الرواية سبباً في ذيوع صيته وانتشار اسمه. وكان يشارك مع رفاق له في إصدار نشرة سميت (كومبا) وكانت توزع بشكل سري. ولما تحررت باريس، تحولت النشرة إلى صحيفة يومية بنفس الاسم، وأضحى كامو سكرتير تحرير لها، وكان يعاونه في التحرير صديقيه مارسيل بيا وجان بول سارتر.


لكن كامو عاد وتخلّى عن الصحيفة بعدما وجد أنها تأخذ منحى مختلفاً عن مبادئه، وأنها أضحت تنطق باسم الرجعية والاستعمار ما أثار حفيظة سارتر الذي أخذ يهاجمه، وهنا تبدو الحقيقة لعيني كامو، فقد كان مفطوراً على الصدق والصفاء والنبل والأمانة، فانصرف إلى الإبداع الأدبي، حيث نشر روايته الثانية(الطاعون) في العام 1947، وهي ترمز بالطاعون إلى مأساة الإنسان الحديث بتصويره ذلك العبء من لظلم والألم والموت الذي يثقل كاهله.


أما روايته الثالثة (الإنسان المتمرد) التي نشرها في العام 1951، فقد كانت كافية لتقطع كل ما تبقى من حبال المودة والصداقة بينه وبين جان بول سارتر، فقد جاءت الرواية لتحلل ظاهرة الثورة انطلاقاً من أفكار تقف بالتناقض مع ما كان سارتر يرتأيه ويؤمن به، ثم كانت روايته (أسطورة سيزيف).


وفي العام 1957 نال ألبير كامو جائزة نوبل للآداب، وفي العام نفسه نشرت مجموعته القصصية (المنفى والملكوت)، وكانت تعبيراً فنياً ناجحاً عن فكرة العبث. وكان كامو يكتب للمسرح بين الحين والآخر، فكتب (كاليغولا) في العام 1938 وقدّمت على المسرح عام 1945، وتتحدث عن الإمبراطور الذي استباح لنفسه كل شيء بعد وفاة حبيبته، ثم (العادلون) في العام 1949 . والعادلون برأي كامو هم أولئك الذين لا يرضون بعالم أصبحت الحرية فيه امتيازاً لشعب دون آخر، لأن الحرية في رأيه حق كل فرد في كل شعب، " ... والحرية نفسها تصبح سجناً ما دام على وجه الأرض إنسان مُستَعبَد".
وقد لاقت هذه المسرحية نجاحاً ملفتاً. ثم (سوء تفاهم) و(حالة حصار).


أما مقالاته السياسية، فقد جَمَع الكثير منها وضمنها في كتاب واحد، احتلت 32 صفحة منه القضية الجزائرية، فيقول:

(... إن نفوس الفرنسيين مليئة بالحقد، وهو حقد أسود أرفض أن أشارك فيه).

أما أطول مقالاته في الكتاب فكان (آراء في عقوبة الإعدام)، ويصف فيه ما يعانيه المحكوم عليه قبل تنفيذ الحكم، ثم يتهم المجتمع بأنه هو المسؤول عن كون المجرم قد أجرم.


كان كامو يصور الأحداث بأمانة ودقة، وكان يسبغ على إنسان عصره حبه وإشفاقه وحنانه. وكان شديد التواضع، قوي الحجة، عذب الحديث، متمسك بمبادئه. وقد تألم كامو وعانى في طفولته وصباه، لكنه عرف أيضاً المجد والشهرة، ونَعِمَ بحياة زوجية سعيدة ورزق طفلاً وطفلة، وآثر الإقامة في باريس، مركز الإشعاع الفكري، رغم حنينه الدائم إلى الجزائر، حيث طفولته وصباه، وحيث بقيت أمه تعيش، "أمي التي أحبها أكثر من أي إنسان في الوجود".


كان يخطط للسفر إلى الجزائر لرؤية والدته، "لو خُيّرتُ بين العدالة وأمي، لاخترت أمي"، لكن الموت كان يترصد له. ففي الرابع من كانون الثاني/ يناير 1960 توفي الكاتب الإنساني ألبير كامو عندما اصطدمت سيارته بجذع شجرة وهو يتحاشى عربة نقل، تاركاً وراءه زوجة محزونة وطفلين، وأم تذرف الدموع بعيداً في مكان آخر.

المصدر:

(موسوعة المعارف العامّة – الأدب – ندى جميل اسماعيل)

المركز الثقافي اللبناني.

www.Iccpublishers.tk