عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
12

المشاهدات
6295
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
12-14-2010, 01:42 AM
المشاركة 1
12-14-2010, 01:42 AM
المشاركة 1
افتراضي حروف يتيمة.... لروحك أهديها
حروف يتيمة ... لروحك أهديها

هي مجموعة من الأسئلة التي لا أملك لها إجابات يقينية .. أحاول عبثا استكناه ما تريده من إثارة البلبلة في أرجاء روحي المتعبة
و في كل مرة تمنحني بحضورها المشاكس بعضا من الفرح الجالب للفوضى ،يشبه ما تحدثه طقوس إقامة حفل زفاف في بيت جدي العتيق القائم في قلب دمشق .
أو تشبه أيضا الجلبة المثارة في ليلة العيد ، حيث قطع الأثاث تتجول في غرف المنزل ريثما تحصل على أمكنتها المناسبة .
أو أحيانا السهر انتظارا لقدوم الأحبة من أصقاع بعيدة.
و لا أدري لماذا تكون أكثر حضورا عند الغياب القسري لأحد هؤلاء الأحبة برحيل نهائي؟
تسائلني روحي: لماذا عندما أكون متعبة أحتاج أن أكتب لك ؟
لمَ يجتاحني الحنين إلى زرع حروفي التي لم تخطها أصابعي بعناق قلم ، و إنما خطتها بكف مفرودة على لوحة المفاتيح؟
فأنت تعرف أنني خاصمت القلم لاعتبارات كثيرة منها حقوق مواطنتي في هذه القرية الكونية .
و منها أيضا إصرار أوتار يدي على التمرد المرضي لتعلن عصيانها إرادتي فأحتال عليها بلوحة المفاتيح حيث تجد دوما كلماتي طريقها إلى النور .
أوزع شوقي على مربعات الأحرف،لأنتقي لك منها الحروف الأجمل.
كثيرا ما تكون مملوءة اشتياقا ، و حنانا ،و...أشياء أخرى .كلها من تكاوين القلب و ما يمكن أن يمت لها بصلة حتى لو كانت واهية أو مختلقة..!
أزرعها / كلماتي/ عند حدود مقلتيك ، لتنعم بنظرة عينيك.
و لأنها مشاغبة مثلي- بالعدوى -تبعا لأعراض أنفلونزا المشاكسة التي غزت كريات دمي و استوطنتها دون أن أكتشف لها المصل المضاد الذي يبرأني منها، فإن كلماتي لا تقنع بمكانها في حدقات عينيك و تحتال كي تتخطى الحواجز و تجري مع الدماء و الأوردة . تتسلل على رؤوس أصابعها لتتخذ مكانها في شرفة القلب
و عندما تنظر من الخارج إلى أبهائك الفسيحة تنتابها الحسرة فلا تلبث أن تتسلل إلى باحة روحك بخفة اعتادت عليها ، تداهم الماكثين في عمق قلبك و الماكثات ، يبهتون لرؤيتي برهة ثم يستأنفون حفل الرقص الجنوني و أنا معهم..!
و هنا الجنون لا يتلون بالدرجة البرتقالية فقط، و لا يرتفع إلى الدرجة السادسة عشرة ،بل يخترع سدرة ما بلغها أحد من قبل و لونا هو الوردي بكل تكويناته و تدرجاته و عجائنه اللونية
و احتفاء بجنون في ردهات قلبك و ممراته و غرفه و تكاياه و زواياه
يطيب لي شرب قهوة ما أحببت يوما منها إلا الرائحة ...
و بوقارك المعتاد تسألني عن ماهية الحب الذي يخطر في جوانحنا كلينا ..
لا أقتعد الأرض متربعة كهندي فقير يرتدي الساري الأحمر البسيط و يغرق في تساؤلاته ،و لا أكون أيضا مثل كاهن بطيلسانه الأسود يتربص باعترافاتي وراء الستار ، و لن أكون رجل المنصة ببدلته الأنيقة و مصطلحاته الرنانة و البراقة .
بكل بساطة سأكون أنا نفسي ،مع أنني أثق تماما أن كينونتي شكلتها ذوات أُخر على مدى الزمان، و استخلصتها من دساتير الفقهاء ،و نظريات العلماء، و الارتحال في الماوراء..
لكنك.. ستتعرفني من خلال البصمة الأكيدة التي تميزني عن غيري.. بصمة الروح!
تسألني عن ماهية هذا الكائن الذي نما بيننا ..؟ و كيف ولد؟
ولد بالبساطة التي تتم بها حياكة ثوب بما يستلزمه من تفصيل القماش و خياطته و بصعوبة بناء مفاعل نووي بما يتطلبه من الحصول على مواد محظورة و مرورا بتخصيب اليورانيوم و انتهاء بالصراع مع الكبار.
له طعم ألذ من عصير بارد في ظهيرة صيفية قائظة على كبد ذي غلة صادٍ، لكنه مر كطعم فقدان الوالدين ليلة العيد.
هو عزيز كالوطن.. و مستباح أيضا كالوطن !!
هو كائن يحتوي في داخله على تناقضاته، و على أسباب موته أيضا !
و من أجل هذا لم يشأ في تقديمه لنفسه أن يورط جميع حروف الأبجدية فاختصرهما في حرفين متقاربين لا يقطعان مسافة طويلة ليلتقيا و يشكلا نسيج كلمة...
لذلك لن *"
أشنق الطريق يوما ما" في سبيل الوصول إليك
و لن أضيء الشموع**" ليلة السهر على جثمانك"
ولا حتى ***"سأرتدي الأحمر حدادا عليك"
لأنني ببساطه تماهيت فيك حتى النخاع
و ارتحالك من صقع إلى آخر، من عالم إلى آخر يعني ارتحالي بما يتضمنه من معنى أن تكون هي الرحلة الأخيرة




* يوما ما سـأشـنق الطـريق : عنوان نص للأديبة الليبية انتصار حسين
** ليلة السـهر على جثمانك : عنوان نص نثري للأديبة الليبية جليلة وريث
*** سأرتدي الأحمر حدادا عليك : عنوان نص للأديبة السورية جنى محمد
شــــكرا لهن