عرض مشاركة واحدة
قديم 04-29-2013, 12:35 AM
المشاركة 4
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الشعبوية



لم يحدث أن تبوأت الشعبوية ما وصلت إليه في الأعوام الأخيرة ، إن تحدثنا عن الصحافة المكتوبة خاصة وحتى المرئية منها والمسموعة فالملاحظ هو سيطرة الشعبوية على منتوجاتها ، فالبرامج الأكثر مشاهدة والجرائد الأكثر مبيعا والأعمدة الأكثر قراءة شعبوية بامتياز ، حيث تغيب فيها الرؤية العلمية العملية الأكاديمية ، بل تضرب الأخماس في الأسداس ، إن كانت المقاولة الإعلامية لديها من الأسباب ما يجعلها تنحو منحى الشعبوية وقد تحررت الصحافة من قيود التوجيهات الحزبية و تفتح الفضاء مولدا قنوات عديدة ، وانتشر الفضاء الإليكتروني في وجه العموم وكل يمارس الإعلام حسب قدراته ومفهومه و حتى نزواته ، فتأسس جمهور إعلامي جديد ينتج ويستهلك هذا الكوكتيل الشعبوي ، فإن هذا التغيير الإعلامي أثر بشكل رهيب على السياسة والاتجاهات السياسية ، فأصبحت محورة الكلام "بفتح الميم وتسكين الحاء" و الاجتهاد في الهزل ، و ترميم الخطاب ببعض الزلات اللسانية و تلوينه برشات عبثية ميزة التجمعات الخطابية السياسية .
احتراف الأسلوب الشعبوي انعكاس صارخ لما يموج في المجتمع ، والأغرب هو عدم الرضا من الجميع عن هذه الشعبوية المفرطة ، خصوصا أنها أنتجت جيلا ثائرا بلا مؤسسات ثورية ، بل جيلا يمارس الثورة بأساليب شعبوية ، غير مؤطرة ولا تستند إلى رؤية واضحة ومؤسسات صلبة ، في الوقت ذاته نرى الجميع يمارس ويستحسن هذا الأسلوب الذي تنسجه الألسن بسلاسة ومرونة وتستقبله الآذان بحفاوة ، وتصفق له الأيادي والرؤوس صاعدة هابطة إعجابا بكبير الشعبويين ، علما أن الخطاب الشعبوي رغم طول مدته ، واستفاضة عرضه ، لا يحتوي جملا مفيدة ولا سياسة رشيدة ولا منطقا سليما ، بل أحلام واعتراضات و سخرية ومزيج من كل ألوان الطيف يدغدغ العواطف ، ولا يحرك العقل ، فينتهي العرض لتحس بانشراح وتعود إلى المضمون فتجده غائبا ، مع استهلاك الخطاب الشعبوي نفقد كثيرا من نسق التفكير فتتملكنا الشعبوية وننخرط في الدوامة مع الخائضين .
المميز أن أغلب الأحزاب " على الأقل في بلادي " اختارت كفاءات شعبوية لإدارة هذه المرحلة الحساسة في تاريخ الشعوب ، هذه الفترة الانتقالية التي ينبغي أن تؤسس لمرحلة نمو و تنمية و تحقيق قفزات ومعجزات لتدارك الهوة بيننا والشعوب المتقدمة .
ترى هل الشعبوية المقرونة بالعشوائية تستطيع أن تمنحنا ما نصبو إليه أو تهوي بما تبقى من الآمال و تجعلنا هدفا سهلا لكل قوى الاستكبار العالمي .