الموضوع: حلم الأمس
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-27-2012, 12:43 PM
المشاركة 9
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اقتباس " ليلة السبت التاسع عشر من مايو ، اسْتَيقظتُ من نومي من بعد سُباتٍ عميق ، لم تَكن الرؤيا واضحة لم أستطعْ أن أتَكَهّنْ مكاني ،ما أعْلَمُه فقط أني فتحتُ عينيْ على ظلامٍ دامِسْ ، ساعات اختلطتْ فيها رؤى أحلامي ، لم يكن ثِمة علامة أستدلُّ بها على الوقت ، جلستُ في الفراش بلا تَرَدّدْ لأتغلّب على إغراءِ النوْم ، هكذا هي عادتي ، وبحركة تلقائية تَمَغّطّت ورفعت بيديْ إلى الخلف كيْ أنْفض عني التكاسُل ، طَقْطَقْتُ أطراف أناملي الناعمة ..وصارَ فَكِّي يُطَقْطِق بطريقة غير مُنتظمة ، ثم وضعتُ أصابعي على فمي وأنا أسْمع نغماتٌ مُتقطّعة وتَأَوّهاتْ تخرج من نَبرات صوتي .. وكأني قد عُدتُ من رحلةٍ طويلة ..!
جلستُ في الفراش كعادتي دون تردّدْ ، وتربّعتُ لأتغلّب على إغراء النوْم الدّافئ انْزَلَقْت من تحت الغطاء ثم عدتُ إليه وكأني حائرة في أمري..!
أخذتُ أتَفقّدْ الظلام وأنظرُ إلى الخلف وكأني أبحثُ عن نفسي ..وأستعيد ذاكرتي، نزلتُ ثانية من سريري ،وأخذتُ أتَلَمَّسْ الطريق إلى أن اصْطَدَمتُ بجدار حُجْرتي بَسْمَلْت ،ثم ضَغَطتُ على أزْرار الإنارة ..المُثبّتة على الحائط، وأخذتني خُطايْ للحمّامْ ، ثم فتحتُ صُنْبورُ الماء وبدأَ خَريرُ الماء يتكاثَف و أصواتاً تخرجُ منه كما النايْ، اغتسلت و خرجت وأنا أحمل فوطة وجهي ، فتحتُ الباب بكل ما تبقّى لي من قوّة وانْخَرَطْتُ في المشي دون أي تفكير مني ،إيقاع مُتنافرْ؛ فيه زَعيق مُتفاوتْ بين الشوارع ..و الأرْصفة ، وكلماتٌ لم تخطر على بالي ، عندما فتحت النافذة المُطِلَّة من صالة الجلوس ،نظرت للسماء والأرض و تأملت معالم المدينة التي أسْكنها؛ أُناس ؛ يمشون، ..و يتزاحمون، أما البنايات الشاهِقة... تَفوقُ حَدّ البَصرِ ، يعكُسها زجاج حاجِب للرؤية ،أي مدينة هذه التي من حولي !
ما زلت في حيرتي أبحثُ عن نفسي في ذاتي عن وجودي ، إني أسمع نبضات قلبه وقلبي..
لا أعلم إلى أين ستقودني تلكَ الأحداث والأحلام الغريبة !
ولا كيف صرتُ على ذاك الحال ؟
و كأني قد نمتُ نومة "أهل الكهف" !
لا أعلم كيف سأخرج من هذا التيه وأعود لطبيعتي ! ..

اتفق مع الاخوات والاخوة الذين سبقوني في مداخلاتهم بأن الاستاذة خولة تمتلك قدرة فائقة على السرد الجميل، ولها اسلوب مشوق، ونصوصها تنبض فيها الحياة ، وسر ذلك انها قادرة على حشد كم هائل من المحسنات مثل الحركة، وتسخير التناقض، والالوان، والاعداد، والتشخيص والكثير من المشاعر مما يجعلها خبيرة في كتابة النصوص ذات البعد النفسي حتما كما يقول الاستاذ محمد غالمي، وهو ما يؤثر على عقل المتلقي ويجذب انتباهه واهتمامه.

ويبدو انها تميل الى كتابة القصص الواقعية لكنها وكأي امرأة شرقية تلجأ الى فلسفة حبكتها فتظهرها على شكل حلم لتعطي لنفسها مساحة تقول فيها ما تشاء، وهذا هو النص الثاني هنا الذي تلجأ فيه للتعبير عما يجول في خاطرها عن طريق تصويره على شكل حلم.

لكنني اود ان اشير بأن الاستاذة خولة تحتاج لتحسم امورها قبل ان تمسك قلمها حول النمط الادبي الذي تريد ان تكتبه، هل هو قصة قصيرة، او رواية، او قصيدة، وهل تريد ان تضع نصها في اطار تقليدي ام انها تريد ان تعبر عما تريد باستخدام اسلوب التداعي الحر؟

كل هذه الاسئلة ضرورية لتتمكن من توليد نصوص فذة ومكثفه وخاليه من اي حشوات غير ضرورية، ومنطقية، واحداثها تدعم وتساند بعضها بعضا، وبالتالي تكون بالغة الوقع والتأثير وهي قادرة حتما على ذلك نتيجة لقدرتها على تطويع اللغة والتعبير السردي المشوق.

يجب، على ما اظن، ان تعود الاستاذة خولة لمراجعة عناصر القصة القصيرة، وخواص الرواية، وتقرأ عدد من القصص بعد ان تتعرف على تلك العناصر بصورة اعمق بما انها تكتب القصة القصيرة لاول مرة هنا كما تقول، هذا لا يعني بأن عليها الالتزام بتقليد من سبقها والالتزام بطقوس الاخرين، بل من اجل ان تتعرف كيف تكون نصوصها متينة البناء بالغة التأثير، ولها حتما ان تختار الاسلوب الذي يناسبها، واظنها سوف تبدع في مجال كتابة الرواية الطويلة باستخدام اسلوب التداعي الحر على شاكلة جيمس جويس، لكنها ان ركزت فكرتها ووضعت تصورا مسبقا، كاملا لما تريد ان تقوله، وخططت للحبكة وتطور الحدث، واستمرت في البناء الجميل الذي تحشد فيه كل هذه المحسنات، بتكثيف، وتسلسل منطقي، فسوف تكتب قصص قصيرة رائعة سوف تصل الى العالمية.

خولة الراشد تمتلك اسلوب سردي جميل واهم ما يميز نصوصها ان فيها الكثير من الحركة التي تجعل نصوصها تنبض بالحيوية والحياة.