عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2015, 02:24 PM
المشاركة 56
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
انتحار الشيطان..!
عبير المعموري

في صبيحة اول اربعاء من شهر تموز..كان ملقآ فوق كومة قمامة اتخذ منها وسادة..كان يحدق بتلك الغيوم البيضاء المتفرقة..راى في وجه السماء امراة تبتسم له ثم سرعان مابصقت في وجهه عندما بادلها الابتسامة!..نهض مذعورا وقام بدعك عينيه لعله كان في حلم..اراد ان يتبين حقيقة ماراه..فلم يجد امراة امامه بل غيمة صغيرة اكملت سيرها المتعجل ..تذكر ان اليوم هو عيد ميلاده التعيس.. المشطوب من ذاكرة العالم..كمخلوق مجهول ومشرد لااسم له..مرت سنوات من العصيان امضاها في بيت لاينتمي بصلة لمن فيه!. كانوا محسنين بما يكفي للاهتمام به.. بعد ان جلبوه في خرقة من امام مسجد !..كان يملك شيئآ لايملكه غيره..كفيل بانقاص ذاته امام اقرانه.." اصبع سادس لايعلم بعد ماهي فائدته..لكن الجميع كانو ينادونه ب(اصبع الشيطان)".
مرَ من امامه شيخ كبير..ثم جارة قديمة وهي ارملة منذ سنتين..ومعلم كثيرا ماعاقبه على تاخره عن الدرس لدقائق معدودة فقط.
تداخلت خواطره واختلطت ثم مالبثت ان انتضمت بصور دقيقة للغاية.."انبعثت من صدره زفرة الم اعقبها سعال شديد..ثم قال بصوت خفيض:
(لشد مايبدو الشيخ شيطانا مهذبا وهو خارج من ذلك المسجد والناس يتدافعون حوله.."ادعو لنا ياشيخ..انا مريض!..انا متعسر الرزق!..انا مصاب بالحسد!..والنداء من مختلف الافواه..ولايعلم احدهم اين امضى ليلته بالامس!..القى عليه بعض الكلمات عندما كان مارا امامه وقبل ان تبتعد خطاه:
_هيه!.. "يليق بشيطانك ثوب الناسك"!.
وللجارة التي انتقلت الى حي راق وبيت فخم على الطراز الحديث بين ليلة وضحاها.."(اين تخبئين شيطانك اللعين..كم وهبك من المال!..سأزورك ايتها الشيطانة!)".
لكن المعلم توقف لبرهة وهمس في اذنه شيئا ثم رمقه بنظرة متوعدة اجبرته على الصمت!.
اتى المساء سريعا ذلك اليوم..ظهر مجددا في قريته الصغيرة بعد ان تم طرده من المنزل بعد اخر سرقة حدثت.
التف حوله اطفال صغار(جاء الشيطان..ارموه بالحجارة..ثم تجمع الكبار وازداد الهتاف ورشق الشتائم ونظرات الاحتقارمن كل جانب..ثم ركلا بالارجل والدماء تسيل..وقف الشيخ فوق راسه وقال:
_اربطوه فوق ذلك العمود..ليصبح عبرة لكل سارق!
التقت نظرات اصبع الشيطان مع الشيخ واوشك ان يصرخ امام الملاء بما رأه..لكنه امسك عن تلك الرغبة.. وابتلع كلماته اما م ذلك الشيطان الخفي والانيق.
علق على العمود ثلاثة ايام..ثم اختفى بعدها السارق الصغيرمن القرية!.

عاد للظهور بعد مضي 6اعوام على تلك الحادثة..كانت الساعة تشير الى الواحدة صباحا..لكن سيرته كانت حية على السن الناس..لايتوقفون عن تبادل هذه العبارات(هذا فعل الشيطان..من غيره يجرأ على ذلك!...يفعلها ويختبئ!..).
وضع راسه بين يديه..كان محملا بالاماني..عائدا كأنسان ذا قيمة يطمح لحياة مختلفة بلا نقص او سخرية..لكن الاوان قد فات.. الشيطاين المختبئة بجسد الفضيلة والعفة.. قتلت عشرة رجال بأسمه..واغتصبت 3نساء وسرق محل الصائغ !.

بينما كانت الرياح تهب بقوة والنجوم تتلئلىء في حضرة قمربائس ارهقته رؤية المساوىء البشرية بلا مبالاة منهم..ومضت في مخيلته فكرة قد تبدو نهاية عالمه الحافل بالتعاسة..لكنها ستمنحه راحة ابدية لهذا العناء والحياة المزرية..كان بلا معنى طوال الوقت.. كشيء زائد عن الحاجة..كتب كلماته بدموع اشبه ان تكون ولادة روح جديدة قررت ان تترك مستنقع موحلا الى فضاء رحيم لاينقص من شأنه ان ولد مكفوفا او بأصبع سادس!
على ورقة مجعدة ارسلتها له الريح وقد اسعفه قلم حبر اسود عثر عليه في جيبه.. " رحل اصبع الشيطان زمنا عنكم..لم تخامرني لحظة شك ان الشر باق بعد رحيلي..لكنني لم اتوقع ابدا ان توسم خطاياكم بذات غائبة..سيضع ذلك الاصبع نقطة الخلاص لي..سأحمل اخطائي وارحل بوجه واحد نحو السماء..لتنعموا برؤية شياطينكم تحت ضوء الشمس".
وجد عند صباح اليوم التالي معلقا على العمود كما اراد لنفسه ..وعند قدمية قلم الحبر مع ورقة ثبتها بحجارة لتبقى في مكانها.. كأخر ذكرى له في العالم السفلي..!.

عبير المعموري
27\9\2015