الموضوع: حب افتراضي
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
1838
 
محمد فؤاد منصور
كاتب وأديب

محمد فؤاد منصور is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
18

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Aug 2020

الاقامة

رقم العضوية
16208
08-21-2020, 06:01 AM
المشاركة 1
08-21-2020, 06:01 AM
المشاركة 1
افتراضي حب افتراضي
حب افتراضي

كنت أعرف أنك أنت حتى دون دليل يؤكد ظنوني.. شيء ٌما أطل من عينيك فأسرني رغم أن مابيننا من صلات لم ينتم يوماً لعالم المحسوسات ، لاأنكر أنني جئت أبحث عنك وسط المئات الذين ازدحمت بهم القاعة رغم فقر أدواتي ، لاأملك سوى تلك الكلمات التي كانت تبرق على شاشتي كل مساء، تسربت إلى أغوار روحي فأضاءتها ونشرت مساحات النور في أعماقي ،هل تكفي تلك الكلمات وحدها لأتعرف عليك وسط هذا الجمع الغفير ؟
حتى لو أضيف إليها صوتك الذي سكب في أعماقي نغمات لايمكن نسيانها مهما امتد الزمن.. صدمتني حقيقة أنك اعتذرت عن الحضور في اللحظات الأخيرة فجلست في الصفوف الخلفية أحصي خسائري وأشيّع بداخلي حلماً لم ير النور..
لم ألمحك للوهلة الأولى لكن صوتك وصل إلى أعماقي حين سمعتك تتحدثين لجارتك همساً، بصمة الصوت التي غرستها في كياني مكالمتك الوحيدة التي حظيت بها، مكالمة افتراضية كذلك حين ألححت في طلب رقم هاتفك دون جدوى، كأنك كنت حريصة على ألا تضعي بين يديّ دليلاً واحداً أستدل به عليك ، التقت عينانا ، لكنك أشحت بوجهك بعيداً عني حتى لاأتجاسر على توجيه السؤال ، كأنك تعلمين مايدور برأسي من ظنون ، لمحت شبح ابتسامة تطوف بزاوية فمك وأنت تتشاغلين بلملمة خصلات شعرك الذي تناثر فغطى وجهك الجميل..
هل كان وجودي مباغتاً ؟ أم أنها كانت مناورة لاختبار مشاعري؟
لابد أنك تعرفت عليّ ففيم كان صمتك ؟ الآن أدركت أنني لم ألح على رؤية صورتك بشكل كاف ،وأنني كنت مضطراً لقبول اقتراحك أن أرسم لك صورة من وحي الخيال.. الشعراء يصعدون إلى المنصة بينما السؤال يثور داخلي ، لماذا تصمتين ؟ .. لماذا قررت ومن جانب واحد ألا أعرفك في عالم الواقع كما عرفتك في العالم الافتراضي ؟
لم أسمع مما قال الشعراء شيئاً فقد كانت كل هوائيات روحي مجندة لالتقاط مايصلني من همسات ، كذبت نفسي واتهمتها بإدمان الأحلام المستحيلة..
هل أنت أنت .. أم انني أسرفت في الحلم حتى خنقتني الأضغاث ؟ ..
راجعت كلماتك التي أسرتني والتي احفظ منها الكثير .. أشعارك ، خواطرك ، قصصك بكل أطوالها، كنت أراك في كل حرف فلم أكن أحتاج بعدها أن أراك رأي العين وقد تعارفت الأرواح في الفضاء الفسيح، أيقنت أن هذه الكلمات لايمكن إلا أن تسكنها روح رائعة الحسن..سألتك يوماً
- ألا يمكن أن نلتقي..؟
فكانت إجابتك التي توقعتها
- ألا يكفيك أن تقرأ لي فتراني بين السطور ؟
نعم كان ذلك يكفيني ، لكننا ورثة الفضول المقيت ، كلما اجتزنا بوابة تطلعنا لما بعدها حتى تسقط كل الحجب، ألسنا أبناء من استمتع بكل الشجر إلا واحدة كان فيها هلاكه؟!
هكذا كنت وأنا أستمع إلى ضحكاتك المكتوبة
- تواضع قليلاً .. ويكفيك أن تسمع صوتي مرة لتراني بخيالك .
وسمعت صوتك مرة واحدة ،لكن تلك النغمات التي تسربت إلى وجداني قد أسرتني وأيقنت أنني هالك أو أراك.. عدت للإلحاح ، وعدت للضحك وتخيلتك وأنت تتمايلين خيلاء خلف حاسوبك وتكتبين
- لاتكن طماعاً .. أتحسب أنني أقل منك فضولاً..
ألم يكن ذلك كله كافياً لكي أحبك حباً عميقاً نابعاً من يقين غرسته كلماتك ، وسقته عواطف نبيلة تبادلناها ليال ِ ذات عدد ؟
ألم يكن كل ذلك كافياً لأن ألقي إليك ذات مساء كل ماعصف بنفسي من مشاعر في كلمة كأنها قفزة في الفضاء
- نتزوج .
- هكذا دفعة واحدة ، إنك لاتعرفني ولاتعرف سوى حروفي على شاشتك الصماء.
- يكفيني ماأعرفه حنى الآن وأنك من أبحث عنها وقد وجدتها في الفضاء الفسيح.
انطلقت ضحكتك طويلة وصاخبة لتشغل سطرين على شاشة الحاسوب ثم قلت والضحكات تتراقص أمام عيني
- تريث ، فالأمر ليس سهلاً كما تتصور.هل نسيت أن من حقي أن أراك رأي العين وأن أسمع منك وجهاً لوجه لاخلف الشاشة الصماء
- لن أيأس على أي حال.
كانت حجتك منطقية فأذعنت مرغماً،ورحت أعد الأيام الباقية حتى تجمعنا الندوة التي سألقي فيها أشعاري وستجمع كل أصدقائنا في العالم الوهمي ، حلمت بأن نتبادل أشعارالغزل أمام الجميع ليكونوا شهود عشقنا المقدس ،لكنك تعللت بالحياء وعلّقت الأمر كله على مشجب الظروف .
حاولت أن أتفق معك على لون ملابسك أو شكل حقيبتك ،أوأي علامة أستدل بها على وجودك وأتعرف بها عليك لكن ردك ساعتها ألجمني فلم أعرف بماذا أجيب .
- إن لم تعرفني بقلبك فلاضرورة ساعتها لأن تعرف لون ملابسي.
وهاأنا أحاول أن أشحذ حواسي وأستفز قلبي ، وقفت بالباب طويلاً أنتظر بعد أن أبلغني المنظمون بعدم حضورك ، ساءلت نفسي كثيراً ماالذي منعها ؟ .. أيمكن أن يكون قد حدث لها مكروه ؟ حادث مامنعها من الحضور ..كاد رأسي ينفجر وأنا أستعرض كل الاحتمالات السيئة حتى بدأ الإعلان عن بدء الحفل.
تقاطرالشعراء على المنصة واحداً فواحد وأنا شارد الذهن لاأسمع ممايقولون شيئاً حتى أفقت من شرودي على اسمي يزعق به الميكروفون الداخلي، لملمت اوراقي وصعدت إلى المنصة ألقي أشعاري بينما عيناي تجوبان القاعة بحثاًعنك في نهايتها، كنت أحاول الاندماج بوعي غائب بينما احتشدت نفسي بأسئلة بلا إجابة ، هاقد هداني قلبي إليك فماذا تنتظرين ؟ نبرات صوتك الهامس لجارتك مازال صداها يتردد في أعماقي ليتطابق مع صوتك الذي حفره الحاسوب في الذاكرة ولتصبح ظنوني بعدها يقيناً لافكاك منه.
دوت القاعة بالتصفيق تحية لي بينما حانت مني التفاتة إليك لأجدك تشرئبين بعنقك وترفعين يديك عالياً بتصفيق حاد، عندها زاد يقيني بأنك أنت أنت ولاأحد غيرك فلمَ اعتصمت بالعزلة والسكون رغم أنك صديقة الجميع ؟
ولم أنكرتني بعد كل الوعود الفضائية التي أتتها الفرصة ساعية ؟ ..
عدت ألوم نفسي على التزام الصمت من جانبي ، أكان ينبغي أن أتقدم منك وأسألك مباشرة ،إذا ماكنت أنت بالفعل من أبحث عنها ،اسمك يعرفه الجميع ،ماذا لو لم تكوني أنت ؟! ، لعلي خشيت أن يتناولك الرفاق بسوء إذا ألححت في السؤال أو بانت اللهفة في عيوني، فالتزمت صمتاً متفجراً بالفضول ورحت أتشاغل بتحية الضيوف.
كانت تلك حجتي لأقترب من رحابك على استحياء ،أردت أن يبدو الأمر منطقياً وعفويا، أن يحيي الشاعر من هنأوه وصفقوا له وأن يتعرف عليهم واقعياً بعد أن عرفهم افتراضياً ،ماحدث حين صرت على بعد خطوات منك ألجم لساني فوقفت مكاني أنظر مذهولاً إلى باب الخروج وصديقتك تدفع مقعدك المتحرك أمامها مبتعداً لتغادري المكان في هدوء. ً